كتاب بولتون «الغرفة التي شهدت الأحداث»… ترامب ترك الكُـرد أمام عدوان أردوغان جريدة الوحـدة*
أثار صدور كتاب جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب المعنون بـ «ذا روم وير إت هابيند- الغرفة التي شهدت الأحداث» جدلاً عالمياً واسعاً، لما احتوى من قضايا ساخنة وكشفاً عن بعض أسرار المكتب البيضاوي.
تسربت نسخ الكترونية عن الكتاب أوائل شهر حزيران، وعرضت كبريات الصحف وفضائيات ووسائل إعلام عالمية محتواه، مما أثار حفيظة الرئيس ترامب، فرفع دعوى قضائية عبر وزارة العدل على الناشر يطالب فيها بمنع توزيع الكتاب لأنه يتضمن «معلومات سرية عن الأمن القومي الأمريكي»، ولكن القاضي رفض الدعوى ووافق على توزيع الكتاب، فصدر يوم الثلاثاء 23 حزيران 2020م، بنفس الوقت في نيويورك ولندن وتورونتو وسيدنى ونيودلهى.
الأمر الأكثر إثارة في الكتاب حديثه عن علاقة ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان له تأثيراً كبيراً على قرارات أمريكا بخصوص سوريا. إذ كشف الكتاب أن ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا و «سمح لتركيا بالسيطرة على المعركة ضد تنظيم داعش» على الرغم من التحذيرات من داخل إدارته، وكذلك تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وحسب ما جاء في تقارير العديد من وسائل الإعلام عن الكتاب، أخبر ترامب أردوغان في مكالمة هاتفية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2018 أن بولتون سيصدر بياناً يفيد بأن الولايات المتحدة فازت في معركتها ضد داعش، وأن الولايات المتحدة ستترك الأمر بيد تركيا للتعامل مع فلول التنظيم في سوريا. فطلب ترامب بعد ذلك من بولتون «التعامل مع الأمر بهدوء وأن يقول إننا غادرنا سوريا، لأننا استطعنا القضاء على داعش».
وفي مكالمة هاتفية لاحقة مع ماكرون، تجاهل ترامب تحذيرات الرئيس الفرنسي بشأن داعش ومصير المقاتلين الكُـرد المتحالفين مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد الجماعة الجهادية المسلحة.
وقال بولتون «تجاهل ترامب تحذيرات ماكرون، قائلاً إننا انتهينا من داعش، وأن تركيا وسوريا ستعتني بأي بقايا للتنظيم». لكن ماكرون رد بقوله إن تركيا تركز على مهاجمة الكُـرد، وستتنازل مع معركتها ضد داعش.
وقال بولتون إن مخاوف ماكرون رددها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي قال إن «أردوغان لا يهتم بداعش». وقال إنه اتفق مع بومبيو على أن وجهات نظر الولايات المتحدة وتركيا بشأن الكُـرد «متضاربة».
وقال بولتون إن أردوغان سعى لطمأنة ترامب بشأن معاملته للكُـرد، وأضاف «لقد قال أردوغان على مضض إنه يحب الكُـرد، لكنه أضاف أن وحدات حماية الشعب، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وحزب العمال الكردستاني، هم ثلاث مجموعات كردية في تركيا وسوريا تتلاعب بالكُـرد، ولا يمثلونهم»، وقال بولتون «لقد سمعنا كل هذا من قبل. هذا نظام الدعاية الخاص بنظام أردوغان».
فالكتاب، يصوّر كيف كانت مكالمات أردوغان المتكررة مع ترامب فعَّالة في جعل الرئيس الأمريكي يفعل ما تريده أنقرة، على الرغم من فشل هذه الطريقة في بعض الأحيان، وخاصة فيما يتعلّق بمسألة رجل الدين الإسلامي التركي «فتح الله غولن» الذي يعيش في منفاه الاختياري ولاية بنسلفانيا الأمريكية، والذي يتّهمه أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب على نظامه عام 2016، وفي جعل السلطات الأمريكية تسقط الاتهامات ضد بنك «خلق» الحكومي التركي، والذي اتهم بالتورط في مخطط يهدف إلى التحايل على العقوبات على إيران بين عام 2011 -2016… فلم يفلح بعد أردوغان في تحقيق هدفيه الأخيرين، الأول تسليم غولن لتركيا، والثاني إسقاط قضية المحاكمة ضد البنك ومحمد هاكان أتيلا الذي شغل منصب نائب المدير العام لشؤون الخدمات المصرفية الدولية وله من علاقات وثيقة مع عائلة أردوغان وصهره وزير المالية والخزانة بيرات البيرق، حيث بدأت قضية البنك و أتيلا مع اعتقال رجل الأعمال الإيراني التركي رضا ضراب في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016 على خلفية تهم غسيل أموال والتحايل على إجراءات وزارة الخزانة الأمريكية ضد إيران، لتمتد قائمة الاعتقالات لاحقًا بتوقيف أتيلا في 27 آذار 2017 والذي أُخلي سبيله في ولاية بنسلفانيا، أواسط تشرين الأول 2019م، بعد /28/ شهراً من السجن، وبعد عودته إلى تركيا تم تعيينه فوراً رئيساً لبورصة استنبول. وبخصوص هذا الملف كتب بولتون: «أثار أردوغان موضوعاً مفضلاً آخر، نوقش مع ترامب كثيراً: إدانة المصرفي التركي محمد هاكان أتيلا، وهو مسؤول كبير في بنك خلق الحكومي التركي، بتهمة خرق عقوباتنا على إيران. هدّد هذا التحقيق الجنائي المستمر أردوغان نفسه بسبب مزاعم اعتماده وأسرته عليه لأغراضهم الشخصية، وهو ما سَهُل أكثر عندما أصبح صهره وزير المالية التركي. بالنسبة إلى أردوغان، كان غولن وحركته مسؤولين عن الاتهامات الموجهة إلى بنك خلق، حيث كان كل ذلك جزءاً من مؤامرة ضده وضد عائلته وثروتها المتزايدة. أراد الرئيس التركي إسقاط القضية، وهو أمر أصبح مستبعداً بعد أن غرقت النيابة الأميركية في عمق عمليات الاحتيال التي تتم عبر البنك. أخيرا، يشعر أردوغان بالقلق من التشريع المعلق في الكونغرس والذي سيوقف بيع طائرات إف 35 إلى تركيا لإصرار أنقرة على شراء نظام الدفاع الجوي الروسي إس 400. وإذا أتمت تركيا الصفقة، سيؤدي هذا إلى فرض عقوبات إلزامية ضدها بموجب قانون العقوبات ضد روسيا لسنة 2017. كان لدى أردوغان الكثير ليقلق بشأنه».
يُذكر أن التحقيق القضائي في أمريكا وتحقيق وزارة الخزانة الأمريكية ضد بنك «خلق التركي وأتيلا» مستمران.
* جريدة الوحـدة – العدد 321- آب 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).