حزبا “التقدمي” و “الوحـدة” يدعوان لطرح مشروع وطني لإيجاد حلول لقضايا سوريا، وإلى نبذ لغة الحروب وخطاب الكراهية والقتل في المنطقة
رسالة مفتوحة إلى الرأي العام
تشهد المنطقة ومعها بلادنا سوريا بجوارها الإقليمي المتداخل تصعيداً خطيراً في الأعمال العدائية، وتوترات تتسع دوائرها، منذ إقدام حركة حماس في السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم على شنّ هجوم مباغت ضد إسرائيل في قطاع غزة، سمي بـ(طوفان الأقصى)، تبعته هجمات إسرائيلية برية وجوية مكثّفة طالت المرافق الحيوية والسكّان المدنيين في القطاع، راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء فضلاً عن العدد الأكبر من الجرحى والمصابين، وتهجير مئات الآلاف منهم، تلاها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة طهران وموجات تفجيرات المحمول (بيجر) في أرجاء لبنان، ومن بعدها اغتيال أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله في ضاحية العاصمة بيروت، ومن ثم شروع قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتوغل في أراضي الجنوب اللبناني، مسبّبةً تهجير مئات الآلاف من المدنيين اللبنانيين من منازلهم. كما شملت الغارات الإسرائيلية العديد من المواقع والأحياء السكنية والمرافق في الداخل السوري، مما زادت الأوضاع توتراً وتعقيداً، وباتت تهدد بإشعال المنطقة على نطاقٍ أوسع، دفع بالعديد من دول العالم إلى إجلاء رعاياها من لبنان ولا تزال.
يبدو لنا أنّ الخلفية المباشرة لهذا المشهد المتفجّر والمريب، تكمن في تضارب مصالح حيوية لشركاء دوليين معنيين بمسارات طرق تنفيذية لمشاريع اقتصادية- تجارية كبرى جديدة وواسعة الأفق ومتعددة الوظائف، يتصدرها مشروع الممرّ (الكوريدور) الهندي، الذي ينطلق من الهند مروراً بدول الخليج العربي والأردن وإسرائيل وصولاً إلى أوروبا، على قاعدة إيجاد ضمانات توفير بيئة آمنة لمراحله التطبيقية المترابطة وجني الفوائد….. فكانت عملية التطبيع بين بعض دول الخليج وإسرائيل بموجب ما عرف بـ(اتفاقات أبراهام) قد شكّلت خطوة متقدمة على هذا المسار، وتمهيداً لانضمام المملكة العربية السعودية إليها، إلّا أنّها- أي المملكة – بقيت ولا تزال متمسكة بالتزامها المعهود حيال ضرورة إيجاد حلّ عادل لقضية الشعب الفلسطيني على قاعدة حلّ الدولتين وفق مقررات الشرعية الدولية- مجلس الأمن الدولي والإجماع الرسمي العربي، مشيرةً في الوقت ذاته إلى حق كل دولة في اتخاذ قرارها السيادي، وفي هذا السياق كان جلياً أنّ تدخلات إيران الغير مشروعة في الشؤون الداخلية للعديد من بلدان المنطقة، وتقويض دور وسيادة مؤسسات دولها، زادت من حدّة التناقضات والنزاعات الطائفية في مجتمعات تلك الدول والبلدان.
إنّ الأزمات المركّبة وأوجه المعاناة التي تعيشها سوريا، بمختلف مكوّناتها وأطيافها المجتمعية، منذ عقدٍ ونيف من جهة، وموقعها الجيوسياسي من جهة أخرى، لا تجعلها بمنأى من تحمٌل تبعات معطيات الوضع المتفجّر للمشهد الإقليمي- الدولي المريب هذا، وما هو وارد من احتمال تفشي حالات فوضى وفلتان أمني، تتحيّن فرصَها تشكيلات مجاميع معارضة مسلّحة متناغمة مع قوى التطرّف الديني الإرهابية، التي أشهرها شبكات وخلايا تنظيم الدولة (داعش) والقاعدة وأخواتها التكفيرية، التي تلقى الرعاية من جانب المحتلّ التركي لمدن ومناطق من شمالي سوريا ، والرامي أولاً وأساساً إلى ضرب وتشتيت الوجود الكردي في سوريا وشلّ حضوره، مما يستوجب إيلاء الحوار الكردي – الكردي أهمية لائقة بما يخدم الحوار الوطني السوري – السوري، ويحقق تآلف وتلاقي كافة القوى والفعاليات الوطنية والديمقراطية، ودعوة الحكومة السورية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وطرح مشروع وطني لإيجاد حلول للقضايا التي تعاني منها البلاد بما فيها القضية الكردية.
يرى الحزبان، أنّ جملة الوقائع والمعطيات، لا تشير إلى نهاية قريبة للصراع المحتدم في المنطقة، حيث يبقى قائماً ومستمراً، وإن اختلفت أشكاله وعناوينه، ما دام منطق التهديد بالقوة والعنف هو السائد في العلاقات بين دول المنطقة، بدلاً عن قوة المنطق والحوار، وضرورات الامتثال للقوانين الدولية في حلّ القضايا والنزاعات، صغيرة كانت أم كبيرة.
وهنا يترتب على الجميع الوقوف قولاً وعملاً مع تضافر وتلاقي كلّ الجهود والنداءات لإفساح المجال أمام مساعي وتوجهات الأمم المتحدة بكامل المجالس والوكالات والهيئات والمنظمات واللجان المتفرعة عنها والتابعة لها، التي جميعها تهدف إلى نبذ لغة الحروب وخطاب الكراهية والقتل، وتدعو إلى احترام حقوق الأفراد والجماعات وفق العهود والمواثيق الدولية الموقعة عليها، والتي لا بديل لها، للمساهمة في تثبيت مبادئ ومعايير حسن الجوار بين الدول وشعوب المنطقة دون تمييز، وذلك دفاعاً عن قضايا السّلم والعدالة بعيداً عن لغة الحديد والنار.
القامشلي – 14/10/2024م
الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.
حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).