لما يقارب الثماني سنوات منذ إعلان تأسيس الإدارة الذاتية في المناطق الكردية- شمال سوريا، مناهج التعليم لصفوف (1-12) المعتمدة من قبلها بدلاً عن مناهج الدولة، لم تحظَ بَعدْ بقبولٍ شعبي! وهي موضع مناكفاتٍ حزبية! وكانت سبباً من أسباب هجرة الكثيرين!
لسببين رئيسيين: عدم الاعتراف بشهاداتها داخل سوريا وخارجها، وضعف مستواها العلمي؛ إلى جانب ضعف الكوادر والإمكانات العلمية، ثمة معلّمون ومدرّسون لا يمتلكون مؤهلات كافية وهناك نقصٌ كبير في وسائل التعليم من مخابر وأدوات وغيرها.
بقرارٍ سياسي مفاجئ في بداية عهدها، ودون دراسة علمية وقانونية وإدارية، ألغت مناهج ومؤسسات التعليم الحكومية في مناطق سيطرتها ودفعت الكوادر السابقة المتمرّسة للانكفاء، ولم تُصغِ أبداً لنداءات الأهالي وأهل الاختصاص والعلم والعديد من القوى السياسية والمجتمعية بعدم التسرّع في اتخاذ هكذا قرار، إذ كان ممكناً وضع خطط مرحلية متتالية بما يحفظ حق وفُرص ومستوى التعليم مع إضافة اللغة والثقافة الكردية؛ ليس من كرديٍ غير مُحب لتعلّم ونشر لغته ومعرفة تاريخ وتراث شعبه الثقافي.
كان يفترض أن يكون البديل أفضل من السابق في خدمة مصالح المجتمع وتوجهاته، لا أن يكون بالضد من رغبات معظمه، خاصةً في مرحلة استثنائية لا تحظى فيها السلطات بالشرعية الدستورية.
الحق يُقال! إن تأسيس العشرات من المعاهد والكليات الجامعية والمواظبة على تطوير المدارس تُحسب من منجزات الإدارة الذاتية، لأنها توفر الفرص أمام عشرات آلاف الطلّاب الراغبين ومن ليس بإمكانهم متابعة دراستهم في مناطق أخرى، وتمدّ سوق العمل إلى حدٍ بالكوادر، بالإضافة إلى نشر وتعليم اللغة الكردية وما يرتبط بها من تاريخ وتراث وفن وغيره.
ولكن في المرحلة الجامعية يعود التدريس في معظمه مرةً أخرى إلى مقررات الجامعات الحكومية وباللغة العربية، مما يشكل عبئاً جديداً على الطالب الذي درس بالكردية، ومن جهةٍ أخرى القدرة الاستيعابية ليست كافية لجميع من ينالون الشهادة الثانوية لدى الإدارة، ورغم ذلك تلجأ لمنع أو إعاقة الذين يسعون لدراسة المناهج الحكومية وتقديم امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية لديها، سعياً للدخول إلى الجامعات الحكومية؛ فضلاً عن وجود ازدواجية لدى الإدارة في التعامل بين منطقةٍ وأخرى، من غض النظر عن الدورات ومراكز التدريس الخاصة إلى تخفيف إجراءات المنع، أو المنع البات لها مثلما يجري في كوباني.
وهل يُعقل أن يُنصب عسكري- حزبي مهما كان مثقفاً مسؤولاً عن إدارة مؤسسة تعليمية أو جامعية ورقيباً عليها، ليتدخل في شؤونها ويعود إليه القرار فعلياً في الكثير من الأمور! يبدو أن الأمر جائز لدى إدارتنا الديمقراطية!
لازال هناك شغفٌ لدى الطلاب بالحصول على فرصٍ دراسية في المدارس والمعاهد والجامعات الحكومية، كلّ عام عشرات الآلاف منهم، قاطني المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يرغبون للالتحاق بها إن تمكّنوا من خرق حواجز المنع والمضايقات!
ما الحلّ؟ لا يكون عبر قرارٍ متسرع آخر، أو على أساس حساباتٍ سياسية مرةً أخرى، بل يتوجب الاستناد إلى دراسة علمية وقانونية وإدارية، يكون فيها رأي أهل الاختصاص هو الراجح؛ وأولى الخطوات تبدأ بإطلاق حرية التعليم وليس حصره وتسييسه وتهديد المعلمين أو تكبيل أياديهم واقتيادهم إلى التحقيق، والثانية إيجاد طريقةٍ للاعتراف بالشهادات الممنوحة!
تجارب الشعوب تؤكِّد والحكمة تقول: حشر السياسة والإيديولوجيا في القضاء والتعليم خرابٌ للبلد والبشر! فهل تتعظ إدارتنا الذاتية الموقّرة وتسلك الطريق القويم؟!
* جريدة الوحـدة – العدد /333/- 30 أيلول 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).