الخطة العسكرية التي تم تصديقها والإعلان عنها من قيادة أركان الجيش التركي محددة بسقف زمني، تحت مسمى (سيف الفرات) تقضي بسد المنافذ من الغرب والهجوم من الشرق حيث يتمركز جيشها والمجاميع الخاضعة لأوامرها نحو إدلب مروراً بجبل ليلون بموازاة بلدتي نبل والزهراء، بغاية معلنة هي محاربة الإرهاب المتمثل ببقايا القاعدة (تحت أي مسمى كان) وأخرى مضمرة هي ضرب الحضور الكردي وحصار عفرين وعزلها عن الجسد السوري.
التهافت التركي لإقحام نفسها في الحرب الدولية على الإرهاب والتي قد تتجه نحو إدلب بعد الموصل والرقة له أهدافه ومسوغاته الخاصة بعيدةً عن الهدف الدولي من الحملة وبعيدةً كذلك عن هدف الغيورين من أبناء سوريا في وضع حد لشلالات الدم، وقف الدمار وحماية ما تبقى من وطن… لعل أهم هذه الأهداف التركية هي:
1- استعادة سمعتها ومكانتها كقوة كبيرة في الناتو بعد استعانة حلفائها بقوات كردية (البشمركة في الموصل ووحدات حماية الشعب في الرقة)، عوضاً عنها في محاربة الإرهاب، وما تبع ذلك من إشكالات في علاقات تركيا بالغرب.
2- محاولة التملص من تهمة إجهاض الحراك السوري السلمي ودفعه نحو العسكرة بتواطؤ موثق مع الإخوان المسلمين ودورهما معاً في صناعة ورعاية الإرهاب.
3- تقوية موقعها على الأرض في أي توافقات دولية قادمة للحل في سوريا.
4 – العمل على إلصاق تهمة الإرهاب بقوات الدفاع الكردية وبذل أقصى الجهود لإضافتها إلى لوائح الإرهاب الدولية.
5 – ضرب الحضور الدولي اللافت للكُـرد والمكاسب التي حققوها على الأرض خوفاً من انعكاساتها المستقبلية على كرد تركيا.
6- محاولة قطع الطريق لتواصل مستقبلي بين الشمال السوري وغربه … وبحره، وهواجس تركيا في هذا الصدد.
7- إعادة حياكة النسيج الإثني في منطقة غربي الفرات وفرض حصار على عفرين ضمن مسعى إضعاف موقعها الجيوسياسي وإرادة أبنائها.
رغم تأجيل موعد الانطلاق الذي كان مقرراً أواخر تموز الجاري واحتمالية موقف أمريكي رافض، إلا أن ساعة الصفر لاجتياح تركي جديد لجزء من الأراضي السورية قد تكون في أية لحظة، الملفت هنا هو خنوع قسم من النخبة السورية صدعت رؤوس البسطاء عقوداً وهي تنادي بوحدة وسيادة البلاد، وسكتت على الاحتلال التركي لجرابلس والباب وتصمت حيال اجتياحها الوشيك لمناطق أخرى، وكأن هذه المناطق ليست جزء من سوريا! … وكأن الاحتلال التركي لا يُسقط السيادة والكرامة!، وكأن الوطنية لم تكن إلا صرعة ولى زمانها وكل الذين استشهدوا في معارك الوطنية ضد المستعمرين وفي معارك الجولان لم يكونوا سوى مغررين بهم !، وسوابق تركيا العدائية في لواء اسكندرون وفي قبرص كأنها ليست يقيناً قائماً! …. ناهيكم عن إعلان قسم من المعارضة السورية دون خجل انضمامها إلى المشروع التركي ضد بلادهم، الموضوع لا يتوقف عند حدود عفرين التي هي بمثابة بنت الجارية وفق حسابات هؤلاء، والخطط العسكرية الموضوعة للحملة التركية تهدد بالإضافة إلى عزل عفرين عن الجسد السوري كامل محافظتي إدلب وحلب وريفهما، أي كل الشمال السوري “المفيد” غرب الفرات ..!.
أما أشقاءنا في الأجزاء الأخرى من كردستان بأحزابهم السياسية وفعالياتهم فلا يعيرون أيضاً أي اهتمام يذكر بصرخات أبناء وبنات عفرين الذين توحدت حناجرهم في مظاهرات عارمة تندد بالعدوان وبالحرب والحصار… في نفس الوقت الذي ينظم فيه بعضهم مظاهرات من أجل القدس في كردستان تركيا!، ويحضّر البعض الآخر مراسيم استفتاء في كردستان العراق، أما بعض كُـردنا من أبناء روز-آفا فيقيمون مهرجانات التأييد للاستفتاء دون أن يكون لهم حق التصويت فيه، ويتناسون أمر عفرين التي تتعرض للتهديد بالحرب والحصار والتي من المفترض أنها الأقرب والأَولى !. علماً أن عفرين حتى وهي مهددة ومحاصرة لم تتوانى عن تأييدها الرسمي والشعبي لعملية الاستفتاء، وقبل كل ذلك لم تبخل عفرين يوماً على أشقائها بالدعم والتضامن.
ليكن كذلك … فعندما أطلق “محو إيبو شاشو الكردي ” الرصاصة الأولى ضد الاحتلال الفرنسي من قلب جبل الكرد –عفرين لم ينتظر إجماعاً سورياً ولا مؤازرة كردستانية، وكان يسمع عن باريس، ويدرك جيداً حجم قوة فرنسا …… في النهاية انتصر هو ورحلت فرنسا.
عفرين السماق والرمان والزيتون، أسطورة النهر والجبلين، ليلون وهاوار، ستبقى عصية على تركيا وأذنابها العنصريين … ستبقى تزرع وتنجب وترسل أبناءها إلى المدارس والجامعات، تدافع عن نفسها وتزين المشهد السوري والكردستاني بشروالها الكردي وفستانها الكرمانجي.
* جريدة الوحـدة – العدد /288/ – تموز 2017 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)