أخبارالقسم العام

مستوطنات بشرية أم مشاريع لإيواء نازحين في عفرين… تغيير ديموغرافي قسري!

حول حقيقة وأهداف «التجمعات السكنية»- المستوطنات البشرية التي تُبنى في منطقة عفرين/جبل الأكراد، في ظل الاحتلال التركي، نشرت منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» تقريراً موثقاً بتاريخ 8 يونيو/حزيران 2022م، حول إحدى أكبر تلك التجمعات، التي بُنيت ولاتزال في «مساحة شاسعة في المنطقة المعروفة محلّياً باسم جبل الأحلام، والتي تتميز بموقع استراتيجي هام، كونه يطل على مركز مدينة عفرين، ويفصل بين مناطق السيطرة التركية الحالية من جهة ووحدات حماية الشعب YPG والقوات الحكومية السورية، وعدد من القواعد الروسية، من جهة أخرى».

وأشار التقرير إلى أنّ السلطات التركية وافقت لتسع «فصائل من الجيش الوطني السوري» وعلى رأسها «الجبهة الشامية» بقيادة «مهند الخليف» المعروف باسم «أحمد نور» ببناء ذاك التجمع لإسكان عائلات مقاتليها، وأنّ والي هاتاي رحمي دوغان هو أحد المسؤولين المباشرين عنه، من خلال إعطاء الضوء الأخضر- بتعليمات شفهية- لعدد من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من جهة والمجلس المحلي لمدينة عفرين من جهة أخرى، للبدء ببناء «التجمّع» على سفح الجبل وتخديمه؛ حيث قام المجلس بموافقة من «دوغان» على منح وثيقة تمّ تداول اسمها على أنّها «ورقة تخصيص» بمثابة «إثبات ملكية للبناء» دون الأرض- حسب التقرير.

وأشار التقرير إلى أن الموقع الذي بُني «التجمّع السكني» فيه وهو «جبل الأكراد/جبل حلب» تمثل مساحته ما يساوي 2 بالمئة من عموم مساحة سوريا، وهو منطقة أحراش ويعتبر الغطاء النباتي الأكبر في محافظة حلب، وقد تم اقتلاع مساحات واسعة من الأشجار/الأحراش وبناء مباني اسمنتية عوضاً عنها.

وكشف عن تورط عدد من المنظمات المحلية والدولية في عمليه الترويج للمشروع ودعمه وأنه «يهدف لاستفادة المدنيين منه بشكل أساسي»، في حين أنّ «مقاتلي الفصائل» وعائلاتهم كانوا المستفيدين الأساسيين من المشروع، حيث بلغت نسبة المستفيدين المدنيين نحو 25 بالمئة. وكان من أبرز هذه المنظمات هي منظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH، التي قدّمت مواد بناء لكل مستفيد قدرت قيمتها بنحو ألف دولار أمريكي.

وقد تجاوز دور بعض المنظمات تقديم «الخدمات العامّة» لعائلات المقاتلين، إلى بناء قرى بأكملها، وذلك لإضفاء صبغة مدنية على المشروع المخصص أساساً لإسكان المقاتلين وعوائلهم؛ منها قرية «كويت الرحمة» التي بُنيت بدعم من «جمعية الرحمة العالمية» ومتبرعين من دولة الكويت، وذلك بحسب «جمعية شام الخير الإنسانية» التي نفّذت مشروع المستوطنة.

وقالت «سوريون» إنّ تركيا، كقوة احتلال، تتحمل المسؤولية المطلقة عن انتهاكات قوانين الاحتلال بموجب المادة /47/ من اتفاقية جنيف الرابعة، والمسؤولية المباشرة عن القضايا التي تنطوي عليها المستوطنات حتى الآن. ومن المحتمل أن المستوطنات يتم انشاؤها لتكون جزءاَ من عملية ممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في عفرين، فهي تخضع لتغير واضح، نتيجة توطين السوريين النازحين من أجزاء أخرى من البلاد في أعقاب تهجير السكّان الكُـرد بشكل أساسي، ووسط قمعٍ واسع للثقافة الكردية.

وأضافت: إنّ استمرار القوات المدعومة من تركيا في السيطرة على منطقة عفرين والاستيلاء وتأجير ممتلكات المدنيين الذين نزحوا أو فرّوا من المنطقة خلال عملية «غصن الزيتون»، يجعل أي عودة محتملة للسكان أمراً أكثر صعوبة. علاوةً على ذلك، على الرغم من الادعاءات أن هذه المستوطنات يتم بناؤها على أراض تعود ملكيتها للدولة، لا بد من الإشارة هنا إلى أنّ القوانين الجزائية السورية وصفت التعدي على الأملاك العامة بالجرم وعاقبت عليه في القانون، إذ نصّت المادة 724 من قانون العقوبات العام رقم 148 لعام 1949 بأنه «يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر من أقدم على غصب قسم من الأملاك العامة المرفقة وغير المرفقة».

وطالبت «سوريون» مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوربي باتخاذ مواقف صارمة تجاه محاولات التغيير الديموغرافية القسرية في عموم سوريا تحت أي مسمّى وضمان ألاّ تساهم المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار والتعافي المبكّر بترسيخ تلك العمليات وجعلها أمراً واقعاً.

هذا، وتطرق التقرير إلى تفاصيل بناء ذاك «التجمع السكني» الهندسية والإدارية وغيرها، وأشار إلى الدور المحوري لـ»مهند الخليف» وشرعي «الجبهة الشامية» المدعو «محمد الخطيب» الذي كُلّف بإدارة الملف التنظيمي للمشروع، وهو عضو فيما تسمى بـ»لجنة رد الحقوق» وعضو في المجلس الإسلامي السوري ومدير فرع التوجيه المعنوي في «الفيلق الثالث- الجيش الوطني السوري».

وأكّدت «سوريون» على أنه حتى بداية آذار 2022م أقام ما لايقل عن /600/ مقاتل مع عائلاتهم في إحدى التجمعات السكنية التي تم بناؤها في جبل الأحلام، وينتمي هؤلاء بشكل أساسي إلى فصائل «فرقة الحمزة/الحمزات» و»الجبهة الشامية».

وأوضح التقرير، مع استمرار الوجود العسكري التركي و/أو سيطرتها الفعلية على الأرض مباشرةً أو غير مباشرة من خلال سيطرتها الشاملة على الفصائل العسكرية والكيانات المدنية الأخرى الفاعلة في المنطقة، لا تزال تركيا خاضعة لالتزاماتها الدولية بموجب قانون الاحتلال…. بعد تكريس مسؤولية الدولة التركية كقوة احتلال تجاه كل من الأراضي المحتلة وسكّانها وكذلك أفعال الأفراد والكيانات – عسكرية كانت أم مدنية – الخاضعين لسيطرتها الشاملة، تنتفي الحاجة للمجادلة بخصوص انتهاك تلك الجهات لموجباتها القانونية، حيث يكون إسناد أفعالها قانونياً لدولة الاحتلال بالأساس. وعليه، سيتم تناول الواجبات القانونية على تركيا كدولة احتلال وما قد يرقى إلى انتهاكات من خلال مضمون التقرير.

هذا، ووقف التقرير مطولاً حول الإطار القانوني والمسؤوليات المترتبة على تركيا والمجلس المحلي والمنظمات المتورطة في بناء تلك التجمعات، وحول المخالفات المرتكبة للقانون المحلي والدولي، وعن مؤشرات التغيير الديموغرافي.

* جريدة الوحـدة – العدد /338/- 05 آب 2022م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى