أدب و فنالقسم العام

شعر: لم تكنْ مجردَ هوامش

أفين عبد الحميد

«شاعرة من قامشلو، درست التاريخ في الجامعات السورية»

مجلة الحوار- العدد /82/- السنة 30 – 2023م

 

لئلا أشاطرَ شغبَ الطفولةِ حنكتها

سأسهبُ في سردِ جينوم الكوردايتي

صباي الوردي

العشبُ المندى باللامألوف

أكتبني رقعةَ ديمومتها صراعٌ

بين قبرةٍ وعشها الضائعِ

استميتُ لهفةً

كي أفرشَ روحي قرابينَ لشيءٍ ما وددته

كالكتابةِ على الجدرانِ دونَ خوفٍ

لطالما استوقفني بيتُ شعرٍ لجكرخين

أحببته كي أروي روحي التواقةَ إلى الغناءِ

لم يتضحْ لي وقتها شغفُ

الالتفاتِ إلى الأبجديةِ الكورديةِ

التي تكتسحُ نشوتي في التمرغِ بجذوري

فوجدتني

أشمُّ أزهارَ النفلِ والبابوجِ

وأهيمُ بأحضانِ الطبيعةِ كالحرملِ

ثمَّ أميلُ معَ الغروبِ

من شرفةِ روحي البائسةَ

وكأن لغطاً ما أصابَ مهجتي

وأحزنُ لا لشيء

ربما لتبدي تلك اللوحةُ في الأفقِ

وعلى غرارِ التمني

تمنيتُ لو إني أطأُ النجماتِ

وأسامرها ببعضٍ من ترهاتي الوجسة

كأن أدعوها لوليمةٍ من حوارٍ طويلٍ

ينتهي مع انطفاءِ نجمةِ الصبحِ

ويبدأُ مع أولِ خيوطِ الشمسِ

وهي تعربدُ على غباشةِ عيني

فأراني أجوبُ ذاكرةَ الحجلِ

وأبني عشاً في مهبِّ الركلِ

ثم أستميحها عذراً

لأني لم أوصدْ بابَ قلعتها كما يجبُ

تمنيتُ لو أني

ضمادٌ لجرحِ كل كوردي

وإرجوحةُ الظلالِ الوقرةُ

وكلُّ مابي يوحي بالصلابةِ

دمي الكوردي

يحمومٌ يتلظى به الشمسُ

فتسطعُ كالكبرياءِ في علياءِهِ على أعينِ الأنامِ

لغتي نواقيسٌ

تدقُّ في أجواء من الحيرةِ

ألثمها كل ما أردتُ التعرفَ على طينتي

أبحثُ عن الصدى

في علمي

وهو يرفرفُ في روحي

كعشقِ السماءِ لعرشِ الإلهِ

جبالُ زاغروسَ تصعدُ في مخيلتي

كلماتهاطلتْ ندفَ الثلجِ على أديمِ الأرضِ

وجودي تلوحُ لي من بعيدٍ

غزالتي الشاردةُ

ها أنا ذا أشاطرك المنفى

تائهةً مثلك في الجهاتِ الأربعةِ

مقيدةّ قدماي بالأصفادِ

ووجهتي غائبةٌ عن الوعي

وسائر جسدي مرتعٌ

لطعناتِ الشعوبِ الغابرةِ

كيخسرو أجادَ في كتابةِ التاريخِ

لكنهُ لم يعي حجمَ التورطِ في الجغرافيةِ

التي سُفِكَتْ دماؤُها على الخرائطِ

وأنا أرسمني

كذرةِ ترابٍ على صفحةٍ بيضاءَ

لا حلمَ لي

سوى لغتي

لغتي المطرزةُ بالدماءِ

المتينةِ الرصينةِ كالهواءِ الرطبِ

وثوبي الكورديُّ

إهزوجةُ نصرٍ في وجهِ جلاديهِ

وبلادي

بلادُ اليقطينِ والحبرِ

تستغيثُ بالقيامةِ

كي تحرقَ شياطينَ السفكِ

وتنامُ قريرةَ العينِ

أنا من تلكَ البلادِ وهيَ منّي

وكلانا ابناءُ الشمسِ والنارِ

كلانا لغةُ الإعصارِ

لمْ تكنْ مجردَ هوامشَ

كانت جيناتي تتحدثُ كالإكسيرِ

تتقاطرُ تبراً على زغبِ العشبِ

هي حكمةُ الربيعِ في آذارَ

أولُهُ دموعٌ

أوسطُهُ شموعٌ

وآخرُه عتقٌ من نمرودٍ

مراسيمُنا العصماءُ

ظفيرةٌ على قبرٍ مجهولٍ

نحنُ لنا أسماؤُنا وغازُ السالين

ورائحةُ التفاحِ تنخرُ جماجِمَنا

كوخزةٍ مستديمةٍ

نبتسمُ على أعوادِ المشانقِ

كي نبدوا وسيمينَ في عينِ الذكرى

كلنا مشروعُ شهادةْ

كلنا مشروعُ إبادةْ

شهداء منذُ ماقبلِ الولادةْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى