القسم العاممختارات

«مبادرة عربية» مع دمشق… لحظة فارقة، «حلّ سياسي» سابق لأوانه

جريدة الوحـدة*

بَعد التصالح بين رياض وطهران، ونجاح المبادرة الصينية، تسارعت وتيرة الاتصالات العربية مع دمشق، إلى أن أعلن اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، في 7/5/2023م بالقاهرة، الذي انعقد برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، في ختام أعمال دورة غير عادية لبحث تطورات الأوضاع في سوريا والسودان وفلسطين، أعلن استئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة والأجهزة والمنظمات التابعة لها اعتباراً من ذات اليوم، سيّما وأنه تم تجميد عضوية سوريا في 12 تشرين الثاني عام 2011م على خلفية تفجُّر أزمتها.

وأكد المجلس على «تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وأبدى «الحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حلّ الأزمة السورية يعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية على سوريا وشعبها، ومعالجة انعكاسات هذه الأزمة على دول الجوار والمنطقة والعالم، خصوصاً عبء اللجوء وخطر الإرهاب».

وشدد المجلس على «ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حلّ الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم /2254/».

وقرر تشكيل لجنة اتصال وزارية مكوّنة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لمتابعة تنفيذ بيان «عمان»، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحلّ شامل للأزمة السورية، وتقدم اللجنة تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

مبادرة الإدارة الذاتية

ومن جانبها، في 18 نيسان 2023م، أطلقت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا «مبادرة لحلّ الأزمة السورية» من أجل التوصل إلى حلّ سلمي وديمقراطي للأزمة التي تجتاح سوريا، وأكّدت فيها على وحدة الأراضي السورية، ومشاركة جميع فئات المجتمع والاعتراف بالحقوق المشروعة لسائر المكونات، وتطبيق تجربة النظام الديمقراطي للإدارة، وتوزيع الثروات والموارد الاقتصادية بشكل عادل بين كل المناطق السورية، واستقبال النازحين والمهجرين، واستمرار جهود مكافحة الإرهاب، ووقف التدخل التركي في الشؤون السورية، ومطالبة الدول العربية بلعب دور إيجابي وفعال لإيجاد حل مشترك، وطرح المبادرة على قاعدة وطنية، ودعوة الجميع للمشاركة والإسهام في المبادرة.

مبادرة أردنية

بدعوةٍ من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، واستكمالاً لاجتماع سابق في السعودية واتصالات دولٍ عربية مع سوريا، عقد وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر اجتماعاً في عمان، الإثنين 1 أيار/ مايو 2023، مع وزير الخارجية السوري.

«يمثل هذا الاجتماع بداية للقاءات ستتابع لإجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية، ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية»، حسب البيان الختامي للاجتماع.

واتفق الوزراء ووزير الخارجية السوري على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدول زمني يتفق عليه، وبما يتكامل مع كافة الجهود الأممية وغيرها ذات الصلة:

1- الوضع الإنساني

٢- الوضع الأمني

3- الوضع السياسي

واتفق الوزراء على تشكيل فريق فني على مستوى الخبراء لمتابعة مخرجات هذا الاجتماع وتحديد الخطوات القادمة في سياق هذا المسار المستهدف معالجة حل الأزمة السورية ومعالجة جميع تداعيتها.

علاوةً على أنّ البيان تضمن تفاصيل أخرى على مستوى الأوضاع الثلاثة.

تحرك عربي ومؤتمر للمعارضة

وفي بيان إلى الرأي العام، 8/5/2023م، قال مجلس سوريا الديمقراطية إنه «يأمل المجلس من المبادرة العربية أن تساهم بشكل حقيقي في تهيئة الأوضاع لتفعيل مسار العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤وبما يهيئ الظروف المناسبة لعودة آمنة للاجئين وعدم المجازفة بتعريض مصيرهم للخطر، ويؤكد المجلس على أنه مستعد للتعاون من أجل ذلك وخاصة في قضية اللاجئين، ويدعم المجلس مبادرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا المعلنة في ١٨ نيسان»

وأضاف: «يعتقد المجلس بأن التحرك العربي يجب أن يشكّل فرصة حقيقية لممارسة أقصى الضغوط لتحقيق الحل السياسي بما يحقق المقاصد الرئيسية الواردة في القرار الأممي ٢٢٥٤ وبما يلبي طموحات السوريين في التغيير الديمقراطي».

ودعا المجلس المعارضة الوطنية الديمقراطية للعمل الجاد والمسؤول لتوحيد جهودها لعقد مؤتمر وطني للمعارضة يمثل بداية جديدة ومختلفة قائمة على المصلحة الوطنية المحضة بعيداً عن التجاذبات والمصالح الإقليمية التي ساهمت في تعقيد الأزمة السورية وغرست الأحقاد بينهم.

لحظة فارقة

وفي حديثٍ لصحيفة الشرق الأوسط 18 أيار 2023م، نوه المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون بـ«المبادرة العربية» مع دمشق، مشدداً على (أهمية التوفيق بين هذه المبادرة ومسار موسكو الذي يضم روسيا وإيران وتركيا وسوريا والحكومة السورية، والموقفين الأميركي والأوروبي، للمضي قدماً نحو إيجاد حل سياسي)… وقال بيدرسون إن سوريا تمرّ بـ«لحظة فارقة» وعلى دمشق استثمار «نافذة الفرصة» للتحرك نحو التسوية، مشيراً إلى أن جميع الدول «تدعم» مقاربة «خطوة مقابل خطوة» التي تتضمن اتخاذ جميع الأطراف لإجراءات «متوازية ومتبادلة ويمكن التحقق منها»، إزاء قضايا عدة، بينها المعتقلون والسجناء وعودة اللاجئين والعقوبات. وذكّر أن هناك إجماعاً دولياً متفقاً عليه بأن قرار مجلس الأمن 2254 هو قاعدة الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية.

وأضاف بيدرسون: حددت بعض الخطوات التي يمكن القيام بها. نعرف جميعاً أن ملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين مهم جداً. وكذلك ضرورة توفير بيئة آمنة وكريمة للعودة الطوعية للاجئين. هذه خطوة مهمة. أيضاً، لابد من مناقشة حقوق الملكية والمنازل والأراضي والتوثيق المدني والخدمة العسكرية الإلزامية. يضاف إلى ذلك، السّلم الاجتماعي أو أمور باتت أكثر أهمية بعد الزلزال. ولابد أيضاً من مناقشة العقوبات.

القمة العربية

شارك الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية الـ/32/ التي عُقدت بمدينة جدة السعودية، 19 أيار 2023م، فأسدل الستار على قطعية العلاقات العربية مع سوريا.

اعتمدت القمة «إعلان جدة» الذي رحّب «بالقرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، الذي تضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات والأجهزة التابعة لها»؛ وجاء فيه: «نأمل في أن يسهم ذلك في دعم استقرار الجمهورية العربية السورية، ويحافظ على وحدة أراضيها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي، وأهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها، اتساقاً مع المصلحة العربية المشتركة والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعوب العربية كافة».

«حلّ سياسي» سابق لأوانه

في تصريحٍ خاص للمرصد السوري لحقوق الإنسان في سوريا، 20 أيار 2023م، أفاد محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا: «حضور الرئيس السوري بشار الأسد اجتماع القمة العربية في جدة، استجابةً لدعوةٍ رسمية من الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان، جاء بُعيد تدشين صفحة علاقات جديدة بين طهران والرياض على وقع نجاح مبادرة صينية ومباركة روسية، سبقتها وتلتها زيارات وخطوات انفتاح عربي رسمي على حكومة دمشق، شملت دولاً عديدة، وذلك بعد أن ثبت فشل وعبثية خطاب ونشاطات غرفة ( موم- موك/عنتاب-عمان) التي روّج لها كثيرون على شتى الصعد، ووصولاً إلى أن أضحى قرار تعليق عضوية سوريا وممثليها في مؤسسات الجامعة العربية واجتماعاتها أمراً بلا معنى».

وأضاف: «أما أن تنعكس عودة سوريا هذه إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية على أحوال الداخل السوري باتجاه بلورة حراك سوري – سوري والدفع بعملية سياسية بهدف إيجاد حلّ سياسي لأزمته وفق مضامين قرار مجلس الأمن الدولي المجمع عليه /2254/ فهذا أمرٌ سابق لأوانه، حيث أنّ الإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي يبقى العنوان الأبرز والمطلب الملحّ لدى السوريين على اختلاف انتماءاتهم السياسية ومكوناتهم القومية والدينية، ويشكل بارقة أمل وبادرة إيجابية من الممكن تطويرها وإغنائها بما يخفف من وطأة عذابات السوريين وأوجه معاناتهم في الداخل والخارج».

كلّ ما قيل ويُقال، لا يُشكل شيئاً جوهرياً في نفوس السوريين، ما لم تُترجم إلى أفعال حقيقية وإلى انفراج في الوضع الإنساني الكارثي، أوّلها خطوات جادة من جانب النظام السوري.

* جريدة الوحـدة – العدد /342/- 31 أيار 2023م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى