ولد الدكتور نورالدين زازا في ١٥/٢/١٩١٩م، بمدينة معدن – تركيا، حين كان طفلاً صغيراً هرب مع أخيه الدكتور أحمد نافذ من تركيا، والتجأ إلى سوريا إثر فشل ثورتي شيخ سعيد بيراني و آكري.
كانت تركيا تريد إبعاد الوطنيين الكُـرد عن الحدود السورية التركية، لذلك وبناءً على رغبتها قامت فرنسا التي كانت تسيطر على سوريا آنذاك بإبعاده إلى دمشق مع مجموعة من الوطنيين الكرد، منهم: جلادت و كامران بدرخان، ممدوح سليم بيك، حمزة مكسي، أوصمان صبري… الخ، وفي دمشق استقبلهم علي آغا زلفو زازا وهو من الكُـرد الدمشقيين.
درس الدكتور نورالدين زازا في مدارس حلب و دمشق، وأثناء العطلة الصيفية كان يزور أخاه الدكتور أحمد نافذ الذي كان يمارس مهنة الطب في عين ديوار و قامشلو برفقة الجيش الفرنسي.
يعتبر الدكتور نورالدين زازا رجلاً وطنياً، مخلصاً، نشيطاً، متنوراً، مؤمناً بتعدد الثقافات وبمفاهيم العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد كرّس حياته لخدمة القضية الكردية، وكان له دور فعّال في خدمة المجتمع، وقام بنشاطات كثيرة في معظم الدول التي أقام فيها، ففي دمشق قام هو ورفاقه بتأسيس (نادي كردستان الثقافي) برئاسة خيري زازا، وأصبح نورالدين زازا أمين سرّ ذاك النادي، وحين أعلن البارزاني الخالد الثورة ضد الحكومة العراقية في ١٩٤٣ ذهب نورالدين زازا إلى كردستان العراق للقاء البارزاني في عام ١٩٤٤، لكنه اعتقل في الموصل، و تعرض للتعذيب في سجونها وسجون بغداد، وبعد الإفراج عنه عاد إلى سورية، فأقنعه أخوه أن يسافر إلى لبنان للدراسة، حيث سافر إلى لبنان، ودرس في جامعة بيروت، قسم العلوم السياسية والمالية، وأثناء ذلك عمل في راديو الشرق إثر نجاح كامران بدرخان بإنشاء القسم الكردي في عام ١٩٤٤، لكن ذلك القسم توقف عن البث في عام ١٩٤٦م.
وفي أوربا، حين سافر إلى سويسرا في عام ١٩٤٩م، قام مع مجموعة من رفاقه بتأسيس جمعية الطلبة الكُـرد، و في المؤتمر الأول لتلك الجمعية أصبح رئيساً لها، وقد أصدرت تلك الجمعية جريدة بعنوان (صوت كردستان) باللغات الفرنسية والإنكليزية والكردية، والتي كان لها دور هام في تعريف الأوربيين بقضية الشعب الكردي وبمعاناة الكُـرد.
كان الدكتور نورالدين زازا من كتّاب جريدة هاوار، حيث كتب في الأعداد التالية من تلك الجريدة: ٢٧،٢٩،٣٠،٣٢،٣٥،٣٧،٤٤،٤٧. وبسبب كتاباته المتميزة فيها قال عنه جلادت بدرخان: إنه تشيخوف الكُـرد.
سافر نورالدين زازا إلى أوربا من أجل إكمال دراسته، حيث درس في جامعة لوزان بسويسرا، وحصل منها على درجة الدكتوراه في العلوم التربوية، ثم عاد إلى سوريا في عام ١٩٥٦، وانضم إلى الحزب الديمقراطي الكردي، وبعد عدة مشاورات واجتماعات بين أعضاء قيادة الحزب تم انتخابه كأول سكرتير للحزب المذكور.
في ١٥ /٨/١٩٦٠م، ونتيجة الاعتقالات التي طالت الحزب الديمقراطي الكردي من قبل سلطات حكومة الإقليم الشمالي في عهد الجمهورية المتحدة، تم اعتقاله مع أوصمان صبري وثمانية وأربعين آخرين، وبعد اعتقاله قُدّم للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية العليا بدمشق، فقدّم مذكرة دفاع طويلة وجريئة، وبيّن فيها مشروعية القضية الكردية في سوريا، وأنواع المظالم التي تعرّض ويتعرّض لها الشعب الكردي من قبل الحكومات التي تعاقبت على سدّة الحكم، بقي في المعتقل قرابة سنة ونصف، إلى أن أطلق سراحه في ٢/٢/١٩٦٢. كما تم اعتقاله في لبنان من قبل الاستخبارات اللبنانية في عام ١٩٦٦، والتي سلّمته إلى الحكومة السورية، فقامت الأخيرة بإصدار قرار يقضي بنفيه إلى الأردن، لكن قبل توجهه إلى الأردن قامت الاستخبارات السورية باعتقاله في مطار دمشق، و أرسلته إلى محافظة السويداء حيث وضع تحت الإقامة الجبرية.
نتيجة الخلافات السياسية بين نورالدين زازا ورفاقه فضّل الانسحاب من حزبه، وسافر إلى أوربا، الأمر الذي جعله منسياً لسنوات طويلة من قبل رفاقه! وبعد حياة حافلة ومليئة بالنشاطات والمعاناة والتهجير والاعتقال والتأليف والترجمة، توفي الدكتور نورالدين زازا في ٧/١٠/١٩٨٨ بسويسرا، بعيداً عن وطنه، دون أن ينال نصيبه الذي يستحقه كإنسان ومناضل وسياسي ومثقف خدم شعبه بكل تفانٍ وإخلاص.
كتب نورالدين زازا:
لا يعتبر نورالدين زازا سياسياً فحسب، بل يعتبر كاتباً وأدبياً، حيث ألّف العديد من الكتب، وهي:
١- ملحمة ممي آلان عام ١٩٥٨.
٢- Contes Et Poemes Kurdes
شعر وقصة باللغة الفرنسية، جنيف ١٩٧٤.
٣- حياتي الكردية: كتبه باللغة الفرنسية عام ١٩٨٢، وهو عبارة عن سيرة ذاتية له، يتناول فيه طفولته في كردستان تركيا، وصول آتاتورك إلى السلطة، ثورة شيخ سعيد بيراني، سنوات الأسر أثناء فترة الانتداب الفرنسي على سوريا، تأسيس البارتي وجمعية الطلبة الكُـرد في أوربا، اعتقاله في سورية ولبنان والعراق، وقد تُرجم هذا الكتاب إلى اللغتين العربية والتركية.
٤-Keskesor، مجموعة قصصية، طبعت في دمشق ١٩٩٥.
٥- Gulê مجموعة قصصية، طبعت في آمد عام ٢٠٠٦.
٦- Kurdên Nejbîrkirinê طبع هذا الكتاب في عام ٢٠١١ من قبل دار نشر آفيستا و يتضمن كل أعماله الأدبية.
٧- Mem û Zîna Ehmedê Xanî، ترجمه إلى الفرنسية
٨- Şerê Azadî: شعر.
٩- Bîranînek.
١٠- Şivanê Kurd (الراعي الكردي)، رواية لعرب شمو، ترجمها إلى الفرنسية.
١١- ترجمة كتاب (الكُـرد) لباسيل نيكتين.
١٢- أقوال العرب حول القضية الكردية: يتضمن هذا الكتاب ما كتبه ونشره نورالدين زازا في الصحف العربية.
* جريدة الوحـدة – العدد /341/- 15 آذار 2023م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).