الجيش التركي ومرتزقته يخرقون وقف إطلاق النار ويستمرون في ارتكاب جرائم الحرب
موقع يك.دم (YEK-DEM)
18 تشرن الأول 2019
بعد تسعة أيام من المقاومة البطولية التي تُسطرها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في مدينة سري كانيه وغيرها، في وجه الغزو التركي، رغم اختلاف القوة العسكرية عدداً وعتاداً لصالح العدو، إضافةً إلى توسع الإدانات ومطالبات دولية بوقف العملية العسكرية التركية واتخاذ عددٍ من الدول لإجراءات عقابية ضد تركيا، وكذلك توافق كتلتي الجمهوريين والديمقراطيين في أمريكا حول رفض وإدانة قرار الرئيس ترامب القاضي بسحب القوات الأمريكية من شمال وشرق سوريا، وتركه لـ “الحلفاء الأكراد” دون حماية من الاعتداءات، إلى جانب تفاهم قيادة “قسد” مع الجيش السوري بإشرافٍ روسي حول انتشاره في مناطق شمال وشرق سوريا وحمايتها، الذي جرى تنفيذه عملياً في عدة محاور خلال الأيام الخمسة الماضية… بادرت الإدارة الأمريكية إلى إرسال وفدٍ رفيع المستوى برئاسة نائب الرئيس مايك بنس، والتقى بالرئيس رجب طيب أردوغان وطاقمه، فتوصل البارحة مساءً إلى إصدار بيان مشترك من /13/ بنداً، يقضي بوقف إطلاق النار؛ وقد أصدرت قيادة “قسد” بياناً أعلنت فيه موافقتها على الوقف بـ “طول جبهات القتال الممتدة من مدينة رأس العين/ سري كانيه شرقاً وحتى مدينة تل أبيض غرباً… اعتباراً من الساعة 22:00″، كما أعلنت اليوم الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية عبر بيانين منفصلين عن موافقتهما على قرار “قسد”. إلا أنه رغم الارتياح العام هناك غموض وتساؤلات واعتراضات عديدة حول ذاك الاتفاق المبرم بين أمريكا وتركيا.
تركيا تخرق وقف إطلاق النار
مع حلول الصباح وخلال نهار اليوم لم يتوقف قصف الطيران والمدفعية التركية الثقيلة على بعض مدن وقرى شمال وشرق سوريا، بعضها أمام كاميرات شاشات الفضائيات؛ فلم يتم فك الحصار العسكري أو وقف إطلاق النار عن مدينة سري كانيه (رأس العين) حتى تستطيع قافلة سيارات من المدنيين بالدخول إليها وإجلاء الجرحى ونقل جثامين الشهداء منها، بل تم استهدافها بالقناصة واضطرت للتوقف في قرية مشرافة – 1كم عن رأس العين- ليقوم بعضهم بإخراج جثامين /17/ مدنياً من تحت أنقاض منازلهم، قد استشهدوا سابقاً.
كما تم استهداف قرى– ريف سري كانيه: “أم الخير” فاستشهد /9/ مدنيين وجُرح حوالي /20/ منهم، و “زركان” فاستشهد /3/ مدنيين وجرح /5/ منهم، و “أبو راسين” ليقع حوالي /30/ مدني بين شهيد وجريح.
وبما أن إعلان إيقاف إطلاق النار بين طرفين متحاربين بمثابة “اتفاق هدنة”، فإن تلك الخروقات من الجانب التركي تُعدُّ مخالفات جسيمة لاتفاقية لاهاي /1907/ المنصوصة عنه.
جرائم حرب لا تسقط بالتقادم
هناك وحشية واضحة واستخدام مفرط للقوة في العدوان التركي على شمال وشرق سوريا، وكذلك حالات جرحى مصابين بحروق تدل على استخدام أسلحة محرمة دولياً، مثل النابالم والفوسفوري.
وفق المادة /1/ من اتفاقية لاهاي 1907: “إن قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها لا تنطبق على الجيش فقط, بل تنطبق أيضاً على أفراد الميليشيات والوحدات المتطوعة…”، والمادة /8/ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تُعرِّف “جرائم الحرب”، والمادة /8 مكرر/ من ذات النظام التي تُعرِّف “جريمة العدوان”، فإن الحكومة التركية تتحمل كامل المسؤولية القانونية عن “جريمة العدوان” على الأراضي السورية – شمال وشرق البلاد، باستعمال القوة المسلحة وبصورة تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني، وكذلك المسؤولية عن “جرائم الحرب” التالية:
- تَعمُّد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أدت إلى تهجير قسري لنحو /300/ ألف من السكان المدنيين، وقد ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي ضد الكُـرد والأقليات الأثنية والدينية الأخرى.
- تَعمُّد توجيه هجمات ضد المدنيين، حيث سقط حوالي /218/ شهيد مدني، بينهم /18/ طفلاً و/5/ من الكادر الطبي وصحفيان، و/653/ جريحاً، بينهم أطفال ونساء وكبار السن، حسب احصاءات هيئة الصحة لدى الإدارة الذاتية لغاية 17 تشرين الأول، في وقتٍ لم يكونوا فيه الضحايا غير مشاركين في نشاطات عسكرية.
- استهداف قافلة سيارات تقل مدنيين، ضمن مدينة سري كانيه، يوم الأحد 13 تشرين ألأول 2019، وارتكاب مجزرة إثر قصفها من قبل الجانب التركي، راح ضحيته حوالي /20/ شهيد مدني وحوالي /100/ جريح، بينهم صحفيين.
- اختطاف سيارة إسعاف مع /4/ من الكادر الطبي، عائدة للهلال الأحمر الكردي، صباح الأحد 13/10/2019، عندما كانت متوجهة إلى مدينة تل أبيض لإنقاذ المصابين.
- استهداف النقطة الطبية للهلال الأحمر الكردي، صباح 12/10/2019، حيث أصيب سائق إسعاف وتضررت سيارات إسعاف، وتم إخلاء النقطة من جميع الجرحى. وقد فقد المسعف هائل الصالح حياته بتاريخ 17/10/2019، إثر الجراح التي أصابته في وقتٍ سابق.
- اعتباراً من 11/10/2019، خروج مشفى روج في سري كانية والمشفى الوطني في تل أبيض من الخدمة، بسبب سقوط القذائف بالقرب منه وخطورة الوضع على الكادر الطبي.
- ارتكاب مجزرة بحق /6/ مدنيين، من بينهم المهندسة هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، من قبل ميليشيات أحرار الشرقية لدى تسللها صباح 12/10/2019 إلى الطريق الدولي M4 الواصل بين بلدتي عين عيسى و تل تمر.
- استهداف محطة مياه الشرب الرئيسية المغذية لكامل منطقة الحسكة في قرية علوك بريف سري كانيه (رأس العين).
- /3/ قتلى شهداء وتسعة جرحى مدنيين، إثر تفجير سيارة مفخخة وسط شارع منير حبيب بمدينة قامشلو، يوم 11/10/2019.
- استهداف سجن “جيركين” في مدينة قامشلو، بتاريخ 11/10/2019 وفرار خمسة معتقلين من داعش، السجن الذي كان يأوي الآلاف من عناصر داعش، مما اضطرت قوات الأمن الداخلي على نقلهم إلى سجن آخر.
- تدمير /20/ مدرسة بالكامل في سري كانيه وقراها، وتوقف حوالي /790/ مدرسة في مناطق شمال وشرق الفرات عن العمل- حسب إحصاءات هيئة التربية والتعليم لدى الإدارة الذاتية.
حيث أن تلك الجرائم تندرج في إطار القتل العمد واستهداف المدنيين ومواقعهم والبنى التحتية من مستشفيات ووحدات وطواقم طبية وسجون ومساكن وارتكاب المجازر، فهي جرائم حربٍ بامتياز وبعضها جرائم ضد الإنسانية، تستوجب محاكمة الرئيس أردوغان وقادة جيشه على ارتكابها لدى المحكمة الجنائية الدولية، خاصةً وأن تلك الجرائم وفق المادة /29/ من نظام روما الأساسي لا تسقط بالتقادم.
منظمة العفو الدولية تتهم
في تقرير لها نُشر اليوم تقول المنظمة: “القوات التركية وتحالف المجموعات المسلحة المدعومة من قبلها أظهرت تجاهلاً مخزياً لحياة المدنيين، عبر انتهاكات جدية وجرائم حرب، من بينها عمليات قتل بإجراءات موجزة وهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين”.
وأكدت المنظمة أن “المعلومات التي جرى جمعها توفر أدلة دامغة حول هجمات من دون تمييز على المناطق السكنية، بينها منزل وفرن ومدرسة”، فضلاً عن “عملية قتل بإجراءات موجزة وبدماء باردة بحق السياسية الكردية هرفين خلف على يد عناصر فصيل أحرار الشرقية”.
الأمم المتحدة قلقة
أبدت هيئة الأمم المتحدة عن قلقها من تدهور الأوضاع الإنسانية جراء العملية العسكرية التركية، وفي إحاطة إعلامية للمتحدّث باسم “المفوّضة السامية لحقوق الإنسان” السيد روبرت كولفيل، 15 تشرين الأوّل 2019- جنيف، أكد على السعي في التَحقُق من استهداف قافلة مدنيين في رأس العين بتاريخ 13 تشرن الأول، كما أكد على استلام المفوضية لتقارير عن استهداف المدنيين وإعدامات ميدانية، منها التي طالت السياسية هفرين خلف، ووصفها بـ”إجراءات موجزة من الانتهاكات الخطيرة التي قد ترقى إلى جرائم الحرب”. وقال كوفيل: “يمكن اعتبار تركيا مسؤولة كدولة عن الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات المسلّحة الموالية لها، ما دامت تركيا تسيطر فعليًّا على هذه الجماعات، أو على العمليّات التي وقعت خلالها تلك الانتهاكات”.
وأكد كولفيل: “نبدي استياءنا الشديد من الهجمات التي اثرت على منشآت طبيّة”، وقال: “وردتنا تقارير عن هجمات أخرى استهدفت البنى التحتيّة المدنيّة، بما في ذلك خطوط الكهرباء وإمدادات المياه والمخابز”.
هذا ومن المرجح أن تتزايد أعداد النازحين باتجاه القرى والمدن الداخلية، حيث البعض هجر إلى إقليم كردستان العراق، في وقتٍ تبدي فيه الإدارة الذاتية مخاوفها على حياة المدنيين وتناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية على مساعدتها في إدارة شؤون النازحين وإغاثتهم، إضافة إلى شؤون حوالي /70/ ألف من أفراد عوائل الدواعش في مخيم الهول، وكذلك مخاوف فرار الآلاف من السجناء الدواعش.