أخبارالقسم العام

سوريا تظل مكاناً غير آمن للعودة… لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا تغفل عن حوادث وجرائم عديدة

جريدة الوحـدة*

خلص موجز تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا الصادر في 17 آب 2022م، التي يرأسها باولو سيرجيو بينهيرو، إلى أنّ «الجمهورية العربية السورية تظل مكاناً غير آمن للعودة»، بهذا القول تدحض كافة المزاعم التي تتحدث عن «المصالحات» وتهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة أو تأسيس مناطق آمنة! والدليل الآخر على صحة هذا التقييم استمرار هجرة السوريين من الداخل ومن البلدان المجاورة (العراق، لبنان، أردن، وخاصةً تركيا) إلى الغرب عبر طرق التهريب رغم مخاطرها وتكاليفها الباهظة.

التقرير يغطي الفترة الواقعة بين 1 كانون الثاني – 30 حزيران 2022م، ويتألف من سبعة عناوين بعد الموجز (الولاية والمنهجية، التطورات السياسية والعسكرية والإنسانية، وسط الجمهورية العربية السورية وغربها وجنوبها الغربي، شمال غرب الجمهورية العربية السورية، شمال الجمهورية العربية السورية باستثناء عين العرب، شمال شرق الجمهورية العربية السورية، توصيات) بـ/110/ بنود مع الهوامش وخرائط وصور بيانية. واستعرض ووصف الأوضاع في كلّ منطقة مع التقييم وتقديم التوصيات.

أشار التقرير إلى أنّ إعلان رئيس تركيا أردوغان، في 23 أيار 2022م، عن التخطيط لتنفيذ توغل آخر أدى إلى حلقات من التصعيد العسكري والقصف المتبادل والتعبئة من جانب جميع الأطراف. وأنّ الوضع الاقتصادي والإنساني في أسوأ حالاته منذ بداية النزاع، حيث يحتاج نحو 14.6 مليون شخص للمساعدة الإنسانية.

أكّدت اللجنة على «انعدام الأمن» في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق والإدارة الذاتية الديمقراطية، ولم تستخدم نفس التعبير بخصوص الوضع الأمني في المناطق الخاضعة للنفوذ والاحتلال التركي (إدلب، عفرين، أعزاز، الباب، جرابلس، كري سبي/تل أبيض، سري كانيه/رأس العين)، رغم أنه الأسواء بالنسبة لسوريا عموماً، خاصةً في ما تسمى بمناطق «غصن الزيتون، درع الفرات، نبع السلام» التي تشهد حالة فصائلية ميليشياوية عسكرية وفوضى عارمة واقتتال وأوسع الانتهاكات والجرائم! فلم تذكر الاشتباكات الواقعة بين جماعات مسلّحة مختلفة، التي وثّق منها المكتب الإعلامي- عفرين/حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا /17/ حالة في عفرين خلال فترة تغطية التقرير، أبرزها دخول «هيئة تحرير الشام» المصنفة بلوائح الإرهاب العالمي، في 18/6/2022م، إلى المنطقة ضد «الجبهة الشامية» ووصولها إلى مدينتي عفرين وجنديرس في اليوم التالي وانسحابها فيما بعد.

لا تنظر اللجنة إلى الوجود التركي في مناطق «غصن الزيتون، درع الفرات، نبع السلام» كاحتلال موصوف، رغم إعلان أنقرة رسمياً وعملياً إخضاع تلك المناطق لولايات تركية وإدارتها في كافة المجالات إلى جانب السيطرة العسكرية والاستخباراتية وإدارة السجون وفرض فعاليات سيادية ورفع العلم التركي عليها، ولا تُحمّل حكومة أنقرة صراحةً المسؤولية عن الوضع القائم والانتهاكات والجرائم المرتكبة فيها على نطاقٍ واسع، أبرزها التغيير الديموغرافي بحق الكُـرد كإثنية متميزة ويعيشون على أرضهم التاريخية؛ واكتفت اللجنة بأنّ «تركيا تتحمل قدر الإمكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها الفعلية مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال. وتظل ملزمة بالالتزامات الواجبة التطبيق فيما يتعلق بحقوق الإنسان لجميع الأفراد الموجودين في هذه الأراضي.».

إغفال عن حوادث وجرائم عديدة

رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها اللجنة في رصد الأوضاع في سوريا، إلاّ أنها أغفلت وتجنبت الحديث عن:

– تجدد موجات النزوح والهجرة من شمال وشرقي سوريا بسبب إعلان أردوغان عن التخطيط لشن عملية توغل عسكرية جديدة وقصف الجيش التركي المتكرر لمناطق سيطرة الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية.

– الترحيل القسري لمئات اللاجئين السوريين من تركيا إلى سوريا بحجج مختلفة، وإجبارهم على توقيع «تصاريح مغادرة طوعية» بخلاف إرادتهم ورغبتهم.

– الإشارة إلى بناء وافتتاح العديد من القرى النموذجية في منطقة عفرين بعناوين «خيرية وإنسانية» لإسكان النازحين المستقدمين فيها، والتي تُشكل سبباً لإقامة دائمة وتأتي في سياق دعوات وخطط الرئيس التركي لتأسيس «منطقة آمنة» مزعومة وإعادة اللاجئين السوريين من تركيا إليها، والتي تُعدّ من حيث النتيجة عمليات استيطانية تستهدف تغيير الهندسة الديمغرافية.

– إبادة البيئة في عفرين بقطع مئات آلاف أشجار الزيتون بشكلٍ جائر والقضاء على الغطاء النباتي بقطع الغابات الطبيعية والاصطناعية منذ اليوم الأول لاجتياح المنطقة في 18/1/2018م من قبل الجيش التركي وجميع ميليشيات «الجيش الوطني السوري»، حيث وصلت نسبة التدهور في الغابات التي تُقدر مساحتها بـ/39500/ هكتاراً لأكثر من 50%.

– هجمات الجيش التركي والميليشيات الموالية لها لمناطق ريف حلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري والمكتظة بنازحي عفرين، خاصة التي طالت أهداف مدينة، ففي 15/2/2022م تم قصف مدينة تل رفعت فوقعت أضرار مادية وإصابة امرأة وأربعة أطفال من أهالي عفرين بجروح متفاوتة.

– منع السكّان الكُـرد الأصليين من العودة إلى قراهم «درويش و جيا/جبلية- راجو، جلبر و باسليه و كوبله و ديرمشمش و خالتا- شيروا» في عفرين بسبب وجود قواعد عسكرية للجيش التركي منذ آذار 2018م، مثلما أشارت اللجنة إلى «منع عودة السكّان الأكراد إلى قرية «الداوودية»- رأس العين منذ عام 2020م على الأقل»؛ عدا الأضرار الكبيرة التي لحقتها القواعد العسكرية التركية في عفرين بالممتلكات العامة والخاصة.

– السجون السرّية لدى ميليشيات «الجيش الوطني السوري» والاخفاء القسري لمئات المعتقلين الكُـرد وغيرهم فيها، على سبيل المثال لا الحصر سجون (كفرجنة- عفرين للجبهة الشامية، إيسكا – عفرين لفيلق الشام، الزراعة- مدينة الباب لفرقة الحمزات، الراعي – منطقة الباب لفرقة السلطان مراد).

– التنقيب عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها على نطاقٍ واسع وباستمرار من قبل ميليشيات «الجيش الوطني السوري» في منطقة عفرين، فلم يبقَ موقعاً أو تلاً أثرياً -على كثرتها- إلاّ وتم حفره ونبشه وسرقة ما هو مدفون فيه، على سبيل المثال لا الحصر مواقع وتلال (هوري، عين دارا، براد ومار مارون، برج عبدالو، قيبار، جنديرس، كمروك، سيمالك، زرافكه، كتخ، دروميه، دوديرا ميدانكي، مروانيه تحتاني، جرناز، بازاريه، خرابه علو، كئورا، بليلكو…) والكثير من المزارات الإسلامية والإيزدية.

علاوةً على الضبابية واللطف في وصف حوادث ووقائع عديدة، لم تُقيّم اللجنة مجمل الانتهاكات والجرائم في منطقتي «عفرين، سري كانيه/رأس العين» بأنها ارتكبت وفق خطط ممنهجة وكانتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي وأنها تستهدف بالدرجة الأولى الكُـرد كمكون قومي إثني متمايز يعيش على أرضه التاريخية، بل وأرجعت العديد منها إلى أفعال الأفراد!

* جريدة الوحـدة – العدد /339/- 01 تشرين الثاني 2022م – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى