«الذئاب الرمادية» تُحْظَر في أوروبا تباعًا جريدة الوحـدة*
لا يتوانى الرئيس رجب طيب أردوغان عن رفع يده راسماً شارة الذئاب الرمادية التركية المتطرفة إلى جانب اليد الأخرى بإشارة الأصابع الأربعة الدالة على «شعب واحد وعلم واحد، ووطن واحد، والدولة الواحدة»، أثناء خطاباته الشعبوية ولتأجيج مزيجٍ من المشاعر القومية –الإسلامية لدى جمهوره، لأجل الحفاظ على أنصاره والموالين له وتوسيع نطاق نفوذه.
إذ بات حزب العدالة والتنمية AKP ورئيسه أردوغان يعتمدان على مسندين أساسيين، الدين والقومية، حيث شَبَكا علاقات متينة مع حزب الحركة القومية MHP بزعامة دولت باهتجلي، فتلقا دعماً من الحركة ومنظماتها وإحدى أذرعها القوية منظمة «الذئاب الرمادية» اليمينية المتطرفة، في الداخل والخارج.
منظمة الذئاب الرمادية (Ülkü Ocakları) تأسست في أواخر ستينات القرن الماضي على يد الضابط المتقاعد ألب أرسلان توركيش الذي كان مشاركاً في الانقلاب العسكري عام 1960، وهو الذي أسس حزب MHP في عام 1969 وبقي زعيماً له لغاية وفاته عام 1997م، وتعود تسمية «الذئاب الرمادية» إلى أسطورة قديمة في إشارة إلى اعتقاد «نقاء الجنس التركي والهوية المميزة».
تدور أفكارها حول العرق التركي واستعادة أمجاده وتاريخه، مستلهمة من تاريخ الإمبراطورية العثمانية، وهي جماعة معارضة بشدة للقضية الكردية في تركيا وتُحاول دمج الهوية التركية بالدين الإسلامي في إطار واحد، ووسعت نشاطها ضمن السكان الأتراك والمسلمين داخل دول الاتحاد السوفيتي السابق، وفي قبرص الشمالية المحتلة، ولها فروع في مختلف الدول الأوروبية، وتنشط في قطاعات مختلفة، التعليم والجامعات، المراكز الثقافية والرياضية، الاقتصاد والبيئات الاجتماعية الشعبية، الفقيرة منها خاصةً.
تشكلت منها «فرق الموت»، وشاركت في العنف الذي اجتاح تركيا في سبعينيات القرن الماضي واستهدفت النشطاء اليساريين وأبناء الأقليات، وفي الصراع القبرصي، ودعمت الإيغور في الصين والشيشانيين ضد روسيا، والتتار في شبه جزيرة القرم والتركمان في سوريا.
كما أنها تشارك الرواية التركية الرسمية في قضية الأرمن، بل وتحاربهم أينما كانوا.
ودخلت الجماعة في نزاع أردوغان مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضايا ساخنة، وفي الأخير منها مواجهة فرنسا للإسلام المتطرف، إذ أبدت تأييدها لأردوغان؛ وعلى خلفية تشويه نصب تكريمي لضحايا الإبادة الأرمنية قرب مدينة «ليون» بكتابات شملت عبارة «الذئاب الرمادية» ووقوع توترات حادة بين أرمن وأتراك حول النزاع في ناغورني قره باغ، أعلنت الحكومة الفرنسة حظر الجماعة، إذ قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إنها «تحرض على التمييز والكراهية ومتورطة في أعمال عنف». وبعد يومين في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 اتخذت قرار حلها.
وجاء الرد التركي سريعاً، وتوعدت بـ «رد حازم»، ووصفت الخطوة الفرنسية تلك بـ «الاستفزازية».
ومن جانبه سمح البرلمان الألماني بدراسة حظر منظمة «الذئاب الرمادية» في ألمانيا، حيث وافق في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بالأغلبية على طلب مشترك مقدم من أحزاب الائتلاف الحاكم والحزب الديمقراطي الحرّ (الليبرالي) وحزب الخضر، بخصوص الحظر. كما طالبت الجالية الكردية في ألمانيا عبر بيان صحافي تلقينا نسخةً منه بحظر «الذئاب الرمادية» اليمينية المتطرفة في ألمانيا، إذ رحبت بقرار فرنسا بهذا الخصوص، وقالت: أثبتت الهجمات العنيفة والاعتداءات ومحاولات التخويف والإضرار بالممتلكات من قبل «الذئاب الرمادية « على الأفراد والمنظمات والجمعيات لا سيما في النمسا، وكذلك في فرنسا وألمانيا، وأكدت بوضوح الروح العدوانية الحقيقية لهذه المنظمة. وأيدت الجالية طلب حزبي الخضر واليسار الألمانيين لفرض حظر على منظمة «الذئاب الرمادية»، وتأملت الحصول على دعم من الأحزاب الديمقراطية الأخرى.
وفي هولندا، يوم السبت 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2020م، تقدم الحزب الحاكم المؤلف من ثلاث كتل والحزب الاشتراكي المعارض باقتراح إلى البرلمان من أجل حظر تنظيم «الذئاب الرمادية»، وحظي الاقتراح بالموافقة المبدئية، ومن المقرر التصويت عليه مرةً أخرى بعد مراجعته من قبل الحكومة، وقد جاء في الاقتراح أن «الذئاب الرمادية» تسببت في توتر خطير في المجتمع الهولندي.
ويُذكر أن عناصر الجيش التركي وبعض الموالين لأنقرة من ميليشيات ومعارضين سوريين قد رفعوا شارة الذئاب الرمادية إبان غزو عفرين واحتلالها منذ أكثر من عامين ونصف.
* جريدة الوحـدة – العدد 324- تشرين الثاني 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).