متينير: لا تهديد في مطالب كُـرد سوريا إذا لم تُقرن بالسلاح والانفصال.. و»الفرصة التاريخية» تستدعي شجاعة الجميع
ريناس شعبان
تناول الكاتب التركي محمد متينير في مقاله المنشور في جريدة «يني شفق» الموالية للحكومة التركية، بتاريخ 29/4/2025م، التطورات الأخيرة في شمال سوريا، ومآلات المؤتمر الكردي، والجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام، مبرزاً رؤيته حول التحديات والفرص المطروحة.
في مستهل مقاله، يوضح متينير أنّ شمال سوريا يشهد تحولاً ملحوظاً، حيث اجتمع الكُـرد المنتمون إلى التيارين المتنازعين سابقاً: «البارزانيين» و»العمال الكردستاني»، وتحديداً بعد دعوة عبد الله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني (PKK) ونزع سلاحه، ما مهّد الطريق لتدخل إدارة إقليم كردستان العراق بقيادة مسعود بارزاني، وتسارع في بناء وحدة كردية سياسية. وأشار إلى أن الاجتماع الذي عُقد في مدينة القامشلي (كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في روجآفايي كردستان- 26/4/2025- توضيح) لم يكن مؤتمراً حصرياً لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) أو وحدات حماية الشعب (YPG)، بل جمع مختلف الأطياف الكردية، وصدر عنه بيان يمثل المطالب المشتركة لجميع الحضور، لا فقط فصيل دون آخر.
شدّد متينير على أن البيان الختامي لم يتضمن أي مطالب انفصالية أو عرقية تهدد وحدة سوريا، بل ركّز على مطالب ديمقراطية مثل اللامركزية، وهو ما اعتبره جزءاً مشروعاً من نظم الحكم الديمقراطية المعمول بها في أوروبا. كما أكّد على أنّ التركيز على اللامركزية لا يعني تلقائياً السعي للفيدرالية أو الانفصال، بل يمكن أن يكون مدخلاً لتعزيز المشاركة المحلية دون تقويض سلطة الدولة المركزية.
من وجهة نظر متينير، فإن سعي الكُـرد للحصول على ضمانات دستورية لحقوقهم هو مطلب شرعي، خاصةً بعد عقود من الإقصاء والتهميش في ظل نظام الأسد وحزب البعث. كما نبّه إلى أنّ التركمان أيضاً لديهم مطالب مشابهة، ولا ينبغي النظر إلى هذه المطالب كتهديدات بل كفرص لصياغة سوريا جديدة شاملة ومتوازنة.
وحذّر الكاتب من مغبة التعامل مع مطالب الكُـرد كتهديد مباشر لتركيا، مؤكداً أن هذا قد يضر باستراتيجية تركيا الرامية إلى بناء تحالفات مع كُـرد المنطقة. بل على العكس، دعا إلى دعم المطالب المشروعة التي تتماشى مع المبادئ والمشتركات التاريخية بين العرب والأتراك والكُـرد، لتمهيد الأرضية لتحالف استراتيجي تركي-كردي-عربي.
وفي السياق ذاته، أكّد متينير على أن النموذج الأفضل لسوريا الجديدة هو نظام لامركزي لا يستند إلى أساس عرقي أو طائفي، مع الإبقاء على جيش مركزي واحد، موضحاً أن لا أحد من المجتمعين في القامشلي دعا لتشكيل قوة عسكرية كردية مستقلة أو لإبقاء القوات المسلحة التابعة لـ YPG/PYD خارج إطار الدولة السورية.
وأضاف متينير: «لذلك، أستطيع أن أقول بكل ارتياح، إنّ المطالب الكردية الواردة في النص لا تشكل تهديداً لوحدة سوريا أو لبقاء تركيا».
ركّز الكاتب على ضرورة حلّ الهيكل المسلّح التابع لـ PKK، وأكد على أنّ أي محاولة لفرض هيمنة مسلحة ستُفشل المسار السياسي وتُفجّر الوضع ميدانياً، وتُجهض ما تبقى من فرص للسلام. لذا دعا إلى ضرورة تنفيذ اتفاق «الشرع – عبدي» الذي ينص على دمج الإدارة الذاتية الكردية الحالية إلى الحكومة السورية خلال فترة زمنية متفق عليها، ودمج القوات المحلية في الجيش السوري المركزي.
وفي جانب مهم من مقاله، يرى متينير أن على الكُـرد ألا يكرروا خطأ كُـرد العراق بالسعي نحو كيان عسكري أو سياسي مستقل، لأن مثل هذا المسار سيؤدي إلى عزلهم وخسارة مكاسبهم. بل شدّد على أن الحلّ يكمن في تكريس نموذج إداري ديمقراطي غير عرقي، يعترف بحقوق الكُـرد ويمنحهم التمثيل السياسي والثقافي والتعليمي ضمن دولة موحدة.
وأشار أيضاً إلى أنّ نجاح هذه العملية سيتحقق فقط إذا توقفت جميع الأطراف عن فرض الشروط، واعتمدت على مفاوضات هادئة وبعيدة عن التهديدات والاتهامات.
وبشأن المؤتمر المنتظر لحزب العمال الكردستاني لإعلان حله ونزع سلاحه، أكّد متينير أنه سيتم في سرية تامة دون تحديد المكان أو الزمان مسبقاً، وسيحضره ممثلون عن كل المناطق الكردية وسيُدار بتقارير سياسية وتحليلية مسبقة، وأوضح أن إنجاح المؤتمر يتطلب من الدولة التركية تأمين الظروف الأمنية والسياسية المناسبة، وهذا لا يُعدّ تنازلاً بل ضرورة من أجل إنجاح مسار تاريخي يهدف إلى إنهاء العنف وتحقيق السلام.
وفي ختام مقاله، قال متينير إن على الجميع اتخاذ خطوات شجاعة وعدم التذرع بالتفاصيل أو المبررات، لأن من يُعيق هذا المسار ستحاسبه الشعوب والتاريخ، معبّراً عن أمله في أن يكون شهر أيار/مايو هو الشهر الذي يُزف فيه خبر حل PKK ونزع سلاحه بشكل كامل.
– الصياغات والترجمة من النص الأصلي باللغة التركية.
————–
* جريدة “الوحـدة” – العدد /348/ – 15 أيار 2025م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).