بعيداً عن العموميات وبعض تلك المصطلحات والشعارات المتداولة لدى قيادات أحزابنا الكردية في سوريا، وخاصة من هم في حالة تصارع ومناكافات، وبالرغم من كل تلك الحجج والمبررات والتي قد تصل أحياناً إلى حدّ الإدانة لبعضهم البعض، وتلك الخطابات المتزمتة المعتمدة، فإنها قد تخفي ورائها مصالح وامتيازات شخصية أو حزبية ضيّقة.
وهناك شكلٌ من أشكال النفاق السياسي المتداول فيما بينهم، إذا ما أدركنا حجم ونوع تلك المنافع والامتيازات التي يتمتعون بها، وخاصةً ما يتعلق بالجانب المالي دون غيره من الجوانب السياسية والإعلامية، كما أنّ الدعم والموارد التي يتصرفون بها دون قيود ورقابة سبب من أسباب تمسّكهم أكثر فاكثر بتلك الخطابات المتشنجة والجوفاء، إن كانت سياسية أم قانونية، فتجعلهم يرتبطون أكثر فأكثر بالحالة السياسية التي تقولبوا فيها دون وجود أي رغبة جدية في تغييرها أو الجنوح عنها، باعتبار أنّ التغيير السياسي قد يجلب معه حالة أكثر وضوحاً من ذي قبل، بعيداً عن الشعارات والدعاية الإعلامية، حالة جديدة تعتمد على الجدّية والعمل والإرادة وقيم الوحدة والمشاركة، بعيداً عن ممارسة التعنت والتشدد الحزبي والإيدولوجي، مما قد يفتح معه المجال لتجاوز هذه الموروثات السلبية من التعاطي السياسي والذهاب إلى حالةٍ أرقى من الانفتاح، بغية إطلاق الأفكار والمبادرات البناءة التي تصب في اتجاه عدم التفريط بالوحدة والاجماع السياسي بالضد من كل ما يمثل هوس السلطة وهوس التعارض والتنافر.
يبقى واقع التشدّد والشحن المعمول به، من أشدّ تلك العقد والمشاكل التي تواجه إرادات العمل والتغيير، وتدفع معها بالمشاريع السياسية المنتجة بعيداً عن الساحة والتداول في أغلب الأحوال، أمام هكذا تمترس شديد في القناعات والخطابات، تكمن أهمية وجود رؤى واستراتيجيات أخرى للعمل المشترك، التي قد تفضي معها إلى توحيد الجهود والطاقات في اتجاه سياسي فاعل، يملك من الشروط والشرعية ما يملك، وبالتالي سحب جملة تلك الحجج والذرائع من بين أيدي كلّ الذين مازالوا يُراهنون ويعيشون على خراب البيت الكردي وعلى فشل مشروعه السياسي القائم على الحالة الوطنية والديمقراطية وتشعباتها دون غيرها من الحالات.
إذاً كلّ ما نرمي إليه من رؤى هي امتلاك ذات الإرادة من قبل جميع الأطراف بغية تجاوز العقد الإيدلوجية والنفسية القائمة، التي ما تزال تقف عائقاً أمام ايجاد بعضاً من تلك المخارج لمستقبل القضية الكردية ومستقبل الإدارة الذاتية القائمة، وصولاً إلى بناء المشروع الوطني الجديد دون غيره من المشاريع القائمة على التشدد والاستبداد مهما حدّثت وتقمصت في مصطلحاتها.
———–
* جريدة “الوحـدة” – العدد /346/ – 1 شباط 2025م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).