دور «قسد» في مقتل «البغدادي» يغيظ تركيا التي تبتز أوروبا مجدداً بملف بعض عناصر «داعش» جريدة الوحـدة*
كانت تركيا على مرّ سنوات الأزمة السورية ولا تزال الرئة التي يتنفس منها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومختلف التنظيمات الإسلامية الراديكالية، من مقومات لوجستية ومنفذ للتنقل بين سوريا وشمال أفريقيا وأوروبا ووسط آسيا، وقد صدرت آلاف الدراسات والمقالات حول علاقة حكومة العدالة والتنمية- تركيا مع تلك التنظيمات مسنودة بالأدلة والوثائق.
كانت عملية تصفية أبو بكر البغدادي في شمال محافظة إدلب السورية وبالقرب من الحدود التركية إحراجاً كبيراً لحكومة أردوغان، فسارعت إلى إطلاق حملةٍ إعلامية لتُبرء ساحتها من تلك العلاقات المشبوهة، ولتُظهر نفسها مناهضة لداعش، ولتعلن اعتقال زوجة البغدادي وشقيقته وبعض المقربين منه وآخرين من داعش، لتبتز أوروبا من جديد بإرسال دواعش ممن يحملون جنسية دولها.
تصفية البغدادي في قرية باريشا شمال إدلب- 7 كم عن الحدود التركية، ليلة السبت- الأحد 27 تشرين الأول 2019، جاءت بعملية عسكرية أمريكية، سبقها تعاون استخباراتي مشترك بين أمريكا وقوات سوريا الديمقراطية «قسد».
إذ أكد البنتاغون، على لسان قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكينزي خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء 30/10/2019، أن الذي قتل في العملية هو البغدادي بالذات بعد مطابقة حمضه النووي- الذي كان متوفراً لدى الاستخبارات الأمريكية منذ ان كان معتقلا في أحد السجون العراقية عام 2004، وأن البغدادي فجَّر نفسه وطفليه الصغيرين اللذين لم يزد عمريهما عن /12/ عاماً، والذي حاول الفرار عبر نفق لكنه كان مسدوداً، وأضاف أن العملية أدت إلى مقتل 5 عناصر من داعش، بينهم 4 نساء، إلى جانب البغدادي. وتابع قائلاً إن عناصر القوات الخاصة الذين شاركوا في العملية ضبطوا كميات كبيرة من الوثائق والأجهزة الإلكترونية التي تمكنوا من العثور عليها في المكان. وأن رفات البغدادي دفنت رمياً في البحر وفقاً لقوانين النزاعات المسلحة.
وأكد تنظيم داعش، الخميس 31 تشرين الأول 2019، مقتل زعميه «البغدادي»، وأعلن تعيين خلفٍ له يدعى «أبو إبراهيم الهاشمي القرشي»؛ حيث كان التنظيم قد سيطر على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا بين عامي 2014 و2017، وارتكب فظائع مروعة، إلى أن فَقًد آخر معقلٍ له في الباغوز- شرق سوريا، في آذار 2019، على يد قوات سوريا الديمقراطية، بمساندة التحالف الدولي المناهض للإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فلاذ البغدادي ومجموعةٍ معه بالفرار إلى البادية ومن ثم إلى محافظة إدلب، الحاضنة التي تأوي جبهة النصرة وغيرها من شقيقات داعش، حيث كانت استخبارات «قسد» في متابعةٍ ومراقبةٍ لصيقة له، إلا أن حددت هويته ومكان تواجده بدقة بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، حيث جُلبت منه لباساً داخلياً ليتم التعرف عليه بتحليل الحمض النووي، حسب تأكيدات الجنرال مظلوم عبدي قائد «قسد».
حملت عملية القضاء على البغدادي اسم الشابة الأمريكية «كايلا مولر /26/ عاماً» التي كانت تعمل في مجال الإغاثة، واختطفها داعش في آب 2013 بحلب، وتم اغتصابها مراراً إلى أن قُتلت على يد التنظيم في شباط 2015م.
كما أعلن مظلوم عبدي استهداف أبو الحسن المهاجر- المتحدث باسم داعش، يوم الأحد 27 تشرين الأول 2019، في «عملية منسقة بين مخابرات قوات سوريا الديمقراطية والجيش الأمريكي»، أدت إلى مقتله.
إذاً كان لـ»قسد» دوراً كبيراً في مقتل البغدادي، وهذا ما أغاظ تركيا ورئيسها أردوغان كثيراً، الذي يشتاط غضباً من التقدير والاحترام اللذين يحظى بهما «قسد» لدى المجتمع الدولي، لما لها من دور كبير في مكافحة الإرهاب العالمي.