القسم العاممختارات

توطين واستيطان… صمتٌ مريب

زاوية نقاط على حروف*

منذ أن تدخّل أردوغان ونظام حكمه بشكلٍ سافر في تسيير أمور المعارضة السورية وصادر إرادة وقرارات أكبر هياكلها (المجلس الوطني السوري وبعده ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية)، عبر تنظيم الاخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي والتشكيلات التركمانية والميليشيات والشخصيات الموالية له، وتشبيك العلاقات مع داعش والنصرة، وإدرار المال السياسي… بات يُفصِّل المشاريع ويعمل لها البروفات ويلبسها لتلك الجهات- المعارضة التي غطست في مستنقع الصراع على السلطة والإجرام والفساد باسم «الثورة والدين»، وينفذها كيفما يحلو له.

عقد صفقات مشبوهة لتمرير مشاريعه الاحتلالية «درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام»، التي استهدفت أساساً وجود ودور الكُـرد في سوريا وإدارتهم الذاتية، فخسرت تلك «المعارضة» المرتهنة لأنقرة بالمقابل مناطق شاسعة لصالح النظام السوري ولتُفرغ من أهاليها إثر نزوح الملايين نحو الشمال الغربي والخارج، ودخلت في أتون الحرب والفتنة مع الكُـرد كمكوّن سوري، واحتدمت بين جماعاتها الخلافات والاقتتال، لتسود مناطق تواجدها الفوضى والفلتان، ولتمتهن مسلّحوها اللصوصية والارتزاق.

يستحكم بمصير السوريين الواقعين تحت نفوذ قواته واللاجئين إلى دولته، ويستغلّهم كورقة للّعب على الساحة السورية وفي سياساته الداخلية والخارجية وتحقيق مآربه، لاسيما وأنه أتحفهم مؤخراً بمشروع «العودة الطوعية» لمليون لاجئ سوري في تركيا وإعادة توطينهم في تجمعات سكنية (250 ألف منزل) ينوي بناءها في المناطق المحتلة التي يدعي أنها باتت مستقرّة وآمنة! رغم أنها تفتقر لأدنى شروط السلم والأمان أو الاستقرار السياسي والعسكري؛ وبشكلٍ مخالف للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن /2254/ الذي يؤكد على «الحاجة الماسّة إلى تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي»، حيث يريدهم أن ينسوا الغوطة وبساتينها وروابي زبداني ومضايا ومدينة أبي الفداء وريفها وحمص وجبل الزاوية وحلب وغيرها؛ ديدنه هندسة الشمال على هواه لا حلّ أزمة البلاد ومحن العباد.

اللاجئ أو النازح السوري الوطني يرغب بالعودة إلى دياره وفي أجواءٍ ملائمة، ليس ترحيله قسراً أو توطينه في منطقة ليست موطنه الأصلي، عدا أولئك المرتزقة المندمجين في مشاريع أردوغان التي تهدف إلى تغيير الهندسة الديموغرافية في سوريا عموماً والمناطق الكردية خصوصاً، وتوطين الموالين له في شمالي البلاد، بمحاذات الحدود التركية، ضمن خارطة «الميثاق المللي»، سيخلف عواقب مستقبلية خطيرة، مثلما هَجَّر مئتي ألف نسمة من أهالي عفرين ووطّن بدلاً عنهم ما يقارب خمسمائة ألف من المستقدمين فيها، وبنى فيها قرى استيطانية نموذجية.

لا تزال المعارضة والنظام السوري وأطراف كردية وكردستانية صامتة حيال مشاريع التوطين والاستيطان التي يواصل أردوغان العمل عليها ليل نهار، ناهيك عن الصمت الدولي المريب.

* جريدة الوحـدة – العدد /337/- 18 أيار 2022م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى