شكّل غياب الشخصية السياسية الشهيرة سري سريا أوندر صدمةً وحزناً لأوساط شعبية وسياسية ورسمية واسعة في تركيا، لما تمتع بمزايا وخصال ونضال طويل في السياسة والفن والحياة العامة.
أوندر، وُلد عام 1962 في مدينة سمسور (أديامان) لعائلة تركمانية، ودرس العلوم السياسية في جامعة أنقرة قبل أن يُعتقل بعد انقلاب عام 1980 ويُسجن 7 سنوات بتهمة الانتماء لتنظيم يساري. بعد خروجه، عمل في الصحافة والسينما، وأخرج أفلامًا منها «Bekleme Odası» و»Saklı Hayatlar».
انتُخب نائبًا عن إسطنبول عام 2011 ممثلًا عن حزب السلام والديمقراطية (BDP) ثم حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، وكان من أبرز الوجوه في «عملية السلام» مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، وتعرّض للسجن مرات بسبب آرائه السياسية، منها حكم عام 2018 بتهمة «الدعاية لمنظمة إرهابية».
في أواخر حياته، كان النائب الأول لرئيس البرلمان التركي، وعاد لدور محوري في استئناف المحادثات بين الحكومة والـPKK، فزار في كانون الأول/ديسمبر 2024 سجن إمرالي والتقى بالسيد عبد الله أوجلان، الذي أبدى استعداده لنزع سلاح الحزب مقابل خطوات ديمقراطية. تبع ذلك لقاءات في كردستان العراق مع قادة مثل مسعود بارزاني وبافل طالباني، ثم نقل نتائجها مجددًا إلى أوجلان. في 27 شباط/فبراير 2025، دعا أوجلان الحزب للتخلي عن السلاح، فأعلن وقف إطلاق النار في 1 آذار/مارس الماضي. أوندر أعرب عن تفاؤله وتحدث عن اجتماع محتمل مع أردوغان، لكنه دخل إلى المشفى وبعد /18/ يوماً توفي في 3 أيار/مايو 2025م إثر أزمة قلبية، بعد أن لعب دورًا محوريًا في واحدة من أهم محاولات إنهاء النزاع الكردي-التركي.
وقد نعاه حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، وأقام له مراسم تشييع وداع كبيرة تليق بمقامه، في مدينتي استنبول وسمسور، حيث وري الثرى بتاريخ 5/5/2025م في مزار زينجيرلي كوي في استنبول.
وأقام له البرلمان التركي حفل تأبين، شارك فيه عدد من كبار القادة والشخصيات السياسية، وألقيت فيه عدة كلمات، أشادت بأوندر الذي مثّل مختلف الأبعاد الإنسانية، ولعب دوراً مهماً ليس فقط في الحياة السياسية الثقافية والاجتماعية.
كما نعاه عبد الله أوجلان رئيس حزب العمال الكردستاني من سجنه في امرالي برسالةٍ، جاء فيها: «رحيل السياسي سري سريا أوندر أحزن قلوبنا. لقد كان شخصاً عظيماً، وابناً باراً للشعب. فقدت تقاليد الأناضول والتركمان ابناً عظيماً، وفقدت جميع مجتمعات وشعوب منطقتنا رفيقاً عزيزاً. أتقدم بأعمق مشاعر الاحترام لذكراه. في يوم 27 فبراير/شباط، خلال آخر لقاء لنا، كتب العبارة الأخيرة التي كررناها معاً، وكان يرغب في قراءتها بنفسه. كان يتمتع بإرادة فريدة وعمل دؤوب من أجل التعايش السلمي. امتلك مهارة استثنائية في تحويل الجوانب السلبية إلى إيجابية. كان هوية حقيقية للسلام وثقافة سلام.
كان يدرك جيداً أن السلام وعملية السلام سيفيدننا جميعاً، وكان هذا أمنيته الكبرى. هذا الأمل لا يُترك في المنتصف أبداً. من المهم لنا جميعاً أن نحمل هذه الروح نحو السلام ونكللها باسم سري سريا أوندر.
مرة أخرى، أعبر عن تعازيّ القلبية بوفاته، وأقدم تعازيّ الصادقة لعائلته، وأصدقائه، وأحبائه، وجميع شعوبنا العزيزة».
ووجّه مسعود بارازاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني رسالة تعزية، جاء فيها: «تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة السياسي التركي والرئيس المشترك السابق لـ دام بارتي، ووكيل رئيس البرلمان التركي سري ثريا أوندر.
لقد كرس المغفور له سري ثريا أوندر، الذي كان أيضاً عضواً في وفد إيمرالي، جزءاً كبيراً من حياته للنضال السياسي والسلمي، وجهوده من أجل التوصل إلى حل سلمي في تركيا موضع تقدير كبير.
أتقدم بأحر التعازي إلى عائلة وذوي وأصدقاء ورفاق وزملاء المرحوم سري ثريا أوندر، وقيادة وأعضاء وأنصار «دام بارتي».
ومن جانبه بافل طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، أرسل ببرقية تعزية، جاء فيها: «أشعر بالحزن والأسى من أعماق قلبي على رحيل السيد سري ثريا اوندر، عضو وفد إيمرالي، وبهذا المصاب الجلل أتقدم بالتعازي والمواساة الحارة الى ذوي الفقيد وحزب المساواة وديمقراطية الشعوب وجميع المناضلين الذين كانوا حريصين على السلام وحل القضية الكوردية عبر الحوار والتفاوض.
كان سري ثريا اوندر شخصية بارزة ومخلصة للشعب الكوردي وكان مناصراً حقيقياً في مراحل متعددة لحقوق شعبنا، وسعى بكل جهده من أجل الحلّ السلمي للمشكلات وانجاح عملية السلام في شمال كوردستان وتركيا، برحيله خسر الشعب الكوردي إنساناً وفياً ومدافعاً حقيقياً عن قضيته».
من جهته محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا، تقدّم بتعازيه إلى رفاق ومؤيدي حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، عبر رسالةٍ باللغة الكردية، حيث قال: «إنّ رحيل سري سريا أوندر في 3 أيار، شكّل حزناً وألماً عميقاً في قلوب الجميع، وبهذا الحدث، أحزاب وقوى السّلم فقدت شخصية وفية صادقة معروفة، صاحب دورٍ كبير». وتمنى شيخ آلي لهم ولعائلة الفقيد حياة هانئة، ونضالاً مستمراً لأجل السّلم والحرية والمساواة.
كما فتحت الإدارة الذاتية في عدد من مدن مقاطعة الجزيرة – الحسكة مجالس عزاء برحيل أوندر.
———–
* جريدة “الوحـدة” – العدد /348/ – 15 أيار 2025م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).