بعد انتهاء العهد الترامبي المليء بالمفاجئات، تفاءل السوريون نسبياً بعهد بايدن، على وقع الصخب الذي رافق الانتخابات الأمريكية، بعد أن يأسوا من تدخل دولٍ إقليمية في شؤونهم وملّوا من وعود دولٍ كبرى، وخذلهم مدعي الثورة والمعارضة ومرتزقة أنقرة، وعجزت الأمم المتحدة من السير بحلٍّ سياسي لمحنتهم!
خلال ستة أشهر من عمرها، تعاملت إدارة بايدن ببرودة أعصاب وبالٍ طويل مع الملف السوري الساخن منذ أكثر من عشر سنوات، أقل ما يمكن من التصريحات وإطلاق المواقف حياله، ولا مبادرات جديدة أو رؤيةٍ واضحة أو عمل سياسي- دبلوماسي متوازن ومتواتر، ولم نجني من قانون سلفها «القيصري» سوى المزيد من الأزمات، تاركةً الساحة لـ»ضامني أستانه»… مفاوضات اللجنة الدستورية توقفت والاستحقاق الرئاسي قد جرى مثل سابقاته، ولم تتغير خرائط النفوذ والسيطرة على الأرض، ولكن استمرَّت المناوشات وبعض المعارك والرسائل المتبادلة على حساب الدم السوري.
كثيرون تأملوا خيراً، من اجتماعات قمة عُقدت في حزيران، ولكن لم نرى دخاناً أبيضاً يتصاعد منها!… قمة دول الناتو، قمتي بايدن- بوتين و بايدن- أردوغان، قضايا كبرى نُقشت، والملف السوري لم يكن بين الأولويات… بل و دامت محاباة أنقرة، وأوكلت إليها مهمةٌ جديدة في أفغانستان، لينفش «المسيو أردوغان» بريشه مجدداً، ومرّةً أخرى على حساب الدم السوري، مع ديمومة ظاهرة الارتزاق بين السوريين وتفشيها!
حتى اجتماع وزراء خارجية التحالف الدولي لهزيمة داعش (83 عضواً) في روما كان حريصاً في انتقاء مفرداته وتجاهل دور واسم قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وتجاهل وجود ميليشيات إرهابية أخرى من أخوات داعش (النصرة والتركستاني وغيرهما) وانضمام عناصر وقادة داعشيين سابقاً إلى صفوف «الجيش الوطني السوري» تحت رعاية ونفوذ الشيخ أردوغان، ومدى خطورتهم على حاضر ومستقبل سوريا والبشرية، حتى لا يزعل المغرور بحاله جاويش أوغلو ومعلّمه!
المسكين غير بيدرسون يتنقل من عاصمة لأخرى، يترجى هذا وذاك! دون أن يفلح في مهامه، وهو الذي يُقدِّم إحاطات إلى مجلس الأمن بلغةٍ دبلوماسية متقنة، وكأنه يمشي بين الألغام؛ يُحَذِّر من المخاطر والفاجعات، لكن لا آذان صاغية، وصراع العمالقة على أشدّه!
إذا اختصرنا الأمل في وضع حدٍ لكارثتنا بشخصي بايدن و بوتين، رئيسي دولتين كبيرتين، تمتلكان النفوذ والتأثير الأكبر في الشأن السوري، إن لم نقل بين يديهما مصيرنا والحلُّ مرهونٌ باتفاقهما! فلهما قضايا استراتيجية كبرى، وبينهما نزاعات عديدة، من حروبٍ سبرانية واستخباراتية، سباق التسلّح والاستحواذ بمناطق نفوذ جديدة عالمياً، ملف إيران النووي وقضايا الشرق الأوسط عموماً، قضايا الأمن والإرهاب، شبه جزيرة القرم وغيرها.
لطالما نحن السوريون لا نستكين إلى الحوار والتفاوض الجدي البناء بيننا، وعاجزون عن إيجاد حلٍّ لأزمة بلدنا، سنبقى نراهن على اجتماعات قممٍ أخرى وخطابات رؤساء آخرين، بينما جراحنا في حالة نزفٍ وتوزمٍ دائمين!
* جريدة الوحـدة – العدد /331/- حزيران 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).