القسم العاممختارات

الشخصية الوطنية الكردية المعروفة عمر عفدكي (أبو تيمور)

أجرى الحوار: نواف بشار عبد الله

“مكوّنات سري كانية/ رأس العين كانوا بحاجة بعضهم بعضاً… ولم يبقى من الكرد بعد الاحتلال سوى 40 شخصاً!”

مجلة الحوار – العدد /83/ – السنة 31 – 2024م

بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لجريمة احتلال تركيا والفصائل المسلحة السورية الموالية  لها لمدينة سري كانيه (رأس العين) وريفها في تشرين الثاني عام 2019، يسرّنا في أسرة تحرير مجلة “الحوار” أن نلتقي الشخصية الوطنية الكردية عمر عفدكي (أبو تيمور)، ابن مدينة سري كانيه للوقوف على ماضي هذه المدينة وحاضرها المؤلم، وحجم المآسي والآلام التي تعانيها اليومَ عشراتُ آلاف الأسر والعوائل النازحة عن ديارها ومساكنها،  لتعيشَ في مخيمات اللجوء (واشو كاني -الطلائع) وفي مختلف مدن الجزيرة وبلاد الغربة ويعانيَ أفرادُها قسوة الحياة ومرارة التهجير القسري، فأهلاً بك سيد عمر ضيفاً كريماً على صفحات مجلة “الحوار”

س1: بدايةً، نأملُ أن تعرّفَ القرّاءَ بشخصكم الكريم، وكيف تصفُ لنا فترة طفولتك وشبابك وانخراطك في الشأن العام والحركة الكردية؟

ج1: في البداية أشكر أسرة تحرير مجلة “الحوار” على منحي هذه الفرصة لألتقي الأخوةَ القرّاءَ وأوصلَ رأييَ المتواضع إليهم. فقد ولدتُ في قرية قردينا جنوبَ مدينة كوباني عام 1954، ثم انتقلتْ عائلتنا الى سري كانيه عام 1957 وسكنا بالقرب من المدينة (مشروع بومبجيان)، حيث كنا نعملُ في مجال الزراعة كالقطن وغيره، في هذه الاثناء، وفي صغري، كان يزور بيتنا الشاعر الكردي بيبهار (يوسف برازي) وآخرون، كنت أسمعهم يتحدثون عن القومية وكردستان والحزب …الخ

في سنة1962 بدأتُ الدراسة على يد الملا بوزو برازي مدةً تقاربُ الأربعين يوماً، تعلمتُ خلالها الحروف العربية وبدايات القراءة، وفي العام 1963 بدأتُ استوعبُ ما يقوله بيبهار ورفاقهُ، وبعد ذلك بفترةٍ، عدنا ثانيةً الى قريتنا جنوبَ كوباني التي كنّا ملاكين فيها.

في عام 1967 حدثَ شجارٌ عائليٌ بين أعمامي وخوالي، فعدنا ثانيةً الى منطقة سري كانيه، وتوطدت علاقتي مع القوميين الكرد وبدأت أفهم ما يقولونه بدقة.

بعد انتسابي للحزب واختلاطي بأقراني من الرفاق المتعلمين، شعرت بعقدة الأمْيّة، فسارعتُ إلى تطوير نفسي ثقافياً للحاق برفاقي. وفي عام 1970 علّمني الأستاذ الراحل محمد علي شاكر اللغتين العربية والكردية، فازدادت معارفي الثقافية وعشقت المطالعة وقراءة الكتب. هنا، تجدرُ الإشارة الى أنّ أولَ من علّم الابجدية الكردية اللاتينية في سري كانيه هو الأستاذ محمد جزاع.

تابعتُ العملَ التنظيمي في الحزب، وحين انقسام الحزب الى جناحين بقيتُ مع الحياد (البارتي). لكن، وكما تعلمون فقد تعرض الحزبُ الى حملةِ اعتقالاتٍ واسعة سنة 1973 بسبب موقفه من مشروع الحزام العربي العنصري، وتم اعتقال الرفاق يوسف برازي، أيّو خاتوني، كما تمّ ضربُ الرفيق جمعة حسي في بيته من قبل جهاز الامن بوحشيّة، فضعفَ التنظيمُ وترهّلَ، و لم يبقَ من التنظيم سوى خليةٍ واحدةٍ و كنت أنا مسؤولَها المباشر، و كان مسؤلي آنذاك هو الرفيق موسى سعدون من الدرباسية.

في عام 1975 زارنا الرفيق حميد سينو في منزلنا وكان ملاحَقاً أمنياً، وعلى إثر هذه الزيارة، و في شهر حزيران من 1975 تم اعتقالي من قبل جهاز الأمن في سري كانيه، و بقيت مسجوناً لمدة 8 أيام قيد التحقيق يسألونني علاقتي مع الرفيق حميد سينو وسبب زيارته لبيتنا!

في عام 1977 كنت عضواً  في اللجنة الفرعيّة للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا “البارتي”، وفي هذه الفترة، تمّ سوقي إلى الخدمة العسكرية، تعرفتُ خلال خدمتي على مجموعةٍ من الشباب اليساريين السوريين في دمشق، كنتُ أحضرُ معهم حلقاتٍ ثقافيةٍ عن علم الاجتماع والسياسة وموضوعاتٍ أخرى ساهمتْ في إثراء معلوماتي وتوسيع مداركي.

في عام 1980 سُرّحتُ من الجيش والتحقت بتنظيمي الحزبي، حيث بقيت في صفوف الحزب حتى تشكيل حزب (الموحد). وبعد تشكيل حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) عام 1993 بقيتُ في صفوف التنظيم، وفي عام 1995، وبسبب وضعي الصحي (مرض الضغط) حيث لم أكن قادراً على حضور الاجتماعات، تركت التنظيم لكنني كنت على الدوام قريباً عن الشأن العام ومن قضية شعبي.

س2: من المعروف أن سري كانيه/ رأس العين منطقة متعددة القوميات والأديان والطوائف المتعايشة من كرد وعرب وآشوريين وشيشان وأرمن وسريان …إلخ, حبذا لو تحدثُنا عن النسيج الاجتماعي في سري كانيه (رأس العين) قبل الاحتلال التركي، وطبيعة العلاقات السائدة بين مكوناتها حينئذٍ؟

ج – من الأهمية بمكانٍ أن نسرد قليلاً في تاريخ قدوم المكونات إليها، وهذه المكونات جائت بفتراتٍ زمنية متفاوتة، وأعتقدُ بأن هذه المكونات كانت بحاجةٍ الى بعضها بهدف التعاون والعيش المشترك، فإذا عُدنا إلى التاريخ قليلاً، نجد بأن سري كانيه كانت مدنية شبه خاليةٍ من السكان، وكانت تحت نفوذ عشيرة الملّية وخاصة أفخاذ (كُم نقش، آله رشان، ديوا، دودكا، كوران خدركا، ناصرا والإيزيديين…)

في أواخر القرن الثامن عشر، دافع تيمور باشا عن المنطقة في مواجهة تحالف بين العشيرة العربية كيسا   Gêsa( الجيس) والتركمان، كما ورد في ملحمة درويش عبدي.

وفي سنة 1800م تم تعيين تيمور باشا والياً للرقة بفرمان سلطاني ومُنحَ رتبة (إسكان باشا) بهدف إسكان العرب الوافدين حديثاً إلى حوض الفرات وتحصيل الضرائب منهم. وبعد عودة تيمور باشا إلى ويران شهر، جلبَ معه العبرة، وهم مجموعة من الأشقياء والمطلوبين من عشائرهم، وضمّهم إلى التحالف المّلي حوالي عام 1830.

ومن ثم في عام 1860 عقبَ قيام الشيشان بثورة ضد القيصر في القفقاس قدمَ الشيشانُ إلى مدينة سري كانيه واستوطنهم العثمانيون في المنطقة الواقعة بين قزلتبه وجبل عبد العزيز، وكان عددهم حينها يقدر بحوالي (13) ألف خانه (عائلة)، لكنهم أصيبوا بمرضٍ خطيرٍ، مات منهم أكثر من 95 بالمائة، هذا ما سمعته منهم.

أما المكون الثاني الذي سكنَ المنطقة، فهم أبناء قبيلة العدوان حوالي عام (1869) أي بعد الشيشان بثلاث سنواتٍ تقريباً وانضموا الى الملّيّة، ليعيشوا فيها كقبائل رحّل.

في أعوام (1915-1920) جاء المسيحيّون من طوائفَ مختلفة وسكنوا مدينة رأس العين نتيجة ارتكاب الدولة العثمانية مجازر بحقهم هناك، إلى جانب بعض العوائل الماردنلية. أما الآشوريون، فقد سكنوا المنطقة بدعمٍ وقرارٍ من عصبة الأمم سنة 1933.

هكذا يتضح أن أهالي سري كانية كانوا بحاجة بعضهم بعضاً، ولم يأتِ أي مكونٍ نتيجة الغزو والمعارك. ومن ضمن المكون المسيحي تشكلت فئة برجوازية زراعية مثل (أصفر، ونجار، وحبيب ميرمو، وجورج شماس …الخ وبرزت الحاجة إلى اليد العاملة، لهذا، وفي عام 1957 جاء مجموعات من عشيرة البرازية من كوباني وعملوا في زراعة القطن وغيره.

لكن، بعد دخول المكننة الزراعية في منطقة الدرباسية ونتيجة قرارات الحكومة بتأميم ومصادرة الأراضي وتجريد الكرد من الجنسية، أصبحت سري كانيه ملجأً لهم، فاستقروا فيها وعملوا في مجال الزراعة كعمّال وأجراء، وهكذا يبدوا أن كافة المكونات كانت متآزرة ومكملة لبعضها الآخر، وشكّلت معاً لوحة جميلة اسمها سري كانيه / رأس العين. هنا، يجب أن أشير الى أن الحكومة السورية نقلت مجموعة من أهل حوران في عام 1957 للمدينة، سكنت في بيوت شعبيةٍ من التنك والصفيح و كانوا يعملون في العتالة، لكنهم لم يندمجو مع أهالي المدينة فغادروها.

أما عن الغزوات الخارجية التي تعرضت لها سري كانيه، فقد روى لنا عبدالرحمن باشا الملي أن قبيلة العِنِزة العربية حاولتْ اقتحام رأس العين وويران شهر وفشلتْ في ذلك، حيث تقدمت خلسةً بفرسانها صوب المدينة، وقد لاحظ تحركاتِها بعضُ صيادي الغزلان الذين اجتمعوا على تلة (تل حلف) وأقسموا اليمينَ للتصدي لهم ومواجهتهم بأسلحة الصيد ريثما يصلهم الدعم و الإمداد من ويران شهر، ونجحوا في ذلك، حيث تم صدّ الهجوم وقُتل بعضُ شيوخ عشائرهم (الشيخ ثماد , عرنان , عقاب)، وهناك ثلاثُ قرى غربَ رأس العين سمي بأسماء هؤلاء الشيوخ حيث مكان مقتلهم. وعلى أثر هذا القَسَم، تمَّ تسمية التلة الواقعة جنوب غرب رأس العين بـ (تل حلف).[1]

كان لطبيعة المدينة عامل جذب للناس والاستقرار، حيث كان فيها أكثر من (300) نبع، إضافة إلى مرور نهر الخابور فيها، وفي كنف هذه الطبيعة الخلابة عاشت كل المكوناتُ في وئامٍ، وتوطدت بينهم أواصر الأخوة والقرابة والمصاهرة، ولم يحدثْ أن جرى أيُّ اقتتالٍ أو تناحرٍ بينها رغم محاولة البعض لبثّ السموم والنعرات العنصرية، فعاش الجميع على ضفاف الخابور في محبّة وتعاون وسلام.

س3: ماهي أبرز المحطات التي كنتَ شاهداً عليها في مسيرة النضال القومي قبل الأزمة السورية وبقيت في ذاكرتك؟ وحبذا أن تخبرنا بشكل خاصٍ عن تأثر المدينة وتفاعلها مع أحداث انتفاضة آذار 2004 وردّ فعل السلطات آنذاك؟

ج3 – مِنْ أبرز المحطات التي كنتُ شاهداً عليها:

  • إحداها كانت في سنة 1982 باحتفال عيد نوروز شاهدتُ آلاف الكرد يحتفلون بعيدهم القومي وهم يغنّون ويرفعون الاعلام في الطبيعة الجميلة.
  • أما المحطة الثانية، هي عقدُ مؤتمر حزب (الموحد 1990) حيث كنتٌ مسروراً بانعقاده، وكنت أتمنى وآمل أن يفكرَ شبابُ الكرد ويعملوا بجدٍّ من أجل خدمة قضيتهم في سوريا، وتكوّنتْ لديّ قناعة بأن الحركة الكردية في سوريا باتت تتجهُ نحو النضج مما يبعث الارتياح في نفسي.
  • المحطة الثالثة التي كنت شاهداً عليها، هي توزيع نداء (ملصق) بهدف تعريف الرأي العام في سوريا بقضية المجردين من الجنسية في سوريا، وكان ذلك في 5 أكتوبر عام 1992، إذْ سررتٌ بهذا العمل الجدّي رغم رد الفعل القاسي للسلطة آنذاك، وكان النداء صادراً عن القيادة المشتركة لثلاثة أحزاب كردية اتحدت تحت اسم جديد لاحقاً هو حزب الوحدة (يكيتي).

أما بخصوص أحداث 12 أذار، تأثّرتْ سري كانيه أيضاً بأحداث الملعب كباقي المدن وانتفضتْ تضامناً مع شقيقاتها، وعلى إثرها، انقسمت المدينة إلى قسمين، حيث دافع البعضُ عن الانتفاضة وحمّلوا محافظَ الحسكة والسلطات الأمنية المحلية مسؤولية الأحداث، أما القسم الآخر، فقد اتهموا الكرد بالانفصالية وتخريب مؤسسات الدولة والارتباط مع الخارج! أما ردّ فعل السلطة، فكان أمنياً بامتياز: اعتقالات جماعية وتعذيبٌ، وترويجٌ لمقولة أن هؤلاء هم عملاء الخارج !!…الخ

لكن، بعد خطاب الرئيس بشار الأسد الذي قال فيه أن الكرد هم جزءٌ من النسيج الوطني السوري، تفهّمَ الأمرَ بعضُ العقلاء في المدينة، وتمَ فتحُ قنواتُ التواصل والحوار بين الخيّرين لوأد الفتنة. كان دوري ودور صديقي عزيز أبو نسرين هو التواصل مع العقلاء من الأخوة العرب بهدف التهدئة وتطويق الأزمة وحماية السلم الأهلي في مدينتنا، وتمكننا من عقد اجتماعٍ ضمّ السادة (عبيد الساير-محامي، عيد الكاجي-أستاذ مدرسة، وأحد أفراد بيت الحلو وبكل أسف لا أذكر اسمه) مع أحزاب الحركة الكردية في منزل أخي شهاب عفدكي، حيث لم أتدخل في النقاش بين الوجهاء والحركة الكردية. تمّ فيه الاتفاق على تشكيل لجانٍ محليةٍ لتهدئة الشارع من الطرفين وإعادة الحياة إلى طبيعتها، حيث تمّ بفضله فتحُ المدارس والمحلات التجارية وغيرها، وقد سررت بنتائج ذلك الاجتماع أيّما سرورٍ. هنا تجدر الإشادة بموقف السيد حسن عبيد الخليل أحد زعماء قبيلة الحرب حيث كان موقفه وطنياً داعياً إلى السلم والتهدئة. وفي الوقت نفسه كان هناك البعضُ من الأخوة العرب مدفوعين من الجهات الأمنية لزيادة التوتير وإثارة النعرات العنصرية، كما كانت هناك في الوقت ذاته بعض من الكرد المزاودين أصحاب الشعارات الفضفاضة يسيؤون بدورهم إلى جهود التهدئة والسلام.

وأذكرُ أنّ أمين شعبة حزب البعث في المدينة قد دعا الى اجتماعٍ في شعبة الحزب، حضرته مجموعة من الكرد، وفوجئ الجميعُ باقتحام الاجتماعِ من قبل بعضِ مسلّحي الشعبة، إلا أنّ العقلاءَ تدخلوا حالاً وحافظوا على أمن وسلامة الحضور…  باختصارٍ يمكن القول بأنها كانت أياماً صعبة ومحزنة.

س4: ماذا تتذكر عن دخول الفصائل المسلحة السورية الموالية لتركيا مدينة رأس العين للمرة الأولى عام 2012؟ وماهي الحجج والذرائع التي أخفت أهدافها خلفها. ماذا كان الهدف من الدخول إلى سري كانييه / رأس العين، وكيف تعاملتْ تلك الفصائل مع أبناء المدينة؟

ج4 – قبل دخول تركيا والفصائل الموالية لها المدينة في 8/11/2012 كان أولئك المسلحون في منطقة تل أبيض، حيث سرقوا حبوب الصوامع وعملوا في تجارة الأسلحة، منذ تلك اللحظة تكونت لدي قناعة أن هؤلاء لا يمكن أن يكونوا ثواراً لأجل تحقيق الديمقراطية والكرامة وتأمين حقوق الانسان، وعند دخولهم مدينة سري كانيه، تأكدَ لي أنّ لا علاقة لهم بمطالبِ الشعب السوري المشروعة، إذ كانوا يروّجون للمشروع الإسلامي والقضاء على الدكتاتورية، ويقولون أن الحكم السوري هو نصيري! إلخ… وبالرغم من معاناة الناس من ممارسات الأجهزة الأمنية للسلطة، فإن أهالي المدينة لم يساندوا تلك الفصائل، كما أنهم لم يقفوا في وجههم أيضاً في الأيام الأولى لدخولهم في سري كانيه، لكن بعد سيطرة الفصائل على المقرّات الأمنية كاملةً، تعاملوا مع الأهالي من منظورين، أحدهما تكتيكي والآخر استراتيجي، فمن جهة رفعوا شعارات أن الشعب السوري واحدٌ، والاستراتيجي هو كل من ليسوا مثلنا، هم كفار وخونة وعملاء… إلخ!

س5: كيف كانت ردود فعل سكان المدينة- المنطقة على ذلك الدخول غير المشروع؟

ج5 – بعد كشف نوايا الفصائل المسلحة وأهدافهم الحقيقية، سعتْ مجموعاتٌ من شباب المدينة إلى تنظيم أنفسهم وحماية أحيائهم وحاراتهم وأهلهم، وفيما بعد نشبت المعارك بين وحدات حماية الشعب والفصائل المحتلة، حيث انضمّ إليهم أولئك الشباب والأهالي ومنهم (كروب خرابات) وهم مجموعة من الشباب كانوا يحرسون حاراتهم وأهلهم من السرقات والفوضى …

س6: برأيكم، ما هي الأسباب التي دفعت بـ تركيا لاحقاً إلى احتلال سري كانيه (رأس العين) في 9 تشرين الثاني عام 2019؟

ج6 – لدي قناعة أن جانبي الحدود (سرخت وبن خت) أي الحكومتين السورية والتركية ومنذ ترسيم الحدود بينهما وحتى الآن، لديهما مخططٌ أمني غير معلنٍ ألا وهو جعلُ المنطقة بين سري كانيه وكوباني منطقة عازلةً وخالية من الكرد. ففي الجانب التركي أسسوا (جفت لك) وهي شركاتٌ زراعية، حكومية وفي الجانب السوري أيضاً تم الاستيلاء على الأراضي الزراعية المحاذية للحدود بطول 60 كم وأسموها بـ مزارع الدولة، وفيما بعد، تمّ تنفيذُ مشروع الحزام العربي واستيطان المغمورين. وهكذا نجد على الواقع أن الدولتين تعملان لنفس الاستراتيجية والهدف، علماً بأن تلك الأراضي كانت تعود ملكيتها الى عائلة إبراهيم باشا الملّي.

س7: كيف تصف لنا شعورك وأنت تغادر مدينتك، بيتك، ومرابع الصبا والشباب إبّان احتلالها من قبل تركيا وأعوانها؟

ج7 – شعوري هو كشعور كلّ أهالي المدينة، إننا نموتُ في كل دقيقة ألف مرةٍ، لكنني على يقين بأن تهجير أهالي المدينة بشكل جماعي قسرياً هو مؤامرة دوليّة وليس تركيّة فقط!

س8: حسب المعلومات التي بحوزتكم، ما هو العدد التقريبي للكرد في سري كانيه (رأس العين) في الأشهر الأخيرة، وكيف تتعامل قوات الاحتلال التركي ومرتزقتها معهم؟

ج8- قبل دخول الكتائب المسلحة الى المدينة كان عدد سكانها (80) ألف نسمة، ومع الريف حوالي (170) ألف نسمة. بعد دخول تركيا والفصائل الموالية لها، خرج الأهالي من المدينة وريفها، ويقدرُ عددهم (150) ألف شخص – حسب احصائيات المنظمات – وبعد انتهاء المعارك عاد قسم الى سري كانيه، ويقدر عدد الموجودين في المدينة وريفها الآن حوالي (60) ألف نسمة منهم ثلثان من الغرباء والباقي من السكان الأصليين، أما عدد الكرد المتواجدين في مدينة سري كانيه يقدر بحوالي (40) شخصاً فقط، ونعرفهم بالاسم!.

س9: ما هي رسالتك التي تودُّ نقلها عبر “الحوار” إلى أبناء وبنات مدينتك وإلى الحركة السياسية الكردية والديمقراطية السورية ونشطاء حقوق الإنسان؟

ج9- رسالتي وأمنيتي للنخبة السياسية الكردية خاصة والسورية عامة هي، لا يمكن تحقيق الديمقراطية والسلام لسوريا بأدواتٍ قديمة، وأتمنى من كل قلبي أن يعودَ كلُّ مواطنٍ سوري إلى بيته وقريته وبلده، وتُعَّد هذه الخطوةَ الأولى لتحقيق السلام في بلادنا، وأعتقد أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار والسلام بوجود فئةٍ محتلة لقريةِ فئةٍ أخرى. وأتمنى من النخب السياسية السورية العربية والكردية إعطاء الأولوية لمصالح الشعب بدلاً من المصالح الحزبية والإيديولوجية وغيرها.

وأخيراً، أتمنى لـ “الحوار” النجاحَ والتوفيق، ولكم جزيل الشكر على اهتمامكم بسري كانيه وأهلها.

———————

[1] – بالنسبة لتسمية” تل حلف” فهي أقدم من الزمن المذكور. وبالنسبة للحوادث نفسها قد يكون هناك خلط بين قبيلتي شمر وعنزة . وهكذا خلط شائع في الروايات الشعبية ( الحوار)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى