يومي 1-2 كانون الأول 2022م، في قصر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، انعقدت الدورة الخامسة عشرة لمنتدى الأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات، بمثابة منبرٍ لتعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا المتعلقة بالأقليات القومية أو العرقية والدينية واللغوية، وذلك بمشاركة دول وآليات الأمم المتحدة وهيئاتها ووكالاتها المتخصصة وصناديقها وبرامجها والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات والآليات الإقليمية في مجال حقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والهيئات الوطنية الأخرى ذات الصلة والأكاديميين وخبراء في قضايا الأقليات وممثلو الأقليات والمنظمات غير الحكومية.
تناول المنتدى التحديات والقضايا الرئيسية في مجال تنفيذ “إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية” المعتمد في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992م، الذي يشدد على أن حماية وتعزيز حقوق الأقليات تساهم بشكل كبير في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول التي تتواجد فيها الأقليات ويشجع كذلك على التعاون بين الدول والشعوب، لاسيما وأنه ينص في مادته الأولى: “1- على الدول أن تقوم، كلّ في إقليمها، بحماية وجود الأقليات وهويتها القومية أو الإثنية، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية، وبتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية. 2- تعتمد الدول التدابير التشريعية والتدابير الأخرى الملائمة لتحقيق تلك الغايات”.
وذلك وفق المحاور التالية:
– مراجعة: الأطر المعيارية وتعميم الإعلان في الأمم المتحدة.
– إعادة التفكير: المدافعون عن حقوق الأقليات ودورهم في تعزيز مبادئ الإعلان.
– إصلاح: سد الثغرات في تنفيذ الإعلان.
– حوار مفتوح: الأوضاع الطارئة للأقليات.
لا يكتسي إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأقليات طابعا إلزامياً… فلا تزال الأقليات عرضة للاضطهاد وتواجه إنكاراً لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، إذ يستهدف العنف والصراع على الصعيد العالمي الأقليات على أساس هوياتهم الدينية، واللغوية، والثقافية والعرقية والإثنية. وتتجلى هذه الهجمات في أشكال ومجالات مختلفة تتراوح ما بين الهجمات السبيرانية، والتهديدات، وخطاب الكراهية، والأعمال العدوانية، والاعتداء، والقتل، وحتى الاغتصاب الجماعي، والتطهير العرقي والإبادة الجماعية.
هذا وكان حضور وفعالية ممثلين من كُـرد سوريا في المنتدى لافتاً، فيما يلي مقتطفات من مداخلات بعضهم:
بسام أحمد باسم منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”:
((نطالب الأمم المتحدة وجميع الهيئات الدولية التركيز على الانتهاكات الواقعة في الشمال السوري من قبل جميع الأطراف وضمان المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب. كما ندعو إلى الضغط من أجل وقف التصعيد العسكري في الشمال السوري ومنع تركيا من شن غزو جديد… التوصية الأساسية هي أن يتبنى المنتدى خطة عمل شاملة للضغط باتجاه تبني معاهدة دولية خاصة بحقوق الأقليات مستلهمة من وحي الإعلان لتكون ملزمة لجميع الدول والبلدان المتنوعة، منها سوريا وتركيا والعراق وإيران وغيرها من الدول المنطقة.)).
المحامي حسين نعسو:
((في سوريا، بعد عقود من الاضطهاد للشعب الكردي والانكار لهويته القومية وحرمانه من أبسط حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق التعلّم بلغته الأم من قبل الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم، جاء الاحتلال التركي رفقةً بالفصائل الجهادية السورية للمناطق الكردية في سوريا بدءاً بـ”عفرين” ومروراً بـ”كري سبي” وانتهاءً بـ”سري كانيه”، ليزيد في الطين بلةً، وينقل بالكُـرد في سوريا من مرحلة التنكر لحقوقهم إلى مرحلة التطهير والقضاء على وجودهم التاريخي، من خلال ممارسة عمليات الإبادة وسياسة التهجير القسري بحقهم وإجراء التغيير الديمغرافي في مناطقهم عبر عمليات التهجير لمئات الآلاف من السكّان الكُـرد الأصليين”، وقدّم نعسو توصيات لحماية الأقليات واحترام حقوقها، من تجريم حروب الإبادة ضدها والمطالبة بإنهائها، والتدخل الدولي لحماية الأقليات في حال تعرضها للإبادة، وصياغة قوانين من شأنها أن تمنح الحق للأقليات باللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية في حال تعرضها للإبادة بغض النظر إن كانت الدولة المشكو منها موقعة على ميثاق روما أم لا.
عز الدين صالح المدير التنفيذي لرابطة “تآزر” للضحايا:
((قبل بدء النزاع في سوريا، حُرم الشعب الكُردي، وأبناء الأقلية الدينية الايزيدية، من التمتع بحقوق المواطنة المتساوية، وتعرضوا لاضطهاد وتمييز منهجيين… بعد بدء النزاع في عام 2011، وبسبب الإحساس العميق بالإفلات من العقاب لدى جميع أطراف النزاع، وتحديداً في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية، كعفرين ورأس العين/سري كانيه، استمرت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتمَّ تهجير معظم الكُرد والايزيديين والأرمن والسريان وغيرهم.”.)).
د. إبراهيم مسلم ممثلاً عن منتدى تل أبيض للمجتمع المدني:
((قامت دولة الاحتلال التركي وفصائل المرتزقة بانتهاكات بعد احتلال هذه المناطق (عفرين، سري كانيه، كري سبي/تل أبيض)، الأمر الذي تسبب في تهجير الكورد والأرمن والعرب المعارضين للسياسات التركية، وبالتالي التغيير الديمغرافي للمنطقة من خلال جلب أناس آخرين غريبين عنها… اليوم سوريا تعيش حرب انهكتها وقسّمتها نتيجة التدخلات الدولية التي تصفي حساباتها على الأراضي السورية، وبالتالي زيادة معاناة الأقليات)).
ميديا محمود ممثلة مؤسسة ايزدينا:
((حيال الموضوع المتعلق بكيفية تعزيز قدرة منظمات المجتمع المدني، نرى بأنه يوجد تقاعس واضح من قبل المجتمع الدولي في دعم وتمكين المرأة الكردية التي تعاني من الاضطهاد المستمر في كل من سوريا وإيران.
إن المرأة الكردية أصبحت رمزاً لمقاومة التطرف الديني في إيران، وفي سوريا مُحاربةَ شُجاعة في وجه إرهاب داعش، أما في المدن الكردية الثلاثة عفرين وسري كانيه وكري سبي، فهي: إما سيدة تعاني من التعذيب والاضطهاد داخل سجون المحتل التركي أو مُهجرة تعيش الويلات داخل مخيمات الشهباء ومخيمات واشو كاني.
تَخوف المرأة الكردية من فقدان أمنها وحياتها وحريته ازداد في الأيام الأخيرة أكثر مع بدء التهديدات التركية في اجتياح مدن كردية جديدة في الشمال السوري، وبالتالي باتت تترقب مصيراً مشابهاً لنساء عفرين اللاتي تعرض الكثير منهنّ للتعذيب والاعتقال على يد الجيش التركي.
لذا لا بد من تمكين المرأة الكردية لتكون أكثر قدرةً على مواجهة كل من الفصائل المتطرفة التابعة للمعارضة السورية، وأيضاً الجيش التركي الذي يسعى إلى الانتقام من نصر النساء الكرديات على داعش.)).
هذا، وبناءً على حوار ومساهمات المشاركين/ات في المنتدى، سيتم إعداد ملخص عن المناقشات من قبل رئيس منتدى الأمم المتحدة، وسيقوم المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات “الدكتور فرناند دي فارين” بإعداد تقرير حول توصيات المنتدى ويقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الثانية والخمسين في مارس 2023م.
* جريدة الوحـدة – العدد /340/- 06 كانون الثاني 2022م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).