بعد عشر سنوات من الاقتتال، الفوضى والفلتان وقوائم مخيفة بأسماء الضحايا وأرقام الخسائر
تقرير سياسي
علاوةً على التقويم الحافل كردستانياً بمناسبات آذار، يبقى للكُـرد السوريين تقويم آذاري خاص بهم وأبرز مناسباته هي يومه الثاني عشر، إذ يتذكر فيه الكردي كل عام انتفاضة الكُـرد ضد ممارسات عنصرية كانت انطلاقتها من ملعب قامشلي الرياضي عام 2004 ووصلت ارتداداتها إلى كل قرية كردية وكل حي يقطنه الكُـرد في المدن السورية، حيث استخدمت أجهزة الدولة ذخائر حية ضد المدنيين، فاستشهد العشرات وجرح أضعافهم واعتقل الآلاف، في الخامس عشر منه 2011 يحيي الكردي السوري مع شركاء الوطن ذكرى حراكٍ سلمي امتطاه الإخوان المسلمون فحولوه إلى عسكرة واقتتال، في الثامن عشر من آذار 2018 دخل المحتل التركي مع جنجويده من السوريين مركز منطقة عفرين غازياً، لتتحول إلى أكثر أيام آذار سوادًا، حيث تم تهجير أكثر من ثلاثمائة ألف كردي من دياره واستباحة المنطقة بالكامل، الأحياء والأموات، ما تحت الارض وما فوقها، في مسعى تغيير التركيبة الديمغرافية؛ أما أقدم وأهم مناسبات الكُـرد في آذار فيبقى عيد نـوروز المصادف للواحد والعشرين منه، حيث احتفل شعبنا هذا العام أيضاً بنوروزه رغم كل الظروف القاسية، وفي مواقع عديدة انتهت بسلام بفضل الجهود المشكورة لقوات الآسايش.
مرّ آذار 2021 على شعبنا وعلى بلادنا تاركاً خلفه – هو الآخر – العديد من الملفات العالقة والمآسي اليومية وحملاً ثقيلاً جداً على العواتق، حيث ترزح البلاد تحت وطأة قوى وتنظيمات وجيوش دول عديدة ويتوعد الارهاب الداعشي بعودةٍ ثانية أكثر توحشاً، في الوقت الذي أثقل فيه الغلاء وتدني قيمة العملة المحلية كاهل السوريين، وتزداد فيه طولاً طوابير الباحثين عن رغيف خبز أو قليل من الوقود، ناهيكم عن شبح كورونا واستمرار حالة فوضى السلاح والفلتان الأمني في مناطق سيطرة تركيا والنظام على حدٍ سواء.
بعد عشر سنوات من الاقتتال، الفوضى والفلتان وقوائم مخيفة طويلة جداً بأسماء الضحايا وأرقام الخسائر، لا زال النظام السوري يعيش حلم التفرد في السلطة، يوزع من أجل كرسيه الرعب والدمار في أرجاء البلاد، والائتلاف المتصدر للمعارضة من اسطنبول يتحول يوماً بعد آخر إلى ذراع لحزب العدالة والتنمية ينفذ أجندات الرئيس التركي والتحالف الحاكم، متنازلاً عن دوره الوطني السوري المفترض، في حين تتحول المجموعات المسلحة التي يتبناها هذا الائتلاف إلى مرتزقة تحت الطلب تحركهم الاستخبارات التركية داخل سوريا وخارجها بعد تعبئة طائفية وعرقية، حيث و صل مسلحون سوريون قاموا يوماً من أجل حرية وكرامة إلى ليبيا وناغورني كاراباخ وربما بقاع أخرى كمرتزقة مأجورين بدون أية حرية أو كرامة، ناهيكم عن الفظائع اليومية التي ترتكبها هذه المجموعات بحق أبناء الوطن في عفرين و سره كانيه و كره سبي… وبقية المناطق الخاضعة للنفوذ التركي.
مسار أستانا الذي أوجدته ثلاث أطراف متدخلة عسكرياً في الشأن السوري للتشويش على المسعى الأممي، يسير نحو نهايته المحتومة، بعد صفقات بينية على مدار نصف عقد، مزّقت سوريا وعمَّقت الهوة بين المكونات، طرفاه الروسي والتركي يدشنون – ربما- مساراً جديداً تضاف إليه إمارة قطر في مسعى تأمين التمويل لخطواتهما القادمة، وكذلك إذابة الجليد بين الإمارة واللوبي الإخواني المقيم فيها وبين النظام السوري.
السياسة الأمريكية في سوريا لم تتغير كثيراً بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض والحل السياسي لا زال مجهول الموعد والملامح، ثمة محاولات لتجاوز حالة الركود السائدة وتفعيل المنحى السياسي في الداخل السوري كما في الخارج، ومساعي مبعثرة – حتى الان – لتشكيل أطرٍ أوسع وعناوين سياسية أعرض، فإضافةً إلى مسعى مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) منذ أكثر من عام في عقد مؤتمر للديمقراطيين السوريين، وبوادر تفاهمات بينه وبين هيئة التنسيق، ثمة أيضاً حديث عن لقاءات بين منصتي موسكو والقاهرة ومجموعات كانت قد تركت الائتلاف، وكذلك الأطراف المجتمعة تحت مسمى الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) التي منعت السلطات عقد مؤتمرها التأسيسي في 27/3/2021م، كما تُجدر الإشارة إلى فكرة المجلس العسكري المتداولة مؤخراً دون أن تتوضح أو تعلن رسمياً.
نحن كحزب يؤمن بالحوار، تَنبه مبكراً بضرورة الحل السياسي، وقف ضد العسكرة في سوريا وأطلق رؤية سياسية منذ أواسط 2015، مؤكداً على ضرورة عقد مؤتمر كردي لتشكيل مرجعية وتوحيد الصف والخطاب وآخر وطني سوري، نرى بأن المرحلة السورية الحالية قد تشهد ولادة أطر جديدة بعد عجز القديمة على مدار السنوات المنصرمة، لن نكون من جهتنا بعيدين عنها إذا ضمنت حقوق شعبنا الكردي.
مساعي توافق المجلس الوطني وأحزاب الوحدة الوطنية لا زالت تصطدم بعوائق كثيرة وتشهد اشتراطات وتحفظات رغم إلحاح الجهة التي أطلقت المبادرة (قائد قوات سوريا الديمقراطية) وكذلك الجهة المشرفة (أمريكا). أما على صعيد مناطق الادارة الذاتية فرغم توفر أمن وأمان نسبيين وقناعتنا الراسخة بوجود المخلصين لدماء الشهداء وتجربة الإدارة، ورغم وجود فرصة حقيقية لتعزيز التلاحم المجتمعي وتطوير هذه التجربة، تطفو على السطح بين فترة وأخرى صور سوداء تدل على مكامن فساد داخل هياكلها أو على وجود مجموعات بديلة لمؤسساتها وفوق قوانينها، تسحب خلفها شبكة محسوبيات تلتقي عند فكرة الأحقية والحزب الواحد.
مآسي آذار لوحدها – ما أوردناه ليس سوى غيض من فيض- كافية من وجهة نظرنا لأن تكون حافزاً للنخبة الكردية وأطرها النضالية من أجل الوقوف مع الذات وإجراء مراجعات شاملة على أدائها تناسب مرحلة اليوم، الدقيقة والخطيرة.
وفي الختام نشارك أهلنا السريان كلدو- آشور عيد أكيتو الذي يصادف 1 نيسان من كل عام آملين أن يعم بلادنا الأمن والسلام.
5/4/2021م
اللجنة السياسية
لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)