«إبرو تيمتك» من مدافعة عن الإنسان إلى بطلة وشهيدة في وجه الطغيان جريدة الوحـدة*
في أيلول 2017م، تعرض /20/ محامياً في استنبول للاعتقال، وبعد خمسة أيام أطلق سراحهم، إلا أنه بعد /10/ ساعات فقط أصدرت نفس الهيئة قراراً بإعادة اعتقال /12/ منهم- في دلالةٍ واضحة عن خضوع هيئة المحكمة لقرار سياسي من حكومة انقرة وأجهزتها الأمنية، وتمت محاكمتهم بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية وإدارتها، وكان بينهم المحاميان «إبرو تيمتك» التي حوكمت بالسجن /13/ عاماً وستة أشهر و «آيتاج أونسال» بالسجن /10/ سنوات وستة أشهر، حيث أن المحامين المعتقلين كانوا أعضاء في جمعية الحقوقيين الجدد (ÇHD) التي أغلقت بقرار من السلطة القضائية العليا، الذين كانوا يدافعون عن المعتقلين المعارضين لحكومة العدالة والتنمية وعن العمال والشعب الكردي.
احتجاجاً على قرارات الحكم قرر عددٌ من المحامين المحكومين بالسجن الإضراب عن الطعام، مطالبين بمحاكماتٍ عادلة، إذ بدأت «تيمتك» بالإضراب في 2 كانون الثاني 2020م ولحقها فيما بعد زميلها «أونسال»، حيث فقدا وزمنً كبيراً من جسميهما، وتدهورت صحتيهما مؤخراً، فنُقلا إلى مشفى «باكركوي- د. سادي كونك» باستنبول، إلى أن توفيت «تيمتك» في 27 آب 2020م مكتملةً /238/ يوماً من الإضراب، وزميلها في وضعٍ خطر بعد أن تجاوز /210/ من الإضراب.
لم يهتم القضاء التركي ووزارة العدل ووزارة الداخلية والرئيس أردوغان بمناشدات ونداءات داخلية وخارجية، حقوقية ومدنية، بضرورة الإفراج عن المحامين المعتقلين ومقاضاتهم بمحاكمات عادلة، خاصةً أولئك الذين تدهورت صحتهم إلى حد الوفاة.
وكان المحامي صلاح الدين دميرتاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي HDP السابق والمعتقل في سجن «أدرنه» التركي قد ناشد وزير العدل التركي عبر رسالةٍ منشورة في صفحته على تويتر، قائلاً: «بعيداً عن جميع الأفكار السياسية، من فضلكم لا تَدَعو الإنسانية تموت. لأول مرة من أجل زملائنا أناشد سياسياً بطلب. من فضلكم اهتموا بهذه القضية، ليبقى المحاميان إبرو تيمتك و آيتاج أونسال أحياءً».
وكانت حشودٌ من محبيها مجتمعة أمام مقرّ نقابة المحامين في استنبول التي أَسدل في واجهته صورة كبيرة للفقيدة «تيمتك»، صباح الجمعة 28/8/2020م، بينهم برلمانيون من حزب الشعوب الديمقراطي، وأعضاء من منظمات (أمهات السبت، أمهات السلام، جمعية حقوق الإنسان «ÎHD»، جمعية الحقوقيين الجدد) والعديد من المنظمات الأخرى، إلى جانب شخصيات سياسية وأكاديمية عديدة، للمشاركة في تشييع جثمانها. إلا أن الشرطة التركية حاصرت سيارة الجنازة وخطفتها من مقرّ الطب العدلي باتجاه مقبرة غازي مباشرةً دون المرور بمقرّ النقابة، مما حدا بالحضور إلى اعتراض الشرطة، لكنها استخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريقهم وضربت بعض مصوري الصحافة والإعلام لمنعهم من توثيق الحدث.
أُلقيت العديد من الكلمات في وداع الشهيدة البطلة تيمتك، واستقبلت التعازي في جامع «غازي» باستنبول؛ فهي من أبوين كرديين، مواليد ديرسم عام 1978م، وقضت حياتها في التحصيل العلمي والمحاماة، وفي الدفاع عن قضايا الشعوب ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى أن ضحت بروحها دفاعاً عن العدل والمساواة، ضد القهر والطغيان.
ومن جانبهما حيَّ حزبا «الوحدة و التقدمي» الكرديان في سوريا بطولة الشهيدة « تيمتك» واستنكرا استهتار تركيا بحقوق وحياة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وذلك عبر تصريح مشترك صادر في 29/8/2020م. وأكدا على «أن أغلب المعارضات التركية والأوساط المدافعة عن حقوق الإنسان تُتهم بالإرهاب وأصبح التجاوز على حقوق الإنسان في تركيا في ظل حكومة أردوغان أمراً شائعاً».
* جريدة الوحـدة – العدد 321- آب 2020م– الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).