القسم العامبيانات و تصريحات

عفرين تحت الاحتلال (239): مجزرة مروعة في جنديرس عشية عيد نـوروز وحراك جماهيري مُندد، اعتقال تعسفي، قطع الأشجار، انتهاكات متفرقة

معروفٌ على المستوى الإقليمي والعالمي أنّ لعيد نـوروز مكانة وقيمة عليا لدى الكُـرد عموماً، يحتفلون به منذ القدم، كيومٍ جديد للسّلم والحرية والمساواة، ورمزٍ لهويتهم القومية، وأنّ أعداءهم يحاربون هذه المناسبة منذ الأزل ويحاولون بكلّ السبّل منعهم من إحيائه، فقدّموا تضحيات جسام للدفاع عنه؛ لهذا تقمع سلطات الاحتلال التركي وميليشياته الحريات العامة وتفرض القيود على المناسبات الكردية في منطقة عفرين، علاوةً على أجواء الرعب السائدة منذ خمس سنوات، فبشكلٍ عام كان الاحتفاء بالعيد هذا العام أيضاً محدوداً وفي نطاقات ضيقة، كما وقعت مجزرة جنديرس المروعة، بينما بقيت حكومتي دمشق وأنقرة ووكالات أنبائهما الرسميتان صامتة حيال هذا الحدث الجلل، في تنصلٍ سياسي وقانوني عن الواجب والمسؤولية، وإحجامٍ لا أخلاقي مقيت.

أولاً = مجزرة جنديرس المنكوبة:

عشية عيد نـوروز الذي يحتفل به الكُـرد منذ القدم، مساء 20 آذار، في مدينة جنديرس- عفرين، أقدم مسلّحون من عناصر “جيش الشرقية/حركة التحرير والبناء- العقيد حسين حمادة، /الفيلق الأول- العقيد معتز رسلان، /الحكومة السورية المؤقتة- عبد الرحمن مصطفى ووزير الدفاع العميد حسن حمادة، /الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية – سالم المسلط، /الاحتلال التركي – رجب طيب أردوغان”، على قتل أربعة مدنيين كُـرد أشقاء (نظمي محمد عثمان /53/ عاماً- توفي صباح 21 آذار في المشفى العسكري بمدينة عفرين، فرح الدين محمد عثمان /45/ عاماً ونجله محمد فرح الدين محمد /19/ عاماً، محمد محمد عثمان /٣٨/ عاماً)، وجرح القاصر فراس عبدو خليل /14/ عاماً من ذوي الاحتياجات الخاصة، بإطلاق النار عليهم:

– الوقائع:

ميليشيات “جيش الشرقية” المعروفة بانتماء معظم عناصرها إلى تنظيم داعش سابقاً وقُتل منهم القياديان “ماهر العقال” و “منهل العقال” في قرية “خالتا” – جنديرس بقصف طيران التحالف الدولي بتاريخ 12/7/2022م، منعت أهالي القرى التي تُسيطر عليها “خالتا، مسكة فوقاني وتحتاني، آغجله” – جنديرس من الاحتفاء بعيد نـوروز وإشعال نيرانه، وهددتهم بالضرب والاعتقال؛ ومجموعة منها يتزعمها “حسن الضبع/أبو حمزة خشام” اعتدت على “نظمي” أولاً أثناء جلوسه خارج المنزل قرب نارٍ بغاية التدفئة كعادته منذ وقوع زلزال 6 شباط، بالضرب والحجارة ورفس النار أمامه عقاباً على إشعال نجل شقيقه شعلة نـوروز على سطح منزلهم، ثم جلبت السلاّح الرشاش وأطلقت الرصاص بكثافة على صدور وبطون الضحايا الذين خرجوا من المنازل لمشاهدة ما يجري لشقيقهم الأكبر، وحتى بعد سقوطهم أرضاً، ولازت بالفرار، حيث أُصيب كلّ مغدور بـ/10-15/ رصاصة.

– الجناة:

عُرف منهم (عمر صالح الأسمر مواليد 2000م، حبيب علي خلف مواليد 2004م، بلال أحمد العبود مواليد 2000م) بدعم وإسناد مباشر من المدعو “علي خلف/أبو حبيب خشام” والد الثاني وأحد عناصر “الشرقية” المتقدمين، وهم ينحدرون من قرية “خشام”- ريف دير الزور؛ وحسب مقطع فيديو لـ”حركة البناء والتحرير” تم القبض عليهم وتسليمهم إلى “الشرطة العسكرية في جنديرس”.

– الخلفية:

منذ خمس سنوات من سيطرة الاحتلال التركي ومرتزقته على المنطقة تتواصل مختلف الانتهاكات والجرائم بحق المنطقة وأهاليها، وضحايا المجزرة كانوا عرضةً لها، حيث أنّ شهادات النساء المقرّبات من الشهداء على مختلف وسائل الإعلام تفضح فظاعة تلك الموبقات والمجزرة الأخيرة، ومدى الحقد والكراهية التي تحملها عناصر الميليشيات والمقرّبون منها حيال الكُـرد، وكذلك التطرّف الديني والعنصرية تجاه عيد نـوروز على أنه “كفر وقومي انفصالي”.

إلّا أنّ الحكومة المؤقتة ووزير دفاعها وقيادة حركة التحرير والبناء عبر بيانات وتصريحات رسمية حاولت ليّ عنق الحقائق، بإرجاع أسباب الجريمة إلى “ملاسنة ومشاجرة” بين المغدورين والجناة، وأن الدوافع “آنية”، ونفي انتماء المعتدين إلى “الشرقية”، وأنّ النيران كانت قريبة من الخيم؛ والكذب بأن “الجيش الوطني قام بتأمين الاحتفالات القومية والدينية سابقاً”- حسب الحركة وأن “الاحتفال بعيد النوروز يتم في كل عام في مناطق أهلنا الكرد ضمن المناطق المحررة دون أي قيود أو عقبات”- حسب الائتلاف!

– جريمة سابقة:

ومن سجل “الشرقية” الإجرامي، قيام عصابة “حسن الضبع/أبو حمزة خشام”، بُعيد انتهاء الأعمال القتالية واقتحامها لقرية “چقليه جومه”- جنديرس في 18/3/2018م وتطويقها، والتي لم تشهد أية معارك، بإعدام الشابين المدنيين “حسين عبد الرحمن حسين /24/عاماً، وليد صوراني بن جميل /18/ عاماً” رمياً بالرصاص؛ ومنع ذويهما من مشاهدة والمشاركة في دفن جثمانيهما.

– اعتداء سابق:

وردتنا صورة تظهر مدى التعذيب الشديد الذي تعرّض له الشهيد “فرح الدين عثمان” لدى اعتقاله من قبل ميليشيات الشرقية بسبب مطالبته بمنزله في بداية احتلال عفرين عام 2018م.

– المحاسبة:

ليس لدى أهالي عفرين أدنى ثقة بـ”المؤسسات الأمنية والقضائية” التي أسسها الاحتلال التركي، كونها منذ خمس سنوات أدوات لقمعهم واضطهادهم ولإفلات الجناة والمعتدين عليهم من العقاب، لاسيّما وأنّ ملفات عشرات حالات قتل أبنائهم والموثقة، بينهم نساء وأطفال، قد أغلقت دون إجراء تحقيقات ومقاضاة شفّافة وعدالة، لذلك جاهروا مراراً بمحاسبة مرتكبي مجزرة جنديرس الأخيرة لدى محكمةٍ دولية.

المسؤولية:

أولئك الجناة المعبأين بالحقد والكراهية هم أعضاء في هيكلية عسكرية (الجيش الوطني السوري) الذي يتبع جهة تنفيذية (الحكومة السورية المؤقتة) ومظلّتها السياسية (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية)، والتي ترعاها وتصرف عليها حكومة العدالة والتنمية – تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، التي تحتل منطقة عفرين وفق كلّ المعايير الدولية، وقد جاءت الجريمة كحلقة من مسلسل خطة معلنة ومرسومة من قبل تركيا ويجري تنفيذها بإشراف استخباراتها منذ خمس سنوات.

كما أن الجريمة وقعت ضد عيد نـوروز ورمزيته، الذي يُشكل جزءًا أساسياً من تراث وتاريخ وثقافة الشعب الكردي في المنطقة، الذي قدّم تضحيات جسّام في الدفاع عنه وإحيائه سنوياً.

يُذكر أن ميليشيات “أحرار الشرقية” الشريكة في “حركة التحرير والبناء” تعيث في الأرض فساداً، خاصةً في ناحية راجو، وأن متزعمها هو المدعو “حاتم أبو شقرا” النائب لـ”قائد الحركة” والمشهور بارتكاب جريمة قتل الشهيدة هفرين خلف ورفاقها أثناء العدوان على منطقتي “كري سبي/تل أبيض و سري كانيه/راس العين” عام 2019م.

– التشييع والحراك الجماهيري:

بعد احتجاج ذوي الضحايا الشهداء ومقرّبين منهم أمام “المشفى العسكري التركي في جنديرس” ليلة 21 آذار، ورفضهم استلام الجثامين لحين القبض على المجرمين، قامت الإدارة برميها خارج المشفى، فاضطّروا لنقلها إلى بلدة “آطمة”- إدلب المجاورة جنوباً والواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، وأعيدت صباحاً إلى جنديرس لتدفن في مقبرة “التلّ” بموكبٍ جنائزي مهيب وبحضور الآلاف من المتضامنين، وسط عويل النساء وتمجيد الشهداء والحرية لعفرين وترديد شعارات التنديد والاستنكار بالجريمة ومحاسبة الجناة والدعوة لخروج الميليشيات من المنطقة، وقد استمرّت التظاهرات أمام منازل الضحايا في الأيام التالية؛ إذ رافق هذا الحراك إلقاء كلمات وتصريحات واتصالات إعلامية، خاصةً من النسوة المفجوعات، تدين وتفضح كافة الانتهاكات والجرائم المرتكبة خلال خمس سنوات، وذلك كحراك جماهيري ضد الاحتلال وميليشياته.

– تحريف الحراك:

في محاولةٍ لتحريف هذا الحراك الجماهيري عن مساره، الذي رفع العلم الكردي (آلا رنكين) كرمز وتعبير عن الهوية، تم فرض وضع علم ما يسمى بـ”الثورة” والعلم التركي على منازل الضحايا وخيم الاعتصام في الأيام الأخيرة، دون أن يجرأ ذوي الضحايا على رفضهما، وصباح الجمعة 24 آذار تم رمي رايات لحزب العمال الكرستاني وعليها شعارات في شوارع قرب منازل الضحايا سعياً للصق تُهم جديدة بالحراك.

كما أرسلت ميليشيات الشرقية خلال الأيام الأخيرة تهديدات إلى ذوي الضحايا.

ثانياً = اعتقال تعسفي:

– ظهيرة الخميس 23/3/2023م، اُعتقل المواطن “محمد هورو عثمان /40/ عاماً” من أهالي قرية “ديرصوان”- شرّا/شرّان، من قبل الاستخبارات التركية وميليشيات الشرطة العسكرية، واقتادته إلى مقرّها في بلدة “قطمة”، علماً أنه لم يكن على علاقة مع الإدارة الذاتية السابقة بأي شكل، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان نازحاً مقيماً في منطقة الشهباء- ريف حلب الشمالي، اضطّر مع أسرته للعودة إلى دياره بعد وفاة والده المسّن وبقاء والدته لوحدها.

ثالثاً = قطع الأشجار:

لما للشجرة والزيتونة خاصةً في ثقافة ونفوس أهالي جياي كورمينج/كُرداغ/جبل الكُـرد من مكانة وقيّمة، فإنّ قطعها بالنسبة للكردي يُعدّ اعتداءٌ عليه وجريمة كبرى، لا تقل عن جريمة الاعتداء على البشر وقتلهم؛ ورغم انتهاء فصل الشتاء لاتزال عمليات قطع أشجار الزيتون والحراج والغابات من قبل مسلّحي “الجيش الوطني السوري” والمقرّبين منهم مستمرة، بغية إبادة البيئة وقطع أرزاق الأهالي، وفي ذات الوقت جني مبالغ مالية من الاتجار بالحطب والفحم، منها:

– منذ شهرين تقريباً، تم قطع حوالي /100/ شجرة زيتون لـ”عبد الحنان سيدو” من أهالي قرية “مسكة فوقاني”- جنديرس بشكلٍ شبه كامل وقلع بعضها من قبل ميليشيات “جيش الشرقية” ومتزعمها في القرية المدعو “أبو فواز الديري”، فاضطّر صاحبها إلى إزالة ما تبقى من أحطاب وزراعة الأرض بالشعير.

– مؤخراً، في قرية “تلف”- عفرين، تم قطع حوالي (/12/ شجرة زيتون لـ محمد زينل، /25/ شجرة لـ شيرزاد نعسان، /10/ لـ عماد حمسورو”، وأكثر من /200/ شجرة زيتون بين قريتي “فقيرا و كَوْركا”- جنديرس، منها حوالي /75/ شجرة لـ”فيندار حسن خلف” وشقيقه – فقيرا و/80/ شجرة لمواطن من “كَوْركا”، بشكلٍ جائر ومنها من الجذوع، من قبل ميليشيات “فرقة الحمزة”.

– وفي بلدة “شرّا/شرّان”، تم قطع شجرة سنديان معمّرة وسط حقل زيتون عائد لعائلة “قهرمان” من قبل ميليشيات “فرقة السلطان ملكشاه” بشكلٍ شبه كامل.

ثالثاً = انتهاكات أخرى:

– بتاريخ 19/3/2023م ليلاً، داهم مسلّحون من ميليشيات “فيلق الشام” منزل المواطن “عكاش أحمد قنبر /65/ عاماً” من أهالي “قسطل-ميدانا” – راجو، واعتدوا عليه وعلى زوجته سعاد /60/ عاماً ونجلهما شريف /32/ عاماً وزوجته بالضرب المبرح، أدى إلى إغماء “عكاش” وإصابة الآخرين برضوض وجروح، ولازوا بالفرار بعد تدخل الجيران، وذلك بعد اعتراض “شريف” على قيام نساء المسلّحين بتكسير أغصان أشجار كرز عائدة لهم.

وقبل ذلك في 5/3/2023م، اعتدت مجموعة من عناصر الفيلق بالضرب الشديد على المواطن “سعيد محمد قنبر /59/ عاماً” في بلدة “ميدان أكبس” – راجو، بتهمةٍ ملفقة (النظر إلى أحد نساء المسلّحين)، على خلفية قيام المعتدى عليه بزراعة عدة هكتارات من الأراضي الزراعية ومحاولة متزعمي الفيلق طرده منها.

– بتاريخ 22/3/2023م، اعتدى مسلّح من عناصر ميليشيات “لواء سمرقند” في بلدة “كفرصفرة”- جنديرس على المواطن “إبراهيم خليل خورشيد/درج” بالضرب المبرح بسبب مطالبته بالخروج من منزل عمه المستولى عليه، فأصيب بجروح، كما هدد المسلّح العمّ المسن بالسلاح.

– بتاريخ 24/3/2023م، اعتدى مجموعة من “جيش الشرقية” في مدينة جنديرس بالضرب المبرح على الشاب “حسن محمد حميد” بالضرب المبرح، بحجة أنه كان يرفع العلم الكردي أثناء اعتصام التضامن مع أهالي ضحايا مجزرة جنديرس، فأصيب بجروح وكسر في أنفه، وأسعف إلى مشفى.

في الختام: لقد جاء تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن مجزرة جنديرس معبراً عن الحقيقة وكأول موقف من منظمةٍ دولية، ولكن ما يؤسف له أنّ مؤسسات الأمم المتحدة المعنية وكافة حكومات دول المنطقة والعالم لا تزال صامتة حيال هذه الجريمة النكراء التي طالت مجموعة من المدنيين وعيد شعبٍ يصل تعداده إلى /50/ مليون نسمة.

25/03/2023م

المكتب الإعلامي-عفرين

حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

——————

الصور:

– الشهداء الأربعة، ضحايا مجزرة جنديرس، 20 آذار 2023م.

– تظاهرة تشييع جثامين الشهداء الأربعة في مدينة جنديرس، 21/ آذار 2023م.

– تعذيب “فرح الدين عثمان” في بداية الاحتلال عام 2018م.

– الشهيدان “حسين عبد الرحمن حسين /24/عاماً، وليد صوراني بن جميل /18/ عاماً” من أهالي قرية “چقليه جومه”- جنديرس.

– القتلة منفذي مجزرة جنديرس، 20 آذار 2023م.

– “حسين حمادة” متزعم “حركة التحرير والبناء” و “حاتم أبو شقرا” متزعم “أحرار الشرقية”.

– قطع أشجار الزيتون في قرية “تلف”- عفرين من قبل ميليشيات “فرقة الحمزة”.

– قطع أشجار الزيتون في قرية “فقيرا”- جنديرس من قبل ميليشيات “فرقة الحمزة”.

– قطع شجرة سنديان معمرة في بلدة شرّا/شرّان.

—————-

يمكنكم تنزيل الملف كاملاً بالنقر هنا:

عفرين تحت الاحتلال-239-25-03-2023 – PDF

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى