من إدلب إلى عفرين وأعزاز والباب وجرابلس وكري سبي/تل أبيض و سري كانيه/رأس العين- شمالي سوريا، بين الإرهاب والاستبداد وفقدان الأمن والأمان، مناطق نفوذ فصائلية متقطعة، أنماط حكمٍ إسلاموية ميليشياوية فاسدة ومشّوهة، فلتان وفوضى حمل واستخدام السلاح، ارتفاع نسب الجريمة وتكرار الاشتباكات بين الجماعات المسلّحة نتيجة التنازع على القطاعات والمصالح الخاصة واحتكار المعابر وطرق تهريب البشر والمحروقات وغيرها، فرض أتاوى على الأهالي، حركة دينية متشددة، تقييد الحريات الإعلامية والصحافة والتعبير، العنف الجنسي وتقييد حرية المرأة وتكبيل المنظمات العاملة في هذا المجال، حظر الأحداث التي تجمع النساء والرجال في الكثير من الحالات، تدني مستوى الخدمات والتعليم وترويج وصناعة المخدرات، الاحتجاز والاختطاف والاعتقال التعسفي والاخفاء القسري ترافقاً بالتعذيب والقتل والاغتصاب وضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والابتزاز المادي وفرض الفدى والغرامات المالية، التهجير القسري ومنع عودة سكّان أصليين لديارهم وتغيير ديموغرافي بحق الكُـرد، مصادرة الممتلكات العامة والخاصة والاستيلاء عليها ونهب المواسم، تخريب وسرقة الممتلكات الثقافية، إبادة البيئة والغطاء النباتي، استخدام ممتلكات مدنية لأغراض عسكرية وتحويل قرىً إلى قواعد للجيوش، مخيمات تضمّ مئات ألُوف النازحين المعتّرين، فقرٌ وجوع ومآسي!
لا ضمان للنظام العام والسلامة العامة ولا حماية للنساء والأطفال، جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ وثّقت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا الكثير منها.
كلَّ هذا! ويأتيك أحدهم، ليسمي تلك المناطق بـ”المحرر” وأنها تمثل “ثورة الحرية والكرامة” وتُطبّق فيها “الشريعة الإسلامية”، لا بل ويسميها أردوغان وأعوانه وموالوه من السوريين بـ”المنطقة الآمنة”، إنها كذبةٌ كبرى؛ تُرّهات مجافية لمعايير وأسس الفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة!
أُخضعت لقرار وأجندات تركيا، وكأنها جزءٌ من ولاياتها الحدودية، تحت السيادة التركية ومقتطعة عن سوريا عملياً، ومجتمعاتها المحلية تئن تحت وطأة التشتت والأزمات والتجهيل وشعارات “الثورة والدين” الجوفاء، مُبعدةٌ عن المساهمة في إيجاد حلٍ لمحنة بلدها، بينما المجتمع الدولي صامتٌ ومحكومٌ بتوازنات القوى ولغة المصالح.
كسوريين، نبقى محكومين بالأمل، أن ننبذ العنف الذي لا نفع منه إلاّ في دحرّ الإرهاب، ونُرجّح لغة العقل والحوار، نتخلى عن الرهان على الخارج، نبحث عن المشتركات الإنسانية والوطنية، ونضمد جراحنا خطوةً بخطوة!
* جريدة الوحـدة – العدد /339/- 01 تشرين الثاني 2022م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).