القسم العاممختارات

«البشر يشنون حرباً انتحارية على الطبيعة، ولكنهم قادرون على إيجاد الحلول»… الاهتمام بالمناخ من أولويات الأمم المتحدة

جريدة الوحـدة*

صورة/الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح، عنصر رئيسي في الوصول إلى صفر انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري. الصورة لمحطة توليد الطاقة بالرياح في مونتينغرو (دولة الجبل الأسود- جنوب أوروبا).

«التنوع البيولوجي ينهار، ويشرف مليون كائن على حافة الانقراض. الأنظمة البيئية تختفي أمام أعيننا. الصحاري تتوسع، والأراضي الرطبة تتلاشى. وكل عام نخسر عشرة ملايين هكتار من الغابات. المحيطات تتعرض للإفراط في الصيد وتختنق بنفايات البلاستيك، وثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه يزيد حمضية مياه البحار. الشعاب المرجانية تتعرض للتبييض وتموت. تلوث الهواء والماء يقتل تسعة ملايين شخص سنويا، بما يزيد بأكثر من 6 مرات عن عدد ضحايا جائحة كوفيد-19. ويجب ألا ننسى أن 75% من أمراض الالتهابات البشرية الجديدة والناشئة تنتقل من الحيوانات».

هكذا لخص أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة تغير المناخ ومظاهر رد الطبيعة القوي والغاضب على حربٍ وصفها بالحرب الانتحارية التي يشنها البشر ضدها، وذلك ضمن خطابٍ ألقاه في فعالية بجامعة كولومبيا الأميركية المرموقة، ودعا إلى تعزيز العمل على صعيد عدة مجالات لمنع الانزلاق إلى الفوضى ولتغيير علاقة البشر مع الطبيعة وبعضهم البعض.

وأشار الأمين العام إلى مدى اقتراب البشر من وقوع كارثة مناخية، وأضاف أن عام 2020 من أكثر ثلاث سنوات ارتفاعاً في درجات الحرارة على مستوى العالم، كما يعد العقد الماضي الأكثر ارتفاعاً في درجة الحرارة في التاريخ البشري، فيما سجلت حرارة المحيطات مستويات قياسية.

وأشار إلى أن الإغلاقات المرتبطة بجائحة كوفيد-19 قللت، بشكل مؤقت، انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتلوث. ولكن معدلات ثاني أكسيد الكربون تظل عند مستوياتها القياسية، كما أنها تواصل الزيادة (العلم واضح: من أجل الحد من ارتفاع درجة الحرارة كيلا يزيد عن 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، يتعين على العالم خفض إنتاج الوقود الأحفوري بنحو 6% سنويا في الفترة بين الوقت الحالي و2030. ولكن بدلاً من ذلك يسير العالم في الاتجاه المعاكس، إذ توجد خطط لزيادة سنوية تبلغ 2%).

ويرى الأمين العام أن تداعيات ما وصفه بالاعتداء على كوكبنا، تعرقل جهود القضاء على الفقر وتهدد الأمن الغذائي، وتُصعّب العمل من أجل السلام فيما تؤدي الاضطرابات إلى عدم الاستقرار والنزوح والصراع.

وقال: «فلنكن واضحين، الأنشطة البشرية هي الأسباب الجذرية لانزلاقنا نحو الفوضى، ولكن هذا يعني أن العمل البشري هو الذي يمكن أن يساعد في حل ذلك. تحقيق السلام مع الطبيعة هو المهمة الحاسمة للقرن الحادي والعشرين. ويجب أن تكون الأولوية الأولى للجميع في كل مكان».

وأكد أن الوقت قد حان للتحول إلى الاقتصاد الأخضر المستدام المدفوع بالطاقة المتجددة الذي يوفر وظائف جديدة وبنية أساسية نظيفة ومستقبلاً صامداً. وسيساعد العالم الجامع في ضمان أن يتمتع الناس بصحة أفضل مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، وأن يعيشوا بكرامة على كوكب مُعافى، وفق الأمين العام الذي أضاف أن التعافي من كوفيد، وإصلاح كوكب الأرض يجب أن يكونا وجهين لعملة واحدة.

وحول التعامل مع أزمة المناخ، قال الأمين العام في خطابه إن العالم يواجه ثلاث حتميات:

– أولاً: الوصول إلى حياد الكربون (صفر انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري) خلال الثلاثين عاماً المقبلة.

– ثانياً: مواءمة التمويل الدولي مع اتـفاق باريس، الذي يعد خطة العالم للعمل المناخي.

– ثالثاً: تحقيق تقدم كبير في التكيف مع التغير المناخي لحماية العالم، وخاصةً الناس والبلدان الأكثر ضعفاً من الآثار المناخية.

وأضاف: «يجب أن تتبنى كل دولة ومدينة ومؤسسة مالية وشركة خططاً للتحول نحو صفر انبعاثات بحلول عام 2050. وأشجع المتسببين الرئيسيين في الانبعاثات على أن يقودوا الطريق بالقيام بعمل حاسم الآن للسير على الطريق الصحيح لتحقيق هذه الرؤية، بما يعني تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى الدولي بنسبة 45% بحلول 2030 مقارنةً بمستويات عام 2010». وأكد الأمين العام أن كل الأفراد يجب أن يقوموا بدورهم، كمستهلكين أو منتجين أو مستثمرين.

 وأكد غوتيريش ضرورة أن تترجم الحكومات التزاماتها بالوصول إلى صفر الانبعاثات إلى سياسات وخطط وأهداف بأطر زمنية محددة. وقال إن ذلك سيوفر الوضوح والثقة لقطاع الأعمال للاستثمار في حياد الكربون.

وشدد الأمين العام على ضرورة مواءمة كل التدفقات المالية العامة والخاصة مع اتفاق باريس للمناخ وأهـداف التنمية المستدامة.

وأكد على الحتمية الأخلاقية والاقتصادية لدعم الدول النامية في التكيف وبناء الصمود في وجه التأثيرات المناخية الراهنة والمستقبلية.

وذكر أن آثار تغير المناخ والتدهور البيئي تقع أكثر ما يكون على كاهل النساء اللواتي يمثلن 80% من النازحين بسبب المناخ.

ولكنه قال إن النساء أيضاً هُنَّ العمود الفقري للزراعة ورعاة الموارد الطبيعية، ومن بين المدافعين الرئيسيين عن حقوق الإنسان في مجال البيئة. وأضاف: «تمثيل النساء في البرلمانات الوطنية يرتبط بشكل مباشر بتوقيع اتفاقات تغير المناخ. وفيما يضع البشر استراتيجيات إدارة الموارد الطبيعية وحماية البيئة وبناء اقتصاد أخضر، نحتاج إلى مزيد من النساء صانعات القرار حول الطاولة».

يُذكر أن البيئة والغابات والأراضي الزراعية في سوريا قد تضررت بشكلٍ جسيم بسبب الحرب منذ 2011م، وتتعمد الجماعات المسلحة المؤيدة لتركيا بقطع الغابات الحراجية البكرية ومئات الآلاف من الأشجار المثمرة وغير المثمرة في منطقة عفرين، وقد اندلعت فيها عشرات الحرائق المتعمدة وغير المتعمدة.

————

المصدر: الأمم المتحدة- تقرير 2 كانون الأول/ديسمبر 2020م.

* جريدة الوحـدة – العدد 326- كانون الثاني 2021م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى