نازحو إدلب وحماه الجدد… بين مخالب الميليشيات المسلحة وجبهة النصرة الوحـدة*
حسب تقديرات عديدة وصلت أعداد نازحي مناطق ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي والشرقي إلى ما يقارب المليون، اتجه قسم منهم إلى منطقة عفرين المحتلة، ويتم توطينهم فيها من قبل السلطات التركية، ولا ينفلتون من استغلال الميليشيات المسلحة لهم أيضاً، بتأمين طرق العبور ومساكن الإيواء لقاء أجور عالية، ودون أن يكون هناك مساعدات إغاثية عاجلة لهم.
أما النازحون الذين يتجهون إلى مناطق ريف إدلب الشمالي، فيقعون تحت رحمة جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، فإضافةً إلى أوضاعهم المأساوية، تُتخذ قرارات تعسفية بحقهم من قبل ما تسمى بحكومة الإنقاذ – ذراع النصرة، حسب شبكة شام الإخبارية المعارضة.
إذ ذكرت الشبكة في تقريرها المنشور بتاريخ 29 آب 2019: «تتنوع قرارات الإنقاذ من فرض للرسوم على السيارات وتوقيف الغير مسجلة لديها في حال عبورها على أحد حواجزها لاسيما في مدينة إدلب، إضافة لفرض غرامات وأتاوات على الخيم التي يحاول النازحون إقامتها في مناطق النزوح، هذا علاوةً عن بيع الأراضي وأماكن نصب الخيم والتضييق على المدنيين عبر متنفذيها في المنطقة»، وأضافت: «تتملك حكومة الإنقاذ بمناطق الأملاك والمرافق العامة، وتقوم ببيع بعضها للنازحين للسماح لهم بنصب خيمهم فيها، إضافة لتأجير بعضها الآخر بمبلغ شهري يفرض على النازحين، سواء كان بمقدورهم دفعها أو لا، محددة في كل قرار تصدره عقوبات وعواقب لعدم الالتزام».
وأردفت قائلةً: «علاوة على ذلك تمنع حكومة الإنقاذ استخدام المرافق العامة لاسيما الصالحة للسكن وإقامة المخيمات من قبل النازحين أو اللجوء للمدارس، رغم أن آلاف العائلات تبيت تحت أشجار الزيتون دون معيل، بحجج …».
وأشارت الشبكة إلى غلاء الأجور وفرض رسوم إضافية، حيث وصلت آجار بعض المنازل إلى /400/ دولار للشهر الواحد.
هذا وخرجت مسيرة احتجاجية من آلاف النازحين باتجاه المعبر الحدودي باب الهوى، يوم الجمعة 30 آب 2019، مطالبةً بتحسين أوضاعهم الإنسانية، ومنددة بتخلي تركيا عنهم عبر اتفاقات أستانه، حيث حرق البعض صوراً لأردوغان. فيما أطلقت الجندرمة التركية الرصاص الحي باتجاههم واستخدمت القنابل الدخانية وخراطيم المياه لإبعادهم عن الشريط الحدودي والمعبر وتفريقهم.
ويُذكر أن تركيا قد أغلقت معابرها الحدودية مع سوريا منذ 2015، وشهدت الحدود التركية ولا تزال عبوراً (غير شرعي) للمكرهين على الهجرة من عموم السوريين، وتعرض الكثير منهم للابتزاز على يد عصابات تهريب البشر والمخاطر وحتى الوفاة برصاص الجندرمة التركية؛ وخلال الشهر الفائت وإلى الآن رحَّلت تركيا آلاف اللاجئين السوريين إلى عفرين ومحافظة إدلب، وبهذا الخصوص قالت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير لها نُشر بتاريخ 30 تموز 2019: «إن السلطات التركية تحتجز السوريين وتُجبرهم على توقيع استمارات تُفيد برغبتهم في العودة إلى سوريا ثم ترحّلهم قسرا إلى هناك».
وأضافت المنظمة: تشير عمليات الإعادة القسرية من تركيا إلى عزم الحكومة تشديد سياساتها الأخرى التي تحرم الكثير من طالبي اللجوء السوريين من الحماية… أجرى حرس الحدود الأتراك عمليات إعادة جماعية بإجراءات موجزة وقتلت وجرحت سوريين يحاولون العبور. في أواخر 2017 وأوائل 2018، قامت إسطنبول و9 محافظات على الحدود مع سوريا بتعليق تسجيل طالبي اللجوء الوافدين حديثا».
وأكدت المنظمة على أن «تركيا مُلزَمة بالقانون العرفي الدولي بعدم الإعادة القسرية، والذي يحظر إعادة أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه لخطر حقيقي من الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد للحياة. يشمل ذلك طالبي اللجوء، الذين يحق لهم أن يُبَتّ في دعاويهم بّشكل عادل وعدم إعادتهم، دون استفادتهم من الإجراءات الواجبة، إلى الأماكن التي يخشون التعرّض الأذى فيها. لا يجوز لتركيا إجبار الناس على العودة من دون إجراءات واجبة إلى أماكن يتعرضون فيها للأذى عبر التهديد باحتجازهم».