شيخ آلي للمرصد السوري: جولة أستانة الأخيرة ومن قبلها جولات جنيف أبقت الأزمة السورية تتفاقم دون حلّ
تركيا تلجأ إلى تصعيد التوتر، معتمدةً منطق القوة العمياء بدلاً عن قوة المنطق، لاهثة وراء أوهام سياسة عثمانلية جديدة
* يجدر القول بأن جولة أستانة الأخيرة هذه، ومن قبلها جولات جنيف، أبقت الأزمة السورية تتفاقم دون حلّ، لتنعكس بؤساً وخراباً أكثر فأكثر على أحوال السوريين الحياتية، خصوصاً في الداخل السوري والمخيمات.
وبصرف النظر عن الدور الذي لعبته تركيا على مدى الأعوام الماضية وافتضاح أمرها في تسهيل إدخال ما لا يقل عن أربعين ألفٍ من أعضاء ومسؤولي تنظيم الدولة (داعش) مع تمرير شحنات الأسلحة إلى الداخل السوري لصالح أعوانها المحليين، فإن مصالح البلدين الجارين تبقى مترابطة تقتضي الشروع بتطبيع العلاقات بينهما، عبر فتح صفحة جديدة من التعامل والتعاون على قاعدة احترام متبادل، عنوانه الأساس سحب تركيا لقواتها المحتلة إلى حدودها الدولية مع سوريا دون إبطاء أو تردد، كبادرة حسن نية، وبموجبها تتوفر أرضية ومناخ تساعدان الطرفين على التفاهم وصولاً إلى اتفاقات ثنائية وعمل مشترك يصب في خدمة قضية السلم والتنمية، إلا أنّ الجانب الروسي الراعي الأساس لهذا التوجه – المسعى، بات اليوم تنقصه الحيلة في الضغط على الجانب التركي، وذلك بفعل مؤثرات ثقل الأعباء المترتبة عليه جراء تبعات الحرب الأوكرانية، وإن الجانب التركي من جهته بقدر ما هو ملتزم بموضوع التطبيع مع دمشق، إلا أنه لم يعد يبالي كثيراً بتسريع وتيرة هذا التطبيع المنشود روسياً، ليبقى همه الأساس أي الجانب التركي هو تجيير لقاءاته وشبكة علاقاته العامة وحضوره الديبلوماسي الرسمي هنا وهناك للقفز على موضوع وجوب سحب قواته المحتلة من الأراضي السورية وعزفه الممجوج على سيمفونيه (الأمن القومي التركي)، وبالتالي من الصعوبة بمكان أن نشهد قريباً تحولاّ دراماتيكياّ نحو الأمام في عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق.
** صحيح أن مقاصد ميثاق الأمم المتحدة وجميع القرارات الأممية ذات الصلة بالملف السوري وخاصةً قرار مجلس الأمن الدولي /2254/ المجمع عليه من قبل كافة أطراف النزاع والدول المتدخلة في الشأن السوري، وكذلك بيانات الأمين العام للأمم المتحدة ومخرجات اجتماعات دول الجامعة العربية وقمتها الأخيرة في السعودية بحضور الرئيس السوري، كلّها دعت وتدعو إلى التأكيد على سيادة ووحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، إلا أنّ تركيا التي تعدّ أكبر جارة لسوريا ولها أطول حدود برية مباشره معها شمالاً، ومن خلال الكثير من الوقائع والحقائق الدامغة، يبدو أنها متعنتة، ولا يزال يصعب عليها كثيراً احترام القوانين الدولية وألف باء مبدأ وقيم حسن الجوار، وإن استمرار بقاء قواتها المحتلة لمناطق من أراضي شمالي سوريا يتعارض على طول الخط مع مصالح وتطور البلدين، وعلى مرأى ومسمع تلك القوات المحتلة وأعوانها المأجورين لم تتوقف يوماً صنوف الانتهاكات والفظائع بحق المدنيين الكرد، فليس ثمة مؤشرات توحي بأن الجانب التركي مؤهل للشروع بسحب قواتها من أراضي سوريا، وبالتالي يبقى متخبطاً عالقاً في مستنقع التوتر واللاإستقرار، يلجأ إلى تصعيد التوتر عبر شنّ هجمات عدوانية هنا وهناك، معتمداً منطق القوة العمياء بدلاً عن قوة المنطق و ضروراته، متهافتاً لاهثاً وراء أوهام سياسة عثمانلية جديدة.
محي الدين شيخ آلي
سكرتير حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
قامشلي 21 حزيران 2023م
—————-
المصدر:
https://www.syriahr.com/%d9%85%d8%ad%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%a2%d9%84%d9%8a-%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a3%d8%b3%d8%aa%d8%a7%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d9%88/613555/