القسم العاممختارات

أصل الكرد
دراسة في بحث المستشرق الألماني تيودور نولدكه: كَردو والكرد[1]

د. نضال محمود حاج درويش

 – دكتوراة في الآثار الشرقية القديمة في جامعة مارتن لوثر/هالة زالة-فيتنبيرك (ألمانيا). مقيم في بريطانيا حالياً.

 مجلة” ژين “، العدد /13/، الصادرة عن مركز ژين للتوثيق والدراسات، إقليم كردستان العراق – السليمانية.

تم نشر هذا البحث باللغة الألمانية من قبل المستشرق الألماني ثيودور نولدكه Nöldeke [2] سنة 1898 في وقت لم تكن فيه الآلاف من النصوص المسمارية الموجودة حالياً في المتاحف الأوربية قد تم اكتشافها أو دراستها بعد وكان علم الآشوريات الذي يهتم بدراسة النصوص المسمارية ما زال في بداياته، لهذا فإن الباحث اعتمد على المصادر المتوفرة بين يديه في ذلك الوقت.

ونظراً للأهمية العلمية الكبيرة لهذا البحث لدراسة التاريخ الكردي ارتأيت ضرورة إعادة قراءته استناداً إلى نتائج الدراسات الحديثة. ولعدم الخلط بين آراء نولدكه ودراستي لتلك الآراء فقد وضعت اسم الباحث نولدكه مباشرة بعد الآراء التي طرحها في مقاله، أما المصادر التي اعتمدت عليها في دراستي للبحث فقد اشرت إليها في الهوامش.

يبدأ نولدكه بحثه بذكر شعب كَردو[3] الذي ورد ذكره من قبل المؤرخ الإغريقي زينيفون سنة 401 ق.م.، فيما يسمى بـ”حملة العشرة آلاف”. حيث يتحدث زينيفون في كتابه أناباسيس عن الكردوخيون (نولدكه) الذين كانوا لا يعترفون بسلطة كل من الأرمن والأخمينيين.[4] وقد ذكر صديقه المحارب ضمن نفس الحملة سوفاينيتوس Sophaenetus اسم الشعب الكردوخي واعتبر أن اللاحقة الأخيرة (خي) المرتبطة بالاسم هي علامة الجمع في اللغة الأرمنية. واستخدم الاسم فيما بعد من قبل كتاب آخرين (نولدكه).

ما ذكره نولدكه يشير إلى أن الاسم في حالة المفرد هو كَردو وإلى أن زينفون قد علم باسم الكردوخيين من الأرمن. في حين أن الباحث النمساوي شبايزر Speiser يخالف ما ذكره نولدكه بخصوص اللاحقة (خي) ويرى بأنها ذو جذور خورية وهي تعود إلى منتصف الألف الثاني ق.م.، على أقل تقدير، وقد تم استخدامها وبكثرة في اللهجات الخورية، حيث يرد في النصوص الخورية من العاصمة الحثية خاتوشا (حالياً بوكازكوي Boğazköy) تعبير خاتو-خي اويرنه Ḫattu-khi ewirne أي الأميرات الحثيات، وفي نصوص تل العمارنة من مصر يرد وباستمرار مصطلح خورو-خي Ḫurru-Ḫe أي الخوريين، ويرد المصطلح في نصوص مدينة نوزي الخورية أيضاً (12 كم جنوب كركوك)، حيث يطلق على الكاشيين في صيغة الجمع كاشو-خَي.[5]

يحدد نولدكه موطن الكردوخيين الأساسي في بوهتان (بوتان)، المنطقة الواقعة بين أنهار دجلة وبوهتان سو (كينتريتيس) والخابور (الصغير/فيش خابور). [6]

ويشير نولدكه ومن بعده باحثين آخرين إلى أن اسم الكردوخيون يظهر في الكتابات الإغريقية المتأخرة وكتابات المستشرقين بشكل معدل عن الاسم الأصلي. حيث استخدم كتّاب اسكندر المقدوني (مثل آريان وبلوتارخ وكورتيوس وغيرهم) في مخطوطاتهم الاسم بصيغة كورديوس Cordeos والتي ربما اشتقت من Gordeos,Gordiaeos، وبما أن جيوش الاسكندر لم تطأ البلاد فأن نولدكه يعتقد بأنهم قد سمعوا على الأرجح بالاسم من جيرانهم الساميين الذين- كما سيمر لاحقاً-لفظوا الحرف الأول من الاسم بصيغة (ق) والتي تم لفظها من قبل اليونانيين بصيغة (خي) التي لا تناسب الصوت (ق) تماماً. وقد لفظوا حرف القاف بصيغة (G). (نولدكه).

بشكل مشابه لنولدكه يرى مينورسكي بأن الكَردوخيين كانوا يعيشون إلى الشرق من بوهتان،[7] واعتباراً من عصر زينفون ولاحقاً فإن المصادر تشير وباستمرار إلى استقرارهم على الضفة اليسرى لنهر دجلة، بالقرب من جبل جودي (حوالي 15 كم شمال شرقي جزيرة بوهتان)، حيث يرد اسم مقاطعة بوهتان في المصادر الآرامية بصيغة بيث قردو. ويضيف مينورسكي بأن البدأ بحرف (ك) في الاسم (كما في كوردويني) ناجم عن صعوبة لفظ حرف (ق) من قبل الكتاب الكلاسيكيين. [8]

ويرى نولدكه إمكانية أن يكون التشابه مع الأسماء اليونانية وأسماء من آسيا الصغرى (Gordioz, Gordiaz, Gordoz, Gorduion) والتي كانت معروفة بشكل جيد لليونانيين ، الذين لم يكونوا حريصين جداً في مثل هذه الأمور ،وراء ظهور الاسم بهذا الشكل (أي Cordeos)  (لقد تم استخدام هذا الشكل من قبل هيكتايوس Hecataeus الذي ربما أخذه من ستيفانيوس). ويضيف بأن مصطلح كورد Gord كان شائع الاستخدام خلال الفترة الهلينستية وبدايات العصر الروماني، ففي الأخبار المتعلقة بحرب القائد الروماني لوكوللوس Lucullus وخليفته بومبيوس، وهي الفترة التي احتك فيها الرومان ولأول مرة بالمنطقة، يرد اسم بلاد كوردويني وسكان كوردويني.[9]

“خارطة تشير إلى ممالك مرتبطة بالإمبراطورية الرومانية في عام 31 قبل الميلاد”

Map of Roman dependency of Sophene, Corduene, Commagene, and Osrhoene as of 31 BC – Carduchii – Wikipedia

استخدم سترابوStrabo  صيغة كوردياي Gordyiaei وكورديايوس Gordyaius، وربط اسم البلاد والشعب بـ Gorduz كوردوز ابن تريبتوليموس Triptolimus (نولدكه). كما كان الأرمن أيضاً يطلقون على منطقة بوهتان اسم كوردوز.[10]

ويرد الاسم لدى Steph بصيغة كوردواز (لوصف البلاد) وكوردواي، وكذلك مع اللاحقة (خي) للجمع (كَردوخي). لكن الاسم يرد بشكل دقيق لدى الكاهن البابلي Berossus بيروسوس[11] (عاش في مطلع القرن الثالث ق.م.) الذي يشير إلى أن سفينة بطل الطوفان[12] قد رست على جبل كوردوين Corduen، ورغم تعدد الاشكال التي يظهر فيها الاسم فأن هذه الصيغة التي يذكرها بيروسوس قد تم تثبيتها (نولدكه). لكن على ما يبدو فأن صيغة كَردوخي ظلت قيد الاستخدام إلى جانب تسمية كوردويني الجديدة، على سبيل المثال اطلق الكاتب الروماني ديودورس الصقلي Diodorus Siculus الذي عاش في القرن الأول ق.م. اسم جبال الكَردوخيين على القسم الشمالي من سلسلة جبال زاغروس، أي منطقة كوردويني التي ذكرها سترابو.[13]

يتحدث المؤرخ اليهودي جوزيفوس فلافيوس Josephus Flavius (37-100 للميلاد) ايضاً والذي عاش في القدس خلال الفترة الرومانية عن سفينة نوح التي رست على جبال كوردياييان Cordyaeans وكيف كان الناس ينزعون مادة القير من خشب السفينة لاستخدامها كتمائم لحمايتهم من المصائب.[14] مع أنه من الثابت في تقاليد ميزوبوتاميا هو ربط اسطورة الطوفان (في ملحمة جلجامش السومرية) بجبل نّموش Nimuš الذي كان يسمى من قبل السكان المحليين (اللولوبيين) كينيبا Kiniba، وهو الجبل المسمى حالياً بـ شاخي بيرة ميكرون Shakh-i Pir-a Magrun الذي يقع غربي مدينة السليمانية في كردستان العراق.[15]

ويرد ذكر الجبل في الترجمة الآرامية للكتاب المقدس (الترجوم)، ترجمة اونكيلوس Onkelos، بصيغة قَردو، وهي الصيغة الموجودة في الترجمة العربية أيضاً، أما في الترجمة الآرامية للكتاب المقدس والمعروف ب الاورشليمية[16] وكذلك في الكتاب المقدس للصابئة المندائيين (كَنزا رَبا) فإن اسم الجبل يرد بصيغة قردون،[17] وهو حسب المستشرق الانكليزي درايفرDriver  ترديد لصدى صيغة كَردينوس Kardynos التي أوردها Dio Cassius ديو كاسيوس. ويرد اسم البلاد في نسخ العهد القديم بصيغة قَردو ويسمى سكانها قَردَوَيّا Qardawayyā ، وورد الاسم احدى المرات بصيغة كَردو.[18]

وفي القرن الأول للميلاد ورد الاسم بصيغة كوردو Kordu ،كوردي Kordy في الفترة التي أصبح فيها الرومان أكثر معرفة بالبلاد، حيث يرد الاسم لدى سالوست بصيغة كوردوينوس. تحدث Plinius بليني Pliny (23-79 للميلاد) عن كوردويني Kordueni ووصفها على أنها كردوخي السابقة (نولدكه)، الأمر الذي تم تأكيده من قبل سترابو أيضاً، وقد حدد الكاتب بيليني موقع قبائل كوردويني في مناطق الزابين (الزاب الأعلى والأسفل).[19] وقد ورد كوردويني أيضاً لدى المؤرخ الروماني اميانوس مارسيلينيوس الذي توفي سنة 400 للميلاد،[20] وكذلك لدى القسيس والمؤرخ مشيخا زخا (القرن السادس للميلاد) الذي تحدث عن انتفاضة منطقة كوردويني ضد الساسانيين، وقد دون الكاتب الاسم بصيغة قردو.[21]

وقد ورد الاسم بصيغ أخرى لدى الكاتب بيليني وهي كوردياييس Cordiaeis كوردياايوروم Cordiaeorum. في حين ورد الاسم لدى ديو كاسيوس بصيغة كوردونايي. هذا الشكل الذي يستخدم حرف النون استخدم لاحقاً من قبل المستشرقين، كما سيمر لاحقاً.

آميان ذو المعرفة الواسعة كتب كوردوينا Corduena، حيث لا تظهر لديه صيغة كوردوام وكوردواناي، في حين أن الاسم يظهر لدى رفيقه في السلاح اويتروب Eutrop بصيغة كوردويني Cordueni، أما رفيقه الآخر زوسيموس فقد كتب الاسم بصيغة كوردونيوي ويظهر نفس الصيغة لدى عدّة كتّاب آخرين من عهد ديوكليتانوس. ويرد الاسم في مصدر آخر (Notitia) بصيغة كَردويني Cardueni وكوردويني Cordueni. وفي نص جغرافي يرد الاسم بصيغة كوردوينا Corduena وقد تم استعمال الصيغة الأخيرة ربما من قبل مؤرح الكنيسة فيلوستورجيوس Philostorgius (نولدكه).

يرد اسم كوردويني لدى مؤرخ الكنيسة اوسابيوس القيسري Eusebius of Caesarea (263-340 للميلاد) بصيغة كوردواي Korduae.[22] يذكر مطران سلوقية-كتيسيفون Ctesiphon (410 للميلاد) قساوسة شمال ميزوبوتاميا Mesopotamia ومن بينهم قس كاردويني Karduene. في بداية القرن السادس (490-510 للميلاد) يذكر المؤرخ والديبلوماسي الروماني زوسيميوس Yosimus  الاسم بصيغة كاردوينا Carduena. يذكر بيتروس باتريكيوس الذي عاش بين سنة 500-565 للميلاد الاسم بصيغة كارديني وكاردويني وكاردينويKardene, Kardueni, Karduenoi[23].

يظهر من خلال ما ذكره نولدكه تعدد الأسماء التي اطلقت على الكردوخيين، هذا الاختلاف يعود في بعض الأحيان ووفق درايفر إلى عدم الحرص والإهمال من قبل المستنسخين من الكتاب، ويضيف درايفر بأن الصيغ المختلفة للاسم (بلغت 22  صيغة)، التي ورد ذكرها من قبل الكتاب بين القرن الأول ق.م. والخامس بعد الميلاد، تبدأ جميعها بصيغة كارد، كورد Kord أو Gord، وجميعها تشير إلى الكرد.[24] وكان الباحث فليتشر Fletcher قد أشار أيضاً وقبل الباحث درايفر إلى التشابهه الواضح بين لفظة كرد وGord Gordyaeorum وهذا الأختلاف البسيط يعود بحسب رأيه إلى أن حرف (G) يتحول في اللغات السامية إلى (ك).[25]

كما أسلفنا الذكر فإن الجبل المرتبط بقصة الطوفان يسمى لدى الكاهن البابلي بيروسوس بـجبل كَردو، وهو وفقاً لذلك وبحسب التقليد اليهودي القديم والتقاليد السريانية يشمل أرض أرارات أيضاً، حيث رست سفينة نوح، ويرد بصيغة قردي، ويرد الاسم احياناً بصيغة قرديواي وقرديوا وقردين، ولكن الصيغة المألوفة هي قردو (نصوص تعود للسنوات 423، 553، 605 للميلاد)، وترد بكثرة في الكتابات السريانية، (كانت البلاد أبرشية نسطورية)، وبقيت مستخدمة في الكتابات الآرامية حتى العصور الوسطى.

يعود ذكر قَردو في ما يعرف بـ الملفات القديمة “ماري” التي تعود إلى الأبرشية التي قامت بتأسيس الكنائس في منطقة دجلة، حيث يرد في النصوص وبكثرة ذكر بناء دير في أعالي جبال قَردو بمناسبة إحياء ذكرى إرساء سفينة نوح، ويرد هذا الأمر على سبيل المثال لدى الكاتب ديونيسيوس الـ تلمحري (القرن 8 للميلاد) وفي كاتالوك Rosen und Forshall الذي يعود إلى سنة 1544 للميلاد (نولدكه).

تعيقباً على ما ذكره نولدكه من المفيد أن أذكر هنا إن مصطلح أرارات الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس، لم يشر إلى قمة جبل محدد وإنما كان يشير بالأصل إلى بلاد اورارتو الجبلية (تكوين 8: 4 يقول أن الفلك “استقر … على جبال أرارات” أي جبال مملكة اورارتو)، والتي كانت تقع إلى الشمال والشرق من بلاد آشور، وكانت مركزها في منطقة وان.[26] الملفت للانتباه هو أن اويتيكيوس Eutychius بطريرك الاسكندرية (في القرن 10 للميلاد) يذكر أن سفينة نوح رست على جبال أرارات، ويحددها بـ جبل جودي قرب الموصل (المسافة 130 كم).[27]

http://noahsarknews.com/05/mount-ararat-or-mount-judi/

يذكر الرحالة اليهودي بنيامين فون توديلا Benjamin of Tudela، الذي زار الشرق في القرن الثاني عشر، إنه سافر يومين إلى جزيرة بن عمر، وهي جزيرة في نهر دجلة على سفح جبل أرارات … حيث استقرت عليها سفينة نوح. أي أنه اطلق على جبل جودي اسم أرارات.[28] وتؤكد المصادر التاريخية بناء النساطرة أديرة عديدة حول جبل الجودي بما فيها دير على قمته يدعى ب سفينة نبي نوح (دير السفينة) ،[29] ويرد ذكر هذا الدير في المصادر العربية أيضاً،[30] وقد دمر البرق هذا الدير سنة 766 للميلاد، وقام المسلمون فيما بعد ببناء جامع على الموقع.

في عام 1910 قامت الدبلوماسية البريطانية كرترود بيل Gertrude Bell باستكشاف المنطقة، وذكرت بأنه في الرابع عشر من أيلول من كل عام يتجمع المسيحيون واليهود والمسلمون والصابئة والإيزيديون على الجبل لإحياء طقوس قربان نوح.[31] هذا الأمثلة التي اوردناها تؤكد وبشكل منطقي بأن الجبل المعني بقصة الطوفان هو جبل جودي، وهذا ماجاء في المرويات الإسلامية أيضاً.

يذكر نولدكه وكذلك مينورسكي[32] بأن جزيرة بوهتان كانت جزءاً من بلاد قَردو وسميت ب جزيرة قَردو، وكانت تحسب غالباً على مقاطعة بيت بازبدي الواقعة غربي دجلة.[33] ويرد اسم الجزيرة بالصيغة نفسها أي (قَردو) لدى المؤرخ السرياني بار هيبرايوس (ابن العبري)[34] وفي “تاريخ الكنائس” وفي مخطوط يعود إلى سنة 1831(نولدكه).

إضافة لما أورده نولدكه يجب التنويه هنا بأن ابن العبري، إضافة إلى صيغة قَردو،استخدم في كتابه “تاريخ الزمان” صيغة كاردو Kardu أيضاً وذلك خلال سرده لأحداث سنة 686 للميلاد، حيث يذكر ابن العبري بأن محمد، أمير جزيرة كاردو هاجم الرومان في كبادوكيا وهُزمهم بالقرب من قيسرية.[35] ويرد صيغة كاردو/كَردو في ملفات الشهداء الفرس أيضاً.[36]

يلاحظ المرء بأن النصوص المتأخرة تذكر صيغة (كارد-كاردو) للإشارة إلى المنطقة المأهولة بالكرد حينها، فعلى سبيل المثال ذكر الرحالة الإيطالي ماركو بولو (1254-1324 للميلاد) الذي مر بالمنطقة اسم الكرد بصيغة كارد.[37] ويرد اسم جزيرة كاردو في الكتابات الآرامية العائدة إلى القرن 16-17 أيضاً.[38]

يأتي نولدكه على ذكر أمثلة أخرى بما يخص بلاد قَردو وجبال قَردو منها ما ورد في كتاب تاريخ الشهيد Giwargis (القرن 7 للميلاد) ولدى توماس المرغا Thomas Almargā (القرن 10 للميلاد)، وكذلك مخطوط ترجمة عربية لـ “مغارة الكنز” التي يرد فيها مصطلح قَردو بصيغة قردوه وقردا. وحسب نولدكه فإن العرب تعرفو على الاسم بعد أن احتلوا المنطقة في سنة 640 للميلاد (البلاذري 176، 5 والطبري سنة 790 وجغرافيي القرن 9-10 مثل ابن الفقيه وابن رستة وابن خرذاذبة والمسعودي وابن حوقل وياقوت الحموي،. ويرد بشكل خاص في كتاب ابن الأثير خلال الحديث عن أحداث القرن الرابع للهجرة).

ويشير نولدكه إلى أن المؤرخ الأرمني موسيس خوريناتسيMovses Khorenatsi  (عاش في القرن الخامس للميلاد) ذكر كوردوخ Kordûx (في القرن السابع) والذي ربما بدوره اعتمد على كتاب بتليموس Ptolemaeus . ثم يضيف بأنه ربما كانت كاردو Kardû اسم لقبيلة وثم اصبح يشير الاسم إلى البلاد، ولكن ومنذ فترة طويلة لا نجد أي أثر لهذا الاسم بين القبائل الكردية أو الأرمنية. وكدليل على استخدام المصطلح لفترة طويلة هو ذكره في النسخة السريانية من الكتاب المقدس، إضافة إلى أنه أصبح ينتمي إلى التسمية الكنسية (نولدكه).

في حين أن الباحث الأرمني اساتريان يذكر بأن الأرمن كانوا يطلقون عليهم اسم كوردوكKorduk[39]، هذا الأمر يشير إلى أن الأرمن استخدموا صيغة كوردوخ وكوردوك بنفس الوقت. بالإضافة إلى ما ارورده نولدكه بخصوص جبل كاردو فأنه يذكر في الهامش ربط القرآن والمصادر الإسلامية قصة الطوفان بجبل جودي (الذي يقع شمال شرقي جزيرة بوهتان) ولكن الملفت في الأمر هو أن نولدكه لم يتوقف كثيراً عند الموضوع خاصة وأن بعض المصادر تشير بشكل صريح على أن جبل الجودي وجزيرة بوهتان هي من بلاد الكرد.

سأبدأ هنا بما ورد في ما يعرف بسيرة “مار قرداغ” التي تم تدوينها على الأغلب في عصر الملك الساساني خسرو الثاني ( 590-628)، أما بطل الملحمة قرداغ فقد عاش في عصر شابور الثاني 309-379 الذي عينه نائباً له (مرزبان) في المنطقة الممتدة من مدينة نصيبين إلى ديالى (تورمارا Tormara).[40] في نص السيرة يتم الحديث عن رجل الدين المسيحي عوديشو الذي كان أهله يقيمون في قرية خاززا 12 كم جنوب أربيل، ومن ثم طردهم من القرية من قبل الوثنيين بسبب اعتناقهم للمسيحية، فاختارت عائلته الانتقال إلى “قرية ثمانين في بلاد الكرد”،[41]عند سفح جبل جودي.[42] وفي موقع آخر من نفس السيرة يذكر الكاتب بأن مار قرداغ وصل إلى “أرض الكرد” ورفع عينيه ونظر واذا هناك معسكرات كبيرة من اعدائه[43] (المقصود هنا الرومان والغساسنة) نصبت خيمها على ضفة نهر الخابور (المقصود هنا هو خابور دجلة أو ما يعرف ب فيش خابور)،[44] فهاجمهم قرداغ وانتصر عليهم.[45] أي أن النص يشير إلى منطقة قريبة من مدينة زاخو الحالية التي تقع جنوب جزيرة بوهتان. حيث كانت جزيرة بوهتان والمناطق الواقعة بجوارها معقلاً تاريخياً للكرد وخاصة للقبيلة البختية، [46]  التي يرد اسمها لدى بعض المؤرخين المسلمين بصيغتها الأصلية ومنهم ياقوت الحموي[47] الذي يشير إلى أن مركزهم الرئيسي كان قلعة جردقيل/ حزدقيل (كوركيل Gurgil).[48]وبُختي أو بُختو اسم قديم جداً يعود جذوره إلى القرن الخامس ق.م. في أقل تقدير، فقد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتس (III, 93) (485 – 425 ق.م.) مقاطعة باسم بختويخ (Pekhtuikh) وقال أنها كانت تقع ضمن الساتراب (الولاية) الثالث عشر للدولة الاخمينية (559 – 331 ق.م)، ويرى نولدكه ويؤيده كيبرت ان لبختويخ علاقة مع بهتان الحالية، وان البُختية هم القوم الذين ذكرهم هيرودوتس عند حديثه عن الأرمن،[49] إما مارتن هارتمان Martin Hartmann  فيشك في هذا الرأي مستنداً في ذلك إلى اختلاف التلفظ.[50] في حين أن البدليسي يروي رواية أخرى كانت شائعة بين الكُرد مفادها: «ان الشعوب الكُردية كلها من سلالة بجني – بشنو[51] وبُخت – بوهتان».[52]

كل ما ذكرناه للتو، بغض النظر عن الأسماء المختلفة التي عرفت بها الجزيرة، يشير إلى ارتباط اسم جزيرة بوهتان/بوتان/بوطان بالكرد، ويمكن تأكيد هذا الأمر من خلال ما أورده المؤرخ عز الدين بن شداد (توفي 1285) نقلاً عن ابن الواضح (ربما توفي سنة 898 أو 905 للميلاد):.….”حيث يشير إلى أن جزيرة بوهتان كانت تعرف ب جزيرة الأكراد قبل أن يختطها ابن عمر التي نسبت إليه” [53] وهو بدون شك الترجمة العربية لجزرتا دوقردو التي تم ذكرها سابقاً.[54] أما بالنسبة للجبل المتعلق بقصة الطوفان، الذي ورد ذكره لدى لكاهن البابلي بيروسوس Berossus بصيغة جبل كوردوين Corduen، فقد تم تحديد موقعه من قبل المؤرخ الإغريقي سترابو بين ديار بكر وموش،[55] أي في بلاد كوردويني Gordyene التي كان مركزها دياربكر كما أسلفنا. [56] بعض المصادر المسيحية أيضاً تتحدث عن جبل كوردوين (قَردو السريانية وكردوخ الأرمنية)، بحسب الترجمات الآرامية للكتاب المقدس، هذا الأمر يشير إلى التأثير الواضح للتقاليد البابلية والعودة إلى مرويات بيروسوس. وكما ذكرنا للتو فأن العرب قد علموا بالاسم من المسيحيين عند احتلالهم منطقة بوتان سنة 640 للميلاد، واطلقوا على جبل قّردو اسم جودي المذكور في القرآن.[57]

وهناك من الباحثين، من أمثال ستريك Streck[58] وهالو Hallo ،[59]  من يعتقد بأن اسم جودي مشتق من اسم كوتي ،Guti، أحد شعوب كردستان القديمة [60] والذي يرد ذكره في المصادر حتى الفترة السلوقية. رغم تشابه صيغة جودي مع كوتي إلا انني استبعد صحة ما ذهب إليه الباحثان وذلك لأن المصادر التاريخية لا تتحدث عن امتداد الكوتيين[61] إلى تلك المنطقة. الأقرب إلى الصح باعتقادي هوأن مصطلح جودي مشتق على الأغلب من كوردوين Gorduen أو كوردي Gordi، حيث أن العرب استعاضوا عن الحرف الأول بحرف ج وقاموا بحذف حرف الراء بعد حرف العلة O ليلائم اللفظ العربي وبذلك تحول الاسم Gordi إلى جودي، وما يعزز هذه الفكرة هو أن ياقوت الحموي يشير إلى أن اسم جودي ليس له أصول عربية وانما هو استعارة من التوراة، [62]وهو هنا وبكل تأكيد يقصد الكتابات اليهودية والسريانية.

الملفت للانتباه هو أن المؤرخ الموسوعي فضل الله العمري الذي عاش في القران الرابع عشر الميلادي (1301-1349 م) يطلق على جبل الجودي اسم “جبل الأكراد” أي جبل كوردوين.[63] هذه الأسماء التي ذكرناها جميعاً تشير بوضوح إلى أن اسم كَردو يشير إلى الكرد.

بعد عرض آراء نولدكه وتعليقنا عليها نشير إلى أن نولدكه ينفي وجود أي صلة بين الكرد والكردوخيين وأنما يرى بأن الكرد هم أحفاد الكورتيين الذي ذكرتهم المصادر الكلاسيكية:

حيث يقول في ذلك:

سابقاً كان يتم النظر من قبل الباحثين كيبرت وليربوخ (Kiepert, Lehrbuch) وأنا منهم إلى أن مصطلح كَردوخ هو شكل من اشكال اسم الكرد. في الوقت الحالي يعتقد الباحث هارتمان  Hartmannفي دراسته عن بوهتان بأن الاسم كَردوخ لا يعبر عن صفة الكرد وهو الرأي الذي اعتقد به أنا أيضاً في الوقت الحالي.  وذلك بسبب عدم تطابق الأحرف في الشكلين (كورد وكارد)،  والأهم في الأمر هو ان الشكل الأخير يشير إلى منطقة محددة ليست كبيرة جداً في المساحة. وهكذا يستخدم كل من السريان والعرب اسم قَردو وقَردا إلى جانب الاسم الشائع الأكثر انتشاراً للأكراد، دون إرباكهم أبداً. كُرد هو مشتق من كلمة كورت الأقدم التي نصادفها في اللغة الإغريقية بصيغة كورتوي ، وتظهر هذه الكلمة لدى المؤرخين الكلاسيكيين بوليبيوس وليف Liv (على شكل كيرتاي Cyrtaei أو كيرثاي Cyrthei وكيرتيوروم Cyrtiorum) وسترابو.[64] ربما مصدر هؤلاء الكتاب هو بوليبيوس Polybius (220-120  ق.م.) الذي يشير إلى شعب بدوي يسمى كورتوي، يعيش في شمال ميديا وفارس ويمارس النهب. يشير هذا الاسم تقريباً إلى منطقة انتشار الكرد الحالية، وربما كان الاسم يشير بالاصل إلى قبيلة إيرانية جبلية. ويعود سبب ندرة الشكل لدى الكتاب الكلاسيكيين إلى أن الرومان كانوا من النادر يلتقون بالكرد. ونصادف الاسم ثانية في نهاية القرن السادس للميلاد في “الكتاب البهلوي” الذي يشير إلى أعمال الملك الساساني أردشير الأول (كارنامَك اردشير)[65] (نسخة Peshotan). يظهر الاسم في كارنامك بشكله القديم الذي ينتهي بحرف ت كورتان (مفردها كورت)، وهي صيغة الجمع وتم استخدمها كاسم مرادف للماد الذين سجل اسمهم كذلك بصيغة الجمع ماديكان Madigan، ولكن بدون شك هو أن المؤلف نطقها بصيغة كوردان (نولدكه)،[66] وما يؤكد قول نولدكه هو أن هذه الصيغة مألوفة لدى الكرد في الوقت الحالي. والملفت للانتباه هو أن الكرد المتحدثون باللهجة الكردية الزازية في شمال دياربكر/آمد يسمون انفسهم كيرد Kird  (في حالة الجمع كيردي Kirdi) وهي صيغة قريبة جداً من صيغة كورت وكيرت التي ذكرها نولدكه، في حين انهم يطلقون على الكرد من متحدثي اللهجة الكردية الكرمانجية اسم كيرداس وعلى لهجتهم كيرداسي.[67]

من خلال ما اورده نولدكه من أمثلة بخصوص استخدام مصطلح كورت، يظهر بأن أقدم المصادر التي ذكرها نولدكه بخصوصهم تعود إلى القرن الثاني ق.م. ولكن هناك من الباحثين من يشير إلى مصادر أقدم بكثير. حسب إيزادي فأن نصوص تل العمارنة التي تعود إلى القرن 14 ق.م. تشير إلى وجود مملكة قورتي أو كورتي الجبلية إلى الشمال من ميزوبوتاميا، على طول الطريق إلى بحيرة فان، وقد تم ذكرها في سياق احتلالها من قبل الملوك الكاشيين.[68] كذلك الباحث النمساوي هينيربيشلر Hennerbichler يشير إلى ذكرهم في نصوص الحثيين ونصوص ملوك آشور من العصر الآشوري الوسيط والحديث.[69]

الباحث كوزاد محمد أحمد، في تعليق له على  ما ذكره المؤرخ محمد أمين زكي  بخصوص ذكر الكورتيين في نص تيكلات بلاصر الأول، أكد بأن القراءت الحديثة للاسم اظهرت وجود خطأ في القراءة القديمة للاسم، وأن القراءة الصحيحة للاسم هو ثاثخو وهو اسم خوري الأصل وتعني جبلي، وكانت موجودة في شمال كردستان.[70] في حين أن الباحث هيرتزفيلد Herzfeld يشير إلى أن باب أوPap (الجبل) ولاحقة الانتماء الخورية (خي) كانت ترادف كنية كورتي التي ظهرت في سجلات الحثيين من عاصمتهم خاتوشا (حالياً بوغاز كوي) بصيغة عامة بابانخي، وكانت تطلق على سكان جبال طوروس وجبال أمانوس مروراً بآشور ومرتفعات أرسانياس وحتى بحيرة وان، التي شهدت وجود عدد كبير من الإتحادات القبلية الكوتية الصغيرة (الكوتيين هنا والذين يبدأ اسمهم بحرف الكاف ليس لهم أي صلة ب الكوتيين Gutî في زاغروس والذي يبدأ اسمهم بحرف G).[71]

ويشير نولدكه إلى نص سرياني يعود إلى سنة 568 يرد فيه اسم موقع يدعى تَلا دي قورداييTella dē Qurdāyē أي تل الكرد، في منطقة قريبة من دمشق. في ذلك الوقت كان يوجد على الأرجح حامية عسكرية من الكرد المستقرين في سوريا، وهنا نلاحظ استخدام الصيغة السريانية القديمة لاسم الكرد والذي يبدأ بحرف القاف Qurdayê (قوردايي). ويرد الاسم كذلك الأمر لدى هوفمان Hofmann  (في كتاب “شهداء الفرس” (682 للميلاد) وفي “اكتا مارتا” ومصادر أخرى تعود إلى القرن السابع. وما زال كتابة الاسم بحرف القاف قيد الاستخدام في الوقت الحالي (نولدكه).

وتأكيداً على رأي نولدكه يشير درايفر إلى نص سرياني بعنوان Life of Mār Yabhlāhā ورد فيها بأن كَرتَوايي Kartawāyē هم قُردايي Qūrdāyē الذي يسميهم العبرانيون والكلدانيين باسم قوردايي Qūrdāyē والفرس ب كورد، وأن هؤلاء ال قَردَوايي من الجبال المسمى ب قَردو [72]Qardū، هذه الملاحظة تؤكد رأي نولدكه بخصوص هوية تل الكرد الموجود بالقرب من دمشق.

وحسب نولدكه فأن العرب والفرس لم يلفظوا اسم الكرد بحرف القاف وانما استخدموا حرف الكاف، ولدينا فائض من الأمثلة بخصوص هذا الأمر. كذلك الأمر كتب الكتاب السريان في الفترة الإسلامية الاسم كما كان العرب يكتبونه بحرف الكاف، على سبيل المثال يوحنا النصيبيني كتب الاسم بصيغة كورديا. كذلك ابن العبري وغيره حتى الوقت الحاضر ، حيث يرد بهذا الشكل في نصوص القرن 15 والسابع والثامن عشر. عندما يذكر ابن العبري (خلال سرده احداث سنة 828-829) كوردَاناي Kurdanayê ، فأنه هنا اتبع مصدر فارسي وتبنى صيغة الجمع الفارسية (آن ) في السريانية (نولدكه).

إضافة لما ذكره نولدكه يرد اسم الكرد وكما ذكرنا سابقاً لدى ابن العبري باشكال اخرى: خلال الحديث عن احداث سنة 550، يذكر ابن العبري هجوم الامبراطور الروماني على مناطق الفرس واحتلال بلاد كارديواي أي بلاد الكرد (Kardawaye).

وخلال الحديث عن ثورة قام بها الكرد سنة 829 / ضد الخلافة العباسية (في عهد الخليفة العباسي المأمون)، يورد ابن العبري الآتي: انتفض الكرد/كورداناي KORDANAYE المسلمين على العرب، حيث ظهر من بينهم ملكاً، ادعى انه المهدي المنتظر. ألقى هذا الرجل بغطاء على وجهه، وأطلق على نفسه اسم “المسيح” و “الروح المقدسة”. واجتمع حوله الناس وقام بتحصين معسكر في جبال بلاد الكرد KARDEWAYE. ارتعد المأمون وأرسل ضده حسن، قائد الجيش، وحاصره في طور عابدين، بينما كان هو يقوم بنهب دير قرطمين. وتحطم الكرد وهرب المهدي إلى بلاد إسحاق ابن أهود الأرمني الذي قبض عليه وقطع رأسه. وفي موقع آخر يرد الاسم لدى ابن العبري بصيغة كورداي Kūrdāyē/KURDAYE وكاردو. حيث نلاحظ هنا بأن ابن العبري قد استخدم بشكل واضح صيغة كورداي خلال وصفه للكرد. [73]

وينتقل نولدكه بعد ذلك إلى ذكر بعض النصوص السريانية النسطورية التي يتم فيها الحديث عن كرتيواي وكارتاواي، فيشير إلى توماس المرغا Thomas von Marga (850) الذي يسرد قصة صراع أحد السريان ضد كارتيوايي Kartewaje الذين كانوا يقومون بأعمال النهب والذين سببوا الضرر لقرية تقع في بيث باغيش Baghesh، وهي منطقة مسكونة جزئياً بالسريان وتقع في كردستان، في أعالي نهر الزاب الكبير. وقد نهب ال كارتيواي Kartewaje/ Kartêwayê الكنيسة التي تقع في بيت عبهي التي تقع إلى الأسفل بالقرب من نهر الزاب الكبير، وقد تم سرد تاريخ هذه الكنيسة من قبل توماس أيضاً الذي يشير كذلك الأمر إلى أسقفية كرتيواي Kertêway. ويمكن للمرء أن يضيف بأن المسعودي (القرن العاشر) قد التقى بالكرد المسيحيين في تلك المناطق (نولدكه).[74] ثم يضيف نولدكه: بالرغم من أن البعثات التبشيرية المسيحية لم تنجح بشكل كبير في نشر المسيحية بين الكرد الاصلاء إلا أننا يمكننا أن نؤكد على أن ال-كارتيواي المسيحيين كانوا في حقيقة الأمر كرد اصلاء، حيث يظهر هذا الأمر بشكل جلي من خلال كتاب الياس النصيبيني الثنائي اللغة: ففي النص السرياني الذي يعود إلى سنة 880 للميلاد يطلق على الـ-كرتيواي Kartêwayê اسم يعقوباية Yaqubayê ويصفهم بالمشاغبين أو المتمردين على نهر دجلة، أما في ترجمته للنص إلى اللغة العربية فقد استخدم النصيبيني صيغة أكراد (جمع الكرد) في تعريف لليعاقبة (اليعاقبة الأكراد). وتتحدث المرويات العربية كذلك الأمر عن اضطرابات اليعاقبة-الكرد، ابن الأثير (خلال الحديث عن احداث 258 وكذلك أحداث 273 للهجرة) والطبري (خلال ذكر احداث 266 للهجرة)، في هذه المصادر يتم ذكرهم بصيغة اليعاقبة فقط (نولدكه).

تأكيداً على ما أورده نولدكه نشير إلى أن الرحالة الإيطالي ماركـوبولو الذي زار المنطقة في عام 1272 تحدث ايضاً عن الكرد المسـيحـيين من الطائفتين اليعقوبية والنسطورية في جبـال الموصل.[75] وهناك مصادر أخرى كثيرة تشير إلى حقيقة انتشار المسيحية في كردستان وإيران،[76] منها ما ورد على سبيل المثال في ما يعرف ب “ملفات الشهداء الفرس”، وذلك أثناء الحديث عن حصار الملك الفارسي شابور الأول لحصن بيت زبداي (بازبدي)،[77] وكذلك خلال الحديث عن شهداء كركوك (كَركا دي بيت سلوك) ونواحيها من عهد الملك الساساني يزدجرد (القرن الخامس).[78] وتشير المصادر إلى أن الملك الساساني خسرو الثاني (590-628) قد أمر ببناء دير في حلوان بالقرب من كرمنشاه في كردستان ايران وذلك تقديراً لزوجته المسيحية شيرين.[79] وفي ميديا، التي ترد اسمها في “ملفات الشهداء الفرس” بصيغة بيت مادايي Madayê، كانت توجد مقبرة كبيرة ومشهورة للشهداء المسيحيين (باسم مار سيرجيوس)، الذين تم اعدامهم على يد الساسانيين خلال فترة الملاحقات.[80]

وبالرغم من انتشار الإسلام بين الكرد إلا أنه ما زال هناك بعض العادات المتأصلة بين الكرد، والتي تعود في جذورها إلى فترة اعتناقهم للدين المسيحي، حيث لا يزال بعض الكرد الغير المسيحيين في كردستان يباركون عجينة الخبز عن طريق رسم علامة الصليب عليها وكذلك على البيض قبل وضعها تحت الدجاج، وتسمى تلك البيضة باللغة الكردية موتك Motîk، وحتى وقت قريب وعند مرض الأطفال كان يتم رسم علامة الصليب على جباههم لاعتقادهم بأنها تساهم في شفائهم من المرض وتقوم بطرد الأرواح الشريرة.

بالعودة مجدداً إلى موضوع الكورتيين فأن المصادر الأبكر حسب نولدكه تشير إليهم بصيغة كورتيواي Kurtêwayê وفي كتاب التلمود البابلي يرد ذكرهم بصيغة قورتييم، وهذه الصيغة تختلف عن صيغة قورديم التي تشير إلى نفس، الاختلاف بين البدء بحرف القاف أو الكاف لا يلفت الانتباه، لأن الاختلاف في اللفظ يعود إلى الاختلاف في مصدر المعلومات. الملفت للانتباه هو ورود اسمهم في مصدر عربي من القرن 14 بصيغة القاف، حيث يشير المصدر إلى اسم قبيلة كردية تسكن بالقرب من أربيل، وتصفها بالقرتاوية. في عام 1262 تم قتل الكثير من السريان في كَرتيوايي Kartêwayê. وتخبرنا النصوص السريانية بشكل مفصل عن صراع الـ كَرتيواي (الكرد) المسلمين ضد اعدائهم الألداء من المسيحيين الجبليين الشرسين المحاصرين في قلعة أربيل وذلك في نهاية القرن 13 وبداية القرن 14.[81](انظر في تاريخ ابن العبري، وسيرة البطل السرياني Jabhallaha) يظهر هنا الكرد بأعداد كبيرة من كل الأصناف، حيث يتم ذكر 800 رجل من بينهم، ممن يقومون بأعمال الحماية. كل هذا يشير إلى حقيقة أننا لا نتعامل مع قبيلة واحدة ، بل أن كرتيواي هنا في حقيقة الأمر أكراد بوصفهم شعب، أو على الأقل “أكراد” المنطقة الجبلية المجاورة لآشور القديمة. في عام 1301 نصب كرتيواي كميناً للبطريريك الذي كان متوجهاً عبر الجبال الكردية من أربيل إلى مَركاها Margā في أذربيجان (Jabhallahā 134). وفقًا لملاحظة موجودة في إحدى المخطوطات الحديثة جداً للسيرة الذاتية المذكورة، يسمي العبرانيون الأكراد كرتيواي Kartêwayê. وفقاً لهذا، يمكن للمرء أن يفترض أن اليهود الناطقين باللغة الآرامية في تلك المناطق لا يزالون يستخدمون الاسم. ربما لم تختفي التسمية بالكامل بعد لدى مسيحيي آشور القديمة.

وفي نهاية المقال أكد نولدكه مجدداً بأن مصطلحي كورد وكرودخ غير متطابقة من الناحية اللغوية ومن الضروري التمييز بينها (نولدكه).

يوافق مينورسكي نولدكه وهارتمان في مسألة ربط الكرد ب ال-كيرتي/ كيرتيوي وحسبه يمكن اثبات ذلك من خلال الوجود الكردي في مناطق فارس خلال العهد الساساني، ولكنه بنفس الوقت يطرح سؤالاً بخصوص رفض كل من نولدكه وهارتمان عن وجود أي علاقة بين مصطلحي كرد و قَردو: حيث يقول، أن مسألة الرفض لم يجب على سؤال هام جداً وهو كيفية وصول الكيرتيين إلى الغرب من زاغروس واستيطانهم في بلاد قَردو وجبال طوروس وشمال سوريا، ثم يضيف بأن الاحتلال الميدي والفارسي أحدث تحركات كبيرة للشعوب الإيرانية، كما هو الحال بالنسبة لانتقال الساكارتيين Asagarty/Sagartians من مناطق سيستان. في الفترة الآشورية كان هؤلاء الساكارتيين يسكنون في مناطق ميديا (زيكيرتو أو زاكروتي)، ولكن في نقش بيهستون من عصر داريوس أصبحت عاصمتهم مدينة أربيل.[82] بين 220-171 نجد الكيرتيين مشاركين في الحرب بين الرومان والسلوقيين وملوك بيركامون.[83]

المصادر الأرمنية من القرن السابع تشير إلى كورجيخ Korçîx وهو مشتق من كورتج-ايخ Kortiç-eyx ، حيث أن كورتج تعني الكرد كما هو الحال بالنسبة ل اتروباتج Etropatiç الذي يعني ساكني اتروباتين (اذربيجان). في القرن الرابع كان كورجيخ أقليماً بالقرب من سلماس. كأقليم امتد كورجيخ من جولمرك إلى جزيرة ابن عمر وضمت الأقاليم التالية: كوردوخ، ايكارخ، موثوفاوخ (اوثوفانح)، اورسراوخ، كَرَثونيخ (سَرَبونيخ)، جَهوك، وافباك الصغير.[84] في حين أن المؤرخ الأرمني الأصل اندرياس يذكر الاسم بصيغة كورجايك Korçayk، الذي هو مشتق من كورتي-أيك Korti-eyik. يشير الباحث نيكولاس أدونتس إلى أن الكيرتيون كانوا يعيشون مع المارديين ، بين جبل زاغروس ونفات Nifat. وكانوا يسكنون المناطق الحدودية لأرمينيا، إلى الجنوب من المارديين[85] ، في المنطقة التي سُميت فيما بعد باسمهم كورجايك Korçayk، وهي تقع حسب الباحث بوزاند في سلماس.[86]

في وقت لاحق حذر مينورسكي من مسألة ربط شعب مثل الشعب الكردي بأصل مشترك واحد، وأشار إلى انهم نتاج اندماج عدة شعوب مختلفة ذكرها على أنها اسلافهم. في النهاية ، اندمجت هذه الشعوب والقبائل المختلفة في شعب واحد ، وبحلول الفترة الاسلامية تقريباً ، كان يستخدم مصطلح الكرد كمصطلح إثني وحيد للإشارة إلى جميع تلك القبائل المختلفة التي تشكل منها الشعب الكردي.[87]

درايفر Driver أيضاً انتقد بشدة آراء نولدكه بخصوص ربط الكرد بأصل واحد ورأى بأن نولدكه لم يكن قادراً على اكتشاف أن المصطلحات المختلفة بشكل أساسي وعلى الأخص التي تشير إلى أجداد الكرد كانت تستخدم في كثير من الأحيان بشكل متبادل للإشارة إلى الكرد (سكان جبال زاغروس-طوروس الشجعان). وبحسب درايفر فأن الاسم الحالي للكرد يعود إلى اللفظ أو الكلمة الفارسية كورد أو Gurd والتي بدورها ذو أصل بابلي مشتق من قاردا والتي لها نفس معاني الكلمة الفارسية أي شجاع/محارب، أي أن الفرس ,ونظراً لعدم وجود حرف القاف في لغتهم فقد استعاضوا عنها ب حرف G.[88]

وحدد درايفر موقع بلاد كاردا بجانب شعب سو القاطن جنوب بحيرة وان، في جنوب شرق الأناضول ورأى إمكانية الربط بين بلاد كاردا والكورتيين الذي حاربهم الملك الاشوري تيكلات بلاصر الأول (1115-1076 ق.م.) في المنطقة الجبلية غرب بحيرة وان، وبحسب درايفر تم قبول هذا الرأي من قبل خمسة من أصل ستة من المستشرقين الذين عاصروه، من بينهم مينورسكي.[89] هذا الارتباط بين الكرد وكاردو أشار إليه الكثير من الباحثين من أمثال الجغرافي الألماني كيبرت[90] والمستشرق والجغرافي النمساوي فيلهلم توماشيك (1884)، حيث اعتقد الأخير أيضاً كما درايفر بأن مصطلح الكرد اصله سامي ولا بد انه اشتق من كاردو/قاردو السامية وليست من كورد او Gurd الإيرانية.[91] أما عالم اللغات لانغدون فأنه حدد موطن بلاد كاردا في جوار جبال زاغروس ووصفها ب البلاد التاريخية للكرد. في حين أن شبايزر اعتبر الكرد من أحفاد القبائل الكوتية[92] التي كانت تعيش في مناطق جبال طوروس وزاغروس ، شمال وشمال -شرق ميزوبوتاميا، ورأى بأن الكيرتيين/القورتيين لهم علاقة بالكرد واعتبر الكوتيين Gutî سكان كردستان القدماء قبيلة كورتية، والسبب في ذلك هو أن الأسمين قورتي (كورتي) وكوتي استخدما في النصوص المسمارية منذ القرن 13 ق.م. (في بعض المناسبات) بشكل مطابق ومتبادل، وتشير إلى نفس الشعب، مستشهداً بنص يعود إلى عصر الملك الآشوري توكولتي نينورتا الأول (1250 ق.م.). حيث تحدث الملك الآشوري في ذلك النص عن شعب كوتي الذي كان يتخذ من وديان نهر الزاب موطناً له. ثم يضيف في نفس النص أنه وضع يده على موطن هذا الشعب الذي سماه في لوح آخر ب كورتي أو قوردي.[93] إضافة إلى صيغة كورتي وقوردي،استخدم البابليون ومنذ 653 ق.م. صيغة قوتيل للإشارة إلى جبال كردستان وساكنيها بمن فيهم الميديين.[94]

حديثاً نشر الباحث النمساوي فرديناند هينيربيشلِر Hennerbichler عدة أبحاث عن أصل الكرد منها مقال طويل يتحدث فيها بالتفصيل عن مصطلح كاردا، وفيها لخص الآراء المختلفة التي طرحها علماء اللغات والآثار بخصوص مصطلح كاردا والكرد. حيث يرى الباحث بأن أصل الكرد مرتبط في جذوره ب كوردا (كورتي/كورهي) السومرية وكاردا، قاردو، قردو السامية (كوردا في شمال ميزوبوتاميا في القرن 23 ق.م.، وكاردا في شمال غرب إيران في القرن 21 ق.م) والتي كانت تطلق بشكل أساسي على الكوتيين. اكتسبت المصطلحات “كورتي” (“قرتي”) شعبية مؤقتة في فترة مبكرة خلال القرنين الثالث عشر والثاني عشر ق.م.، في المصادر الآشورية. في البدايات المبكرة بين القرنين الثالث والعشرين والثاني عشر ق.م. اطلق السومريون اسم كورتي وكوردا (kurda ، kurti) بشكل أساسي على سكان شمال بلاد ما بين النهرين ،أما الأكديون فقد استخدموا المصطلحات الأكدية الجذور (كاردا “karda”) للإشارة إلى سكان المناطق الواقعة في أقصى الشمال الشرقي في شمال غرب إيران (اليوم). في وقت لاحق ، وعلى وجه الخصوص في كتابات المؤلفين اليونان والرومان ، تم استخدام العديد من المصطلحات المكونة من “u-” و “a-” بشكل متبادل وغير منسق وأيضاً محرف (وهو ما أشار إليه دؤايفر سابقاً)، اعتماداً على التعبيرات التي تم تقديمها من قبل مختلف المتحدثون المحليون/الإقليميون الذين التقوا هؤلاء الكتاب (ساميون ، إيرانيون قدماء ، أرمن وآخرون) وكذلك نتيجة للتغييرات السياسية.[95]

وفي بحثه المعنون “أصل الكرد” يؤكد هينيربيشلر إلى أن “بيانات الحمض النووي المتاحة تشير إلى أن أسلاف الكرد قد تواجدوا بشكل واضح ومنذ االبدايات وبشكل متزامن في أقصى الشمال (الأناضول الشرقية ، شمال بلاد ما بين النهرين) وأقصى الشمال الشرقي (زاغروس والسهول الشرقية لشمال غرب إيران اليوم) ولا توجد مؤشرات (عرقية) وراثية تشير إلى أن الأكراد قد نشأوا إما في الأناضول أو في مناطق زاغروس (تمتد شرقًا إلى شمال غرب إيران اليوم). علاوة على ذلك ، لا يمكن للأكراد أن ينحدروا من رجل واحد أو زوج أو قبيلة بعينها ، حتى لو كانت المصطلحات اللغوية الفردية تشير إلى ذلك. ولا يمكن للأكراد أن يكونوا قد نشأوا جغرافياً من مكان واحد أو منطقة واحدة فقط”.[96]

إضافة إلى ما ذكرناه من آراء وما اوردناه من أدلة توضح بأن المصطلحات كاردا وكاردو وقردا وقاردو وكورتي وغيرها بمجملها تشير إلى الشعب الكردي، من المفيد هنا أن نضيف في نهاية هذا البحث بأن كردستان الحالية كانت، نظراً لظروفها المناخية والجغرافية الملائمة ، ومنذ ما يعرف بالعصر الحجري القديم الأدنى ملاذاً للبشر الاوائل، وشهدت كردستان ظهور القرى الأولى (منذ الألف الثاني عشر ق.م.) وظهور الزراعة في الألف التاسع ق.م.، وبالتالي ظهور أولى الحضارات في المنطقة إلى جانب مناطق أخرى من الهلال الخصيب. ولاحقاً شهدت أراضيها ظهور العديد من الدول والامارات والاتحادات القبلية والسياسية مثل الخوريون، الاورارتيون، والكوتيون والكاشيون واللولوبيون والميتانيون والميديون والمانيون والاسكيثيون وغيرهم،[97] واستمرت أخبار بعض هذه الشعوب وبدون انقطاع ولآلاف السنين. ولا توجد أية نصوص تاريخية تشير إلى هجرة تلك الشعوب من كردستان أو انقراضها.

المشكلة الرئيسية التي تواجه الباحثين تكمن في عدم العثور على نصوص كتابية بلغات تلك الشعوب (باستثناء الخورية والاورارتية)، وما تم العثور عليه حتى الآن لا يتعدى بعض المفردات والمصطلحات وأسماء بعض الأشخاص , وأسماء الآلهة وبعض المواقع الجغرافية، لهذا يصعب على علماء اللغات دراسة لغات تلك الشعوب ومدى ارتباطها مع بعضها البعض وكذلك ارتباطها مع لغات شعوب المنطقة، وما قيل بخصوص أصول لغات تلك الشعوب وارتباطاتها لم يصل إلى حد الجزم، فقط اللغة الميدية تم تصنيفها بشكل أكيد على أنها من الفرع الشمال الغربي للغات الإيرانية، أي مثلها مثل اللغة الكردية والفارسية والبلوشية. لكن تلك اللغات ربما كانت قريبة من بعضها البعض، حيث يذكر الملك البابلي حمورابي في احدى نصوصه: كوتيوم Gurî، سوبارتو،[98] توكريش (مملكة خورية) ، جبالهم بعيدة، ولغاتهم متشابهة. [99] هنا يشير النص إلى التشابة بين اللغة الخورية والكوتية وعلى الأرجح اللولوبية، حيث أن نصوص فاره (شروباك القديمة) اشارت إلى كون سكان سوبارتو هم نفسهم اللولوبيين (اللولوبيين السوباريين)،[100] ويشير شبايزر أيضاً استناداً إلى أسماء الأشخاص وأسماء المواقع الجغرافية إلى الرابط ما بين اللغة اللولوبية والكوتية ويعتقد بانهما ينتميان إلى المجموعة العيلامية،[101] ولكن يفضل البعض تسميات هذه اللغات بالقفقاسية ومن ضمنها ربما الكاشية،[102] في حين أن الباحث فورنيت في مقال خصص لدراسة اللغة الكاشية يجد هناك صلات واضحة بين الكاشية والخورية-الاورارتية.[103] بالنسبة للغة المانيين الذين كانوا يسكنون بشكل رئيسي في مناطق جنوب بحيرة اورميا فأن أسماء ملوكهم التي ترد في النصوص الآشورية تبدو بعضها إيرانية والبعض الآخر خورية وكوتية.[104] ما اوردناه للتو يشير إلى أن لغات شعوب كردستان القديمة كانت على الأرجح متشابهة قبل أن يطغى عليها العنصر الهندو-اوربي بعد سيادة الميديين.

يتفق حالياً معظم الباحثين على أن الشعب الكردي الحالي هم  من أسلاف شعوب كردستان القديمة التي ذكرناهم للتو، وهذا الأمر هو الأقرب للمنطق فيما إذا وضعنا في الاعتبار ذكر تلك الشعوب في النصوص المسمارية إلى فترة قريبة من التاريخ القديم، على سبيل المثال: ساذكر هنا الكوتيين واللولوبيين والكاشيين والميتانيون.

الكوتيين: الذين ذكرناهم في الأعلى كان لهم دور سياسي متميز في مناطق زاغروس في الألف الثالث والثاني والأول ق.م. واستمر ذكرهم في النصوص وباستمرار حتى القرن الثالث ق.م.[105].

اللولوبيون: بشكل مشابه للكوتيين يرد ذكرهم في النصوص المسمارية ومنذ الألف الثالث وحتى القرن السادس ق.م..[106]

الكاشييون: يتم الحديث عن الكاشيين في المصادر المسمارية منذ بداية الألف الثاني ق.م.. ويستمر ذكرهم في النصوص حتى الفترة الهلينستية والرومانية.[107]

الميتانيون:  بعد القضاء على المملكة الخورية- الميتانية في القرن الثالث عشر ق.م.[108] ويرد ذكر الميتانيين بعد ذلك بصيغ مختلفة لدى المؤرخين اليونانيين والرومان، على سبيل المثال يذكر هيرودوت[109] (القرن 5 ق.م.) ومن بعده سترابو (توفي سنة 24 للميلاد) شعب أو قبيلة ماتيني Matiene التي كانت تسكن جنوب وجنوب غربي بحيرة أورمية، أي في المنطقة السابقة للمانيين، ويطلق سترابو على بحيرة اورميا اسم بحيرة ماتياني.[110] وهذه الصيغة من اسمهم قريبة جداً من صيغة مايتاني المذكورة على ختم ملكهم شوتارنا.[111] ويذكر هيرودوت بأنه خلال الفترة الميدية كان يوجد موقع آخر يسمى أيضاً ماتيني Matiene، على طول الشاطئ الشرقي لنهر هاليس.[112] ونحن نعلم أن نهر هاليس وبحسب هيرودوت كان يشكل الحدود بين الميديين والليديين.[113]ويضيف هيرودوت بأن الماتيين كانوا يرتدون نفس الزي الذي ارتداه البابلغونيون في الجيوش الميدية والفارسية.[114] المؤرخ الأرمني موسيس خوريناتسي (توفي 493) يذكر اسم الميتانيين بشكله القديم، إضافة إلى انه في كتابه، وفي أكثر من موقع، لا يفرق بين الميديين والميتانيين، على سبيل المثال يذكر خوريناتسي  في احدى المرات بأن باروير ابن العمالقة اصبح ملكاً على أرمينيا لقاء مساعدته للملك الماري (الميدي) فارياك في انتزاع الملك من ساردانابللا ملك آشور، وخلال السرد يقول بأن فارياك كان ميتانياً وأنه نظم جيشاً واستولى على عرش نينوى وآشور ونقل عاصمة ملكه إلى أرض ماري، أي بلاد ميديا. من خلال الحديث يظهر بأن فارياك هو الملك الميدي كياكساريس الذي قضى على الإمبراطورية الآشورية. ويتكرر نفس الأمر في مواقع أخرى من الكتاب، [115] ما ورد في كتاب هيرودوت وكذلك خوريناتسي يشير على الأرجح إلى أن هناك ارتباط عضوي بين الميديين والميتانيين. ربما كان الميديون قبيلة ميتانية انتقلت إلى مناطق كردستان الشمالية والشرقية بعد انهيار الإمبراطورية الميتانية في القرن 13، أي في الفترة المتوقعة التي ظهرت فيها العناصر الهندو-اوربية، والمتمثلة بالميديين والفرس، في مناطق إيران الحالية.[116]

بكل الأحول تشير المصادر المتنوعة إلى أن طغيان العنصر الهندو-اوربي على اللغة الكردية قد بدأ بعد ظهور الميديين وقضائهم على الإمبراطورية الاشورية بين 612-609 ق.م.، حيث استطاع الميديون من فرض سيطرتهم على شعوب المنطقة، ونتيجة لدورهم السياسي وامتدادهم الجغرافي فقد انتشرت لغتهم الهندو- اوربية في مناطق زاغروس والاناضول. ولكننا لا نعلم فيما اذا كان الكاشيون والكوتيون والخوريون واللولوبيون وغيرهم من سكان كردستان القدماء قد استغنوا عن لغاتهم الاصلية وتبنوا لغة الميديين واندمجوا معهم في المراحل الباكرة أم أن الأمر حدث في المراحل اللاحقة وبشكل تدريجي.

وهناك من الباحثين من يشير إلى وجود علاقة بين الكرد والاسكيثيين/ البارثيين (الهندو-اوربيين). من خلال المصادر التاريخية نعلم بأن الاسكيثيين كانوا موجودين في مناطق كردستان الشرقية منذ القرن السابع ق.م. وكان لهم دور في الأحداث السياسية في المنطقة وقد استطاعوا احتلال بلاد ميديا لمدة 28 عاماً[117] ولم ينقطع وجودهم في المنطقة بعد هذا التاريخ، حيث استطاع البارثيين، وهم قبيلة اسكيثية، ابتداء من عام 249 ق.م. من السيطرة على مناطق ميديا وبعد ذلك ضموا ايران وميزوبوتاميا وأجزاء من الاناضول وتأسيس مملكة قوية استمرت وجودها حتى سنة 226 للميلاد.[118] ويعتبر الباحث Ludwig Paul بأن اللغة البارثية هي شكل أولي للغات الإيرانية الغربية التي تشكل الكردية أحد فروعها،[119] وقد أشار بعض علماء اللغات إلى وجود علاقة بين اللغة البارثية واللهجة الزازية-الهرامية/كورانية.[120]

يجب أن اشير هنا إلى أن البحث في أصول الشعب الكردي يجب أن لا يقتصرعلى الناحية اللغوية فقط وأنما يجب أن يشمل النواحي الجغرافية والتاريخية وحركات الشعوب القديمة إضافة إلى علم الجينات DNA/HLA الذي أصبح يلعب دوراً كبيراً في الدراسات الحديثة الخاصة بأصول الشعوب.

على سبيل المثال تشير الدراسات الحديثة المتعلقة بعلم الجينات DNA/HLA إلى وجود علاقة جينية بين الكرد والخوريين،[121] وكذلك الجورجيين.[122]  بخصوص العلاقة مع الجورجيين فهي مرتبطة على الأرجح بقدوم الخوريين من مناطق القفقاس (حيث يسكن الجورجيين) واستقرارهم بشكل رئيسي في مناطق كردستان الحالية ومن ثم مساهتمهم لاحقاً مع شعوب كردستان القديمة في تشكيل الشعب الكردي.

في الختام يجب أن أنوه بأن البحث في أصول الشعب الكردي ودراسة التاريخ الكردي عموماً يحتاج إلى المزيد من الأبحاث الجادة التي تستند إلى نتائج التنقيبات الأثرية ودراسة الأرشيفات والاطلاع على نتائج الدراسات المنشورة باللغات الاوربية الحديثة، وهذا الأمر يحتاج بالتأكيد إلى دعم مادي ومعنوي من مؤسسات مختلفة تهتم بالأبحاث العلمية وبالتاريخ الكردي.

———

المصادر التي اعتمدت عليها في دراسة البحث:

Ahmed, Kozad, M. (2012). The beginnings of ancient Kurdistan (2500-1500 BC), a Historical and Cultural Synthesis.

Altaweel, M. et al. (2012). New Investigations in the Environment, History, and Archaeology of the Iraqi Hilly Flanks: Shahrizor Survey Project 2009–2011. In IRAQ , Volume 74 , 2012 , pp. 1 – 35.

Amirzargar, Ali (2015). Kurds HLA Genes: Its Implications in Transplantation and Pharmacogenomics. In Open Medicine Journal, 2015, 2, 43-47.

Asatrian, G (2009). Prolegomena to the Study of the Kurds. In Iran and the Caucasus 13 , 1-58.

 Arnaiz-Villena, Antonio et al. (2017).Genetic HLA Study of Kurds in Iraq, Iran and Tbilisi (Caucasus, Georgia): Relatedness and Medical Implications.

Genetic HLA Study of Kurds in Iraq, Iran and Tbilisi (Caucasus, Georgia): Relatedness and Medical Implications – PMC (nih.gov)

Arnaiz-Villena, Antonie, Gomez-Casado E. & Martinez-Laso J. Population genetic relationships between Mediterranean populations determined by HLA allele distribution and a historic perspective. Tissue Antigens (2002). 60, 111–121.

Arslan, Zeynep, Interview mit dem Iranisten Prof. Dr. Ludwig Paul über die Zaza-Sprache.https://www.zeynemarslan.com/interview-mit-dem-iranisten-prof-dr-ludwig-paul-ueber-die-zaza-sprache/

 Ashouri, Elham et al. (2016). HLA class I variation in Iranian Lur and Kurd populations: High Haplotype and Allotype Diversity with an Abundance of KIR Ligands. In HLA 88 (3).

Ausgewählte Akten persischer Märtyrer. Mit einem Anhang: Ostsyrisches Mönchsleben. Übersetzt von Oskar Braun (1915). =(Bibliothrk der Kirchenväter (BDK) Band 22.). Würzburg, 21, 252.

Bar Hebraeus’ Chronography Translated from Syriac by E. A. Wallis Budge (London, 1932).

Brinkman, J. A. (1976-1980a). Karduniaš. In Reallexikon der Assyriologie, Fünfter Band,  423.

Brinkman, J.A. (1976-1980b). Karssiten. In Reallexikon der Assyriologie 5,  464-474.

Crouse, Bill/Franz, Gordon (2006). Mount Cudi-True Mountain of Noah’s Ark. In Journal: Bible and Spade (Second Run), Vol. 19, 99-111.

Dandamayev, M. (1990). Carduchi. In Encyclopaedia Iranica. CARDUCHI – Encyclopaedia Iranica (iranicaonline.org)

Diodorus Siculus Book XVII, Section 111. 4.

Driver, G. R. (1923). The Name Kurd and Its Philological Connexions. Journal of the Royal Asiatic Society of Great Britain and Ireland, 3, 400-399.

Driver, G. (1921). The Dispersion of the Kurds in Ancient Times. In Journal of the Royal Asiatic Society. 563-572.

Edzard, D. O./Kammenhuber, A. (1972–1975). Hurriter, Hurritisch. In Real-lexikon der Assyriologie 4, 507–514.

Elisseeff, N.(1986), Ibn Umar, Djazirta. In Encyclopedia of Eslam, Vol. 3

Fletcher, James Phillips (1850). Notes from Nineveh: and Travels in Mesopotamia, Assyria and Syria. Philadelphia.

Fournet, Arnaud (2011). The Kassite Language In a Comparative Perspective with Hurrian and Urartean. In The Macro-Comparative Journal Vol.2, No. 1. 1-19.

Hallo, W.W. (1957-1971), Gutium. In Reallexikon der Assyriologie und Vorderassyatische Archäologie, Dritter Band, 708-720.

Hartmann, M. (1897). Bohtan. Eine topographisch-historische Studie. Mitteilungen der Vorderasiatischen Gesellschaft. Berlin, 90-94.

Hennerbichler, F. (2014). Kar-daKI-ka 21st ce. B.C.E. Karda Land of Valiant Mountain People Central Zagros East Terminological Analysis. Advances in Anthropology, 4, 168-198. http://dx.doi.org/10.4236/aa.2014.43021.

Hennerbichler, F. (2012). The origin of the kurds. In Advances in Anthropology Vol.2, No.2, 64-79. http://www.SciRP.org/journal/aa

Herodotus, The history of Herodotus, Volume 1, translated by Talboys and Wheeler, 1824.

Izady, Meherdad (1992). The Kurds: A Concise Handbook. London and New York.

Kiepert, H. (1878). Lehrbuch der alten Geographie. Berlin. 80; Hennerbichler 2014, 186-187.

Klengel, H. (1987-1990). LuIlu(bum). In Reallexikon der Assyriologie und Vorderasiatischen Archäologie, siebter Band. 164-168.

Minorsky, V. (1986). “Kurds, Kurdistan”, in The Encyclopaedia of Islam, Vol. V., 438-464.

Minorsky, V. (1945). The Tribes of Western Iran. In the Journal of the Royal Anthropological Institute of Great Britain and Ireland. Vol. 75. No. 1/2., 73-80.

Minorsky, V. (1927), Kurds. In Encyclopaedia of Eslam, Vol. II.

Nöldeke, Th. (1879). Geschichte des Artachsir i Papakan aus dem Pehlewi üebersetzt.

Malmîsanij, Mehmed (2021). The Kırmanjki (Zazaki) Dialect of Kurdish Language and the Issues It Faces. In Hamit/ Gunes, Cengiz/ Yadirgi, Veli (editors), The Cambridge History of the Kurds. 663-686.

Öpengin, Ergin (2021). The History of Kuridsh and the development of the Literary Kurmanji. In Hamit/ Gunes, Cengiz/ Yadirgi, Veli (editors), The Cambridge History of the Kurds. 603-632.

Paul, Ludwig (2008). Kurdish Language i. History of the Kurdish Language. In Encyclopaedia Iranica.

Piotrovsky, Boris B. (1969). The Ancient Civilization of Urartu. New York: Cowles.

Potts, D. T. (2014). Nomadism in Iran: From Antiquity to the Modern Era. New York: Oxford University Press.

Postgate, J. N. (1987-1990). Mannaea, Mannäja s. Mannäer.Mannäer. In Reallexikon der Assyriologie und Vorderassyatische Archäiologie 7, 340-342.

Roaf, M. (1996). The Cultural Atlas of Mesopotamia and the Ancient Near East. Reprinted in Oxford.

Schippmann, Klaus (1980). Gründzüge der Parthischen Geschichte.  Darmstadt.

Speiser, E. A. (1930). Mesopotamian Origins: The Basic Population of the Near East. Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press.

Strabo, Geographica, xi, 13, p. 523, and xv, 3.

Streck, M.(1965). Djūdī. In Encyclopaedia of Eslam, Vol. 2 . 573-574.

Streck, M. (1913). Bohtān. In Encyclopaedia of Eslam, Vol. 1.

Streck, M. (1899). Das Gebiet der heutigen Landschaften Armenien, Kurdistân und Westpersien nach den babylonisch-assyrischen Keilinschriften. In Zeitschrift für Assyriologie und Vorderasiatische Archäologie Vol. 14.  257-382.

Tomaschek, W. (1886). Kurdistan. Allgemeine Encyklopaedie der Wissen-schaften und Künste etc. II (H-N). Leipzig.

Walker, Joel T. (2010). “Ascetic Literacy: Books and Readers in the East-Syrian Monastic Tradition”. In H. Börm/J. Wiesehöfer (eds.). Commutatio et contentio studies in the Late Roman, Sasanian and Early Islamic Near East; in memory of Zeev Rubin. Düsseldorf. 307-345.

Walker, Joel T. (2006). The Legend of Mar Qardagh, Narrative and Christian Heroism in Late Antique Iraq. Berkeley Los Angeles London.

Wilhelm, G. (1993). Mitanni, Maitani. A. Historisch. In Reallexikon der Assyriologie 8, 286-296.

Zimansky, Paul (1982). Ecology And Empire: The Structure of the Urartian State.

Zadok, Ran (2002). The ethno-linguistic character of Northwestern Iran and Kurdistan in the Neo-Assyrian Period. In: Iran. Band 40, 89–151.

المصادر باللغة العربية:

أحمد ، جمال رشيد (2005). ظهور الكرد في التأريخ، دراشة شاملة عن خلفية الأمة الكردية ومهدها، الجزء الثاني، الطبعة الثانية. أربيل.

أحمد، جمال رشيد (1994). لقاء الأسلاف، الكرد واللان في بلاد الباب وشروان. لبنان.

أحمد، جمال رشيد (1984)، دراسات كردية في بلاد سوبارتو، بغداد.

أحمد، كوزاد محمد (2020). اللوّلوبيون والگوتيون. في يحيى، أسامة عدنان/أحمد، كوزاد محمد/صالح، جمال ندا،من تاريخ شعوب الشرق الأدنى القديم.

أحمد ، كوزاد محمد. تاريخ كردستان ما قبل الآريين. في دائرة المعارف الأسلامية الكبرى، طهران

(17) كردستان ما قبل الآريين (لدائرة المعارف الاسلامية الكبرى- طهران).pdf | Kozad M . Ahmed – Academia.edu

التاريخ السعردي، تاريخ نسطوري غير منشور-وقائع سيرت، الجزء الأول، اعده للنشر وحققه رئيس أساقفة الكلدان في سيرت-كردستان. مشروع معهد التراث الكردي، اعداد هذه الطبعة سراب سامي سعيد (2010).

الحموي، ياقوت، معجم البلدان، المجلد 2. دار صادر بيروت 1993.

القره داغي، رافدة عبد الله عبد الصمد (2008). كردستان العراق في التاريخ القديم في ضوء المصادر المسمارية من الألف الثالث ق.م حتى 612 ق.م، أطروحة تقدمت بها الباحثة إلى قسم التاريخ في جامعة السليمانية لنيل درجة الدكتوراه (غير منشورة).

توفيق، زرار (2018). قبيلة البختية وإمارة بوهتان في الجزيرة في العصر الوسيط. مجلة الحوار العدد 71.

حاج درويش، نضال محمود (2022). مملكة اوركيش الخورية (تل موزان)، دراسة تاريخية وأثرية. ط2 دار ميزوبوتاميا.

حاج درويش، نضال محمود (2021). الميديون وامتداد امبراطوريتهم. في مجلة ذين ،العدد 12 ، تصدر عن مؤسسة ذين في اقليم كردستان العراق   – السليمانية.

خوريناتسي، موسيس. تاريخ الأرمن من البداية حتى القرن الخامس الميلادي. نقله عن الأرمنية نزار خليلي، دار اشبيلية للطباعة والنشر (دمشق) 1999.

سيدا، محسن، التَحيُّز وهَتْكُ الأمانةِ العلمية في كتاب “أكراد سوريا، التاريخ، الديموغرافية، السياسة”، انظر في موقع مدارات كرد الالكتروني (www.medaratkurd.com)

عثمان، د. محي الدين، لا وجود للكورد في التاريخ ؟، انظر في موقع مدارات كرد الالكتروني (www.medaratkurd.com)

فضل الله العمري ، شهاب الدين أحمد ، التعريف  بالمصطلح الشريف ، مطبعة العاصمة بمصر سنة 1312هـ .

كانجيك-كيرشباوم، إيفا (2008). تاريخ الآشوريين القديم. ترجمة د. فاروق إسماعيل.

مارف، د. دلشاد عزيز (دلشاد زاموا) (2022). الكاشيون في كركوك وكرميان (من القرن 18 إلى القرن 1 ق.م)، دراسة تأريخية حضارية. في مجلة جامعة كركوك للدراسـات الإنسانية /عدد خاص ملحق المجـلد :51 العدد:2.

نيكيتين، باسيل (2003). الكرد دراسة سوسيولوجية وتاريخية، ترجمة نوري طالباني، دار آراس أربيل ط3.

المصادر باللغة الكردية:

زةكي، محةمةدئةمين (2022). خولاصةيةكي تاريخي كورد و كوردستان (بذاركراوي ثةراويَز بؤ نووسراو)، جلَدي ئةوةلَ، لةمةبدةئي تاريخةوة تا ئيمرِؤ. ثيَداضوونةوة و ثةراويَزنوسين: د. حوسامةدين نةقشبةندي، د. زرار سديق تؤفيق، د. كؤزاد محةمةد ئةحمةد، سديق سالَح. بنكةي ذين، ثرِؤذةي هاوبةش.

غةفوري، رِيَزان قادر عةبدولاَ ئاغا (2021). كاردؤخيا و كؤردويَنيَ، لةسةرتاوة هةتا سةدةي 5ي زاييني، ليَكؤلينةوةيةكي سياسي-شارستانيية.  سليَماني.

———————————–

هوامش وإحالات:

[1] Nöldeke, Th. (1898). Kardū und Kurden. In  Beiträge zur alten Geschichte und Geographie Heinrich Kiepert. Berlin 71-82.

[2] ثيودور نولدكه (1836-1930) مستشرق ألماني مهتم بشكل أساسي بدراسات الكتاب المقدس واللغات السامية (العربية والسريانية والعبرية) والأداب السريانية والإيرانية.

[3] استخدم نولدكه في هذا البحث حرف a للتعبير عن حركة الفتحة في اللغة العربية، أما بالنسبة لحرف الألف فانه وضع خط أفقي في أعلى الحرف (ā). بالنسبة لحرف الواو في اللغة العربية فقد عبر عنها بوضع خط أفقي فوق حرف u الإنكليزية (ū)، في حين أن حرف u تعبر عن الواو المخففة كما في اللغة الكردية، وهذا الأسلوب معتاد في الدراسات الاوربية الخاصة بالشرق. ونظراً لأن الكثير من الباحثين الشرقيين لا يعلمون حقيقة هذا الامر فانهم وأثناء النقل او الترجمة يكتبون بعض الأسماء بطريقة حاطئة كما هو الحال بالنسبة لمصطلح كَردو، حيث نرى أن هؤلاء كتبوها بصيغة كاردو.

[4] Minorsky 1927, 1132.

[5] Speiser 1930, 118-119.

[6] ينبع هذا النهر من شمال كردستان، من محافظة هكاري، وينحدر باتجاه كردستان العراق حيث يمر بمدينة زاخو ويصب في نهر دجلة بالقرب من قرية فيشخابور، انظر:

خابور (دجلة) – ويكيبيديا (wikipedia.org)

[7] بحسب غه فوري (2021، 44) فأن بلاد كردوخيا وكوردويني كانت تقع بشكل أساسي في كردستان تركيا وأجزاء من كردستان العراق، حيث كانت تشمل محافظات شرناخ، جزيرة بوتان، حسنكيف، ماردين، سعرت، آديامان، آمد (دياربكر)، بدليس، ميافارقين، باتمان، هكاري، وان، وأجزاء من حدود أورفا ودهوك وزاخو وأجزاء من حدود آميدي.

[8] Minorsky 1927, 1132; Minorsky 1986, 447.

[9] كان لوكوللوس (نحو 109-57 ق.م.) قائداً لجيش روماني حارب البارثيين في آسيا الصغرى وأرمينيا ، أما خليفته بومبيوس (106-46 ق.م.)، فكان أحد السياسيين والعسكريين المتميزين الذين وصلوا إلى مرتبة القنصل في روما، انظر: أحمد، جمال رشيد 1994، 189.

تشير المصادر التاريخية إلى أن آمد/دياربكر كانت مركزاً لبلاد كاردويني وكان يحكمها ملوك مستقلين، وعندما قاد لوكولوس عساكر الروم إلى هذه البلاد كان حاكم هذه المقاطعة زاربيون Zarbienus الذي تم اعدامه من قبل الملك الأرمني تيكران Tigran، ثم تبعه باسيليوس وآريوبارزان، انظر: أحمد، جمال رشيد 1994، 190-194.

[10] Elisseeff 1986, 960-961.

[11] كان المؤرخ بيرسوس كاهناً في بابل، نشر كتابه كالديكا بابيلونيكا حوالي 275-280 ق.م. باللغة اليونانية. لكن كتابه فقد وما وصل إلينا من كتابه هي اقتباسات من قبل المؤرخين الإغريق والرومان. انظر غه فوري 2021, 25.

[12] يدعى بطل الملحمة لدى بيروسوس سيسُثروس Xisuthrus، انظر:

Crouse/Franz 2006, 105.

[13] Dandamayev 1990.

[14] غه فوري 2021، 57.

[15] Altaweel et al., 2012, 12-13.

سابقاً كان الاسم يقرء بصيغة نصير ويحددون موقعه في جبل بير عمر كودرون Pir Omar-Gudrun ، انظر:

Streck 1899; Hallo 1957-1971, 719.

أن ربط اسطورة الطوفان المذكورة في اسطورة جلجامش السومرية بـ جبل بيرة ميكرون يشير إلى إن السومريين كانوا على الأرجح من سكان تلك المنطقة أو المناطق القريبة منها قبل أن يهاجرو إلى الجنوب ويستقروا هناك. حيث أن طبيعة كردستان الجبلية وكهوفها (مثل كهف شانيدار/شانةدةر وكهف هةزارميرد) كانت ملائمة للسكن في العصور الجليدية، قبل خروج الانسان من الكهوف وبناء القرى الأولى البسيطة (مثل زاوي جمي، كريم شهر، وبستانسور، وغيرها) في الأماكن القريبة من تلك الكهوف.

[16]  بخصوص الأمثلة التي أوردها درايفر، انظر:

Driver 1923, 400-399.

[17] غه فوري 2021، 59-60.

[18]  بخصوص الأمثلة التي أوردها درايفر، انظر:

Driver 1923, 400-399.

[19] Speiser 1930, 118.

[20]  زار اميانوس كوردويني وكانت له علاقة صداقة مع حاكمها وبات في قلاعها وقصورها، انظر:غه فوري 2021 ، 23.

[21] غه فوري 2021، 26-27.

[22] غه فوري 2021، 58.

[23] غه فوري 2021، 58-59.

[24] Driver 1923, 395-396.

[25] Fletcher 1850, 95.

[26] Zimansky 1982, 4; Piotrovsky 1969, 43.

 كانجيك-كيرشباوم 2008، 69.

نعلم مما جاء في سفر الملوك الثاني (19: 37) ونبوة إشعياء (37: 38) أن سنحاريب اغتاله ابناه وهربا إلى أرض أراراط (ارارات)، وملك آسرحدون ابنه عوضاً عنه ( Fletcher1850, 96) وكان جبل جودي وبلاد الكردوخيين في بعض الأوقات جزءاً من بلاد اورارتو التي وردت في الكتاب المقدس بصيغة ارارات. الأمر الآخر هو أن المصادر الأرمنية القديمة لا تتحدث عن الجبل الذي رست عليه السفينة، وبدأ الحديث عن الجبل ابتداءاً من القرن الحادي عشر والثاني عشر تحت تأثير الكتاب المقدس الذي يتحدث عن ارارات. حيث كان الأرمن، منذ العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر، يطلقون على جبل آرارات الحالي اسم Massis ماسيس، انظر:

Crouse/ Franz 2006, 19, 101.

[27] Crouse/Franz 2006, 106.

[28] Crouse/Franz 2006, 105.

[29] Crouse 2006, 19, 99.

[30] Streck 1965, 573-574.

[31] Crouse/Franz 2006, 19, 99.

[32] Minorsky 1986, 447.

[33] حسب ياقوت الحموي الذي يعتمد على ابن الأثير فأن أقليم باقَردا كان جزء من جزيرة ابن عمر (بوهتان)، وكان يضم 200 قرية (من بينها الثمانين، جودي، فيروز-شابور) وكان يقع على الضفة اليسرى لنهر دجلة مقابل بازَبدا، انظر:

Minorsky 1927, 1132-1133; Minorsky 1986, 447.

[34] يرد صيغة قردو لدى ابن العبري في تاريخه الكنسي (الجزء الأول) وذلك خلال الحديث عن تعيين قسيس على المسيحيين في المنطقة سنة 654 للميلاد، انظر: برصوم 1963.

[35] Bar Hebraeus 1932.

[36] في سيرة مار سيمون يرد ذكر جلب اسرى من العرب ومن كَردا وشيكار/Shigar (على الأغلب سنجار) وبيت بازبدي وارزون وأرمين إلى مدينة كَركا دي-ليدان في بيت هوزاجي، المكان الذي بنى فيه الملك الساساني سجناً، انظر:

Ausgewählte Akten persischer Märtyrer……. 1915, 21, 252.

[37] غه فوري 2021، 61: أحمد، جمال رشيد 1984، 76.

[38] Elisseeff 1986, 960-961.

[39] Asatrian 2009, 26.

[40] Walker 2006, Introduction. من مقدمة الكتاب

[41] Walker 2006, 26.

[42] تتبع هذه القرية لقضاء شرنخ، تعرب ب هشتيان أي الثمانين، وهي بحسب المصادر الدينية أول قرية بنيت بعد الطوفان بناها نوح بعدد ركاب السفينة الثمانين،انظر: خوشناو 2009، 159-160.

[43] وصل مار قرداغ إلى منطقة فيش خابور خلال رحلة البحث عن اهله الذين تعرضوا للسبي على يد الرومان والغساسنة الذين كانوا قد تجمعوا على “شاطئ المحيط” (على الأرجح الخليج العربي)،ومن ثم قاموا بغارات نهب كبيرة ، دمروا خلالها جميع الأراضي الواقعة تحت سلطة مار قرداغ. و”عندما وصل قرداغ إلى المكان الذي خيم فيه الأعداء وجدهم على ضفة النهر يأكلون ويشربون ويغنون الأغاني ويفرحون مسرورون بالأسرى والنهب الهائل الذي في حوزتهم”، فهاجمهم قرداغ وانتصر عليهم، انظر:

Walker 2006, 49-48.

[44] ينبع نهر فيش خابور من شمال كردستان من محافظة هكاري وينحدر نحو الجنوب، حيث يمر بمدينة زاخو ومن ثم يصب في نهر دجلة بالقرب من قرية فيش خابور، انظر:

خابور (دجلة) – ويكيبيديا (wikipedia.org)

[45] Walker 2006, 52.

[46] نيكيتين 2003، 38 .

[47]  يذكر ياقوت البختية أثناء الحديث عن جُردَقيل التي يصفها ب “كرسي مملكة الأكراد البختية”، انظر: الحموي، 124; حول الكرد البختية انظر بالتفصيل في: توفيق 2018.

[48] توفيق 2018.

[49] Streck 1913; Minorsky 1927.

[50] توفيق 2018.

[51] يذكر ياقوت الحموي في معرض تعريفه لبعض القلاع ،بأن قلعة فنك قرب جزيرة ابن عمر هي من أهم معاقل الأكراد البشنوية و هي ” قلعة منيعة …وهي  بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلثمائة سنة، انظر: الحموي، 149.

[52] وحسب رواية شعبية دارجة غير موثقة تاريخياً، نقلها شرفخان البدليسي من الإخباريين والرواة الثقاة ممن لهم اطلاع وإلمام بتاريخ قبيلة البشنوية، ان بختو – بوهتان في الأصل هو اسم علم، وبجني – بجنو – بشنو – البشنوية صاحبة قلعة فَنَك–كانا أخوين من سلالة حكام الجزيرة، فنشب الخلاف بينهما إلى أن استقر الأمر لبختي واستتبت الحكومة له، وفَرّ بجني – بشنو إلى بلدة حصنكيفا، وإلى جانب ذلك، يروي البدليسي رواية أخرى كانت شائعة بين الكُرد مفادها: «ان الشعوب الكُردية كلها من سلالة بجني – بشنو وبُخت – بوهتان، انظر:البدليسي، 320: توفيق 2018.

[53] سيدا، موقع مدارات كرد الالكتروني (www.medaratkurd.com).

[54] Elisseeff 1986, 960-961.

[55] نيكيتين 2003، 35-36.

[56] فضل الله العمري، 202.

[57] Streck 1913, 439.

[58] Streck 1913, 439.

[59] Hallo 1957-1971, 718.

[60] Streck 1913, 439.

[61] كان الكوتيون بدو شبه رحل، يتنقلون ما بين المصافي والمشاتي في مناطق جنوب الزاب الأسفل وكركوك وحوالي نهر سيروان-ديالى وممتدة إلى مناطق سربول زوهاب وكرمنشاه ولورستان، وربما أكثر أيضاً إلى الشمال والشرق. وكان لهم تواجد ضمن التجمعات السكانية في مناطق الخابور والفرات الأوسط، انظر:

Ahmed 2012, 68-74.

[62] الحموي، 179.

[63] فضل الله العمري، 202.

[64] أشار سترابو إلى غنى كل من مقاطعتي أرمينيا واتروباتين، الا أن الجزء الشمالي كان اقليماً جبلياً تحتله قبائل ضارية مثل كيرتي التي كانت تعيش حياة الترحل والانتقال وتنتشر فوق كل أجزاء أرمينيا وحتى الشرق على طول امتداد جبال زاغروس. وبدقة اكثر انه حدد أراضي Gordiaei على ضفتي نهر دجلة، مشيراً إلى Pinaka حالياً فينك كانت من أهم مدنها، انظر:

Strabo, Geographica, xi, 13, p. 523, and xv, 3; Driver 1921, 563-562.

وفي موقع آخر حدد سترابو موقعهم في فارس بالقرب من جبال زاغروس، وكانوا يستقرون بجوار المارديين ويعيشون مثلهم على النهب وهم بحسب سترابو من نفس العرق، كما الأرمن أيضاً، انظر:

Asatrian 2009, 26.

[65] كارنامَك أرتَخشير ي-بابَكان Karnamek Ertexşêrî : يعود كتابة سيرة مؤسس السلالة الساسانية أردشير على الأرجح إلى النصف الثاني من القرن السادس، وقد ورد اسم الكرد في النص أربعة مرات (Kn. I, 6; VIII, 1; IX 1, 2) وبصيغة الجمع كورتان، مرتين بصفته ملك الكرد Kurtan Şah، ومرة مع كلمة رعاة Kurtan Şupanan، ومرة بشكل مفرد، انظر:

Asatrian 2009, 22-23.

[66] حول كارنامك اردشير انظر بالتفصيل في:

Nöldeke 1879, 48-49, 6.

[67] Malmîsanij 2021, 664-666.

[68] Izady 1992, 31.

[69] حول أصل الكرد انظر أيضاً في:

Hennerbichler 2012; Hennerbichler 2014.

انظر أيضاً في عثمان، د. محي الدين، لا وجود للكرد في التاريخ؟ والمنشور في موقع مدارات كرد:

 (medaratkurd.com)

[70] زةكي 2022، 74 الهامش رقم 2.

[71]  أحمد، جمال رشيد 2005، 33-34.

[72] Driver 1923, 399.

[73] Bar Hebraeus 1932.

[74] يذكر المطران أفرام برصوم بأن المؤرخين الشرقيين قد ذكروا , أن البلاد الشرقية أمثال آمد وارزون وبازبدي ، انما بشّرها القديس ادي الرسول وتلميذه اجي وذكر في قصة مار يعقوب الحبيس ، انه وجد الى جانب قرية شيلوح معبد للمجوس باسم ( ايرقليس ) الإله الفارسي (على الأرجح يقصد المؤلف هنا الإله الإغريقي هيرقل) , ويذكر المؤرخ مشيحا زخا (عاش في القرن السادس للميلاد) في تاريخه , مزرا اسقف بازبدي سنة 120م ، الأمر الذي يدل ، على ان منطقة بازبدي وما يجاورها نالت البشارة الانجيلية في منصرم القرن الاول او مطلع القرن الثاني، انظر: برصوم 1963.

[75] Izady 1992, 164;

  نيكيتين 2003، 36.

[76] انتشرت المسيحية في مناطق كردستان وإيران خلال حروب الملك الساساني شابور الأول ضد الرومان، حيث تم جلب آلاف الاسرى من المناطق الخاضعة للرومان، وكان من بينهم الكثير من المسيحيين، حيث اسكن هؤلاء في مدن بنيت حديثاً وتم منحهم الأراضي ليعمروها، وكثر بذلك أعدادهم في إيران، انظر:

التاريخ السعردي 2010، 20.

[77]خلال هذه الحملة أسرت القوات الساسانية تسعة آلاف شخص من بينهم القسيس Heliodor والكهنة داوسا ومارجَهَب ودياكونه وتم قيادتهم باتجاه بيت هوزاجيه Hûzacê وفي الطريق تم الوقوف على جبل ماسَبَدان، عند قرية كَفتا Gefta، جنوب شرق حلوان في ميديا، وهناك تم قتل رجال الدين المسيحيين، انظر:

Ausgewählte Akten persischer Märtyrer 1915, 114-110.

[78]خلال هذه الحملة تم أسر الآلاف من سكان كركوك (20 ألف من كركوك فقط) ونواحيها. حيث يتم ذكر العاصمة أربل (أربيل) وقساوسة نوهدرا ومعلثا والمدينة الكبيرة شاركيرد Shargerd والتي كانت عاصمة بيت كرماي /باجرمي Garmai (كرميان/Germiyan الحالية جنوب السليمانية) ولاشوم وماهوزي Mahozê وهَربَت كلال Harbat Glal وقرية دارا بجانب الزاب الصغير، انظر:

Ausgewählte Akten persischer Märtyrer 1915,180, 186.

ويحمل بعض هؤلاء الاشخاص أسماء كردية صريحة، على سبيل المثال رجل الدين شاهدوست (أي صديق الملك) من باجرمي (بالكردية كرميان Germîyan) بجوار كركوك، غربي مدينة حلوان، الذي قتل بأمر من الملك شابور الثاني بعد رفضه اعتناق الزرادشتية. انظر: التاريخ السعردي 2010، 82.

ويشير الباحث جمال رشيد أحمد إلى أن أغلب الكرد الذين تحولوا إلى المسيحية قد اتخذو أسماء آرامية على سبيل المثال القس فرهاد الذي اتخذ اسم يعقوب وكان مقر اسقفيته بالقرب من الموصل. ثم استشهد في العام الرابع للاضطهاد (الأسقف نرس) من شهر قذ في بيت جرمى. زيادة على ذلك فأن مدونات بيت عبهى (المناطق الواقعة على الزاب الكبير) ومرطة الواقعة شمال وشرق تلك المناطق تشير كثيراً على أن النبلاء الايرانيين هناك كانوا يهبون مالاً كثيراً لتلك الأديرة، والمقصود هنا وبدون شك القبائل الكردية وزعمائها في جنوب كردستان، حول هذا الموضوع انظر بالتفصيل في: أحمد، جمال رشيد 1984، 136.

[79] Walker 2010, 329.

[80] Ausgewählte Akten persischer Märtyrer 2015, 258.

[81] العداء للمسيحيين كان نتيجة وقوف هؤلاء إلى جانب المغول الذين اعتمدوا عليهم في حكم أربيل، حيث شكل بعض المسيحيين الذين عرفوا ب قياضي بعض فصائل الجيش المغولي وتمركزوا في قلعة أربيل، ووقفو بوجه حاكمها زين الدين بالو، ثم دخلوا في صراع مع الكرد المسلمين المدعومين من العرب. بدأ الصراع عام 1297 وازداد حدة سنة 1310، وانتهت بقتل الكثير من المسيحيين، انظر: أحمد، جمال رشيد 2005، 485.

[82] كان الساكارتيين يشكلون جزء من الساتراب 14 في الفترة الأخمينية، وقد امتد هذا الساتراب في الجنوب حتى عمان. اكتسب الساكاراتيون اسمهم من اسم مدينة زاكروتي الميدية Zakrute التي تم ذكرها في كتابات الملوك الآشوريين العائدة إلى القرن الثامن ق.م.. ويعتقد الباحث ماركوارت بأن الساكارتيين كانوا يسكنون في القسم الشمالي الغربي من زاغروس في بوهتان والمناطق المجاورة بعاصمتها أربيل، انظر:

Potts 2014, 102-108.

[83]  في عام 220 وقف الكيرتيون إلى جانب حاكم ميديا الثائر مولون Molon ، الذي حارب ضد الملك السلوقي انتيوخس الثالث، انظر:

Asatrian 2009, 26; Reinach 1909, 115-119.

بعد ذلك ب ثلاثين عام شارك 4000 كيرتي ,عيلامي في جيش انتيوخس للقتال ضد الرومان في مغنيزيا، انظر:

Potts 2014, 111.

[84] Minorsky 1927, 1133.

[85] يظهر الاسم في الكتابات الكلاسيكية بصيغة ماردي وكذلك اماردي، وهو شعب ذو أصل إيراني، تم ذكرهم من قبل زينيفون، حيث شارك المارديين مع الأرمن الأخمينيين في الحرب ضد المرتزقة اليونانيين خلال ما يعرف ب حملة العشرة آلاف، وشاركوا في معركة كاوكاميلا Gaugamela إلى جانب الأخمينيين في قتال الاسكندر المقدوني. وفي سنة 68 حاربوا إلى جانب تيكران الأرمني ضد لوكوللوس. كان المارديون يسكنون إلى الشمال من الميديين. ويعتقد مينورسكي أن المارديين والكيرتيين هي على الأغلب قبائل ميدية. انظر بالتفصيل في:

Potts 2014, 94-96.

[86] Asatrian 2009, 26.

[87] Minorsky 1945, 78.

[88] Driver 1923, 393-404.

[89] Driver 1923, 393-404. http://dx.doi.org/10.1017/S0035869X00067605;  Hennerbichler 2014, 171.

[90] Kiepert 1878, 80; Hennerbichler 2014, 186-187.

[91] Tomaschek 1886, 336-341; Hennerbichler 2014, 186-187.

[92]  أقدم ذكر للكوتيين يعود إلى عصر فجر السلالات الباكر الثالث، حيث ورد ذكرهم في نص يعود إلى لوكال-انني-موندو Lugal-anne-mundu ملك أدب الذي عدها ضمن البلدان التابعة له وتدفع الضرائب (مع عيلام ومارخاشي وسوبير ومارتو وسوتيوم) ، ويذكر أنها تقع ما بين سوبارتو في الشمال ومارخاشي وعيلام في الجنوب. وورد ذكرهم في نصوص أخرى من أدب وأوما، انظر: أحمد، كوزاد 2020.

وآخر الإشارت إلى الكوتيين تعود إلى العصر السلوقي وذلك في نص رثاء تدمير سومر وأكد، انظر:

Hallo 1957-1971, 718.

[93] Speiser 1930,111-114.

[94] Izadz 1992, 31.

[95] Hennerbichler 2014, 168-198.

[96] Hennerbichler 2012, 68-69.

[97] انظر على سبيل المثال في: أحمد، كوزاد ، تاريخ كردستان ما قبل الآريين. في دائرة المعارف الأسلامية الكبرى، طهران

 كردستان ما قبل الآريين (لدائرة المعارف الاسلامية الكبرى- طهران). Kozad M . Ahmed – Academia.edu

[98] كانت سوبارتو تسمية جغرافية تطلق بالأصل على المناطق الواقعة شرق دجلة، تقريباً قلب المنطقة التي تسمى لاحقاً آشور، ولكن بدءاً من عهد الملك الأكدي نرام-سين بدأت تطلق التسمية على منطقة شمال ميزوبوتاميا بالكامل، المنطقة الواقعة بين دجلة والبليخ، انظر بالتفصيل في: حاج درويش 2022، 12-13.

[99] القره داغي 2008، 39.

[100] القره داغي 2008، 39.

[101] انظر بالتفصيل في أحمد، كوزاد 2020، 45-46. يلاحظ من خلال الأسماء الجغرافية والشخصية اللولوبية والتي وردت في الكتابات الملكية الآشورية استخدام اللاحقة ني في الاسماء الشخصية مثل أنوبانيني، سابيني (حاكم مدينة كيسيرتو في زاموا) وربما تار-دوني ايضاً صاحب منحوتة هورين-شيخان. كذلك نجد في الاسم ميليلي، زوجة انوبانيني، هذه الصفة تشير إلى انها تنتمي إلى ما يسمى من قبل علماء اللغات بلغة البانانا (المكون غالباً من ثلاث مقاطع، يتكرر فيها المقطعان الأخيران) الشائعة في منطقة ديالا وجاسورGasur/نوزي)، انظر نفس المصدر.

[102]  انظر بالتفصيل في أحمد، كوزاد 2020، 52-53.

[103] Fournet 2011.

[104] Postgate 1987-1990, 340.

في الدراسة التحليلية التي قام بها الباحث ران زودوك لأسماء العلم ، تبين له أن غالبية أسماء العلم والأسماء الجغرافية لها جذور إيرانية ، والبعض الآخر لها جذور خورية -اورارتية (15٪) ، إضافة إلى أن 4% منها ذو أصول كاشية، انظر:

Zodok 2002, 140.

[105] تشير المصادر المكتوبة إلى ان الملك السومري لوكال آني موندو (Lugal Ani Mundu) ملك أدب (في القرن 24 ق.م.) هو أول من ذكر بلاد كوتيوم في كتاباته التذكارية ويشير إلى بلاد كوتيوم ضمن البلدان التي جبى منها الضرائب. ويذكر أنها تقع ما بين سوبارتو في الشمال ومارخاشي وعيلام في الجنوب، (انظر: القرداغي 2008، 51 ). حسب الباحث كوزاد محمد أحمد فأن الكوتيون كانوا على ما يبدو شبه رحل، يتنقلون ما بين المصافي والمشاتي في مناطق جنوب الزاب الأسفل وكركوك وحوالي نهر سيروان-ديالى وممتدة إلى مناطق سربول زوهاب وكرمنشاه ولورستان، وربما أكثر أيضاً إلى الشمال والشرق. وأثبتت الوثائق المكتوبة العائدة إلى الألف الثالث ق.م. إلى تواجد الكوتيين ضمن التجمعات السكانية في مناطق الخابور والفرات الأوسط وشاغر بازار وماري. وعندما دب الضعف في الدولة الاكدية في عهد شاركاليشري Šārkališarrī (2218-2194 ق.م.) نشط الكوتيون وبدأوا بتحركاتهم العسكرية ضدها واستطاعوا الانتصار على الأكديين وانهاء حكم سلالتهم في عهد الملك الأكدي شودورول (2168-2154 ق.م.)، وتسلموا مقاليد الحكم في أكد لمدة تقرب من القرن. انتهى حكم الكوتيين على يد حاكم من مدينة أوروك أسمه اتوخينكال/اتوخيكال Utuḫigal (2116 ق.م.) بعد ذلك استمر ذكرهم في نصوص وباستمرار حتى القرن الثالث ق.م.، انظر بالتفصيل في: أحمد، كوزاد 2020، 41-79;

Ahmed 2012, 68-74.

وكان للكوتيين دور فاعل في احداث المنطقة، على سبيل المثال كانت لهم مشاركة فعالة في سقوط مملكة بابل على يد الأخمينيين سنة 539 ق.م.، انظر:

Roaf 1996, 204.

[106] Klengel 1987-1990, 164-168.

أحمد، كوزاد 2020.

اللولوبيون من الشعوب القديمة في كردستان، يرد اسم لولوبوم إلى جانب بلاد كوتيوم (الكوتيين) وأرابخوم (أرابخا) في نصوص إبلا حيث كانت على صلات تجارية معها، ويرد الأسم في النصوص التاريخية والجغرافية في الألف الثالث بصيغ مختلفة، مثل لولوبان ولوليم، ويجمع الباحثون على كون محافظة السليمانية وما حولها هي قلب بلاد لولوبوم وكان لهم امتدادات داخل كردستان ايران، وشهدت بلادهم توسعاً وتقلصاً حسب الظروف، وقد خلد الملك الاكدي نرام سين ذكرى انتصاره على اللولوبيين على مسلة موجودة حالياً بمتحف اللوفر، وقد ترك لنا آنوبايني أحد ملوك اللولوبيين (نهاية الالف الثالث وبداية الألف الثاني ق.م.) منحوتة صخرية قرب سربول زهاو الحالية بكردستان إيران، يخلد فيها انتصاره على الأعداء، ويرد ذكر اللولوبيين في النصوص التاريخية من الألف الثاني والأول ق.م. وباستمرار، انظر:

Klengel 1987-1990,164-168; Ahmed 2012, 75-100.

[107] يرد ذكر الكاشيين في المصادر المسمارية منذ بداية الألف الثاني ق.م.، استوطنوا في مناطق شرق شمال وشرق كركوك، في جبال كرميان إلى لورستان، هاجر قسم منهم إلى مناطق الفرات الأوسط وسيطرو لاحقاً على منطقة بابل بعد قضاء الحثيين على سلالة حمورابي سنة 1595 ق.م..

بعد سقوط مملكتهم على أيدي العيلاميين سنة 1157 ق.م. استمر ذكرهم في النصوص حتى فترات متأخرة، ففي  الفترة الهلينستية والرومانية  يرد اسمهم بعد اشكال منها Cossaei, Cossiaei, Cossei كوساي، كوسياي.

Brinkman 1976-1980b, 464-474; Fournet 2011, 3.

وقد ذكرهم سترابو (الذي توفي سنة 25 للميلاد) وكذلك وديودورس الصقلي (الذي عاش في القرن الأول ق.م.) الذي أشار إلى قيام الاسكندر بحملة ضد الكاشيين في جبال ميديا

Strabo , Geography, 16.I.17-18, p.221. Diodorus Siculus, Book XVII, Section 111. 4.

حكم الكاشيين لأكثر من خمسة قرون بلاد بابل و سومر و الفرات الأوسط و مناطق من الخليج بما فيها دلمون (بحرين) و

كذلك مناطق كرميان وضفاف نهر ديالى/سيروان، انظر: مارف، 2020، 238-239.

[108] اسسس الخوريين ممالك عديدة في جميع أنحاء كردستان خلال الألف الثالث والثاني ق.م. وفي وقت ما بنهاية القرن السابع عشر أو بداية القرن السادس عشر تمكن الخوريين بقيادة الميتانيين الهندو-أوروبيين من تأسيس امبراطورية قوية امتدت من مناطق زاغروس في الشرق إلى البحر المتوسط في الغرب ومن مناطق دياربكر في الشمال إلى اوغاريت في الجنوب. تم القضاء على المملكة الميتانية في القرن الثالث عشر ق.م.، انظر بالتفصيل في حاج درويش 2022.

[109] Wilhelm 1993, 287; Edzard/Kammenhuber 1972-1975, 507.

[110] Strabo, Geography, Book 11, 3.

[111] Wilhelm 1993, 287.

[112] أحمد، جمال رشيد 1984، 27.

Wilhelm 1993, 287-288.

[113] انظر حاج درويش 2021.

[114] Herodotus, 38.

[115] خوريناتسي، انظر الصفحات 61-62، 42.

[116]  انظر حاج درويش 2021.

[117] الاسكيثيون قبائل بدوية ذات أصول إيرانية، ازدهروا في الفترة بين القرنين السابع والرابع ق.م في المناطق الواقعة شمال البحر الأسود. أقدم الدلائل على وجود الاسكيثيين تعود إلى عصر الملك الآشوري اسرحدون، (بين 679 و 677) ، الذي هزم “المانيين (جنوب بحيرة اورميا) وحلفائهم السكيثيين بقيادة إيشباكايا ، وفي فترة لاحقة (672 ق.م.) تزوج الملك السكيثي من أبنة أسرحدون ودخل الطرفان في علاقة تحالف ضد الميديين واستطاع السكيثيين احتلال مناطق كردستان إيران إلى أن تمكن كياكساريس من طردهم سنة 625 ق.م بعد احتلال دام 28 سنة، وفي أواخر القرن السابع وصل السكيثيون في غزواتهم إلى حدود مصر ونهبوا عدة مدن في فلسطين ودحروا الكيميريين .انظر: حاج درويش 2021، 8 الهامش 22.

[118] Schippmann 1980.

[119] Paul 2008; Öpengin 2021, 607-608.

[120] Arslan, Zeynep, Interview mit dem Iranisten Prof. Dr. Ludwig Paul über die Zaza-Sprache.

[121] Arnaiz-Villena 2002; Arnaiz-Villena.

انظر أيضاً في: 70 Hennerbichler 2012,

[122] Ashouri et al. 2016; Amirzargar 2015, 44-46.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى