التحالف الدولي لهزيمة داعش بين تعزيز دورها ورعاية بعض أطرافه للتطرف، تركيا نموذجاً
روني شاكر*
اجتمع وزراء خارجية التحالف الدولي لهزيمة داعش شخصياً لأول مرّة منذ عامين، يوم الإثنين 28 حزيران 2021م، بمشاركة /83/ عضو، في العاصمة الإيطالية روما، بدعوةٍ من وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني ج. بلكين.
وقد صدر عنه بياناً، أشار إلى أن الوزراء أكدّوا «عزمهم المشترك على مواصلة القتال ضدّ داعش وتهيئة الظروف لهزيمة نهائية للجماعة الإرهابية، والتي تعتبر الهدف الوحيد للتحالف، وذلك من خلال جهد شامل ومنسَّق ومتعدّد الأوجه…».
وأعلن الوزراء «التزامهم بتعزيز التعاون عبر جميع خطوط جهود التحالف من أجل التأكد من جعل نواة داعش في العراق وسوريا وفروعها وشبكاتها حول العالم غير قادرة على إعادة تشكيل أي جيب إقليمي أو مواصلة تهديد أوطاننا وشعوبنا ومصالحنا…».
وأوضح البيان: «لم يعد تنظيم داعش يسيطر على الأراضي، وقد تحرّر ما يقرب من ثمانية ملايين شخص من سيطرته في العراق وسوريا، لكن التهديد لم ينتهي نهائياً بعد. ولذلك فإن استئناف داعش نشاطاته واستطاعته إعادة بناء شبكاته وقدراته… تتطلّب يقظة قوية وعملًا منسّقا، بما في ذلك تخصيص موارد كافية للحفاظ على جهود التحالف والقوات الشريكة الشرعية ضدّ داعش وتقديم دعم كبير لتحقيق الاستقرار ولمعالجة الأسباب الحقيقية التي تجعل بعض المجتمعات عرضة للتجنيد من قبل داعش والجماعات الإيديولوجية العنيفة ذات الصلة، وأيضا لتوفير دعم المناطق المحرّرة لحماية مصالحنا الأمنية الجماعية.».
وأضاف البيان: «اعترف الوزراء بجهود العراق في مواجهة فلول داعش ومنعها من الظهور مجدّداً، وأثنوا على رفع قدرة القوات العراقية على محاربة التنظيم.».
وحول الوضع في سوريا أوضح التحالف موقفه قائلاً: «يقف التحالف إلى جانب الشعب السوري لدعم تسوية سياسية دائمة وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254. ولا بدّ أن يبقى التحالف يقظا إزاء تهديدات الإرهاب بكلّ أشكاله وتعبيراته لكي يؤسّس على النجاح الذي حقّقه، ولا بدّ أن يستمرّ في العمل بشكل مشترك ضدّ أي تهديد لهذا النجاح، وأن يتجنّب الفراغ الأمني الذي قد يستغله داعش. ويواصل التحالف دعم التعافي المحلّي الشامل وتحقيق الاستقرار في المناطق المحرّرة من داعش وجهود المصالحة وإعادة الإدماج لتعزيز الظروف المؤدّية إلى حلّ سياسي للنزاع على مستوى سوريا بموجب معايير قرار مجلس الأمن رقم 2254.». دون أن يعترف ويشيد التحالف بدور وتضحيات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محاربة داعش وإنهاء دولته الإسلامية المزعومة في آخر معاقلها ببلدة الباغوز – شرقي سوريا، في آذار 2019م؛ ودون أن يشير إلى تواجد عناصر داعش وبعض شخصياته الخطيرة في مناطق النفوذ والاحتلال التركي (إدلب، عفرين، إعزاز، الباب، جرابلس) علاوةً على سيطرة «هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة» القاعدية على إدلب ووجود تنظيمات جهادية متطرفة أخرى تحت الحماية التركية.
وحول مصير عشرات الآلاف من (عناصر داعش وأفراد أسرهم) المحتجزين في سوريا والعراق، ما يقارب /10/ آلاف عنصر و/60/ ألف أفراد أسر داعشية لدى «قسد»- شرق الفرات، جاء في البيان: «إدراكاً من الوزراء للتحدي الذي يمثّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب المحتجزون، وكذلك أفراد أسرهم الذين لا يزالون موجودين في سوريا والعراق، التزم الوزراء بمتابعة آليات العدالة والمساءلة الفعّالة القائمة بالتنسيق الوثيق مع بلدان المنشأ. ويشمل ذلك محاسبة المقاتلين الذين استخدموا العنف الجنسي كأداة للإرهاب. ويبقى التحالف ملتزماً بتعزيز الجهود المبذولة لضمان معاملة الإرهابيين المتهمين، بما في ذلك الأجانب، معاملة مناسبة ومحاكمتهم بما يتفق مع التزامات القانون الدولي السارية، بما في ذلك تقديم ضمانات المحاكمة العادلة. ويحثّ التحالف حرّاس معتقلي داعش الإرهابيين على معاملتهم بشكل إنساني في جميع الأوقات، وفقًا للقانون الدولي. كما أقرّ الوزراء بأن وضع معتقلي داعش وأفراد عائلاتهم في شمال شرق سوريا يثير قلقًا بالغاً وأقروا بضرورة إيجاد حلّ شامل وطويل الأمد لهذه القضية الخطيرة.»… وهل سيكون هناك التزام بهذه النصوص؟، في وقتٍ لاتزال فيه العديد من دول التحالف ترفض استلام دواعش وأفراد أسرهم الذين يحملون جنسياتها، ولا يعمل التحالف على تأسيس آلية دولية لمحاكمة الدواعش على الأرض السورية، مكان اقترافهم للجرائم، رغم نداءات الإدارة الذاتية القائمة في شرق الفرات المتكررة والتي تتحمل أعباء كبيرة في إدارة مخيم الهوك الذي يأوي أفراد أسر عناصر داعش، وكذلك خطاب مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية لاجتماع التحالف في تغريدةِ له قبيل موعده بيوم (سيجتمع التحالف الدولي ضد داعش غداً لمناقشة إلحاق الهزيمة الدائمة لداعش. لضمان تحقيق النصر المستدام، يجب ألا ننسى أن عشرات الآلاف من النساء والأطفال ومقاتلي داعش لا يزالون في مخيمات ومراكز الاحتجاز في شمال وشرق سوريا… ندعو التحالف إلى المساعدة في إعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية، ودعم برامج التعليم ومكافحة التطرف، وكذلك دعم الاستقرار والانعاش الاقتصادي في المناطق المحررة لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف)؛ كما تجنّب التحالف لفظ اسم «حرّاس معتقلي داعش» الحقيقي.
وفي ختام بيانه أكّد التحالف من جديد «إيمانه بضرورة بذل جهد جماعي شامل لتحقيق هزيمة كاملة ونهائية لتنظيم الدولة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وقد أثبت أنه أداة متماسكة ومرنة وسريعة الاستجابة استطاعت أن تحقّق نجاحات ملحوظة من خلال الجهود العسكرية والسياسية وتحقيق الاستقرار والرسائل المضّادة والمالية وسبل إنفاذ القانون».
كيف للفكر والوجود الجهادي الإرهابي أن ينتهي في سوريا، وتركيا- الجارة الشمالية- أكبر راعية له ولتنظيماته في مناطق احتلالها ونفوذها السورية، وتقدم لها الدعم اللوجستي، بل وتستخدمهم كمرتزقة في العديد من الساحات الدولية الأخرى، إلى جانب اعتداءاتها المتكررة على قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر القوة المحلية العسكرية الكبرى المتعاونة بشكلٍ جدّي وفعّال مع التحالف المناهض لداعش، وتحاول أنقرة باستمرار تقويض قدراتها، فتعطي فرصةً أخرى لانتعاش داعش؟! ولا تنفك عن استغلال أية فرصة لانتزاع منطقتي منبج وعين عيسى من سيطرة «قسد»، بينما عينها على احتلال مناطق أخرى في شمال سوريا.
التحالف لم يكن في وارد مجاهرة تركيا ووزير خارجيته الحاضر في الاجتماع بحقائق دعمها لتنظيمات إرهابية ولتنظيم الإخوان المسلمين الذي يُعدُّ الحاضنة الأساسية للفكر الجهادي التكفيري، ومن بينها داعش- وإن اختلف مستواه بين الأمس واليوم، ومطالبتها بقطع ذات الدعم، أو على الأقل الكف عن معاداة «قسد» التي تلعب دوراً محورياً في محاربة الإرهاب بالمنطقة.
* جريدة الوحـدة – العدد /331/- حزيران 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).