تُساعد وسائل الإعلام الحديثة في توعية الأفراد المُهتمين بالقضايا التي تَهم المجتمع، وتحدد آلية تعبير الأفراد عن مشاعرهم وآرائهم وأفكارهم عن طريق استخدام وسيلة تواصل اجتماعي ما (كما هي لدى تطبيقات الهواتف الذكية والحواسيب الحديثة، من خلال المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي…)، ذلك بهدف نقل الأخبار والمعلومات الشخصية والعامة على حدِ سواء من أجل الاطلاع والتثقيف والتوثيق، بغية التواصل بين المُشاركين المُهتمين. حيث تتوضح أهمية فَهم عملية التواصل الاجتماعي الايجابي الحديثة من خلال وسائلها المُتعددة وأهمية دورها، وماهية آثارها المُترتبة إيجاباً أو سلباً، ثم تحديد الحاجة المُستمرة في تطويرها.
بحيث يُمكن تعريفها بأنها الأدوات والأجهزة الإلكترونية التي تُستخدم في نقل المعلومات والرؤى بين أطراف وسائل التواصل الاجتِماعي التي تتزايد أهميتها بالتوافق مع تعدد فعالية أشكالها وخصائصها.
فمثلاً الإنترنت هي وسيلة تواصل اجتماعي حديثة العهد تُساهم في تغيير الطبيعة التقليدية لوسائل الإعلام المعروفة «المرئية والمسموعة والمقروءة»، فهي تُساهم في صنع وقراءة نتائج الأفكار الخاصة لدى مُستخدميها، وتُحسن من آلية التبادل في نقل الأخبار والمعلومات فيما بينهم، وتُثبت بأن التنوع في أشكال التواصل ومحتوياتها من قبل المُستخدمين كما في «الصور المتحرِكة المعبرة عن الواقع، المقاطع الصوتية، الفيديوهات، والبثات المُباشرة…» عَبر الإنترنت.
يَتوضَح مما سبق بأن هذه الوسائل أنشئت نَمَطاً جديداً للتفاعل خاصةً بين المُستخدِمين العاملين في الحقل الإعلامي في عملية الاتصال الحديثة والاستفادة من هذه القدرات الايجابية على النجاح في كيفية أداء الحوار الناجح وإيصال الفكرة الهادفة بواسطة إبداء الرأي والتعبير عنه بمختلف الوسائل المتاحة عملياً وتطوِيِرها الفكري التنموي وتحسين أداء أنماطها بما يتلاءم مع مُتطلَبات المُستخدمين الإيجابية.
تُعَتبر الهواتف الذكية من أكثر وسائل التواصل جماهيريةً لسهولة حمله ونقله واستخدامه المُباشر عبر الرسائل النصية والفيديوهات والمكالمات الصوتية، وما يحتويه من تطبيقات توفِر خدمات في الاتصال الجماهيري العام، وقد حلّت محل وسائله التقليدية كالصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية والسينما، متوجهاً بالتغيير والتعديل والتطوير المُذهل لهذه التجارب الفردية فيها مع الإنترنت، فأصبحت لهذه الوسائل آفاق مُتجدِدة في سرعة تطوير الأشكال والمحتوى الإعلامي التفاعلي في المجتمع وخصوصاً الافتراضي منه.
وتتخذ وسائل الإعلام الجديدة شكلها التفاعلي بشكلٍ أوضح نظراً لما تتمتع به من حلول سريعة في المعالجة والتخزين والتعديل للمعلومات، وإمكانية استرجاعها والبحث عنها مجدداً إن تطلب الأمر في الموضوع، حيث يتم ذلك من خلال مشاركة المحتوى إن كان مقروءً أو مسموعاً أو مرئياً، ويُصنف العلماء محتوى وسائل الإعلام الجديدة حسب فئات مُعينة فهي: إما بيئة تفاعلية حسب اهتمام المُهتمين لمحتوى مناشيرها، أو تقنية حسب واقعها الافتراضي كالفيديوهات والألعاب للازدياد من التفاعل الحسي لمٌستخدميه.
ونظراً لاستخدام هذه الوسائل الإعلامية كوسائل إخبارية حزبية وإقبال عام من قبل المُستخدمين العاديين من مختلف فئات المجتمع، فهي مُعرضة لانتقادات وملاحظات وظواهر ايجابية كما مثلها سلبية.
ومن تلك الظواهر الايجابية الغير الحصرية «التقليل من احتكار المؤسسات الاعلامية الكبرى لنشر المعلومات والأخبار، نشوء مواقع إعلامية جديدة، تنوع في الأداء للتعبير عن الرأي بحرية شبه تامة في النشر والارسال والاستقبال للخبر بعيداً عن رقابة وكالات الأنباء، إتاحة الفرصة لغير المتخصصين لمُمارسة أدوار صحفية ممتعة دون رقيب وتُساهم في ظهور وعي ثقافي-إعلامي مُبدع ومتنوع…»، وذلك من خلال تسليط الأضواء على قضايا لم تتناولها وسائل الإعلام التقليدية وإظهار الحاجة إلى الإعلام المُتخصص لكي تصبح أكثر احترافية وتنميةً في تصقيل المواهب والقدرات التعليمية الفردية.
أما الظواهر السلبية فهي أيضاً كثيرة ولا حصرية، فتتباين أدوار وسائل الاتصال الحديثة في الإعلام والتأثيرات السلبية على الفرد والمجتمع معاً، نتيجة تفاعل أفراد المجتمع مع ما يتعرض له لمُتابعتها السلبية وبشكلٍ نسبي «قلة الثقة بين المُستخدمين نوعاً ما، تدنى مستويات المحتوى المُقدم للجماهير إن لم تكن لصيقة بالاهتمام والتنمية الحقيقية لوعيهم، العادات السيئة في التقليد نسخاً وقصاً ولصقاً…»، مما تساهم في ابتعاد المُستخدمين عن الضوابط الأخلاقية والفكرية الإبداعية لهذه الوسائل.
في الوقت ذاته من المُفترض أن تُعتبر المواقع الإخبارية الحزبية – خاصةً لا تمتلك العديد منها- لوسائل التواصل الاجتماعي أداة صُدقية ورُقي وتَحضُر لإنتاج ونشر المعلومة الصحيحة وبناء القناعة الجماعية للأفراد الحزبيين قبل الأفراد المُتابعين المُختصين، لسبب بسيط وهو خدمة مصالحها الحزبية التي بدورها – يتوجب ذلك- تخدم قضايا جماهيرها وشعوبها.
ومن الواجب أن يعمل الأفراد العاملين في هذا الحقل الإعلامي الجديد في السعي نحو تطوير أفكارهم الذاتية لإنجاح الأداء الإعلامي الحزبي في نشر المعلومات الإخبارية الصحيحة الغير المُزيفة والمُضللة، لتخدم في تنوير الرأي الجماهيري العام لتوجهاتها الحزبية دون تشويه وتزييف أو نسخ أو لصق للخبر أو تقليد في نشرها… الخ.
في الواقع نجد الكثير من المواقع الحزبية الإعلامية ذات دورٌ مُهم في تحديد توجهاتها الفكرية والثقافية والسياسية وكيفية تأثيرها على توجه الرأي العام نحو تفسير الحدث التفاعلي بين جماهيرها، ومن ثم المعالجة الصائبة الموزونة للمعلومات والأخبار التي تُنشر بقصد الوصول إلى الهدف المُراد منه وانعكاسه على الواقع في تشكيل الوعي والمحتوى الإيضاحي وتغطية الوقائع وتغذيتها بمضامين حرّة نزيهة وفق ضوابط وقواعد مرنة تُعالج ظواهرها السيئة التي تنال من سمعة ونزاهة مواقعها الحزبية وأفراده.
* جريدة الوحـدة – العدد /341/- 15 آذار 2023م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).