نداءات كردية في منتدى الأقليات الثاني عشر بجنيف… الكُـرد يعانون من سياسات التعريب والتتريك إعداد: محمد دلي*
عدد كبير من الوفود الكردية, مثلت هيئات وجمعيات ومنظمات مدنية متنوعة, حملت معها معاناة الكُـرد السوريين في مجالات التعليم واللغة, وحضرت الدورة الثانية عشرة لمنتدى الأقليات الذي نظمته الأمم المتحدة في جنيف, يومي 28-29 تشرين الثاني/نوفمبر2019، والذي انعقد بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ويقوم هذا المنتدى بتحليل الممارسات والتحديات والفرص والمبادرات في التعامل مع تعليم لغات الأقليات باعتبارها مسألة حقوق إنسان، تماشياً مع المبادئ والحقوق المنصوص عليها في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقوام وإثنيات أو إلى أقليات دينية ولغوية وغيرها من الصكوك الدولية ذات الصلة.
عملاً بقرار مجلس حقوق الإنسان 6/15 المؤرخ 28 أيلول/سبتمبر 2007 والقرار 19/23 المؤرخ 23 آذار/مارس 2012, ومن المقرر بعدها أن يوجه المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات أعمال المنتدى، ويعد اجتماعاته السنوية وتقاريره بشأن توصيات ومواضيع المنتدى إلى مجلس حقوق الإنسان. وسيتم تقديم توصيات الدورة الثانية عشرة في الدورة /43/ لمجلس حقوق الإنسان في آذار/مارس 2020. وقد تم بث الجلسة وكلمات الوفود بشكل مباشر على تلفزيون الأمم المتحدة، تابعه العالم وخاصة المهتمون بمثل هذه القضايا.
بينت الوفود الكردية حالة التعليم واللغة الكردية في ظل ممارسات وانتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته في المناطق الكردية.
من جانب آخر دلت ردة فعل مندوبة النظام السوري على قوة كلمات الوفود الكردية التي فضحت سياساته في تعريب المناطق الكردية, وخلال كلمتها اعترضت المندوبة على كلمات الجمعيات الكردية واتهمتهم بالتضليل وعدم الاحترام, اتهمتهم بتقديم صورة مشوهة عما يحدث في سوريا و(عدم احترام للمستمعين) وبتبرير وضع غير شرعي وغير قانوني، واتهمت قوات سوريا الديمقراطية بالسعي وراء (أجندات انفصالية)، محاولةً التحايل على الأمم المتحدة من خلال التأكيد على مجانية التعليم في سوريا وأنه متاح لجميع مكونات سوريا بمن فيهم الأكراد.
أكد ممثلو المنظمات الكردية في كلماتهم على أن النظام السوري والاحتلال التركي لا يراعيان خصوصية الشعب الكردي ولا توجد مناهج تعليمية رسمية سورية باللغة الكردية، علماً أن تعداد الكُـرد يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة في سوريا.
لقد فضحت الكلمات المكثفة (رغم الوقت القصير المخصص لكل منها في دقيقتين فقط) مأساوية أوضاع اللغة الكردية والتعليم والطفولة وحقوق الإنسان في ظل انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته في مناطق عفرين وسري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض.
على هامش الجلسة التقت الوفود الكردية بالعديد من مندوبي الفعاليات القادمة إلى المنتدى من مختلف مناطق العالم، موضحةً لها ما يعانيه الشعب الكردي في المنطقة وفي سوريا من سياسات التعريب والتتريك.
من الكلمات التي ألقيت في المنتدى:
1. حسين نعسو باسم الهيئة القانونية الكردية، باللغة العربية.
2. أفين محمود باسم منظمة شباب بلا حدود ومديرة جمعية المساندة الإنسانية.
3. علي عيسو باسم مدير جمعية (زهرة الزيتون)، باللغة العربية.
4. ميديا محمود باسم مؤسسة ايزيدينا، باللغة الإنكليزية.
5. روبار إيبش باسم المركز الكردي للدراسات والاستشارات القانونية.
6. عماد شيخ حسن باسم مركز ليكولين للدراسات والأبحاث القانونية.
7. جوان قدو باسم جمعية رامان للطلبة الكُـرد في ألمانيا.
7. الجمعية الثقافية الكردية في جنيف.
إضافةً إلى حضور ممثلين عن (جمعية افرين سويس، التحالف الكردي السويسري، مركز زاغروس لحقوق الإنسان، منصة عفرين) وآخرين، وقيامهم بنشاطات عديدة.
وتم تسليم العديد من الرسائل الفردية والجماعية لجهات حاضرة، منها واحدةٌ إلى المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون، بجنيف في ٢٩/١١/٢٠١٩، موقعةً من /11/ جهة ومنظمة غير حكومية سورية، حيث عقد وفدٌ مؤلف من (ميديا محمود، عماد شيخ حسن، حسين نعسو، علي عيسو) نيابةً عن تلك المنظمات لقاءً قصيراً مع السيّدة جولي تيتارد مسؤولة الشؤون السياسية في مكتب المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسون؛ حيث «نقلوا من خلال اللقاء رسالة شفوية وخطية للمبعوث الأممي، عبروا من خلالها بصورة أساس عن استيائهم من قوام وآلية تشكيل اللجنة الدستورية السورية الحالية وإغفال القائمين على تشكيلها لعدة جوانب واعتبارات جوهرية، تتمثل أبرزها في غياب التمثيل العادل للكورد في سوريا عن هذه اللجنة، محذرين في الآن ذاته من عواقب ذلك وآثارها السلبية ومطالبين بتداركها وضرورة تطعيم اللجنة بإضافة أسماء أعضاء كُـرد من ذوي الاختصاص».
وإليكم مقتطفات مما جاء في بعض الكلمات التي أُلقيت في المنتدى:
الهيئة القانونية الكردية – المحامي حسين نعسو:
(طيلة العقود الماضية من تولي الحكومات السورية المتعاقبة لسدة الحكم في سوريا، كان حرمان الكُـرد كثاني أكبر قومية في البلاد يعيشون على أرضهم التاريخية من التعلُّم بلغتهم الأم، والتنكر لهويتهم القومية وحقوقهم المشروعة عنواناً بارزاً ورئيسياً لسياسات تلك الحكومات الساعية إلى صهر الكُـرد في بوتقة القومية العربية.
الآن أنظار الملايين من أبناء شعبي الكردي متجهة إلى هذه القاعة عبر هذه الشاشة وهم يتأملون توصيات من شأنها أن تنصفهم وتنجيهم من الإبادة… يرتكب بحقه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على مرأى من منظمتكم ومن العالم الحر، من قتل واختطاف وتعذيب واغتصاب وتهجير قسري وتدمير للأماكن الأثرية والمزارات الدينية وقطع للأشجار والقضاء على مقومات الحياة واستخدام للسلاح المحرم دولياً من قبل الاحتلال التركي الذي أقدم برفقة جحافل المرتزقة من بقايا داعش والنصرة على غزو المناطق الكردية بدءاً من عفرين ومروراً بكري سبي وسري كانيه، حيث تحاول تركيا القضاء على الوجود التاريخي الكردي في شمال سوريا من خلال التهجير القسري لمئات الآلاف منهم وتوطين واستيطان عرب وتركمان بدلاً عنهم بحجة المنطقة الآمنة.
ومن هنا نتوجه إلى محفلكم الكريم هذا بضرورة التوصية:
– بإنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية والخروج الفوري من المناطق الكردية.
– إلزام الحكومة السورية للاعتراف بالهوية القومية الكردية دستورياً في دولة اتحادية، واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في الدولة إلى جانب العربية.).
مؤسسة ايزيدينا – ميديا محمود:
(أنا امرأة كردية من شمال سوريا، ترعرعت داخل أسرة حافظت على لغتها، إلا أنني حتى الآن لا أجيد لغتي الأم بالشكل المطلوب والسبب هو عدم الاعتراف بقوميتنا ولغتنا ومحاربتها من قبل الحكومات المتعاقبة على سوريا.
ففي مناطق النظام لا يزال الكرد يُحارَبون لانتمائهم القومي، أما في المناطق التي احتلتها تركيا مؤخراً بمساندة الجيش الوطني السوري، كعفرين وسري كانيه فتدريس اللغة الكردية ممنوع ويفرض على الكُـرد تَعلُّم اللغة التركية قسراً، كما تم تغيير أسماء قرى كردية في مناطق عفرين إلى أسماء تركية ورفعت الأعلام التركية على جميع المؤسسات.
لقد استطاع الكُـرد في الشمال السوري حماية مناطقهم التاريخية وإنشاء إدارة ذاتية تحتضن جميع مكونات المنطقة، وبدؤوا بتعلُّم لغتهم الأم في المدارس، وإنشاء جامعات ومعاهد ومراكز ثقافية كردية، وهذه الفرحة شارك فيها حتى هؤلاء الأطفال، ولكن للأسف لم تكتمل فرحتهم بسبب احتلال المناطق الكردية من قبل الجيش التركي.
سيدتي الرئيسة، إن العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا في الشمال السوري في التاسع من أكتوبر هذا العام تحت اسم «نبع السلام»، هي عملية عسكرية غير مبررة قانونيًا وبعيدة كل البعد عن السلام، بل هي بالنسبة لسكان المنطقة من مختلف الأقليات القومية والإثنية «نبع الإرهاب».
أما عن انتهاكات الجيش التركي والفصائل السورية المعارضة التي تقاتل إلى جانبه والمؤلفة معظمها من مقاتلين سابقين لدى تنظيم داعش الإرهابي ، فإنه لا يكاد يمرّ يوم دون أن تسجل انتهاكات جسيمة بحق المدنيين وممتلكاتهم.
سيدتي الرئيسة، أنقذوا شعوب الشمال السوري من الإبادة العرقية والدينية والثقافية، أوقفوا هذه الحرب واضغطوا على المجتمع الدولي كي يقوم بدوره الإنساني على أكمل وجه.).
مركز ليكولين للدراسات والبحوث القانونية- المحامي عماد الدين شيخ حسن:
(لضيق الوقت سأكتفي بسرد واقع عفرين الحالي مثالاً للدلالة على ما تعرّض و يتعرض له الإيزيديون كأقلية دينية والكورد عموماً في سوريا كشعبٍ أصيل يعيش على أرضه التاريخية .
هذه المنطقة التي عانت عقوداً من الاضطهاد والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق في ظل نظام حزب البعث الحاكم، تعيش الآن و منذ الاحتلال التركي لها واقعاً خطيراً جداً وممنهجاً لا يطال حقوق الكورد فحسب بل وجودهم ككل .
حيث نقلنا للعالم وعبر آلاف الصور والفيديوهات والوثائق الدامغة، جزءاً يسيراً من حقيقة ما ترتكبه تركيا وأدواتها من قوى التطرف والإرهاب تحت مسمّى الجيش الوطني السوري التابع لما يسمى بالائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة من جرائم وانتهاكات في عفرين، ترقى في معظمها سنداً للقانون الدولي واجتهاداته وأعرافه إلى جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية وكذلك جرائم الإبادة الجماعية سنداً للمادة (٢) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية (١٩٤٨) وأيضا جرائم التطهير العرقي.
تلك الجرائم التركية الممنهجة التي تستهدف الكورد والقضاء عليهم في عفرين وسوريا عموماً و بشتى السبل دون أي رادع أخلاقٍ أو دين، أدّت إلى تشريد وتهجير ما لا يقل عن (٣٥٠) ألف إنسان يعيشون حالياً في العراء والمخيمات، لتتقلص نسبة الكورد في عفرين من ما لا يقل عن (٩٦%) إلى ما لا يزيد عن (٢٥%) وما زال الإجرام مستمراً بحقّ النسبة المتبقية، تزامناً مع عمليات توطين غير الكورد ومع كل ما من شأنه إحداث التغيير الديمغرافي الممنهج داخل عفرين والقضاء على أي طابعٍ أو خصوصية لهذا الشعب الأصيل، عبر تدمير وحرق ونهب آثاره وتراثه ومقدساته وكل ما يرمز إلى وجوده.
لذلك نناشدكم والمجتمع الدولي من خلالكم إنقاذ هذا الشعب الأصيل.).