بعد أن زار ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي الأممي سوريا في الأسبوع الرابع من شهر كانون الثاني الماضي، أكّد على أن الجوع قد وصل إلى أعلى مستوياته في البلاد منذ بداية الصراع عام 2011م. وقال إنّ /12/ مليون شخص في سوريا يواجهون انعدام الأمن الغذائي، كما يواجه /2.9/ مليون آخرون خطر الانزلاق إلى الجوع، مما يعني أنّ 70% من السكّان قد لا يتمكنون قريباً من توفير الطعام لأسرهم، الأمر الذي يُعزى إلى تعطيل الاقتصاد بسبب التضخم الجامح، وانهيار العملة الوطنية إلى مستوى قياسي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتساءل عما إذا كان المجتمع الدولي يريد موجة هجرة جماعية أخرى كتلك التي اجتاحت أوروبا عام 2015، وقال: «إذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب علينا اغتنام هذه الفرصة بشكل عاجل لتجنب الكارثة التي تلوح في الأفق والعمل معاً لتحقيق السلام والاستقرار للشعب السوري».
بعد وقوع زلزال 6 شباط، تفاقم الوضع في سوريا، حيث تلقت مناطق سيطرة النظام السوري مساعدات عاجلة، وكذلك تركيا، لما لحكومتي الدولتين من تمثيل في الأمم المتحدة وإمكانية لفتح معابرها، بينما بقيت مناطق شمال غربي سوريا التي تُسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» وتركيا وميليشيات الائتلاف السوري محرومة من إغاثات ومساعدات إنقاذية دولية وأممية عاجلة، حيث لم تتخذ حكومة أنقر أية إجراءات بخصوص منطقة عفرين، إلّا بعد مضي خمسة بدأت بعض قوافل المساعدات تدخل من المعابر الحدودية.
وقد جرت عمليات الإنقاذ بإمكانات محلية متواضعة وفي ظل طقس سيء، حيث لم تتوفر الآليات الثقيلة والأدوات الخاصة برفع الأنقاض والبحث عن الناجين وانتشال الجثث، وكذلك قلة عمال الإغاثة وفرق الإنقاذ المتمتعة بالمهارة والخبرة.
الأمم المتحدة
خلال زيارته إلى مدينة حلب، الإثنين 13/2/2023م، أكّد مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ على أن الحاجة الملّحة الآن في سوريا هي توفير الملاجئ والطعام والتعليم والرعاية النفسية والاجتماعية؛ وكان غريفيث قد أقرّ بفشل المنظمة في مساعدة آلاف المدنيين السوريين، وعجزها عن إيصال المساعدات إلى المنكوبين جراء الزلزال، حيث كتب في تغريدة له، 12 شباط: «خذلنا سكان شمال غربي سوريا… إنهم على حق في شعورهم بالتخلي عنهم… يتطلعون إلى مساعدة دولية لم تصل». وأضاف «واجبي والتزامنا هو تصحيح هذا الفشل بأسرع ما يمكن… هذا هو تركيزي الآن».
لجنة التحقيق الدولية
وفي بيان صحفي بتاريخ 7 شباط، حثت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، المجتمع الدولي على التحرك بسرعة لتقديم المساعدات الإنسانية والدعم. ودعت جميع الأطراف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية فوراً وبدون قيود إلى كل المناطق المتضررة من الزلزال لتقديم المساعدات المنقذة للحياة.
وحذرت اللجنة من أن الزلزال سوف يؤدي إلى تفاقم المعاناة في بلد دمرته أصلاً الأزمة والحرب منذ /12/ عاماً، وصرّح باولو بينيرو، رئيس اللجنة قائلا: «ندعو جميع أطراف النزاع في سوريا إلى الالتزام بوقف شامل لإطلاق النار لتمكين العاملين في المجال الإنساني وعمال الإنقاذ من الوصول إلى المحتاجين دون خوف من الهجمات».
منظمة الصحة العالمية
في إحاطته أمام المجلس التنفيذي الثانية والخمسون بعد المائة، الثلاثاء 7 شباط 2023م، قال الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: «أضاف الزلزال مزيداً من التعقيد إلى التحدِّيات الكثيرة التي يواجهها الشعب السوري بالفعل… فقد نسي المجتمع الدولي وضع الجمهورية العربية السورية إلى حد كبير. وبينما تتزايد احتياجاتها الصحية والإنسانية، ما زال التمويل يتناقص».
وشدد على أنه «لا ينبغي على الإطلاق أن يقع حدثٌ مأساوي كهذا كي نتذكر الشعب السوري. فالشعب السوري، اليوم، يحتاج منا إلى ما هو أكثر من مجرد التعاطف. إذ يجب أن تُتاح له فرصة العيْش بلا مرض أو جوع أو تهديدات صحية عامة أخرى. ونستطيع معاً، من خلال التضامن والعمل، وكما جرت العادة، ودون أدنى شك، تحقيق ذلك بما يتماشى مع رؤيتنا الإقليمية «الصحة للجميع وبالجميع»».
وفي مؤتمر صحفي عقده الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بمدينة دمشق، 12 شباط 2023م، شدد على ضرورة مضاعفة جهود الاستجابة للوصول إلى مزيد من السكان المتضررين في جميع المناطق. وجدد التزام منظمة الصحة العالمية «بدعم الشعب السوري الآن وفي الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات المقبلة للاستجابة لهذه الكارثة وبناء نظام أقوى لجميع السوريين».
نداء من حزب «الوحـدة»
على الصعيد المحلي، مساء 6 شباط، ناشد حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا «جميع اللجان والهيئات والمؤسسات الدولية للتدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في المناطق المنكوبة، وتقديم العون العاجل للمصابين وتعويض المتضررين وتأمين الإيواء المناسب لمن انهارت وتضررت مساكنهم»، والذي شدد على أن «إثنا عشرة سنة من الدمار والخراب ومآسي يومية يعيشها شعبنا السوري بكافة مكوناته القومية، كانت كافية لتنعدم فيها سبل التنمية والخدمات والإغاثة، لتأتي كارثة الزلزال في ظلّ هذه الظروف، إضافةً لبرد الشتاء والأجواء العاصفة وظروف الاحتلال، لتزيد من معاناة أهلنا في المناطق المنكوبة من بينها عفرين ونواحيها وبشكل خاص ناحية جنديرس، وجوارها».
مجلس سوريا الديمقراطية
في رسالة عزاء وتضامن، بتاريخ 6 شباط، ناشد «مسد» الجميع بمد يد العون لنجدة المناطق المنكوبة ومساعدة المصابين والعالقين بين الأنقاض، وتوفير مراكز الإيواء ونقاط التجمع الآمنة وظروف الحماية من آثار الطقس العاصفة والمُثلِجة والحرارة المنخفضة للأطفال والمسنين خاصة. ودعا جميع المؤسسات المختصة الصحية والإغاثية، وكذلك الدفاع المدني للعمل على تغطية الاحتياجات الضرورية بقدر الإمكان. كما دعا جميع الجهات الدولية لتحمّل مسؤولياتها إزاء هذه الكارثة واتخاذ الإجراءات التي تدعم إنقاذ المدنيين وتَحول دون تفاقم هذه الكارثة.
وشدد «مسد» على أن «الكارثة تدفعنا إلى ضرورة التضامن الإنساني والبيئي وحلّ المشكلات بالتفاهم والحوار وفتح الباب للحلول السلمية للمشكلات وأن التّكبر على الحق وبالٌ وهلاك».
الإدارة الذاتية
في بيان لها، 6 شباط، أبدت الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا استعدادها التام «لتقديم كل ما يلزم لتجاوز ما خلفته هذه الكارثة، ومساعدة المناطق المتضررة، كذلك نؤكد على أن أبوابنا مفتوحة أمام الجميع لتقديم أي مساهمة في مجال الصحة والمستشفيات والرعاية واستقبال المتضررين من خارج مناطقنا».
وأكدت أنها وجّهت كافة مؤسساتها «لرفع حالة الجاهزية ووضع جميع الامكانات المتاحة في الخدمة، مع الاستنفار التام على كافة المستويات اللازمة، وتقديم ما يلزم من احتياجات لمناطقنا المتضررة».
منظمة العفو الدولية
في 7/2/2023، قالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: «لقد اضطر أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة إلى العيش في ظروف مروّعة مع فرص محدودة للوصول إلى الرعاية الصحية. في ذلك الصباح، انهارت مبانٍ بأكملها في أحياء متهالكة أصلًا نتيجة أكثر من عقد من الحرب. كما أن الدمار الهائل، والأزمة الاقتصادية الحادة والعاصفة الشتوية الهوجاء، عوامل تعيق إيصال المساعدات الإنسانية».
وفي 24/2/2023، قال نيلز موزنيكس، مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية: «أسفرت الأزمات الإنسانية الناجمة عن هذه الزلازل الكارثية عن تدهور حالة حقوق الإنسان في كل من سوريا وتركيا، فقد أدت إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة أصلًا». وأضاف: «في أوقات الأزمات، من المهم للغاية أن تكون حماية حقوق الإنسان في صُلب تدابير الاستجابة. ومن الضروري أن تضمن السلطات في كلا البلدين تقديم وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فعّال وعادل والتمسك بجميع المعايير الدولية لحقوق الإنسان».
منع المساعدات الحيوية لمواجهة الزلزال
وفي أحدث تقرير لها، بتاريخ 6/3/2023م، قالت منظمة العفو الدولية إنه ينبغي على الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا التوقف عن عرقلة وتحويل المساعدات الإنسانية الهادفة إلى تخفيف معاناة عشرات الآلاف من المدنيين في حلب التي مزقها النزاع، وذلك بعد مرور شهر على الدمار الذي ألحقته الزلازل بالمحافظة. وقالت آية مجذوب: «… حتى في لحظة اليأس هذه، وظفت الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة الاعتبارات السياسية واستغلت بؤس الناس لتعزيز أجنداتها الخاصة». وأضافت: «وقد أدّت عرقلة المساعدات الحيوية لدوافع سياسية إلى تداعيات مأساوية، خاصة بالنسبة لفرق البحث والإنقاذ التي تحتاج إلى الوقود لتشغيل الآلات. وينبغي على جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الحكومة السورية والجماعات المسلحة المدعومة من تركيا، إعطاء الأولوية لاحتياجات المدنيين الذين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب في هذه الكارثة الطبيعية المدمرة، وضمان حصولهم على المساعدات من دون قيود».
وختمت آية مجذوب حديثها بالقول: «تركيا هي القوة المحتلة في عفرين، وبالتالي فهي مسؤولة عن ضمان سلامة المدنيين وحفظ القانون والنظام. ويقع على عاتقها التزام قانوني بضمان حصول المدنيين المحتاجين على المساعدات الإنسانية الأساسية. ويجب أن تمنع الجماعات المسلحة من حجب المساعدات أو التمييز في توزيعها».
* جريدة الوحـدة – العدد /341/- 15 آذار 2023م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).