تعرّض محيط مطار السليمانية الدولي، مساء الجمعة 7 نيسان 2023، إلى قصفٍ بطائرةٍ مسيّرة، ولم يسفر عن سقوط ضحايا وإصابات، سوى اندلاع حريق تم إخماده لاحقاً، حيث تم استهداف موكب سيارات تقل وفود سياسية وعسكرية، من بينهم الجنرال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، فيما كان متواجداً بعمل اعتيادي وبطلب من التحالف الدولي المناهض للإرهاب وبعلم العراق؛ وكانت تركيا قد أغلقت مجالها الجوي أمام رحلات الطيران التي تستخدم مطار السليمانية للهبوط والاقلاع من 3 نيسان حتى 3 تموز 2023م، بسبب ما زعمت وزارة الخارجية التركية «تغلغل حزب العمال الكردستاني في المطار».
مظلوم عبدي يوضح ويدين
وفي عدة تصريحات إعلامية وتغريدات على التوتير، أوضح عبدي، أنه كان في موكبٍ برفقة إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية ووفد عسكري من «قسد» وجنود أمريكيين للتحالف الدولي وقوات مكافحة الإرهاب CTG، وبُعيد انتهاء اجتماع ضد «داعش» (القيام بأعمال اعتيادية للتحالف الدولي بقيادة أمريكا، في إطار برنامج مشترك لمحاربة داعش) وأثناء العودة تعرّض الموكب لهجومٍ من طائرة مسيّرة تركية، لم يؤدي إلى أي نتيجة.
ووصف عبدي الاعتداء بـ»هجوم صارخ على العراق وسيادته»، وشدَّد على أنَّ الهدف الأساسيّ منه هو إحباط الحرب المشتركة التي تقوم بها «قسد» مع الشركاء المحلّيّين والقوى الكردية في كردستان العراق ودولة العراق والشركاء الدوليين، وأنَّ الدولة التركية غير راضية عن الحرب المشتركة ضد «داعش»، لذلك «تحاول عرقلتنا ومنعنا من الاستمرار فيها، وبكُلِّ السبل المُتاحة»، وتخطط لزعزعة استقرار المنطقة والتعدّي على أمنها وخلق حالة من الفوضى الدائمة؛ والسبب الآخر هو عدم شعور دولة الاحتلال التركي بالارتياح من علاقات التآخي التي تعزَّزت في الفترة الأخيرة بين شمال وشرق سوريا وكردستان العراق، وأن الهجوم يرتبط بالانتخابات التركية، أردوغان ومجموعته يسعون لتحقيق نصر رخيص، ولو على دماء الكُرد.
وأشار عبدي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها تركيا لاستهدافه، وكان آخرها استهداف مقرات قوات مكافحة الإرهاب التابعة لـ»قسد» في الحسكة بطائرةٍ مسيّرة في تشرين الثاني 2022م، حيث يعقد فيها عبدي الاجتماعات مع المسؤولين الأجانب ووسائل الإعلام.
الموقف الأمريكي
قالت القيادة المركزية الأميركية في وقت متأخر من يوم الجمعة 7/4/2023م إن ثلاثة مسؤولين عسكريين أميركيين كانوا أيضاً في القافلة، وذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن الضربات «هددت بشكل مباشر سلامة العناصر الأميركيين»، الذين يعملون على هزيمة تنظيم داعش، من دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة.
إدانات كردستانية وعراقية
وقد نال الهجوم على مطار السليمانية إدانات كردستانية وعراقية واسعة، من هفال أبو بكر محافظ السليمانية، والاتحاد الوطني الكردستاني ورئيسه بافل طالباني، وبرهم صالح الرئيس العراقي السابق، ونيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان، وعمّار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني، هادي عامري رئيس تحالف الفتح، إياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية، وغيرهم من قوى وأحزاب كردستانية وعراقية.
وأرسلت الحكومة العراقية وفداً برئاسة قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي للتحقيق في الهجوم، والذي ذكر أن «انتهاك السيادة في أي مدينة من العراق هو انتهاك لسيادة العراق كله وهو أمر غير مقبول»، كما زار مطار السليمانية وفد من مجلس النواب العراقي برئاسة عباس الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، وقد أعدّ الوفدان تقريريهما حول الهجوم. كما شارك الآلاف من الأهالي والأحزاب السياسية الكردستانية والمنظمات المدنية وشخصيات سياسية لنداء شخصيات ونشطاء في تظاهرة بمدينة السليمانية، يوم السبت 8/4/2023م، تنديداً بالهجمات التركية على إقليم كردستان، وعلى مطار السليمانية تحديداً؛ ومن جانبه وجّه الجنرال عبدي برقية شكر إلى أهالي السليمانية.
رئيس العراق يطالب باعتذار
طالب الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد رئيس جهورية العراق الحكومة التركية بتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي، في بيان لرئاسة جمهورية العراق، 8 نيسان 2023م، فيما نصه: ((تتكرر العمليات العسكرية التركية على إقليم كردستان وآخرها قصف مطار السليمانية المدني.
ونحن إذ ندين هذه الاعتداءات السافرة على العراق وسيادته فإننا نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول القوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية. وفي هذا الصدد نطالب الحكومة التركية بتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي عن هذه التصرفات ووقف هذه الاعتداءات وحل مشكلاتهم الداخلية عن طريق فتح منافذ الحوار مع الأطراف المعنية. وفي حال تكرار هذه الاعتداءات سيكون هناك موقف حازم لمنع تكرارها مستقبلا.)).
حزب «الوحـدة» يدين في بيان خاص
علاوةً على إدانات الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية و»قسد» وغيرها من أحزاب سياسية ومؤسسات سورية، دانت اللجنة السياسية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا الهجومَ في تصريح خاص، فيما يلي نصه:
((بتاريخ 7/4/2023م تعرّض مطار السليمانية الدولي لهجومٍ صاروخي بطائرة مسيّرة، مما أدى إلى خسائر مادية في محيط المطار. حيث يأتي هذا الهجوم في إطار سلسلة الانتهاكات والاعتداءات التركية المستمرّة ضد أراضي وسيادة إقليم كردستان العراق بذريعة حماية الأمن القومي التركي، وكذلك لضرب الأمن وزعزعة الاستقرار، وإحداث الفوضى والفتن والتفرقة بين القوى الكردستانية.
إننا في حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا ندين ونستنكر هذا الهجوم الجبان ونعتبره انتهاكاً على سيادة العراق وإقليم كردستان، وفي الوقت نفسه ندعو مختلف القوى السياسية الكردية والكردستانية إلى توحيد الموقف حيال كل أنواع الانتهاكات من القوى العديدة التي تستهدف إقليم كردستان، إن كان مطار السليمانية أو مطار هولير وغيرهما.)).
* جريدة الوحـدة – العدد /342/- 31 أيار 2023م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).