يعود تاريخ اليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى 17 تشرين الثاني/أكتوبر 1987م، عندما تجمّع أكثر من /100/ ألف شخص في ساحة تروكاديرو بمدينة باريس – التي تتضمن قصر شايو الذي تم التوقيع فيه على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م– بهدف تكريم ضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع؛ والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 كانون الثاني 1992م.
وأعلن المشاركون في التظاهرة أن الفقر انتهاك لحقوق الإنسان، وأكدوا الحاجة إلى ضمان احترام هذه الحقوق، واضعين التزاماتهم على نصب تذكاري – تمت إزاحة الستار عن نسخ طبق الأصل منه في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في حديقة مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ومنذ ذلك الحين، ظل الناس يتجمعون سنويا في 17 تشرين الأول/أكتوبر لإظهار تضامنهم مع الفقراء.
ولكن! رغم أنّ العالم يتسم بمستوى عالٍ من النمو الاقتصادي والموارد المالية والتكنولوجيا المتطورة، لا يزال الملايين يعيشون في فقرٍ مدقع، بحالةٍ تمثل عاراً أخلاقياً على المجتمع الدولي.
وتوقع البنك الدولي – ضمناً تأثيرات جائحة كورونا- أن ما يتراوح بين /88 – 115/ مليون شخص خلال عام 2020م سيسقطون في براثن الفقر المدقع، ليصل مجموعهم إلى / 703 – 729/ مليون شخص على مستوى العالم. وأن التقديرات الجديدة تذهب إلى أن تغير المناخ سيدفع ما بين /68-135/ مليون شخص إلى براثن الفقر بحلول عام 2030م.
وحسب البنك يعيش أكثر من 40% من فقراء العالم في اقتصادات متأثرة بالهشاشة والصراع والعنف، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 67% في العقد المقبل، وتضم هذه الاقتصادات 10% فقط من سكان العالم.
بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر هذا العام، كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة خطية، قال فيها: «يمثل الفقر إدانةً أخلاقية لعصرنا. ونحن نشهد، لأول مرة منذ عشرين عاماً، تزايداً في معدلات الفقر المدقع. ففي العام الماضي، وقع نحو /120/ مليون شخص فريسةً للفقر بعد أن عصفت جائحة كوفيد-19 بالاقتصادات والمجتمعات».
وجاء في رسالته: نحن نلتزم، في هذا اليوم الدولي للقضاء على الفقر، بأن «نبني من أجل المستقبل بشكل أفضل»، ويقتضي ذلك نهجاً ثلاثي المحاور إزاء التعافي العالمي يتمثل فيما يلي:
أولاً، يجب أن يكون للتعافي أثرٌ تحويلي – فلم يعد بالإمكان العودة إلى أوجه الحرمان واللامساواة الهيكلية المتوطنة التي كانت عاملا من عوامل إدامة الفقر حتى قبل تفشي الجائحة. نحن بحاجة إلى إرادة سياسية أقوى وشراكات أمتن لكفالة الحماية الاجتماعية للجميع بحلول عام 2030 والاستثمار في إكساب الأيدي العاملة المهارات الجديدة اللازمة للمهن التي يوفرها الاقتصاد الأخضر المتنامي. ولا بد أن نستثمر في توفير فرص العمل الجيدة للمشتغلين باقتصاد الرعاية، وهو أمر يعزّز مزيداً من المساواة ويضمن للجميع الرعاية الكريمة التي يستحقونها.
ثانياً، يجب أن يكون التعافي شاملاً للجميع – فالتعافي غير المتكافئ يترك جانباً كبيراً من البشرية بعيداً عن الركب، ويزيد بذلك من ضعف الفئات المهمّشة ويجعل بلوغ أهداف التنمية المستدامة أبعد منالاً من ذي قبل.
يجب أن توجه الاستثمارات الاقتصادية لتلبية احتياجات النساء رائدات الأعمال، وأن تزيد من تنظيم القطاع غير الرسمي، وتركّز على التعليم والحماية الاجتماعية وتوفير خدمات رعاية الطفل والرعاية الصحية والعمل اللائق للجميع، فضلا عن سدّ الفجوة الرقمية ببعدها الجنساني العميق.
ثالثاً، لابد أن يكون التعافي مستداماً – فنحن بحاجة إلى بناء عالم له القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات، يخلو من انبعاثات الكربون ويحقّق التعادل بين ما ينبعث منه من غازات الدفيئة وما يزيله منها.
واختتم رسالته قائلاً: «فلنتكاتَف، اليوم وكل يوم، من أجل إنهاء الفقر وإيجاد عالم تسوده العدالة، يتمتع فيه الجميع بالكرامة وتتوافر لهم الفرص».
يُذكر أنه بعد أكثر من عشرة أعوامٍ من تفجر الأزمة السورية، وتدهور كافة القطاعات الإنتاجية وتدني الموارد إلى مستويات قياسية، تفشى العوز والفقر في البلاد بشكلٍ واسع، علاوةً على التشرّد والتشتت والعيش في مخيمات بائسة أو مناطق نزوح مكتظة بالمُهجَّرين قسراً، لتتفاقم الأوضاع الاجتماعية في مختلف الاتجاهات والمستويات.
تقارير عديدة تتحدث عن أن نسبة الفقر في سوريا وصلت إلى 90% من السكّان المقيمين فيها، يعيشون تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولي بـ/1.9/ دولار أمريكي للفرد الواحد في اليوم، فلا يتمكنون من تدبير أدنى مقومات الحياة بحيث تحفظ كرامتهم الإنسانية.
المصدر: أخبار الأمم المتحدة، البنك الدولي.
* جريدة الوحـدة – العدد /334/- 19 تشرين الثاني 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).