فنان ولوحة: ميديا سليمان أمراني
مجلة الحوار – العدد /83/ – السنة 31 – 2024م.
ميديا سليمان أمراني نازحة من مدينة سري كانيه، بدأت بالرسم كهواية وحبّاً للألوان لا أكثر، كنت أرسم طبيعة صامتة واقتبس بعض اللوحات التي تثير اهتمامي، بعد النزوح وما تلاه من أسى وآلام كانت محاولاتي بالحفاظ على ما أحمله في قلبي وذاكرتي من ملامح لمدينتي بطرقاتها، أزقّتها، مبانيها وسكانها وحتى رائحة المكان، خصوصاً حينما وجدت نفسي أمام أعوام تتالى من الانتظار والبعد ومن شعوري بالخوف بأننا يوماً عن يوم نفقد جزءً منا، فبدأت باستحضار تلك التفاصيل في لوحاتي ورسم جزيئات مدينتي وبيتي، وتلك الأروح العزيزة التي فقدتها بسبب الحرب محاولةً أرشفة ذاكرةٍ على وشك النسيان، علّني أكوّن جزءً من بقاء حياة شعبٍ لطالما كلّ أمانيه هي العودة إلى مدينته أو حتى الدفن بترابها، وليتذكّر كلّ طفل رضع بعيداً عنها أنها سري كانيه وأنها باقية.
حالياً أعمل في مركز مالفا للفنون والثقافة، وأسعى لنشر أهمية دور الفن والفنان في بقاء الشعوب، لأنّ ريشة الفنان قادرة على رسم خارطة البقاء، ووحده القادر أن يلّون دخان المدافع لتكوّن غيوم أمل منتظرة، ويجعل من لون الدم ذاته لون الحب الذي يدفعنا لنمضي ونحن نحمل في قلوبنا سري كانيه بقداستها، ليراهن في لوحاته أن المكان يمتلك الشوق ذاته لساكنيه، فالفن يتجاوز الزمن ويخلق للحياة معنى.