عندما كانت الحكومة التركية تسوّق لعدوانها على عفرين في أروقة السياسات الدولية مستعينة بسفاراتها، ممثلياتها، وحتى بشركاتها وتجارها وجالياتها في الخارج، مع تسخير صلوات معظم جوامع ومساجد تركيا ضد عفرين، وهي تُلفّق الحجج وتؤلف أحداثاً من خيال استخباراتها، من أجل تبرير هذا العدوان، كانت تأثيرات التنافس والصراع المزمنين بين أحزاب كردستانية خارج سوريا بادية للعيان على المشهد الكردي السوري، الذي تطبّع بانقسام سياسي ومهاترات وتبادل اتهامات وشروخ تسللت من خلالها حكومة أنقرة كما تريد ولتستميل إلى طرفها كثيرين، وبالتالي ليعمل البعض المغرر بهم أدلاء (قوره جيين) لدى التركي وأعوانه، وذلك للاستحواذ على ملف كُـرد سوريا في إطار أزمتها والصراع الإقليمي الدولي عليها.
ذاك الصراع أثر سلباً على عمل أطراف كردستانية في فضح مرامي تركيا من عملية غزو عفرين أو على الأقل في تفنيد مزاعمها، كما أعاق أداء واجباتها في الدفاع عن عفرين، وحتى بعد الاستيلاء عليها، رغم هول ما تفعله قوات الاحتلال ومرتزقته.
لقد جرى تحميل كُـرد سوريا عبئاً كردستانياً أكبر من طاقتهم، تحت تأثير شعارات قومية، مما أضيفت إلى قضيتهم في الداخل السوري تعقيدات عدة، إلى جانب مظالم الشوفينية وقمع النظام. فهم مطالبون اليوم بإعادة صياغة علاقاتهم مع الأطراف الكردستانية وتحريرها من التبعية إلى الاحترام المتبادل، وبلورة خصوصية القضية الكردية في سوريا وتفعيلها وطنياً، كما هم مطالبون بتحسين العلاقات البينية ووضع واعتماد أسس العمل المشترك وفق رؤية سياسية كردية شفافة.
كُـرد سوريا بحاجة لضبط وتفعيل أدواتهم النضالية، أحزاب وأطر ومؤسسات، بمنهج أكثر موضوعية وواقعية وتنظيماً، وفاءً لأولئك المناضلين الذي ضحوا بما أمكن في الدفاع عن قضية شعبهم العادلة، ولدماء الشهداء الذي سطروا البطولات في وجه الأعداء والحاقدين دفاعاً عن الكرامة والتراب.
وبهذه المناسبة السنوية الـ 61، نرى لزاماً علينا استذكار جهود وعذابات جميع رجالات الرعيل الأول الذين ساهموا في بناء وانطلاقة عمل أول تنظيم سياسي كردي في سوريا/حلب في 14 حزيران 1957، من بينهم أبناء عفرين الأربعة السادة الأفاضل رشيد حمو، محمد علي خوجة، شوكت نعسان وخليل محمد،… وعلى دربهم سائرون.
* جريدة الوحـدة – العدد /297/ – حزيران 2018 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)