عملية أردوغان استعصت في جُحرها… الحوار والتفاوض السبيل الناجع لحل أزمتنا
الافتتاحية*
تجمّدت مساعي أردوغان التي أُرفقت بتحشدات وتحضيرات عسكرية وحملات إعلامية للقيام بعملية عدوان جديدة ضد مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا، فاستعصت في جُحرها، بعد أن اصطدمت برفض وتحفظات كلٍ من روسيا وأمريكا على حدٍ سواء؛ ولكن لا يتوانى عن إطلاق تهديداته المفضوحة الحجج والمرامي ويواصل اعتداءات جيشه ومرتزقته المتكررة، بقصف قرى وبلدات نفوذ «الإدارة» بالأسلحة المتوسطة والثقيلة واغتيال شخصيات ذات وزنٍ بصواريخ الطائرات المسيّرة.
يستمر في حماية ورعاية الجماعات الإرهابية والميليشيات السورية المرتزقة أمام أعين المجتمع الدولي دون خجلٍ أو اكتراث، ولا ينفذ الاتفاقات الموقّعة في إطار صفقات أستانه «لخفض التصعيد»، ولا يلتزم بتلك المبرمة مع روسيا وأمريكا بخصوص وقف إطلاق النار مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»؛ لا يأبه بخروقات قواته اليومية وبالجرائم التي ترتكبها الميليشيات الموالية له.
وفي ظل الأجواء الضاغطة على «قسد» يحاول النظام السوري تعزيز دوره وتحقيق المزيد من المكاسب في مناطق تواجد جيشه إلى جانب الإدارة الذاتية ويسعى لفرض شروطٍ جديدة عليها، دون أن يتخلى عن منطق الاستعلاء وعدم الاعتراف بـ»قسد و الإدارة» ليتفاوض بشكلٍ جدي وبنّاء مع ممثليهما السياسيين الذين يبدون استعدادهم الدائم له ودون شروط مسبقة، رغم تشجيع روسيا للحوار بين الطرفين ومحاولاتها المتكررة، ودون أن ترفضه أمريكا.
ومن جانبٍ آخر اصطفّ الائتلاف السوري المعارض مع تركيا تماماً، ويتخذ موقع العداء لـ»قسد و الإدارة» اللتان تحظيان بدعمٍ دولي وتسيطران على مساحات شاسعة من سوريا وثرواتها بقوى عسكرية وأمنية منضبطة وفاعلة ضد الإرهاب، دون أن ينظر الائتلاف بواقعية للأزمة السورية وما هو قائم على الأرض من توازنات وقوى فاعلة، وما هو في صالح الشعب السوري، ليقبل وجودهما ويتواصل معهما على طريق تفعيل الحوار السوري- السوري عموماً بما يخدم الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي /2254/ المجمع عليه.
وعلى الصعيد الكردي، تُعاني الإدارة الذاتية من نواقص وسلبيات ونقاط ضعفٍ عديدة، في ظل فشل محاولات لم شمل أطراف الحركة الكردية في سوريا وتوحيدها حول خطابٍ وتمثيلٍ سياسي، وقد سئم الكُـرد من الوعود والخطابات المتضادة ومن الصراع الحزبوي والتنازع على السلطة والمال، فلن يتحقق مرادهم بحركةٍ سياسية موحّدة ما دام القرار الكردي السوري غير مستقل ومتأثر إلى حدٍ بعيد بمحاور كردستانية متخاصمة، علاوةً على ارتباطات مشبوهة بعواصم معادية لوجود الكُـرد وحقوقهم الطبيعية والسياسية.
العودة إلى الحوار وفق الحد الأدنى من التفاهمات والتوافقات، وصولاً إلى مفاوضات حقيقية بين الأفرقاء السوريين حول حلٍ سياسي لأزمة بلدنا… هي السبيل الناجع لوضع حدٍ لمآسينا ودمار وطننا سوريا.
* جريدة الوحـدة – العدد /334/- 19 تشرين الثاني 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).