لم يعد خافياً على أحد مدى تدخل دول بعينها في تشكيل وقرارات أطر سورية معارضة، خاصةً تركيا منذ الأيام الأولى للانتفاضة السورية في 2011م، بل ودورها الأساس في تشكيل الائتلاف السوري واختيار هيئاته وشخوصه عبر تحالف حزب العدالة والتنمية مع الإخوان المسلمين وهيمنة الميت التركي على قرارات وتوجهات الائتلاف ومختلف الميليشيات المرتبطة به؛ لذلك نرى تماهي واندماج هذا الإطار وتلك التشكيلات المتطرفة مع سياسات وأجندات أنقرة، والعداء على طول المسار ضد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا، وعلى وجه الخصوص ضد وجود الكُـرد ودورهم في سوريا.
يأتي تحرك وأنشطة نصر الحريري رئيس الائتلاف وفق إيقاع وتوجيهات تركيا وحمايتها، وزياراته إلى ما تسمى بمناطق «درع الفرات، غصن الزيتون» مضبوطة ومرسومة من الاستخبارات التركية وحمايتها، إلاّ وسيُلْعَن عليه ويُطرد بالصرامي من قبل السوريين هناك، مثلما حصل له في عدة مناسبات.
الحريري وشلته شاركوا تركيا في العدوان على «عفرين، سري كانيه، كري سبي» واستباحتها، ولا يزالون يبررون ويغطون على التغيير الديموغرافي والانتهاكات والجرائم المرتكبة فيها على أيادي الميليشيات المرتبطة بهم، وينكرون حقوق ووجود الكُـرد التاريخي على أرضهم.
هذا الحريري الذي لا وزن له ولا يملك قرار نفسه، اُستقبل بحفاوة على أعلى مستوى سياسي وحكومي وبرلماني وإعلامي في كردستان العراق، بزيارةٍ لم يكن يحلم بها يوماً، بينما كان سقف لقاءاته السابقة ينحصر مع وزير أو مبعوثٍ خاص أو ضابط استخبارات.
هذه المرّة، في عقر ديار الكُـرد، هولير الشامخة، تمختر رافعاً بوزه «واثق الخطوة يمشي ملكاً» برفقة نَّفرٍ «مندلقي الكروش ومنعمي الذقون» من كُـرد سوريا، ليصرّح دون رتوش أن تلك المناطق «محررة» ويتهم جزءاً كبيراً من حركات الكُـرد بالإرهاب، وليدق الأسافين بين أطرافها، وليقول: نحن متفقون مع مجلس ENKS والإقليم على كذا وكذا وكذا…! دون نفيٍ من أحد!
بالتأكيد اهتزت أرواح الشهداء والقادة الكُـرد الخالدين عندما نطق الحريري في برلمان أبنائهم- رمز وحامي سيادتهم- بأن «العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي وقسد…» إرهابيون، ولكن لم يرف جفن أحدٍ ممن كان بجانبه ومن راقت له صحبته! وبينما كان الاحتفاء بالضيف قائماً قُتل المسن الكردي شيخموس قاسم في عفرين بدمٍ بارد على يد ميليشياته وحُكم بالسجن ثلاث سنوات على الأكاديمي الدكتور محمد فهمي عبدو.
لم يسمع الحريري من مستضيفيه كلمةً تُزعجه، سوى «قلقٍ» على ما يجري في عفرين، فوعدهم بالخير وإصلاح الأمور وأعلن بخشيشه الأول «ليفتح مجلس ENKS مكتبه في عفرين»، بينما لا مكتب لائتلافه فيها، متناسياً هو وشركاؤه الكُـرد قصة لجنة تقصي مشتركة شكّلوها للوقوف على أوضاع عفرين، والتي رقصوا على أنغامها شهوراً.
بل تلقى الضيفُ ما يثلج صدره، من تقدير واحترام، وبعكس آلاف التقارير- بما فيها تقرير لجنة الأمم المتحدة المستقلة- التي تتهمه هو وشلته وميليشياته وراعيهم تركيا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أعلن نائبه – ممثل ENKS الكردي: لا يوجد تغيير ديموغرافي في عفرين، التجاوزات التي وقعت على المدنيين هي تجاوزات فردية وليست ممنهجة ضد أحد بعينه، لا يمكن تحرير شبر من عفرين وما يحصل فيها نفس ما يحصل في أعزاز وجرابلس والباب، لاسيما وهو ينعى الحوار الكردي – الكردي الثنائي باشتراطاتٍ عديدة.
شو بدّك أحسن من هيك يا حريري، يا صديق أبو عمشة و شقرا واللصوص وحرامية العصر؟!
لا يمكن لأحدٍ أن يحجب فضائح الموبقات والفساد الممنهج في مناطقنا المحتلة، ومن يحمي ويبرر للمجرمين أفعالهم ليس بشريك في أي حوار أو حلٍ سياسي، والكُـرد المخلصون يواصلون كفاحهم المشروع والعادل أينما كانوا.
* جريدة الوحـدة – العدد 327- شباط 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).