عفرين تحت الاحتلال (234): قرية “ساريا”- تغيير ديمغرافي، جنديرس المنكوية، توقف رفع الأنقاض، فوضى وسرقات في المساعدات، مشاريع استيطانية
في أوج الكارثة الزلزالية الإنسانية الكبرى التي حلّت ببلدينا، لا تنسى سلطات الاحتلال التركي سياساتها العدائية المقيتة ضد الكُـرد في سوريا، إذ منعت دخول المساعدات المرسلة من الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا والتي بقيت تسعة أيام متوقفة في معبر “أم جلود” – منبج منذ الأربعاء 8 شباط، في محاولةٍ لتعميق الشرخ بين الكُـرد والموالين لها، علاوةً على إحجامها عن القيام بأي واجب نحو مناطق سيطرتها في هذه المحنة، بل وإبقاء عفرين محاصرة؛ كما تحاول تهجير البقية الباقية من سكّان جنديرس الأصليين نحو مخيمات جماعية بعيدة، وتدفع بميليشياتها المرتزقة على اضطهاد الكُـرد بكافة الأشكال والتعامل معهم بعنصرية وعلى حرمانهم من مقومات الحياة.
= قرية “ساريا/صاري أوشاغي- Sariya“:
تتبع ناحية مابتا/معبطلي وتبعد عن مركزها بـ/12/كم، مؤلفة من حوالي /80/ منزل، وكان فيها حوالي /500/ نسمة سكّان كُـرد أصليين، جميعهم نزحوا إبّان العدوان على المنطقة، وعاد منهم حوالي /23 عائلة = 75 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /30 عائلة = 180 نسمة/ من المستقدمين فيها.
بسبب قصف القرية من قبل الجيش التركي وميليشياته أثناء العدوان تهدّم منزل المواطن “عدنان خليل مصطفى” بشكلٍ كامل، وأصيب /12/ منزلاً بأضرار جزئية متفاوتة.
تُسيطر على القرية ميليشيات “لواء المنتصر بالله”، التي سرقت من المنازل المؤن والأواني النحاسية وأسطوانات الغاز والأجهزة والأدوات الكهربائية وغيرها، وكامل محتويات المنازل المستولى عليها، ومحتويات محل “بشير” للسمانة، وجرار زراعي لـ”إدريس علي حاجي حسن” ومجموعة توليد كهربائية لـ”حسن جعفر سيدو”، ومحوّلة وكوابل شبكة الكهرباء العامة وكوابل الخط الرئيسي المؤدي للقرية.
كما استولت الميليشيات على حوالي /3500/ شجرة زيتون عائدة لأهالي القرية، وتفرض إتاوة 40% على انتاج مواسم أملاك الغائبين و 10% على انتاج أملاك المتواجدين.
وقطعت حوالي ألف شجرة زيتون بشكلٍ جائر بغية التحطيب والتجارة. وقامت بحفر موقعٍ شرقي القرية وتل “خازيانه” المجاور بإشراف الاستخبارات التركية بحثاً عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها.
هذا، وتعرّض المتبقون من الأهالي لمختلف صنوف الانتهاكات، من اختطاف واعتقال تعسفي وتعذيب وابتزاز مادي وغيره.
= مدينة “جنديرس – Cindêrêsê” المنكوبة:
تقع جنوب غربي مدينة عفرين بـ/20/كم على بقعة جغرافية منبسطة، بلغ عدد السكّان المقيمين فيها حوالي /35/ ألف نسمة قبل احتلالها من قبل تركيا ومرتزقتها أوائل عام 2018م، جميعهم نزحوا منها نتيجة القصف الشديد عليها وتضرر الكثير من المنازل، ولم يعود منهم إلاّ حوالي /15/ ألف نسمة والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /45/ ألف نسمة من عوائل المستقدمين في المنازل المستولى عليها، لتنخفض نسبة الكُـرد فيها من حوالي 90% إلى أقل من 25%، وفق تغيير ديمغرافي ممنهج، حيث استولت الميليشيات المسيطرة على البلدة “أحرار الشرقية، جيش الشرقية، فيلق الشام، أحرار الشام، نور الدين الزنكي” على ممتلكات الغائبين وفرضت الأتاوى على انتاج مواسمهم الزراعية.
تعرّضت لدمارٍ شامل إثر زلزال 6 شباط، 70% من مبانيها أصبحت غير صالحة للسكن، لاسيّما قسمٌ منها كان قد تخلخل وضعف نتيجة القصف، حيث ارتفع عدد الوفيات إلى /1100/ شخص حسب إحصائية “مجلس جنديرس المحلي – 17/2/2023″، منهم حوالي /260/ من سكّان جنديرس الأصليين وفق إحصائية خاصة.
= الأنقاض والجرحى:
الأبنية الآيلة للسقوط بحاحة للهدم العاجل مع ترحيل الأنقاض والركام المتراكم في مدينة عفرين وعشرات القرى والبلدات، وخاصةً في مدينة جنديرس، ومن ثم إعادة البناء في وقتٍ لاحق، ولكن كافة الآليات توقفت عن العمل؛ كما أنّ الجرحى والمصابين بحاجة إلى مواصلة العلاج وإجراء عمليات جراحية وتقديم الأدوية والمستلزمات الضرورية، خاصةً للمعاقين منهم، بالإضافة إلى رعاية الأطفال اليتامى والمشرّدين.
= الإغاثة والمساعدات الإنسانية:
جميع المتضررين من الزلزال والمنكوبين بحاجة مستمرّة للإغاثة والمساعدات الإنسانية، ولا زال الآلاف منهم دون مأوى؛ حسب بيان لـ”وزارة المالية والاقتصاد – الحكومة السورية المؤقتة” في 16/2/2023، دخلت إلى شمال غربي سوريا (معابر الحمام وباب السلامة وتل أبيض) /313/ شاحنة من المساعدات الإنسانية، ولكن عشرات التقارير والشهادات الميدانية عبر وسائل إعلام مختلفة والأخبار التي تردنا بشكلٍ خاص تؤكد على حرمان معظم متضرري الزلزال- السكّان الأصليين منها، إلاّ القليل الذي وصل إليهم عبر قنوات خاصة، حيث أنّ حشود المستقدمين الغير متضررين من الزلزال في عفرين ومن مخيمات إدلب توافدوا إلى محيط جنديرس ووسط مدينة عفرين للإقامة في مخيمات مصطنعة – الكثير من عوائلهم يسكنون في أكثر من خيمة – لأجل الاستحواذ على أكبر كمية من المعونات وأحياناً سرقتها من الشاحنات وضرب الموزعين، لاسيّما وأنّ المجالس المحلية والجهات المانحة عاجزة وغير قادرة على التوزيع العادل، في ظل الفوضى الإدارية والسيطرة المسلّحة لمختلف الميليشيات التي تُساهم بشكل مباشر في الفوضى وتستولي على قسمٍ كبير من المساعدات وتسرق جزءاً منها وتوزع الباقي على المحسوبين عليها. بينما الكُـرد يؤثرون ولا يشاركون في الفوضى والتدافع، ويضطر بعضهم لشراء الخيم وحاجياتهم بمالهم.
= مشروع استيطاني:
لأجل تعميق وترسيخ التغيير الديمغرافي تعمد سلطات الاحتلال إلى دفع سكّان جنديرس الأصليين نحو النزوح والإقامة في مخيمات جماعية، إذ تشترط ذلك عليهم إذا طالبوا بالحصول على الخيم والمعونات، بحيث يتركون عقاراتهم وممتلكاتهم سيباً للميليشيات التي لا تفوت فرصة لسرقة محتويات منازلهم ومحلاتهم لدى أي غياب عنها، وكذلك لأجل إفراغ المدينة من سكّانها الأصليين وتمهيد الطريق لبناء مدينة استيطانية جديدة للمستقدمين بدلاً عنها.
ومن جانبٍ آخر اُفتتحت القرية القطرية (2) الاستيطانية النموذجية في 12/2/2023م بحضور “العقيد مبارك شريدة الكعبي قائد المجموعة القطرية الدولية لمجموعة البحث والإنقاذ التابعة لقوات الأمن الداخلي”- الذي زار جنديرس أيضاً- و”محمد الجاسم” متزعم ميليشيات “فرقة السلطان سليمان شاه”، والتي شُيّدت من قبل “جمعية شام الخير الإنسانية” وبأموال حكومة قطر، في موقع “ليجه” قرب قرية “جقلا تحتاني” – ناحية شيخ الحديد، وذلك بإسكان /200/ أسرة من المستقدمين فيها، ضمن خطة مرسومة بين حكومتي تركيا وقطر.
ومن جهته أعلن الرئيس التنفيذي لمؤسسة “قطر الخيرية” يوسف بن أحمد الكواري، عبر مقطع فيديو منشور في 12/2/2023 بصفحة المؤسسة على توتير، إطلاق المرحلة الأولى من مشروع باسم “مدينة الكرامة” – بحجة إعادة الإعمار – كمدينة استيطانية جديدة تأوي /600/ عائلة من المستقدمين إلى عفرين.
= انتهاكات أخرى:
– شهود عيان في بلدة “كفرصفرة”- جنديرس تحدثوا عن كيفية سرقة المساعدات من قبل ميليشيات “لواء سمرقند”، حيث لدى وصول الشاحنات إلى مدخلها تجمّع حولها المستقدمون وحصلوا على المعونات وقام فريقٌ بتصويرهم على أنهم من أهالي البلدة، والباقي أودع في مستودعٍ لـ”سمرقند”، دون أن تُمنح للكُـرد السكّان الأصليين.
– قامت الميليشيات خلال الأسبوع الأول بعد وقوع الزلزال بمصادرة قسم كبير من الإعانات التي أرسلها أهالي عفرين لإغاثة منكوبي جنديرس، حيث قام الحاجز المسلّح لميليشيات “فيلق الشام” في قرية “تل سلور”- جنوبي جنديرس في اليوم الثالث للزلزال بسلب معظم حمولات حوالي /30/ سيارة بك آب مرسلة من أهالي قرى “برج عبد الو، غزاوية، باسوطة، كيمار”.
– المسلّحون والمستقدمون المستولون على منازل مواطني عفرين، يمتنعون عن إخلاء أي منزل يضطر صاحبه للمطالبة به بعد أن تهدّم مسكنه أو أصبح غير صالح للسكن بسبب الزلزال.
– بتاريخ 11/2/2023م، اعتقلت سلطات الاحتلال المهندس الزراعي “آزاد بلال /55/ عاماً” و المواطن “شيار كمال عبدي” بشكلٍ تعسفي، وأطلقت سراحهما في اليوم التالي.
– في 14/2/2023م، لدى وصول شاحنات إلى جنديرس تحمل مساعدات مرسلة من “مؤسسة برزاني الخيرية”، هجم عليها جموع المستقدمين في محاولة لسرقة المعونات، فقامت ميليشيات “الشرطة العسكرية في جنديرس” بإطلاق الرصاص الحي في الهواء لأجل تفريقهم، ولم يتمكن فريق المؤسسة من توزيع المساعدات على المتضررين الحقيقيين رغم لجوئه إلى المجلس المحلي.
– بتاريخ 14/2/2023م، قام مسلّحان من ميليشيات “جيش الإسلام” بضرب المواطن “عماد الدين زينل” مختار قرية “تلف” – عفرين ضرباً مبرحاً، بسبب وقوفه إلى جانب أحد مواطني قريته في مطالبته بإخلاء منزله المستولى عليه، بعد أن اضطّر لترك مدينة عفرين بسبب الزلزال.
لا تزال منطقة عفرين المحتلّة محاصرة، فلم تُفتح معابرها مع مناطق الإدارة الذاتية – شرق الفرات ومناطق سيطرة الجيش السوري، ولم تسمح سلطات الاحتلال بإدخال مساعدات مرسلة من الإدارة الذاتية، في انتهاكٍ جسيم للقانون الإنساني الدولي العرفي ومختلف المواثيق الدولية المتعلقة بحالات الكوارث وحقوق الإنسان إجمالاً.
18/02/2023م
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
——————
الصور:
– منزل مهجور ومسروق في قرية “ساريا”- مابتا/معبطلي.
– منزل متضرر نتيجة قصف قرية “ساريا”، أوائل عام 2018م.
– سرقة محوّلة وكوابل شبكة الكهرباء العامة، في قرية “ساريا”.
– جنديرس المنكوبة.
– افتتاح القرية الاستيطانية النموذجية “القرية القطرية 2”.
——————-
يمكنكم تنزيل الملف كاملاً بالنقر هنا: