في سياق البحث عن حلٍّ سياسي للأزمة السورية المزمنة، أكّد القرار الدولي المجمع عليه (2254/15) على «الحاجة الماسة إلى تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي…»، ولكن إلى الآن تلك الشروط غير متوفرة، والمجتمع الدولي على بيِّنة من الأمر! إذ قال فيليب لوكلير ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تركيا ضمن تصريحٍ لوكالة رويترز بتاريخ 20/6/2022م، إنّ الظروف في سوريا غير مواتية لعودة العديد من اللاجئين… مستوى ضبابية الأوضاع في سوريا لا يسمح بحركة عودة جماعية طوعية هذه الأيام… أغلب السوريين يعتقدون أنهم سيبقون في تركيا لأن أوضاعهم الاقتصادية أفضل مما ستكون عليه في سوريا».
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، لويس ميغيل بوين، في تصريحاتٍ بتاريخ 15/6/2022م، إنّ ظروف العودة الآمنة للاجئين السوريين لم تتحقق حتى الآن، وأنّ الاتحاد لا يزال محافظاً على سياسته إزاء اللاجئين لضامن حمايتهم على أراضيه. ومن جانبها شدّدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أثناء تواجدها في بروكسل بتاريخ 9 أيار 2022م، على «أن عودة اللاجئين إلى سوريا لا بدّ أن تتمّ على أساس العودة الآمنة والكريمة والطوعية، موضحةً أنّ مثل هذه الظروف غير متوفّرة في الوقت الحالي».
خلاف ذلك، ورغم توارد الأنباء عن الترحيل القسري للاجئين سوريين من تركيا، تتحدث حكومة أنقرة بزعامة أردوغان عن مشروعٍ لـ»العودة الطوعية» للاجئين الذين استخدمت حكومة العدالة والتنمية ملفهم على مدار عشر سنوات كورقة في اللعبة السياسية وفي تهديد وابتزاز أوربا وخدمةً لأجنداتها الداخلية والخارجية وفي الاستحكام بتوجهات وقرار القسم الأكبر من المعارضة السورية وميليشياتها المسلّحة على الأرض، لاسيما وأنها قبضت /6/ مليار يورو من الاتحاد الأوروبي لقاء «إدارة شؤون اللاجئين ومنعهم من الهجرة إلى الغرب».
حسب تصريحات المسؤولين الأتراك ووكالة الأناضول الرسمية، سينفذ المشروع في /13/ منطقة من شمالي سوريا والتي تقع تحت السيطرة التركية، على شكل «تجمعات سكنية مكتفية ذاتياً من حيث البنية الاقتصادية التحتية»، لأجل «عودة مليون سوري»؛ لاسيما وأن وزير الداخلية سليمان صويلو ونائبه قد زارا تلك المناطق للاطلاع عن تنفذ خطوات المشروع.
يُذكر أن اللاجئين والنازحين السوريين تواقون للعودة إلى ديارهم، إلى موطنهم الأصلي، بينما مشروع أردوغان يهدف إلى إعادة توطينهم في مناطق شمالي سوريا في تجمعات سكّانية على شكل قرى استيطانية نموذجية، بهدف إجراء تغيير ديموغرافي واسع ضد الوجود الكردي، وتعزيز وجود الموالين لتركيا في المنطقة المحاذية للشريط الحدودي وضمن بما يسمى بـ»مناطق الميثاق الملي العثماني»؛ وذلك خارج مزاعم الأهداف الإنسانية وفي مخالفةٍ جسيمة للقانون الإنساني الدولي.
هذا، وقد صرّح وزير خارجية سوريا فيصل المقداد لقناة روسيا اليوم بتاريخ 16/6/2022م أن الحديث عن خطط تركية لإعادة مليون لاجئ سوري «قول حق يراد به باطل… يريدون إنشاء مستوطنات على حساب الأرض والشعب السوري، ويريدون إحلال سكّان مكان سكّان آخرين».
سبق وأن هجّرت تركيا باحتلال منطقة عفرين في آذار 2018م أكثر من /250/ ألف نسمة من سكّانها الأصليين، ووطّنت فيها ما يقارب /500/ ألف من مستقدمي محافظات سورية داخلية فيها، وقد نفّذّت قرى وتجمعات سكانية استيطانية فيها عن طريق مؤسسات ومنظمات تحمل أسماء إنسانية وإغاثية، بالإضافة لما جرى في منطقتي سري كانيه/رأس العين و كري سبي/تل أبيض، في إطار سياسة ممنهجة لإحداث وترسيخ ديمغرافي واسع.
* جريدة الوحـدة – العدد /338/- 05 آب 2022م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).