القسم العامبيانات و تصريحات

عفرين تحت الاحتلال (233): زلزال مدمّر وكارثة إنسانية… إمكانات ومساعدات إنقاذية وإغاثية متدنية

default

أمام هول الكارثة الزلزالية التي عصفت بمناطق شاسعة للغاية من سوريا وتركيا، فجر الإثنين 6 شباط 2023م، يعجز اللسان عن الكلام، والقلم عن الكتابة، فلا زال أغلب ساكنيها الناجين ينامون خارج منازلهم، ومشاهد الموت والدمار تُخيم على المدن والأرياف، عشرات آلاف الضحايا القتلى والجرحى، وأضرار مادية في الممتلكات والبنى التحتية تُقدّر بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة في مختلف مجالات الحياة والمآسي والمعاناة التي لا تُقدَّر بثمن.

في متابعة عملنا حول رصد الانتهاكات والجرائم التي تُرتكب باستمرار بحق منطقة عفرين المحتلّة وأهاليها، والتي نحجب عن ذكرها في هذا التقرير، لأننا نخصصه حول الزلزال الذي ضرب عفرين ونتائجه:

= الضحايا القتلى والجرحى:

بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين بإعاقات دائمة من سكّان المنطقة والمستقدمين إليها، أغلبهم في مدينة جنديرس، عدد الوفيات في البلدة بلغ /756/ حسب إحصائية “مجلس جنديرس المحلي- 9 شباط” وشابين من المستقدمين في بلدة ميدان أكبس؛ ووفق إحصائية خاصة بلغ عدد وفيات أبناء المنطقة حوالي /200/ (/1/ في ميدان أكبس، طفلين في شيه/شيخ الحديد، /8/ في مدينة عفرين القديمة، /7/ في قرية حمام، والبقية من أهالي جنديرس)؛ عدا الذين لازالوا تحت الأنقاض أو أوضاعهم الصحية خطرة. وكذلك عشرات الضحايا من أبناء المنطقة توفوا في مدن وبلدات تركية.

= الدمار:

لحقت أضرار جزئية بآلاف المنازل والمباني في عموم المنطقة، كما تهدّمت عشرات المنازل في بلدات وقرى (شاديره، إسكان، مابتا/معبطلي، كُرّيه، ميدان أكبس، حمام، آنقله، سناره، شيه/شيخ الحديد، كاخره…) وفي مدينة عفرين، بينما كان الدمار الهائل من نصيب مدينة جنديرس المنكوبة (/257/ مبنى مدمّر بالكامل و /1100/ مبنى متضرر حسب إحصائية مجلس جنديرس المحلي)، بواقع تهدم وعدم صلاحية أكثر من 70% للسكن.

= عمليات الإنقاذ والانتشال:

في ظلّ أجواء شتوية قاسية، كانت تسير ببطء ولازال، نظراً لضعف الإمكانات وعدم وجود معدّات ومستلزمات الدفاع المدني ولحالات الكوارث لدى سلطات الاحتلال والمجالس المحلّية التابعة لها، سوى “الدفاع المدني السوري – الخوذ البيضاء” الذي عمل منذ الساعات الأولى بإمكانات متواضعة، وبدءاً من اليوم الثاني شاركت فرق إنقاذ مرسلة من محافظة إدلب التي تُسيطر عليها “هيئة تحرير الشام”، وكذلك آليات تابعة لجماعات “الجيش الوطني السوري”، وفريق تقني من مصر في اليوم الثالث وآخر طبي من اسبانيا في اليوم الخامس؛ وقد أعلن الدفاع المدني مساء الجمعة 10/2/2023م انتهاء عمليات البحث والإنقاذ بعد /108/ ساعات من العمل والانتقال لمرحلة البحث والانتشال. بينما تم إدخال مجموعة من الآليات الثقيلة المرسلة من كردستان العراق اليوم إلى عفرين.

= الإغاثة والمساعدات الإنسانية:

بدءاً من اليوم الثاني بادر أهالي قرى وبلدات عفرين بجمع مساعدات عينية وغذائية وإرسال مجموعات رجال مرافقة إلى جنديرس لأجل إعانة المتضررين، بالإضافة إلى مبادرات فردية، وفي اليوم الخامس دخلت قافلة مساعدات مرسلة من كردستان العراق إلى جنديرس، وتتوارد أنباء عن دخول قوافل أخرى، حيث هناك حاجة ماسّة وكبيرة لإيواء آلاف العوائل المتضررة وإمدادهم بمختلف مقومات الحياة اليومية.

= المعوقات والسرقات:

– لم تقوم حكومة أنقرة بمسؤولياتها وواجباتها، باعتبار تركيا دولة محتلّة لمنطقة عفرين وترفع علمها عليها، فكان حضورها صفراً، ولم تتعامل مع كارثة جنديرس مثلما تعاملت مع مدينتي ريحانية وقره خان التركيتين المجاورتين لها، لا سيّما كان بإمكانها- على نحوٍ عاجل- إرسال فريق مع المعدّات اللازمة على الأقل من بين أكثر من /25/ ألف فرق (بينها فرق دولية من حوالي 80 دولة) تعمل داخل أراضيها، باعتبار عمليات الإنقاذ لا تقبل التأخير. حيث هناك فارق كبير بين عمليات الإنقاذ في تركيا وما هو في جنديرس.

بل وأجبرت استخباراتها “الحكومة السورية المؤقتة” والائتلاف السوري- الإخواني المعارض على عدم قبول قافلة مساعدات ومحروقات مرسلة من قبل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وهي متوقفة في معبر “أم جلود” – منبج منذ الأربعاء 8 شباط بانتظار موافقة الطرف الآخر، حيث تبدي استعدادها لإرسال المزيد، بينما رئيس “الحكومة المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى الموالي لتركيا أعرب عن رفضه لاستقبال تلك المساعدات بشكلٍ صريح. ولا تزال معابر المنطقة مع شرقي الفرات والداخل السوري مغلقة.

– تقاعست الحكومة السورية عن القيام بواجباتها اتجاه منطقة عفرين، إن كان على الصعيد السياسي والدبلوماسي للضغط على الحكومة التركية لأجل فتح المعابر وتنظيم مساعدات دولية للمنطقة، أو إرسال مساعداتٍ إليها عن طريق منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا مثلما فعلت بتجهيز قوافل مساعدات لأجل إدخالها إلى محافظ إدلب ولكن “هيئة تحرير الشام” لم تستقبلها.

– لم تصل إلى عفرين إلى الآن أية فرق ومعدّات خاصة بالكوارث أو مساعدات إغاثية دولية أو أممية، بينما وصلت إلى مناطق سيطرة النظام السوري الكثير منها.

– إمكانات المشافي العامة والخاصة في عفرين بالأصل ضعيفة وغير كافية، حيث عملت بطاقة متدنية أثناء الكارثة.

– شابَ العمل الإداري والإنقاذي والإغاثي الفوضى والارتجالية، حيث بقيت أيدي الميليشيات هي العليا، وفي الأيام الأخيرة تقاسمت ميليشيات “فرقة السلطان مراد، فرقة الحمزات، أحرار الشرقية” الحارات داخل جنديرس، وقام المسلّحون بسرقة أموال ومحتويات محلات ومنازل في عفرين وجنديرس وتلك التي تخرج من تحت الأنقاض، كما تعامل بعضهم بعنصرية مع الكُـرد في جنديرس لدى توزيع المساعدات وأحياناً أثناء الإنقاذ ودفن الموتى.

هذا وتقوم حواجز المسلّحين في مداخل جنديرس بسلب بعض المساعدات من السيارات التي تدخل المدينة، وأمس الجمعة قُتل أحد المستقدمين برصاص عنصر من “الحمزات” بسبب الخلاف على المسروقات داخل جنديرس.

–  عوائل كثيرة من المستقدمين نصبت خيمها حول جنديرس وتدعي أنها من منكوبيها كي تستحوذ على المساعدات، وفي مدينة عفرين اقتحمت مجموعات من المستقدمين مستودعاً لمساعدات مرسلة إلى جنديرس وسرقتها.

– المنظمات والجمعيات العاملة في عفرين بأسماء خيرية وإنسانية خلال خمسة أعوامٍ خلت غائبة عن محنة جنديرس.

– إلى الآن لم يتم إعلان مدينة جنديرس منطقة منكوبة من قبل سلطات الاحتلال التركي أو الائتلاف السوري- الإخواني المعارض وحكومتها المؤقتة، رغم أنها لم تقوم بواجبها وغير قادرة على إدارة الكارثة لوحدها.

= ما هو مطلوب:

– اعتبار مدينة جنديرس منطقة منكوبة، وشمولها بالقوانين الدولية المعنية بالكوارث والطوارئ.

– فتح المعابر إلى المنطقة من قبل مختلف الأطراف ورفع القيود عن تنقل المدنيين والبضائع والمواد الغذائية.

– إرسال فرق دولية وأممية عاجلة مع معدّات خاصة لاستكمال عمليات البحث والانتشال وإزالة الأنقاض، وكذلك تقديم مساعدات إغاثية وإنسانية للمنكوبين، وتقديم العون والخدمات الطبية للمرضى والمحتاجين.

– تشكيل لجان فنية متخصصة للكشف على المباني المتضررة وتحديد مدى صلاحيتها للسكن.

– تعويض المتضررين، والبدء بإعادة بناء ما تضرر من ممتلكات وبنى تحتية، وتقديم ما أمكن من سبل التنمية والخدمات ومقومات الحياة اليومية.

– تأسيس هيئة دفاع مدني وجهاز طوارئ في المنطقة ولو بالحد الأدنى من الإمكانات والمستلزمات والآليات والمعدّات لأجل مواجهة أية أزمات مستقبلية.

إن ما وقع من كارثة على شعوب المنطقة في تركيا وسوريا يعدّ حدثاً تاريخياً جللاً، يتوجب استخلاص العبر والدروس منه، أولها وضع حدٍ للنزاعات المسلّحة والتطرّف والإرهاب والاستبداد والقمع واحتلال أراضي الغير، وكذلك وقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومختلف الانتهاكات المحدقة بكرامة الإنسان وحقوقه؛ وهنا حريٌ بالحكومة التركية كيفما تخلّت عن عفرين في أصعب كوارثها وعن مسؤولياتها السياسية والقانونية عليها سحب جيشها إلى حدودها الدولية وإنهاء احتلالها للمنطقة ووقف دعمها للميليشيات المرتزقة؛ كما يتوجب على جميع الأطراف السورية الالتزام بمضمون القرار الدولي /2254/ والتوجه نحو حلٍّ سياسي لأزمة بلدهم المستفحلة؛ أما المجتمع الدولي والأمم المتحدة مطالبون بتقديم مساعدات عاجلة والضغط باتجاه الحدّ من الصراعات على سوريا وإيجاد حلٍّ لمحنتها.

11/02/2023م

المكتب الإعلامي-عفرين

حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

——————

الصور: جنديرس المنكوبة.

————-

يمكنكم تنزيل الملف كاملاً بالنقر هنا:

عفرين تحت الاحتلال-233-11-02-2023 – PDF

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى