عفرين تحت الاحتلال (310): سقوط النظام البائد واحتلال تركي قائم، ضحايا شهداء وجرحى ومفقودين، أسرى واعتقالات تعسفية، سرقات واسعة وإتاوات على العائدين
رغم سقوط النظام السوري البائد وابتهاج عموم الشعب السوري بالخلاص من عهد الاستبداد والقمع، لا يزال الاحتلال التركي جاثماً على العديد من المناطق في شمالي سوريا، بل إنّ تحالف أردوغان – باهجتلي يبدي سعادته برفع العلم التركي في تلك المناطق، وفي مدينة حلب من قبل أحد الموالين له مؤخراً؛ كما أنّ الميليشيات السورية الموالية له تواصل الانتهاكات والجرائم في منطقة عفرين الكردية – السورية، لذا سنستمر في رصدها وتوثيقها ونشرها على الملأ.
منذ أن بدأت المعارك في ريف حلب الغربي فجر 27/11/2024م ، إثر هجوم قوات “هيئة تحرير الشّام” على قوات “الجيش السوري”، باشرت ميليشيات “الجيش الوطني السوري” بإشراف جيش الاحتلال التركي بالتحشيد في مناطق أعزاز ومارع والباب لشنّ عملية عسكرية (سميت بفجر الحرية) على منطقة الشهباء وبعض قرى شيروا بريف حلب الشمالي، الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري وقوات تحرير عفرين المحلية والمكتظة بعشرات الآلاف من مهجّري عفرين في حينه، وقد سبق ذلك انسحاب كافة وحدات الجيش الروسي والسوري من المنطقة وجميع سكّان مدينتي نبل والزهراء الشيعة؛ إلى أن أطلقت هجماتها من ثلاثة محاور غربية وشمالية وشرقية، فجر الأحد 1/12/2024م، ولغاية الظهيرة من تصدي قوات تحرير عفرين لها، قررت الأخيرة الانسحاب، فتسارعت جموع مهجّري عفرين للنزوح القسري، وتتالت القوافل وتوجّهت نحو معبر الأحداث – فافين جنوباً قرب مدينة حلب، وبقيت آلاف العوائل عالقين هناك؛ ولكنّ الميليشيات حاصرت قوافل النازحين والعالقين في المنطقة من المدنيين، إلى أن سمحت لهم بالعبور إلى مناطق الإدارة الذاتية في شرق الفرات أو العودة إلى منطقة عفرين بشكلٍ تدريجي، وسط معاناةٍ إنسانية فائقة ومشاهد تراجيدية مؤلمة.
وقد ارتكبت الميليشيات خلال اجتياح مناطق سيطرتها الجديدة ولا تزال، انتهاكات وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من تعديات وإهانات وتعذيب وقتل واختطاف واعتقالات وسرقة الممتلكات وغيرها.
وفق مصادر وشهادات عديدة، ومتابعة مجريات الأحداث، نوثق الوقائع التالية:
= قتلى وجرحى مدنيين:
إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة الواسعة لحقوق الإنسان، عمدت الميليشيات إلى قتل مدنيين عزّل بالرصاص الحي عمداً، منهم بتاريخ 1/12/2024م:
- “حنان محمد مجونو /36/ عاماً” من أهالي قرية “برجكه” – جنديرس، أثناء النزوح من منطقة الشهباء، مع إصابة زوجته وبناته بجروح بليغة.
- “حنان محمد موشو– مواليد 1962″ من أهالي قرية “قرتقلاق”- شرّا/شران، في مرآب – ورشة إصلاح الآليات بقرية “الأحداث”- الشهباء، مع أربعة آخرين (لم نتمكن من معرفة بياناتهم الشخصية)، أثناء محاولتهم الهروب، وتم انتشال جثمانه من قبل “الدفاع المدني السوري” ونقله إلى قريته ليدفن فيها.
- “عبد الرحمن شيخ موس جمعة /40/ عاماً” من أهالي قرية “زعرة” – بلبل، في بلدة الأحداث- الشهباء.
- “شعبان أحمد محمود /38/ عاما” من أهالي قرية “شنكيليه”- بلبل، في بلدة الأحداث.
- “يشار إبراهيم /25/ عاماً” من أهالي عفرين، بإصابة في الظهر بالرصاص والنزف لمدة أربع ساعات، دون إسعاف أو علاج، أثناء النزوح ضمن قافلةٍ من الشهباء، ودفن في قارعة الطريق.
- “أحمد جمو حسو /٧٢/ عاماً” من أهالي قرية “قيبار”، 2024م، أثناء هروبه مع زوجته بسيارته من بلدة تل رفعت، ودفن بعد ثلاثة أيام في قريته، وأصيبت زوجته بجراح بليغة.
- “نازة خليل علو /42/ عاماً” من أهالي قرية “خلالكا” – بلبل، وإصابة طفليها بجروح، أثناء توجهها مع زوجها بدراجة نارية من منطقة الشهباء إلى مدينة حلب.
وكذلك:
- “عبدو عبد المنان عبد الله – مواليد 1960″ من أهالي قرية “قطمة” – شرّا/شران، بطلق في الرأس، بعد مشادة كلامية بينه وبين الميليشيات، في مساكن عمال معامل الدفاع قرب بلدة السفيرة بريف حلب الشرقي، بتاريخ 3/12/2024م، وهو معتقل سياسي سابق لعدة سنوات لدى النظام البائد.
- “محمد أحمد خضرو /50/ عاماً” من أهالي قرية “قسطل خدريا”- بلبل، بعد اعتقاله من قبل حاجز ميليشيات “فرقة الحمزات” بمفرق قرية “بيليه”- بلبل مساء 4/12/2024م، في طريق عودته من منطقة الشهباء، واقتيد إلى مركز بلبل، حيث تعرّض للتحقيق والتعذيب، وتمّ تسليم جثمانه لذويه صباح اليوم التالي في مشفى بعفرين.
= وفي مدينة حلب:
في خطوط التماس بين “هيئة تحرير الشّام” و “الإدارة الذاتية في حيي الشيخ مقصود والأشرفية” بمدينة حلب، فوقعت حالات قتل بالرصاص الحي بين المدنيين، من بينها:
- “ممدوح بكر عثمان /60/ عاماً” من إيزيديي قرية “قطمة” – شرّا/شران، إثر إصابة مباشرة بالرصاص، في حي الميدان بحلب، منتصف ليلة 29-30/11/2024م، وسرقة سيارته تكسي عمومي.
- المهندس “محمد مصطفى حمليكو /24/ عاماً” من أهالي قرية “معملا” – راجو، نتيجة استهداف السيارة التي كان يستقلها مع والديه، بتاريخ 30/11/٢٠٢٤م.
- “جمال حسين مرسل /45/ عاماً”
- ونجله “حسين جمال مرسل /24/ عاماً” من أهالي قرية “قرتقلاق”- شرّا/شرّان، وإصابة زوجته وابنته بجروح خطيرة، لدى استهداف سيارتهم في الطريق الواصل بين دواري شيحان وحديقة الأشرفية، يوم السبت 30/11/2024م، وتم دفن جثمانيهما في مقبرة الشقيف بحي الشيخ مقصود، وإسعاف المصابتين إلى مشفى ياسين بالحي.
- “هيام يوسف رشيد /50/ عاماً”
- و “آنجي يوسف رشيد /14/ عاماً” من أهالي قرية “دراقليا” – بلبل، مع إصابة آخرين كانوا معهما في باص للركاب بجروح، بعد وصولهم إلى المدينة – قرب حي الشيخ مقصود هاربين من منطقة الشهباء، في عتمة مساء 2/12/2024م.
= وفاة مدنيين في ظروفٍ مختلفة:
- “عبد الرحمن خليل مرشد /59/ عاماً” من أهالي “قرية مسكه تحتاني” – جنديرس، نتيجة إطلاقه للرصاص على رأسه، في بلدة تلقراح بمنطقة الشهباء، بتاريخ 1/12/2024م؛ كما سرقت الميليشيات سيارته بعد وفاته.
- “سعيد عبدو نعسو /٨٥/ عاماً” من أهالي قرية “ترنده” جنوبي مدينة عفرين، نتيجة تعرضه لجلطة قلبية، أثناء النزوح من منطقة الشهباء، بتاريخ ٢/١٢/٢٠٢٤م.
- “الطفل نوح محمد رشو /4/ أشهر” من أهالي بلدة بلبل، بتاريخ 3/12/2024م، في ملعب مدينة الرقة، نتيجة البرد والتعب والجوع أثناء رحلة النزوح القسري التي دامت أكثر من /30/ ساعة، من منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي إلى الرقة.
- “نوري هوريك حفطارو /65/ عاماً من أهالي قرية “حفطار” – بلبل، صباح 3/12/2024م، في مدينة الطبقة، بجلطة مفاجئة، نتيجة القهر ورحلة النزوح القاسية من منطقة الشهباء.
= الأسرى:
المعاملة المشينة للأسرى من مدنيين وعناصر لـ”قوات تحرير عفرين”، بينهم مقاتلات نساء؛ مقاطع فيديو متداولة تظهر ذلك بوضوح (إحداها داخل مشفى بلدة تل رفعت وبحضور صحفي مرافق للمسلّحين)؛ وكذلك إخفاؤهم قسراً دون إعلان أعدادهم وبياناتهم الشخصية، حيث يواجهون مصيراً مجهولاً، لا سيّما تمّ قتل بعضهم ميدانياً.
= الاعتقالات التعسفية:
اعتقلت ميليشيات الاحتلال التركي (الشرطة العسكرية منها خاصة) العشرات من الكُـرد العائدين إلى عفرين خلال الأسبوعين الفائتين، من قبل الحواجز التي وثّقت بيانات كافة العائدين قبل دخولهم للمنطقة، أو فيما بعد اقتيادهم من منازلهم، وقد تمّ إطلاق سراح معظمهم بعد إصدار عفوٍ مما سميت بـ”الحكومة السورية المؤقتة” مؤخراً، ولكن لا يزال بعضهم معتقلاً، مثل ما جرى مع الزوجين “فريد محمد حبش /45/ عاماً، مدينة حسين جوجو /43/ عاماً” من أهالي بلدة “بعدينا” اللذين اعتقلا من قبل “فرع الشرطة العسكرية في بلبل” بتاريخ 4/12/2024م؛ وذلك بتهم العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين أو تلك التي كانت تدير منطقة الشهباء.
ومن جهةٍ أخرى، لا يزال المئات من المعتقلين الكُـرد على خلفية سياسية محتجزين في سجون معروفة (ماراته، الأسود – راجو..) وأخرى سرية لدى الميليشيات، رغم صدور العفو المزعوم، وكذلك في سجن بلدة الراعي السيء السمعة، حيث المئات مخفيين قسراً فيه منذ أكثر من خمس سنوات؛ فيما تمّ الإسراع في إطلاق سراح سجناء الجنح والجرائم الجنائية.
= المفقودين:
نتيجة حالة الهلع والنزوح الجماعي بين المدنيين بسبب الهجوم المباشر ووقوع القذائف على بعض القرى وتهدم بعض المنازل في منطقة الشهباء وبعض قرى شيروا بريف حلب الشمالي، مثلما جرى في قرية “برج القاص” – شيروا، تشتتت آلاف العائلات وتفرّق أفرادها، خاصةً من الأطفال وكبار السن، واختلفت وجهات نزوحهم (عفرين، حلب، الطبقة، الرقة، كوباني)، وانقطع التواصل بينهم في الأيام الأولى، فعجّت صفحات التواصل الاجتماعي بصور المفقودين، إلى أنّ عُثر على الكثيرين منهم، ولا يزال مصير العشرات من المدنيين والمقاتلين الكُـرد أيضاً مجهولاً.
= السرقات:
بُعيد اجتياح المنطقة باشرت الميليشيات بالسرقات من الممتلكات العامة والخاصة على الفور (يصعب توثيقها على نحوٍ دقيق)، ولكن هذه المرّة بعيداً عن عدسات الكاميرات مثلما جرى في يوم الجراد 18/3/2018م بمدينة عفرين؛ من المواشي، فرادى أو قطعان متروكة في المنازل والحظائر، أو سلبها من النازحين، على سبيل المثال لا الحصر (/40/ رأس غنم عائد للمواطن أحمد أدهم ناصرو في قرية برج القاص)، ومن السيارات والآليات (مثل سلب جرار زراعي مع تريلا لعائلة عائدة إلى قريتها كيمار– شيروا) وأثاث المنازل، ومن أدوات وإنتاج الورشات (مثل سرقة /40/ بطارية و /100/ جهاز أنفرتر و /50/ لوحة طاقة كهرضوئية وأدوات صناعة البطاريات ومواد أولية وسيارة شاحنة صغيرة سوزوكي من معمل عائد للمواطن حسين محمد مصطفى بمفرق قرية الزيارة)، ومواد غذائية من مستودعات الإدارة الذاتية، وكذلك من مستودعات بعض معامل المنطقة الصناعية في منطقة الشيخ نجار قرب مدينة حلب.
= إتاوات “أبو عمشة”:
علاوةً على النزوح القسري المعاكس، والظروف الصعبة للمدنيين، ميليشيات “فرقة السلطان سليمان شاه” التي يتزعمها المدعو “محمد الجاسم/أبو عمشة” لا تسمح بعودة العائلات إلى قراها إلّا بعد دفع إتاوةٍ تتراوح ما بين /2-5/ ألف دولار أمريكي على كلّ عائلة؛ كما تواصل ضغطها على العوائل التي لم تتمكن من دفع إتاوات موسم الزيتون بَعد، بالتهديد والضرب وغيرهما.
بعد سقوط النظام ودخول سوريا في مرحلةٍ تاريخية جديدة، المجتمع الدولي وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة دمشق الجديدة مطالبين أكثر من أي وقت بإنهاء الاحتلال التركي والميليشيات السورية التي أضحت مرتزقة بيده، عسى أن تنعم عفرين وأهاليها بنسيمٍ من الحرية والكرامة.
14/12/2024م
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
——————
الصور:
– ضحايا شهداء من مهجري عفرين في منطقة الشهباء ومدينة حلب، أوائل كانون الأول 2024م.
– إهانة وتعذيب أسرى كُـرد في بلدة تل رفعت من قبل ميليشيات “الجيش الوطني السوري”.
– قوافل عودة قسم من مهجري عفرين إلى منطقتهم، أوائل كانون الأول 2024م.
– قافلة النزوح القسري لمهجري عفرين من منطقة الشهباء نحو شرق الفرات، 1/12/2024م.
– رفع العلم التركي في مدينة حلب من قبل أحد الموالين لتركيا، بعد رحيل النظام السوري منها في 29/11/2024م.
—————-
يمكنكم تنزيل الملف كاملاً بالنقر هنا: