الاجتياح التركي والقصف التركي والغارات التركية والحرب التركية علينا… لماذا ؟!.
هل تريد تركيا أن تطرح نفسها دولة كبرى بحجم أمريكا وروسيا، وتنافسهما على مناطق نفوذ في المنطقة ( العراق و سوريا )… أم أن صناع القرار المحترفون سيستدرجون السلطان المنتشي بفوزه في الاستفتاء إلى المصيدة رويداً رويداً …
الروس و الأمريكان يمارسان سياسة القط والفأر رغم انتهاء الحرب الباردة بينهما رسمياً , يَعرف أحدهما أسرار الآخر ونقاط ضعفه بدقة, منذ أن ضرب خرويتشوف حذاءه على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة لإسكات وفد الفليبين عام 1960 وعملية أنادير 1962التي أوصلت الصواريخ النووية السوفيتية إلى كوبا سراً رغماً عن كل معارضة أمريكا وجبروتها , مروراً بملف فيتنام والكوريتين، وليس انتهاءً بملف العراق وصدام والقذافي. يفهم أحدهما على الآخر بمجرد إيماءة صغيرة, حتى المواضيع الشائكة العالقة بينهما لا تحتاج إلى جلسات طويلة لكي يتناصفا أو يتنازل أحدهما للآخر, وبمجرد أن يستعصي أي موضوع بينهما على الحل يدفعان إلى منتصف الملعب طرفاً ثالثاً، يتدافعه الفريقان المتبارزان حتى ينتهي الثالث فيكون الضحية.
حزب أردوغان وانتماؤه النهائي لجماعة الإخوان المسلمين من جهة, وموقع تركيا الجغرافي كمراقب غير موثوق على ملاحة روسيا وتحرك أساطيلها العسكرية من خلال بوابة البوسفور كممر إجباري نحو الجنوب الحيوي من جهة ثانية، والنزاع التاريخي المستدام بين البلدين والذي يمتد من جمهوريات آسيا الوسطى إلى أذربيجان وأوكرانيا وأوربا الشرقية, تسبب عبر التاريخ بنشوب ثلاثة عشر حرباً بين البلدين من جهة ثالثة … لا نعتقد أن كل ذلك مجرد أحداث مكتوبة بقلم رصاص يمكن مسحها اليوم وإقامة حلف استراتيجي بين روسيا وتركيا، حتى وإن كان هناك مشروع لمرور أنابيب الغاز الروسي أيضاً عبر أراضي تركيا إلى المستهلك الغربي.
أردوغان وحزبه فقدوا ثقة الغرب العلماني وأمريكا أيضاً، منذ أن تمنعوا عن المشاركة في الحرب على النظام العراقي البائد وأغلقوا أمامهم قاعدة إنجرليك وحولوا قسماً كبيراً من الجالية التركية في أوربا إلى حاضنة وواجهة للكثير من النشاطات المشبوهة، وحولوا تركيا نفسها إلى راعية و ترانزيت للإرهابيين ولتمويلهم وتسليحهم… بحسب تقارير ودراسات موثقة.
أردوغان بعد تسليم حلب والعديد من البلدات السورية من خلال صفقات مع النظام فقد الكثير من مصداقيته، وتعالت أصوات إسلامية وخليجية وسورية ضده معتبرة إياه تاجراً بدماء السوريين.
بعد كل ذلك هل ثمة جهة دولية معتبرة ستدافع عن تركيا ومواقفها أو سيأسف أحد على انكسار سلطانها.
لم يعد خافياً على أي متتبع للأحداث السعي التركي لإجهاض التجربة الكردية في الإدارة والتشويه على الدور الحقيقي الذي ينهض به الكُـرد عموماً في محاربة الإرهاب جنباً إلى جنب مع التحالف الدولي، وما الاعتداءات التركية المتكررة وتهديداتها ليل نهار بعمل عسكري أوسع إلا حرباً على الكُـرد كهوية وانتماء, أما مقولة محاربة داعش والإرهاب، والمشاركة في تحرير الرقة فليست إلا للتسويق الإعلامي, لو أن تركيا حاربت الإرهاب فعلاً لما وصل الإرهاب إلى حجمه و قوته الحالية وانتشر.
* جريدة الوحـدة – العدد /285/ – نيسان 2017 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).