القسم العاممختارات

قراءة في كتاب البيئة والحراج في منطقة عفرين

محمد دلي

مجلة الحوار- العدد /82/- السنة 30 – 2023م

المؤلف: المهندس الزراعي ممدوح طوبال

خلال 189 صفحة يقدم المؤلف معلومات قيمة وغزيرة عن المنطقة . يقول المؤلف في المقدمة أنه بداية من عام 2015 وفي خضم أربع سنوات مرّت، فتكت الحرب بالبشر والحجر والشجر وكمهندس زراعي عملتُ حوالي عشرين عاماً في مجال البيئة والغابات وما رأيته من عبث وفوضى  قررتُ أن اكتب بحثاً متواضعاً عن البيئة والحراج في منطقة عفرين ، فبدأت بالاعتماد على المراجع والكتب الجامعية والأجنبية والنشرات الزراعية المحلية والتقيت بالزملاء العاملين في مجال الحراج والبيئة ، كذلك دوّنتُ معلومات عن عملي الوظيفي والجولات الميدانية ولقائي مع السكان المحلّيين  وبالاستفادة من التجارب والمشاريع المنفذة في المنطقة مع المنظمات الدولية والجولات الاطلاعية خارج البلاد مثل تونس وتركيا . كان حافزاً لي بأن أدون كتاباً عن الموضوع المذكور والذي يشمل التعريف بمنطقة عفرين من حيث الموقع والمساحة والسكان والغابات الطبيعية والأشجار والنباتات المرافقة ومشاريع التحريج الاصطناعي والانواع المزروعة والمساحات المشجرة ومدى تأقلمها ونجاحها في المنطقة، بالإضافة إلى عمل الدائرة المسؤولة عن الغابات في المنطقة من مشاتل وحماية تشجير وأعمال تنظيم وإدارة الغابات والتربية والتنمية والاستثمار، دراسة المواقع المتدهورة والممارسات السكانية وتعاملها مع الغابات. وأساليب العمل المتبعة، وكذلك التنويه لفائدة الغابات واهميتها. في النهاية وضعت مقترحات ربما تكون في المستقبل تفيد المهتمين.

في التمهيد للبحث أضاف المؤلف: تنبه العالم في أواخر القرن العشرين إلى خطورة الانقراض للأنواع، وتدهور النظم البيئية، والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية. لذلك نجد حركة كبيرة جداً لحماة الطبيعة والعاملين في المنظمات الدولية، التي عملت على صياغة استراتيجية عالمية لصون الطبيعة. فانعقد مؤتمر عالمي لحماية البيئة عام 1970م، ومؤتمر آخر لحماية الطبيعة والوقاية من التلوث سنة 1972م. وقامت العديد من الدول بإنشاء مؤسسات وطنية للمحافظة على البيئة. لكن الأزمات البيئية تفاقمت، وتفاقمت الأحوال الصحية والاجتماعية للإنسان، ولا سيما في البلدان الفقيرة. مما دعا الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي عالمي عن البيئة سنة 1992م.

يبدأ الباب الأول من الكتاب بالحديث عن البيئة الحراجية في المنطقة فيحدد موقع منطقة جبال الكرد القديمة في الجهة الشمالية للساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وفي الزاوية الشمالية الغربية من المنطقة المعروفة ب (الهلال الخصيب). بعد انهيار الخلافة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918 م) ودخول القوات الفرنسية قُسّمت منطقة جبل الكرد إلى قسمين: الشمالي ضم إلى تركيا والجنوبي احتفظ بها الفرنسيون وأصبح فيما بعد ضمن الحدود الإدارية لمحافظة حلب السورية. وهي من نتاج اتفاقية سايكس بيكو. وسمي فيما بعد (القسم الجنوبي ـ الحوار) باسم منطقة عفرين. (تشمل مرتفعات جبل الكرد القسم السوري مع سهل جومة وجبل ليلون ونهر عفرين)، التي تعتبر مدينة عفرين مركزها الإداري والحكومي، والتسمية آتية من اسم نهر عفرين الذي يمر من وسطها.

يستعرض المؤلف أرقاما تعود لسنة 2011م مأخوذة من دائرة زراعة عفرين التابعة لوزارة الزراعة السورية، تبيّن أرقاماً عن مساحة المنطقة وتوزعها على الغابات والمزروعات والصخور والمراعي وبحيرة ميدانكي والأبنية والمرافق العامة. ويذكر المؤلف أن الكُرد يمثلون الغالبية العظمى لسكان المنطقة ونسبة قليلة من العرب الذين أتوا من خارج المنطقة واستوطنوا فيها. وغالبية سكان المنطقة يعملون في الزراعة وبعض المهن الأخرى التي تخدم القطاع الزراعي، إضافة لنسبة من العاملين كموظفين لدى الدولة ونسبة أخرى يعملون في المعامل والورش العائدة للقطاع الزراعي المعاصر، وفي معامل البيرين ومعامل صنعة الصابون والمناشير الحجرية.

أكثر من 60% من مساحة المنطقة (حوالي 130 ألف هكتار) مزروعة بأشجار الزيتون، حيث يعتمد السكان بمعيشتهم عليها لمنافع الزيتون الكثيرة. كما تزرع في المنطقة كافة أنواع الأشجار المثمرة التي تؤمن احتياجات السكان ويباع الفائض لخارج المنطقة. تزرع جميع المحاصيل الحقلية والخضروات في المنطقة، أي أن بيئة المنطقة تصلح لزراعة كافة أنواع الزراعات وتؤمن احتياجات المنطقة من المحاصيل، وبالتالي توفر الأمن الغذائي، أما الفائض فيباع لخارج المنطقة.

لم ينس المؤلف ذكر التراجع الكبير لتربية الماشية بسبب قلة مساحات المراعي وزيادة المساحات المحرجة وتفضيل الأعمال الأخرى على تربية الحيوان، لذلك يجد أن التراجع الكبير لأعداد الماشية بأنواعها أثرت بشكل سلبي على النشاط البشري.

بعد لمحة تاريخية مختصرة عن منطقة عفرين ينتقل المؤلف للحديث عن التضاريس الجغرافية لمنطقة جبل الكرد: المرتفعات الجبلية (المحاذية لنهر عفرين من الشرق ـ المحاذية لنهر عفرين من جهة الغرب ـ المرتفعات الجبلية الشمالية الحدودية ـ المرتفعات الجبلية المعترضة الوسطى)، والأدوية (مجرى نهر عفرين ـ وادي ميدانا وامتداده ـ وادي النشاب ـ وادي جاي ـ وادي قره جرن ـ وادي خاستيا ـ وادي كه لا وشيه)، والسهول (سهل ميدانليات ـ سهل باليا ـ سهل كتخ ـ سهل عمارا ـ سهل جويق ـ سهل جومة ـ سهل شيخ الحديد ـ سهل ليلون). كما يورد معلومات عن التاريخ الجيولوجي لمنطقة عفرين (الزمن الجوراسي والكريتاسي والايوسين والأوليغوسين والميوسين والبليوسين والبليوستوسين او الحالي).

بعدها ينتقل المؤلف المهندس ممدوح طوبال ليثبت معلومات عن المناخ في منطقة عفرين (المعدل المناخي الحيوي ـ الحرارة ـ الضوء وتغيرات الإضاءة داخل الغابة واستخلاص الدور الأساسي للضوء وتأثيره على النبت ـ ظاهرة التحمل ـ الرطوبة النسبية والندى ـ الامطار والثلوج ـ الرياح وتيارات الهواء ـ الكهرباء الجوية ـ البيومناخ أو تأثير العوامل الجوية مجتمعة).

يضيف معلومات عن التربة والغطاء النباتي الحراجي (تربة التيراروزا ـ تربة الرندزينا ـ التربة الناتجة عن الصخور الام ـ التربة البنية والحمراء الداكنة ـ الاتربة الحراجية والاتربة الزراعية ـ الخواص الفيزيائية للتربة التي تؤثر في النبت الحراجي ـ الخواص البيوكيميائية للتربة والنبت الحراجي ـ العوامل المؤثرة في تطور المواد العضوية).

هذا وقد استعرض المهندس طوبال في كتابه هذا (البيئة والحراج في منطقة عفرين)، والمياه في المنطقة (احواض المياه الجوفية ـ نهر عفرين ـ نهر صابون سو ـ النهر الأسود ـ البحيرات الصغيرة ـ بحيرة ميدانكي ـ بحيرة برج عبدالو ـ بحيرة عشونة).

لم ينس الكاتب التعاريف والمصطلحات العلمية المتعلقة بموضوع البيئة والحراج ليصل إلى تشكيلة الغطاء النباتي الطبيعي في منطقة جبل الكرد (السنديان العادي والبطم الفلسطيني ـ الغابة الصنوبرية ـ المناطق النباتية الجغرافية ـ الحراج الطبيعي والأشجار الحراجية المحيطة بالمزارات الكثيرة ـ التشجير الحراجي او الاصطناعي ومواقعه، ووضع جدول علها حسب نشرة دائرة حراج حلب لعام 2005م).

كذلك يورد معلومات عن مراحل تدهور الغابات الطبيعية وانعكاساتها البيئة في منطقة عفرين (مرحلة بداية القرن العشرين وحتى نهاية الخمسينات منه ـ المرحلة الهامة من بداية عام 1960 حتى بداية عام 2011م وتنفيذ سد عشونة وسد ميدانكي ـ مرحلة الحرب السورية من عام 2011 حتى عام 2015م). ثم ينتقل للحديث عن التنوع الحيوي والتوازن البيئي في المنطقة وأهمية وفوائد الغابات).

خصص الباب الثاني من الكتاب للحديث عن علم دراسة الأشجار (الدندرلوجيا)، والنباتات المرافقة، فيورد معلومات علمية عن أماكن تواجد الأشجار، وعن الأشجار بشكل عام، بدءاً من الصفحة 83 حتى الصفحة 139 ليصل بعدها إلى فهرس الكتاب، وفهرس عن الأشجار والنباتات المدروسة. ينهي بحثه بذكر أسماء المصادر والمراجع التي استند فيها على بحثه.

نبذة عن المؤلف:

المهندس الزراعي ممدوح طوبال حمو

التولد: 1956م معرسكه ـ عفرين ـ سوريا

الشهادة: هندسة زراعية 1979 ـ جامعة حلب

العمل: مديرية زراعة حلب

1996 ـ 1981 ارشاد زراعي ـ بساتين (زيتون واشجار مثمرة)

2014 ـ 1997 إدارة وتنظيم الغابات

2000 ـ 1997 العمل مع منظمة FAO والمشروع الإيطالي في مجال التنمية المستدامة وزيادة دخل سكان الغابات في سوريا

1997 ايفاد إلى تونس ـ دورة تنمية مستدامة لسكان الغابات

2011 ايفاد إلى تركيا دورة إدارة وتنظيم الغابات

2015 بحث ودراسة عن البيئة والغابات في منطقة عفرين جبال الكرد

×××

رابط النسخة الالكترونية:

https://pirtukenkurdi.blogspot.com/2021/10/afrin-natur.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى