«النصرة» و «الجيش الوطني السوري» يمنعان الطلاب من الوصول إلى المناطق الحكومية لأجل تقديم الامتحانات جريدة الوحـدة*
يعاني مجال التربية والتعليم في عموم سوريا من تدهور الإمكانات وتدني مستوى التحصيل العلمي بسبب تداعيات الحرب المزمنة، ولكن بقيت المؤسسات التعليمية والجامعات في مناطق سيطرة حكومة دمشق، مقبولة بالمقارنة مع باقي المناطق، ولا زالت تحظى بطموح الدراسة فيها من قبل عشرات آلاف الطلاب من سكان المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية والتي تقع تحت سيطرة («هيئة تحرير الشام – النصرة، وحكومة الإنقاذ السورية» و «الجيش الوطني السوري، والحكومة السورية المؤقتة- الائتلاف السوري المعارض»)، على أمل حجز مقعد في إحدى جامعاتها والحصول على شهادةٍ معترف بها على كامل الأراضي السورية وفي الخارج أيضاً.
ولكن في هذا العام، ومع قرب حلول مواعيد تقديم امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، وبعد اتخاذ السلطات السورية إجراءات السماح للطلاب بالدخول إلى مناطقها والتي كانت معابرها مغلقة ولا زال مع مناطق (جرابلس، الباب، اعزاز، عفرين، إدلب)، وفتحت معبر في سراقب بريف إدلب، بينما منعت «هيئة تحرير الشام – النصرة، والجيش الوطني السوري» الطلاب من السفر وصادرا بطاقاتهم الإمتحانية، إذ قال عادل حديدي «وزير التربية والتعليم لدى حكومة الإنقاذ السورية»: سنتخذ إجراءات رادعة في السلك التعليمي بحق من يرسل الأبناء… وقال محمد سالم مدير العلاقات العامة لدى هذه الحكومة: قامت دوريات الشرطة بإعادة السيارات التي كانت تقل الطلاب المتوجهين إلى مناطق النظام، وسيحال العابثون بعقولهم إلى القضاء… كما أن ميليشيات ما تسمى بـ «درع الفرات» منعت الطلاب من تجاوز معبر «عون دادات» التابع لمنطقة جرابلس، نحو منبج وباتجاه حلب. إلا أعداداً قليلة من الطلاب قد وصلوا إلى مناطق النظام بواسطة شبكات تهريب البشر ودفع مبالغ كبيرة. وقال موقع روسيا اليوم في 21/6/2020 إن القوات الروسية شاركت في تأمين وصول طلاب- معظمهم من منبج- إلى حلب، وأضاف «تتم إجراءات نقل الطلاب إلى حلب بمساعدة المركز الروسي للمصالحة، ويخضع الطلاب الوافدون لفحوص طبية لمنع انتشار فيروس كورونا».
وبعد عودة الطلاب الذين مُنعوا من السفر إلى بيوتهم في إدلب، تعرضوا إلى الاهانة، وعوقب بعضهم. إذ قال موقع روسيا اليوم في 19/6/2020م «منعت الفصائل المسلحة المسيطرة على محافظة إدلب السورية وبدعم تركي طلاب المحافظة من دخول مناطق سيطرة الحكومة لتقديم امتحاناتهم، وسجنت بعضهم». ونقل الموقع على لسان مدير التربية في إدلب عبد الحميد معمار- التابع لحكومة دمشق، أن أفراد تلك الفصائل «قاموا بسجن عدد من الطلاب، كما كسروا سيارات لسائقين حاولوا نقل الطلاب، وهددوا الطلاب وأهاليهم بالسجن وباتخاذ عقوبات أشد في حال ترحيل أبنائهم إلى حماة لتقديم الامتحانات»، مضيفاً «كنا بانتظار قدوم 2684 طالباً، إلا أن عدد الطلاب الذين استلموا بطاقاتهم لا يتجاوز الألف طالب».
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته يوم الجمعة 19 حزيران، حسب روسيا اليوم، إن إقدام مسلحي تنظيم «هيئة تحرير الشام» يوم الخميس 18 حزيران، على منع قافلة مكونة من 17 شاحنة كانت تقل الطلاب من مدارس إدلب، من مغادرة المنطقة إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، يمثل «حادثاً آخر يدل بوضوح على تعسف مسلحي إدلب الذين يرهبون المدنيين ويرتكبون الجرائم والأفعال غير القانونية بحقهم». وشددت الوزارة على أن «إعاقة حرية تنقل المدنيين في ظروف النزاعات المسلحة يعد انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي».
كما صدر بيان مشترك، في 19 حزيران 2020م، بين منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، السيد عمران رضا، ومنسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، السيد كيفين كينيدي، ناشدا فيه كافة الأطراف لتيسير العبور الآمن للطلاب المسافرين نحو المناطق الحكومية لأداء امتحاناتهم الدراسية النهائية. ووفقاً للبيان، كان من المتوقع أن يسافر نحو 23 ألف طالب، ومعظمهم من الشمال الشرقي وأيضا من شمال غرب سوريا، عبر خطوط التماس نحو المناطق الحكومية في سوريا؛ وسوف ينضمون لما يقارب 250 ألف طالب في كافة أنحاء البلد من الذين سيخضعون للامتحانات الوطنية المقرر أن تبدأ في 21 حزيران/يونيو. وأشار البيان إلى تقارير تفيد بقيام المجموعات المسلحة غير الحكومية بمنع عشرات الطلاب من العبور الآمن عبر نقاط التفتيش في محافظتي إدلب وحلب أثناء توجههم إلى مراكز الامتحانات. وشدد المسؤولان الأمميان على أن أي تدخل في التعليم، الذي هو حق لهم، يعتبر أمراً غير مقبول.
وإذ أبدى الائتلاف السوري- الإخواني ورئيسه أنس العبدة امتعاضه من البيان الأممي وأدانه، مطالباً الأمم المتحدة بالاعتذار.
ولدى عودة عشرات الطلاب من أبناء منطقة عفرين بعد تقديم امتحاناتهم إلى ديارهم تعرضوا للاعتقال والإهانات وابتزاز أهاليهم لدى الميليشيات المسلحة في مناطق ما تسمى بـ «درع الفرات»، كما أن المسلحين أعادوا منع الطلاب من السفر إلى مناطق سيطرة النظام السوري، الذين كانوا يرغبون تقديم امتحانات الشهادتين (الإعدادية والثانوية) التكميلية التي أجريت أواسط شهر آب 2020م، بل وتعرض بعضهم للإعتقال.
هذا، ويعتبر حرمان الطلاب من حق الحصول على التعليم ومن حرية التنقل في بلدهم مخالفةً جسيمة للمادتين /13/ و /26/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
* جريدة الوحـدة – العدد 321- آب 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).