اجتمع أكثر من /100/ قادة دول ومفاوضون، إلى جانب نشطاء في مجال المناخ ورؤساء بلديات وممثلين للمجتمع المدني ورؤساء تنفيذيين، في المؤتمر السابع والعشرون COP27للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في الفترة 6- 19تشرين الثاني/نوفمبر 2022م، بمدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية.
سلسلة من المؤتمرات عقدت منذ عام 1992م، حيث نظمت في حينه الأمم المتحدة قمة الأرض في “ريو دي جانيرو” بالبرازيل، وتم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وتم إنشاء وكالتها التنسيقية – ما نعرفه الآن باسم أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ، ووقّع عليها 197 طرفاً مختلفاً، ودخلت حيز التنفيذ في 21 آذار 1994م، وتهدف إلى منع التدخل البشري “الخطير” في النظام المناخي. كما جاء اتفاق بـاريس امتداداً لتلك الاتفاقية، والذي اعتمد في عام 2015م كوثيقة مفصلية، حيث وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي.
بلغ مؤتمر COP26 العام الماضي ذروته في ميثاق غلاسكو/اسكتلندا للمناخ، الذي أتى بعد خمس سنوات على توقيع اتفاق باريس، حيث اتفقت الدول على تقديم التزامات أقوى، بما في ذلك الخطط الوطنية المحدثة ذات أهداف أكثر طموحاً، إلا أنّ /23/ دولة فقط من بين /193/ دولة قدّمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى الآن.
وقد تم إحراز تقدم ليعمل اتفاق باريس بكامل طاقته، من خلال الانتهاء من التفاصيل الخاصة بتنفيذه العملي، المعروفة أيضاً باسم “كتاب قواعد باريس“.
في مؤتمر شرم الشيخ، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس COP27، المندوبين إلى زيادة الطموح والبدء في تنفيذ الوعود التي تم قطعها بالفعل، وقال “إنّ الانتقال من المفاوضات والتعهدات إلى حقبة التنفيذ يمثل أولوية”، مثنياً على البلدان التي شاركت بالفعل خططاً مناخية وطنية محدثة. وقال: “لا يمكننا أن نتحمل أي إهمال أو تقصير، لا يمكننا تهديد مستقبل الأجيال القادمة”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح المؤتمر إلى عقد اتفاق تاريخي بين البلدان الغنية والبلدان النامية لتوحيد القدرات، وتوجيه العالم نحو الحدّ من انبعاثات الكربون، وتحويل أنظمة الطاقة وتجنب كارثة المناخ. وقال: “أمام البشرية خيار: إما التعاون أو الهلاك. إما تبني ميثاق تضامن معني بالمناخ- أو ميثاق انتحار جماعي”. وأكّد على أنّ “أكبر اقتصادين – الولايات المتحدة والصين – يتحملان مسؤولية خاصة لتوحيد الجهود بهدف جعل هذا الميثاق حقيقة واقعة. هذا هو أملنا الوحيد لتحقيق أهدافنا المناخية”.
وأضاف: “إنها القضية الحاسمة في عصرنا. إنه التحدي الأساسي لعصرنا. إنه أمر غير مقبول، وشائن ويمثل هزيمة للذات أن نضع (تغير المناخ) في أسفل قائمة أولوياتنا”.
وأوضح: “لقد كشفت الحرب في أوكرانيا عن المخاطر العميقة لإدماننا على الوقود الأحفوري. لا يمكن أن تكون أزمات اليوم الملحة ذريعة للتراجع أو الغسل الأخضر (نشر ادعاءات زائفة بحماية البيئة). إذا كان هناك من شيء، فذلك سبب لمزيد من الاستعجال والعمل الأقوى والمساءلة الفعالة”.
وطلب غوتيريش من الحكومات فرض ضرائب على الأرباح المفاجئة التي جنتها شركات الوقود الأحفوري نتيجة لجائحة كـوفيد-19وإعادة توجيه الأموال إلى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والبلدان التي تعاني من الخسائر والأضرار الناجمة عن أزمة المناخ، قائلاً: “الآثار المميتة لتغير المناخ موجودة هنا والآن. لم يعد من الممكن تجاهل مسألة الخسائر والأضرار. إنها واجب أخلاقي. إنها مسألة أساسية تتعلق بالتضامن الدولي – والعدالة المناخية. إنّ المساهمين بشكل أقل في أزمة المناخ يعانون من تداعيات أفعال الآخرين”.
وحث الأمين العام البلدان على العمل معاً من أجل التنفيذ وداعياً للتضامن الدولي، قائلاً: “التضامن الذي يحترم جميع حقوق الإنسان ويضمن مساحة آمنة للمدافعين عن البيئة وجميع الجهات الفاعلة في المجتمع للمساهمة في استجابتنا المناخية. دعونا لا ننسى أن الحرب على الطبيعة هي بحد ذاتها انتهاك جسيم لحقوق الإنسان”.
أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أسمى مؤتمر هذا العام بـ”قمة تنفيذ الالتزامات المناخية”، فقال: “إنّ شعوب العالم تنظر إلينا اليوم وتريد تنفيذاً ملموساً سريعاً لإجراءات ملموسة حقيقية لتقليل الانبعاثات وتعزيز قدرتها على التكيف وضمان التمويل اللازم للبلدان النامية التي تعاني اليوم أكثر من غيرها”.
وقال نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل غور-الناشط البيئي المشهور الحائز على جائزة نوبل: “اليوم، كما هو الحال في كل يوم، نطلق /162/ مليون طن من الحرارة التي هي من صنع الإنسان لتحبس التلوث الناتج عن الاحتباس الحراري في السماء. إنها تتراكم وتتراكم هناك … الكمية المتراكمة تحبس قدراً إضافياً من الحرارة التي ستطلقها /60/ ألف قنبلة ذرية من طراز هيروشيما تنفجر يومياً على كوكبنا. وهذا هو السبب في أننا نشهد هذه الكوارث”. وأضاف: “لا يتعين علينا اختيار اللعنات، يمكننا اختيار البركات، بما في ذلك بركات الطاقة المتجددة. نحن في المراحل الأولى لثورة الطاقة، إذا استثمرنا فيها وتوقفنا عن دعم ثقافة الموت، يمكننا إنقاذ أنفسنا”.
ومن جانبها، قالت الناشطة الكينية الشابة في مجال البيئة، إليزابيث واثوتي: “ربما يكون مؤتمر COP27 قد وصل إلى نهايته، لكن النضال من أجل مستقبل آمن لم ينته. من الملّح الآن أكثر من أي وقت مضى أن يعمل القادة السياسيون للاتفاق على صفقة عالمية قوية لحماية الطبيعة واستعادتها في القمة العالمية للتنوع البيولوجي المقبلة في مونتريال”.
جمع مؤتمر COP27 أكثر من /35/ ألف شخص، وتضمّن أنشطة وأحداث بارزة ومبادرات عديدة؛ وتمّ تأجيل الختام ليوم واحدٍ؛ فبعد أيام من مفاوضات مكثّفة، توصلت الدول المشاركة إلى اتفاق بشأن نتيجةٍ أنشأت آلية تمويل لتعويض المتضررين عن “الخسائر والأضرار” الناجمة عن الكوارث التي يسببها المناخ. وتمكّن المفاوضون من التوصل إلى استنتاجات بشأن أصعب بنود جدول الأعمال، بما في ذلك مرفق الخسائر والأضرار، بالإضافة إلى هدف التمويل لما بعد عام 2025، وما يُسمّى ببرنامج عمل التخفيف، الذي من شأنه تقليل الانبعاثات بشكل أسرع، وتحفيز الإجراءات المؤثرة، وتأمين التأكيدات من الدول الرئيسية بأنها ستتخذ إجراءات فورية لرفع الطموح وإبقائنا على الطريق نحو 1.5 درجة مئوية.
—————–
المصدر: تقارير مواقع الأمم المتحدة الإلكترونية.
* جريدة الوحـدة – العدد /340/- 06 كانون الثاني 2022م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).