يومٌ بعد آخر تشتدّ المحنة بأشكالها على السوريين عموماً، وتتوسع في ظلها التخلّف والفقر والتطرف وكافة الأمراض الاجتماعية، ليتوسّع العنف ضد المرأة أيضاً، خاصةً في الأوساط المجتمعية التي تتحكم بها تيارات إسلامية سلفية. وكذلك ضد المرأة الكردية في مناطقها المحتلّة من قبل تركيا ومرتزقتها من الميليشيات السورية، من تنمر وكراهية وفرض قيود على حريتها واعتقالات تعسفية وتعذيب وإخفاء قسري وقتل وتهجير، وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية.
في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 تشرين الثاني/نوفمبر، أشارت الوكالات الأممية في بيان مشترك إلى أنّ حالات الطوارئ والأزمات والنزاعات العالمية أدت إلى زيادة معدّل العنف ضد المرأة والفتاة وتفاقُم الدوافع وعوامل الخطر، ودعت إلى تكثيف العمل من أجل القضاء على هذا العنف. وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش موضوع هذا العام بعنوان “اتحدوا: حملة النشاط لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات“، وقال في رسالةٍ خاصة: “إنّ العنف ضد النساء والفتيات هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في العالم… كما تواجه النساء والفتيات عنفاً متفشياً عبر الإنترنت، بدءًا من خطاب الكراهية المعادي للنساء، إلى التحرش الجنسي، وإساءة استخدام الصور، وقيام المعتدين باستدراجهنّ… وممارسات التمييز والعنف وسوء المعاملة هذه، التي تستهدف نصف البشرية، تأتي بتكلفة باهظة. فهي تحدّ من مشاركة النساء والفتيات في جميع مناحي الحياة، وتحرمهنّ من حقوقهنّ وحرياتهنّ الأساسية، وتعرقل تحقيق المساواة في الانتعاش الاقتصادي والنمو المستدام اللذين يحتاج إليهما عالمنا… ولنُعلن بفخر: كلنا نناصر قضايا المرأة”.
من خلال حملة “اتحدوا”، دعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع الوكالات الأممية الشقيقة الحكومات والشركاء إلى التحرك الآن لإنهاء العنف ضد المرأة وإبداء تضامنها مع حركات ونشطاء حقوق المرأة من خلال:
- زيادة التمويل طويل الأجل والدعم لمنظمات حقوق المرأة التي تعمل على إيجاد حلول فعّالة لمنع العنف ضد المرأة والاستجابة له.
- مقاومة التراجع عن حقوق المرأة، وتضخيم أصوات المدافعات عن حقوق الإنسان والحركات النسائية النسوية المتنوعة، وحشد المزيد من الجهات الفاعلة للانضمام إلى هذه الحركات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.
- تعزيز قيادة ومشاركة النساء والفتيات في المجالات السياسية وصنع السياسات وصنع القرار من المستويات العالمية إلى المستويات المحلية، بما في ذلك في عمليات التنمية والإنسانية والسلام.
- تعزيز آليات الحماية لمنع العنف والقضاء عليه، والمضايقة والتهديدات والترهيب والتمييز ضد المدافعات عن حقوق الإنسان والمدافعات/الناشطات في مجال حقوق المرأة.
ونوّهت الأمم المتحدة إلى أنّ /144/ دولة على الأقل أصدرت قوانين بشأن العنف الأسري، ولدى /154/ دولة قوانين بشأن التحرش الجنسي. ومع ذلك، فتلك التشريعات لا تتوافق دائماً مع المعايير والتوصيات الدولية، كما أنها لا تنفذ دائماً.
وحسب تقريرٍ أممي في 23/11/2022م، أظهرت دراسة جديدة أجراها مكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أنّ أكثر من خمس نساء أو فتيات قُتلن في المتوسط كل ساعة على يد أحد أفراد أسرِهن في عام 2021.
إنّ الأوضاع المأساوية للشعب السوري واستمرار حالة الحرب وانسداد الأفق السياسية، تؤدي إلى تحميل المرأة بالدرجة الأولى المزيد من المعاناة وكذلك استمرار الاضطهاد ضدهنّ بشكل عام وإضعاف مساعيهنّ نحو نيل الحرية وحقوقهنّ الإنسانية.
* جريدة الوحـدة – العدد /340/- 06 كانون الثاني 2022م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).