منذ العشرين من شهر كانون الثاني 2018 وبذريعة حماية أمنها القومي تواصل تركيا هجماتها العسكرية، براً وجواً، على منطقة عفرين، مستعينةً بحشد واسع من تشكيلات جهادية سلفية تحمل مسميات عدة، بغطاء من معارضة سورية مرتهنة للجانب التركي الذي حرص ولا يزال على تقديم وعود وعروض (غنائم) لها، وذلك وفق مخطط لغزو عفرين والسيطرة على خيراتها، وصولاً إلى إفراغها من أهلها الكُـرد الذين لطالما استقبلوا عشرات الألوف من النازحين من باقي المناطق على مدى سبع سنوات من تفجر الأزمة السورية، ليتعايشوا معاً بسلم وأمان، بعيداً عن التمييز والاستعلاء بسبب القومية أو الدين والمعتقد.
لقد بدا واضحاً لكل ذي بصيرة أن جملة ألاعيب وسياسات تركيا المريبة بقيادة حزب العدالة والتنمية إزاء الداخل السوري تتمحور حول إضعاف وضرب الحضور الكردي، لإفساح المجال أمام مشروعها التوسعي الاحتلالي للشمال السوري بغية إتاحة السبل لأدوار ونفوذ الإسلام السياسي المأزوم والمتوحش، الذي تلقت قواه العسكرية الضاربة – خصوصاً داعش – هزائم وانتكاسات في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، حيث كان لقوات سوريا الديمقراطية دورها الفاعل والبناء، مما أغاظ الجارة تركيا التي صعدت من وتيرة عزفها على مقولة حماية (أمنها القومي) و (ميثاقها المللي لعام 1920) عبر خطاب رئاسي محموم يستحضر سلاطين وزمن الخلافة العثمانية، مطالباً خطباء الجوامع والمصلين بالدعاء والدعوة إلى (الجهاد المقدس) للحرب والانتصار على عفرين وغزوها، بحجة تخليصها من وحدات الحماية YPG – YPJ ومحبي وأنصار عبد الله أوجلان PKK، إلا أن دعاءهم هذا لم يُستَجب، وخطاب الرئيس رجب فقد مصداقيته، كما وبات ممجوجاً، كونه في حقيقة الأمر يزرع الكراهية بين شعوب ومكونات المنطقة، ويجهد للحط من شأن غيره، فيتسبب بإرتكاب فظائع وجرائم قتل جماعي بحق المدنيين، سكان عفرين الأصليين كانوا أم نازحين، كرداً كانوا أم عرباً.
هذه الحرب العدوانية الشاملة التي تشنها تركيا أردوغان – باهتشلي في الداخل السوري ضد منطقة عفرين المحاصرة، مستخدمة مختلف أنواع الطيران الحربي وأسلحة المدرعات من مدفعية ثقيلة ودبابات حديثة وصواريخ تطال كافة القرى والنواحي ومركز المدينة، حرب عبثية، لم ولن تحقق مآربها المقيتة، مهما لهث أصحابها وتهافتوا وراء شعاراتهم ومخيلتهم التوسعية المريضة… حيث أنهم يواجهون شعباً موحداً يقظاً، مدركاً لأبعاد خياره التاريخي الأفضل، ألا وهو خيار الدفاع بلا تردد والمقاومة بلا هوادة… خياره الصائب هذا الذي أثبتته للعالم نتائج ومعايشة تجربة شهرٍ من تاريخ حرب تركيا – الناتو على عفرين، ومدى استبسال المدافعين عن أهلها وترابها وزيتونها، واسترخاصهم لأرواحهم ودمائهم الزكية، ليبقى الكفاح العادل والمشروع لشعبنا الكردي قائماً، والعدوان التركي الفاشي ساقطاً، وعفرين منتصرةً لا محال.
* جريدة الوحـدة – العدد /294/ – 18 شباط 2018 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)