تقرير لجنة التحقيق الدولية بين الرفض والترحيب… حزب «الوحـدة» الكردي يرفع مذكرة حوله إلى الأمم المتحدة
جريدة الوحـدة*
رفعت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا برئاسة باولو سيرجيو بينهيرو تقريرها الأخير A/HRC/45/31 تاريخ 14 أيلول 2020م إلى الدورة الخامسة والأربعون (14 أيلول- 2 تشرين الأول 2020م) لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي تضمن استنتاجات توصلت إليها بناءً على التحقيقات التي أجريت في الفترة (11 كانون الثاني- 1 تموز 2020م)، إذ رصدت وقوع انتهاكات وجرائم في جميع المناطق السورية، وقدَّمت توصيات إلى جميع الأطراف، بالسعي لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وتهيئة الظروف لإجراء محادثات سلام مجدية وضمان الإفراج عن السجناء فوراً وعلى نطاقٍ واسع والوقف الفوري للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بما في ذلك العنف الجنسي والجنساني ضد النساء والفتيات والرجال والفتيان، وضمان وتيسير وصول المنظمات المستقلة المعنية بالشؤون الإنسانية والحماية وحقوق الإنسان، وخصَّت «الجيش الوطني السوري» بأن «يوقف فوراً جميع أعمال النهب للممتلكات المدنية، بما في ذلك المواقع الدينية والأثرية، وأن يعيد هذه الممتلكات إلى أصحابها، وأن يقوم بتأديب أو فصل الأفراد المسؤولين عنها وأن يعلن نتائج إجراءاته، وفي هذا الصدد، توصي اللجنة بأن تبذل تركيا مزيداً من الجهود لضمان النظام العام والسلامة العامة في المناطق الخاضعة لسيطرتها لمنع ارتكاب الجيش الوطني السوري هذه الانتهاكات، والامتناع عن استخدام منازل المدنيين لأغراض عسكرية».
وأوصت اللجنة بأن تبذل قوات سوريا الديمقراطية مزيداً من الجهود لإنهاء تجنيد الأطفال في صفوف وحدات حماية الشعب والمرأة، وكررت توصيتها للدول الأعضاء باستعادة رعاياها في سوريا الذين يزعم أنهم مرتبطون بتنظيم داعش، لاسيما الأطفال مع أمهاتهم، وكررت توصيتها أيضاً بأن تواصل الدول الأعضاء سعيها إلى مساءلة الجناة وتكرر استعدادها لمواصلة تقديم المساعدة في هذا المسعى، بالتعاون الوثيق مع الآلية الدولية المحايدة والمستقلة.
الملفت في التقرير الجديد هو ما ورد فيه من تشخيصٍ لانتهاكات وجرائم مرتكبة في مناطق «عفرين ورأس العين وتل أبيض» شمالي سوريا، الخاضعة فعلياً للاحتلال التركي، على أنها جرائم حرب، إلى جانب بيان المسؤولية عنها إلى حدٍ ما.
وقد تباينت الردود على التقرير بين الرفض والترحيب والانتقادات، إذ أصدر مجلس سوريا الديمقراطية بياناً إلى الرأي العام بتاريخ 18 أيلول 2020م، رحَّب فيه بالتقرير ودعا اللجنة إلى «زيارة شمال وشرق سوريا للتحقق والتأكد عن قرب من صحة المزاعم والادعاءات التي أوردها التقرير بما يخص قوات سوريا الديمقراطية»، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير واجراءات عاجلة وصارمة لوقف الجرائم المرتكبة بحق السوريين، وطالب مجلس الأمن بـ «استصدار قرار يرغم تركيا والفصائل الإرهابية المرتبطة بها على الانسحاب الفوري والكامل من الأراضي السورية، وتشكيل محكمة دولية خاصة بمجرمي الحرب لمحاسبة الدولة التركية ومسؤوليها، وعناصر داعش والفصائل الإرهابية، ووضع المناطق المحتلة من الشمال السوري تحت رعاية قوات حفظ السلام الأممية، وإرسال لجان تقصي الحقائق إلى سوريا للتأكد من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ من خلال عملية سياسية شاملة وذو مصداقية».
أما مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية فعلق بتغريدة عبر تويتر قائلاً: «إن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة جزء صغير من جرائم الحرب التي ترتكبها الفصائل المسلحة بحق شعبنا في عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكرى سبي (تل أبيض) بغطاء سياسي من تركيا». وأضاف في تغريدة ثانية: «في القسم الذي يخصّ قواتنا، هناك تجاهل غير مبرر لحقيقة أن قضية مخيم الهول معقدة وذات بُعد دولي»، مشيراً إلى أن «أغلب الدول ترفض استقبال مواطنيها من سكان المخيم، بينما اختزلت المنظمات الأممية دورها ببعض المساعدات الإنسانية»، قائلاً إن «قسد» بدأت «التحقيق في الحالات الواردة في التقرير التي تتهم قواتنا».
بينما جاء رد «الحكومة السورية المؤقتة» التابعة للائتلاف السوري المعارض في بيانها بتاريخ 19 أيلول 2020م على التقرير قاسياً، إذ أدانته وزعمت أنه متحيز ويتضمن «أكاذيب وافتراءات سياسية» ضد «الجيش الوطني السوري».
ونشر الموقع الالكتروني للائتلاف خبراً أفاد فيه أن نصر الحريري رئيس الائتلاف بعث برسالة إلى رئيس اللجنة المستقلة، وتحفظ على ما ورد في تقريرها وطالبها باطلاع الائتلاف على «تفاصيل القضايا المزعومة في منطقتي عفرين ورأس العين لإحالتها إلى القضاء الوطني في المناطق المحررة للتحقيق فيها ومحاسبة المتورطين فيها، وإنصاف من ثبت انتهاك حقوقهم». وأكد «أن الانتهاكات المزعومة من قبل بعض أفراد الجيش الوطني، يمكن أن تكون مجرد أفعال فردية وغير منهجية…»، في الوقت الذي تمتلك فيه السيطرة والسلطة الفعلية في تلك المناطق هي حكومة أنقرة وما الائتلاف السوري- الإخواني سوى واجهة وأداة بيد تركيا.
وعقب صدور التقرير حذّرت ميشيل باشليت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 18 أيلول، من «تردي حالة حقوق الإنسان في مناطق محدّدة من شمال سوريا وشمال غربها وشمال شرقها والتي تقع تحت سيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة الموالية لها، في ظلّ تفشّي العنف والإجرام». وقالت: «خلال الأشهر الأخيرة، تمّ توثيق تفاقم عمليات القتل والخطف والنقل غير القانوني للأشخاص ومصادرة الأراضي والممتلكات وعمليات الإخلاء القسري» في تلك المناطق، بما فيها عفرين ورأس العين وتل أبيض. ودَعت باشيليت السلطات التركية إلى «احترام القانون الدولي وضمان وقف الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرة تركيا الفعلية.».
فجاء رد وزارة الخارجية التركية سريعاً في نفس اليوم الجمعة، عبر بيان رسمي، نفت فيه مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في شمال سوريا الواردة في تقرير اللجنة المستقلة. وقالت: «نرفض رفضاً قاطعاً المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، لانتهاكات حقوق الإنسان»
ومن جهته وجَّه حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا مذكرة مسهبة حول تقرير اللجنة المستقلة إلى الأمم المتحدة وبعض منظماته وهيئاته المعنية بسوريا، متضمناً انتقادات للتقرير وتوضيح جوانبٍ هامة أغفلتها اللجنة، إضافةً إلى ملاحظاتٍ واقتراحات ومطالب، ومرحباً بالتطور الملحوظ في التقرير الجديد لجهة توصيف الانتهاكات والجرائم في «عفرين ورأس العين» بجرائم حرب يرتكبها «الجيش الوطني السوري» تحت أعين الحكومة التركية.
* جريدة الوحـدة – العدد 322- أيلول 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).