هناك خطوط وحدود أولية لا يمكن تجاوزها، لأنها تبقى بحكم مبادئ ومعايير شبه ثابتة، مثلها مثل غيرها في السياسة كما في الاقتصاد والعلوم.
من هنا تكمن أهمية العمل السياسي بغية بناء وتطوير أهم تلك الثوابت وفي مقدمتها يأتي العامل الذاتي الذي يُشّكل على الدوام الركيزة الأولى من ركائز العمل المتقدم والفعّال.
دون الخوض عميقاً في طرح المزيد من المواقف والتحليلات التقليدية بخصوص إمكانية تجاوز الحالة المزمنة لواقع الحركة الكردية وتأثيراتها السلبية على مجمل الوضع السياسي، نقول بتواضع ومنتهى الصراحة لا يمكن لأي طرف سياسي أن يكتسب تلك الثقة والشرعية والقرار السياسي مالم يضع في جعبته السياسية وثيقة ومبادئ العمل الجماعي، بغية توحيد الصفوف، مهما كانت حالة الانقسام السائدة عميقة ومزمنة.
إن العمل وفق هذه الوثيقة يعتبر من أهم تلك الآليات والأدوات الفاعلة بغية الحفاظ على البعض من تلك الحقوق والمقومات السياسية للشخصية الذاتية، حيث تقع المسؤولية بالدرجة الأولى والأخيرة على عاتق مجموع تلك القوى السياسية وعلى مقدار جديتها ومرونتها في تجاوز نقاط ضعفها، فلا يخفى على أحد مستوى الصراع القائم في البيت الكردي، الذي قد يُشكل انتحاراً إذا ما تم الاستمرار به وعدم التراجع عنه بشكلٍ عقلاني إلى المواقع الآمنة للحوار والتواصل والتوافق، حيث تفرض الضرورة التاريخية ذاتها على شكل عالي من الإدراك بالمسؤولية والعقلانية بغية التحول باتجاه واعتماد لغة حوارية تصالحية مع الذات والآخر الكردي، حوار كردي – كردي وطني، كما لا يُخفى على أحد حجم الصراع الدولي والاقليمي القائم على الساحة السورية وعلى المنطقة برمتها، الذي جلب معه كل أنواع الخراب والدمار لشعوبها وعلى الأخص على الشعب الكردي الذي قد بات يتعرض ويعاني من أشد تلك السياسات تطرفاً وعنصرية بشكلٍ عام، وخاصةً من جانب الدولة التركية التي ما تزال تسعى ومع الأطراف الإقليمية الأخرى لتنفيذ تلك السياسات التي تهدف التهجير والتغيير الديمغرافي، خاصةً في المناطق الكردية التاريخية.
* جريدة الوحـدة – العدد /343/- 14 آب 2023م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).