15 كانون الثاني 2022م
حظيت باهتمام إعلامي وحقوقي واسع، واشتهرت المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز الألمانية بمقاضاتها لأحد ضباط النظام السوري على جرائم ارتكبها أثناء عمله في أحد الأفرع الأمنية بدمشق حتى مغادرته سوريا في نهاية عام 2012م، وكأول محاكمة علنية بخصوص الجرائم المرتكبة في سوريا بُعيد تفجُّر أزمتها في آذار 2011م؛ إذ أصدرت، يوم الخميس 13/1/2022م، حكمها بالسجن مدى الحياة على “أنور رسلان /58/ عاماً” بإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية (تتمثل في القتل والتعذيب والحرمان الجسيم من الحرية والاغتصاب والاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى القتل في 27 حالة والتسبب بإصابة جسدية خطيرة في 25 حالة، لا سيما الاغتصاب الخطير والاعتداء الجنسي في حالتين اثنتين، والحرمان من الحرية لأكثر من أسبوع في 14 حالة، وأخذ الرهائن في حالتين، والاعتداء الجنسي على السجناء في ثلاث حالات- حسب أخبار الأمم المتحدة)، حيث اعتقل بتاريخ 9/2/2019م بعد قبول طلب اللجوء الذي قدّمه، وفي 23/04/2020 افتُتحت محاكمته العلنية.
وكانت المحكمة قد حكمت، في 24/2/2021م، على عنصر آخر من ذات الفرع “إياد غريب” بالسجن أربع سنوات ونصف، الذي اعتقل في شباط 2019 ووجهت له تهمة التواطؤ وتسهيل ارتكاب جرائم تعذيب لأكثر من ثلاثين معتقل.
يُذكر أن ألمانيا قد تبنت عام 2002م قانون الجرائم ضد القانون الدولي، الذي يسمح للمحاكم الألمانية بمحاكمة الجرائم ضد القانون الدولي المرتكبة في بلدان أخرى حيث لا يكون الجاني -أو الضحية- مواطناً ألمانيا بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، ويستبعد القانون مبدأ التقادم لهذه الجرائم.
هذا ورحّبت “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة والمعنية بسوريا، بتلك “الإدانة التاريخية”.
ففي بيان، أشادت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، بالإدانة “التاريخية” الصادرة عن المحكمة الألمانية، وحثت دولاً أخرى على إجراء التحقيقات والملاحقة القضائية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تشكل جرائم دولية، باستخدام مبادئ الولاية القضائية العالمية وخارج الإقليمية.
وقالت: “دفعت هذه المحاكمة بأنواع التعذيب المقزز والمعاملة القاسية واللاإنسانية حقاً – بما في ذلك العنف الجنسي البغيض – التي تعرّض إليها عدد لا يحصى من السوريين في مرافق الاعتقال، إلى دائرة الضوء التي تمس الحاجة إليها، مجدداً. إنها قفزة تاريخية إلى الأمام في السعي وراء الحقيقة والعدالة والتعويضات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في سوريا على مدى أكثر من عقد”.
وقالت باشيليت: “هذا مثال واضح على الكيفية التي يمكن بها للمحاكم الوطنية وينبغي لها أن تسدّ فجوات المساءلة عن مثل هذه الجرائم أينما ارتكبت، من خلال تحقيقات ومحاكمات عادلة ومستقلة تتم بما يتماشى مع القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”. وأضافت أن هذا بمثابة رادع قوي ويساعد على منع الفظائع في المستقبل.
وأشارت مفوضية حقوق الإنسان إلى أنه في حالة سوريا، فإن العمل على المستويات الوطنية مهم بشكل خاص لأن سوريا ليست طرفاً في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما فشل مجلس الأمن مراراً وتكراراً في إحالة الوضع إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحسب البيان.
ومن جانبها، رحّبت لجنة التحقيق بما وصفته بالحكم التاريخي، وفي بيان، قال رئيس اللجنة، باولو سيرجيو بينيرو: “تعتبر الأحكام المشابهة للحكم الصادر اليوم تقدماً نحن في أمسّ الحاجة إليه لتحقيق العدالة للضحايا والناجين من جرائم الحرب في سوريا – على الرغم من أن سبل المساءلة لا تزال محدودة في سوريا وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
ومن جهةٍ أخرى هناك محاكمات في بلدان أخرى لعناصر مسلحة من المعارضة السورية ارتكبت جرائم مختلفة خلال سنوات الحرب الداخلية المستمرّة منذ أواسط 2011م.
—————-
المصدر: أخبار الأمم المتحدة